فيلادلفيا-رويترز

 وضعت نائبة الرئيس الأمريكي الديمقراطية كاملا هاريس منافسها الجمهوري دونالد ترامب في موقف دفاعي خلال مناظرة رئاسية محتدمة اليوم الأربعاء بسلسلة من الهجمات فيما يتعلق بالإجهاض ومدى ملاءمته للمنصب ومشاكله القانونية العديدة بينما سعى الاثنان إلى اقتناص لحظة لإقناع الناخبين بالتصويت لهما في انتخابات متقاربة.

وفي دفعة لحملة هاريس، قالت نجمة البوب تيلور سويفت لمتابعيها البالغ عددهم 283 مليونا على إنستجرام في منشور بعد المناظرة مباشرة إنها ستدعم هاريس ومرشحها لمنصب نائب الرئيس تيم والز في انتخابات الخامس من نوفمبر تشرين الثاني. وحظي المنشور بإعجاب ما يقرب من مليوني شخص في غضون 25 دقيقة.

وبدا أن هاريس (59 عاما) المدعية العامة السابقة أزعجت ترامب (78 عاما) مرارا مما دفع الرئيس السابق الغاضب الذي بدا عليه الغضب بوضوح إلى تقديم سلسلة من الردود المليئة بالأكاذيب.

وفي مرحلة ما، تطرقت إلى التجمعات الانتخابية لترامب واستفزته بقولها إن الناس غالبا ما يغادرون مبكرا "بسبب الإرهاق والملل".

ورد ترامب، الذي شعر بالإحباط من حجم حشود هاريس، قائلا "حشودنا هي الأكبر والأكثر روعة في تاريخ السياسة". ثم تحول إلى ادعاء غير مؤكد بأن المهاجرين من هايتي في سبرينجفيلد بولاية أوهايو "يأكلون الحيوانات الأليفة" للسكان.

وتجادل المرشحان حول قضايا مثل الهجرة والسياسة الخارجية والرعاية الصحية، لكن المناظرة لم تتضمن الكثير من التفاصيل السياسية المحددة.

إلا أن نهج هاريس القوي نجح في توجيه التركيز إلى ترامب ليشعر حلفاؤها بالابتهاج ويعترف بعض الجمهوريين بالتحديات التي يواجهها ترامب.

وقال مارك شورت الذي شغل منصب كبير موظفي مايك بنس نائب ترامب السابق "أضاع ترامب فرصة تحويل التركيز إلى سياسات بايدن وهاريس بشأن الاقتصاد والحدود، وبدلا من ذلك وقع في فخها وتشتت تركيزه بين إنكار نتيجة الانتخابات السابقة ومسألة المهاجرين الذين يأكلون حيواناتنا الأليفة".

وأظهر موقع بريدكت لتوقعات انتخابات الرئاسة أن احتمالات فوز ترامب انخفضت خلال المناظرة من 52 بالمئة إلى 47 بالمئة بينما تحسنت فرص هاريس من 53 بالمئة إلى 55 بالمئة.

وفي إشارة إلى الثقة في نتيجة المناظرة، تحدت حملة هاريس ترامب على الفور لتنظيم مناظرة ثانية.

وتجنب ترامب، الذي أمضى أسابيع في شن هجمات شخصية على هاريس بما في ذلك الإهانات العنصرية والجنسية، هذا النمط إلى حد كبير خلال اللحظات الأولى من المناظرة لكنه سرعان ما أصبح مضطربا مع توجيه هاريس الهجوم إليه.

وانتقدت هاريس ترامب بسبب إدانته جنائيا بالتستر على مدفوعات مالية لإسكات ممثلة أفلام إباحية، فضلا عن اتهامات أخرى له وحكم مدني وجده مسؤولا عن اعتداء جنسي. ونفى ترامب ارتكاب أي مخالفات واتهم هاريس والديمقراطيين مرة أخرى بتدبير جميع القضايا دون أدلة.

وكرر ترامب أيضا ادعاءه الكاذب بأن هزيمته في انتخابات عام 2020 كانت بسبب التزوير، ووصف هاريس بأنها "ماركسية" وزعم زورا أن المهاجرين تسببوا في موجة جرائم عنيفة.

ومع بقاء ثمانية أسابيع على الانتخابات وأيام قليلة حتى بدء التصويت المبكر في بعض الولايات، شكلت المناظرة فرصا وكذلك مخاطر لكل مرشح إذ تابع الحوار عشرات الملايين من الناخبين عبر شاشات التلفزيون.

انطلقت المناظرة بمصافحة مفاجئة بين الخصمين اللذين لم يلتقيا من قبل. واقتربت هاريس من ترامب عند منصته وقدمت نفسها بالاسم، وهي أول مصافحة في مناظرة رئاسية منذ عام 2016.

وكان اللقاء مهما بشكل خاص لهاريس إذ أظهرت استطلاعات الرأي أن أكثر من ربع الناخبين الذين لم يحسموا أمرهم بعد يشعرون أنهم لا يعرفون ما يكفي عنها. ودخلت هاريس السباق قبل سبعة أسابيع فقط بعد انسحاب الرئيس جو بايدن.

وشنت هاريس هجوما مطولا على حدود الإجهاض، وتحدثت بحماس عن النساء المحرومات من الرعاية الطارئة وضحايا سفاح القربى غير القادرات على إنهاء حملهن بسبب الحظر على مستوى الولاية والذي انتشر منذ ألغت المحكمة العليا الأمريكية حقا للنساء على مستوى البلاد في عام 2022.

في المقابل، زعم ترامب أن هاريس والديمقراطيين يؤيدون قتل الأطفال.

وبدأ المرشحان المناظرة بالتركيز على الاقتصاد وهي القضية التي أظهرت استطلاعات الرأي أنها تصب في صالح ترامب.

وهاجمت هاريس نية ترامب فرض رسوم جمركية عالية على السلع الأجنبية - وهو الاقتراح الذي شبهته بضريبة المبيعات على الطبقة المتوسطة - في حين روجت لخطتها لتقديم مزايا ضريبية للأسر والشركات الصغيرة.

وانتقد ترامب هاريس بسبب التضخم المستمر خلال فترة إدارة بايدن، رغم أنه بالغ في تقدير مستوى ارتفاع الأسعار. وقال إن التضخم "كارثة على الناس وعلى الطبقة المتوسطة وعلى كل الطبقات".

وتبادل المرشحان أيضا الانتقادات اللاذعة بشأن حرب إسرائيل في غزة والغزو الروسي لأوكرانيا، لكن لم يقدم أي منهما تفاصيل محددة حول الكيفية التي سيسعيان بها إلى إنهاء الصراعين.

واتهمت هاريس ترامب بالاستعداد للتخلي عن الدعم الأمريكي لأوكرانيا من أجل كسب ود الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووصفت ترامب بأنه "عار"، في حين زعم ترامب أن هاريس "تكره" إسرائيل، وهو ما نفته.

ولا تؤدي المناظرات الرئاسية بالضرورة إلى تغيير آراء الناخبين، لكن قد يكون لها عواقب وخيمة، فقد دفع الأداء الكارثي لبايدن أمام ترامب في يونيو حزيران إلى الانسحاب من الحملة في 21 يوليو تموز.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

على هامش المناظرة

فاجأت المرشحة الديمقراطية لانتخابات الرئاسة الأمريكية، منافسها المرشح الجمهورى «دونالد ترامب» حين تقدمت نحوه لمصافحته، مع بدء المناظرة بينهما قائلة له: أنا كاميلا هاريس. وبرغم أن ترامب لم ينبس بكلمة واحدة ردا عليها، إلا أنها نجحت فى أن تمنح الانطباع بالثقة فى النفس، وأنها لا تخشى صلفه ونرجسيته وحتى تجاوزاته. ولم تكن المصافحة من التقاليد المألوفة فى المناظرات السابقة، التى أرست، تقاليد تبتعد عن التجريح الشخصى، وتهدف إلى التركيز على الكشف عن رؤى كلا المرشحين لحل مشاكل البلاد، فضلا عما كانت تتسم به من رزانة، واحترام متبادل بينهما، حتى ولو كان مصنوعا ومزيفا، لكنه ضرورى، لأنه يلعب دورا كعامل طمأنة، لما يحمله من إشارات للناخبين، بمدى الثبات الانفعالى لكل منهما، ويؤكد الثقة فى قدرة المتنافسين، على التحكم فى الانفعالات، أيا كانت الضغوط التى تمارس عليهما، وهو ما يعنى ضمانة للمصوتين أن تكون الحكمة حاضرة، إذا ما جلس أحدهما لإدارة شئون بلدهم من البيت الأبيض.

فى المناظرة انقلب السحر على الساحر. وبينما نجح ترامب (78عاما) فى إزاحة بايدن من سباق المنافسة الرئاسية بسبب خرف شيخوخته، فقد رسب فى امتحان فارق العمر بينه وبين هاريس (59 عاما) الذى يبلغ 19 عاما. وبدت المرشحة الديمقراطية خلال المناظرة أكثر حضورا وحيوية وعقلانية وثقافة منه، وأكثر تدفقا فى الحديث، وسرعة بديهة، من الخبرة التى اكتسبتها كمدعية عامة سابقة، وعضو فى مجلس الشيوخ، واستطاعت أن تهزمه كذلك بحديثها الجذاب عن الطبقة الوسطى الأمريكية، وعن خططها للمستقبل.

بينما غرق ترامب فى حديثه الشعبوى عن إنجازات ماضيه، وبدا عنصريا ومخرفا ضد معظم الأقليات الأمريكية، حتى ذكرته هاريس بتحريض أنصاره للهجوم على مبنى الكونجرس رفضا لعدم قبول خسارته فى الانتخابات، وهدمه للأسس الدستورية والقانونية القائمة، وعدم احترامه شرعية المؤسسات الدستورية. فضلا عن اتهامه بنحو 48 تهمة جنائية بينها التهرب الضريبى. ومن المعروف أن ترامب يرفض أن يسكن السود فى أى من أبراجه وعقاراته الاستثمارية.

اقترب ترامب من موقف هاريس فى قضية الإجهاض. فبينما كان يرفضه لأسباب دينية، ويسعى لتقنين منعه، وتعتبره هاريس حقا من حقوق النساء والإنسان، أعلن فى المناظرة -لأسباب انتخابية بطبيعة الحال ترنو إلى أصوات النساء -على أن يترك الموقف منه لتحدده كل ولاية، ولا يكون موقفا موحدا للاتحاد الفيدرالى.

لم يكن اتفاق الاثنين على الدعم المطلق لإسرائيل، جذبا فقط لأصوات اللوبى اليهودى الصهيونى، بل هو إعادة تأكيد على الدعم التاريخى المطلق الذى لا سقف له، من قبل الإدارتين الديمقراطية والجمهورية لإسرائيل. لكن موقف إدارة بايدن من الحرب الدائرة فى غزة والممتدة إلى الضفة فاق كل مواقف الإدارات السابقة، من حيث هدمه لقواعد القانون الدولى، وافتقاده المخجل لكل القيم الأخلاقية والإنسانية.

حرصت هاريس على أن تبتعد قليلا عن مواقف بايدن، فتحدثت عن حق إسرائيل فى الدفاع عن النفس، وطالبت بوقف الحرب وحل الدولتين. ولم نعد ندرى إذا كان هذا موقفها الحقيقى، أم هو مغازلة لأصوات الجاليات العربية، والمجتمع المدنى، الذى ما زالت مظاهراته تجوب الشوارع طلبا لوقف الحرب فى غزة، ومنح الفلسطينيين الحق فى تقرير المصير. لكن المؤكد أن المناظرة لا تحسم الفائز فى الانتخابات التى ستجرى بعد نحو ستة أسابيع، يمكن خلالها أن تتبدل المواقف لصالح وضد أى من المتنافسين، ليكون الجواب النهائى عمن سيفوز فى الخامس من نوفمبر القادم.

 

 

مقالات مشابهة

  • هاريس وترامب.. سباق نحو القاع
  • لا أحد يحاول حتى اغتيال بايدن- هاريس.. ماسك يحذف منشورا أثار انتقادات
  • مرشح لرئاسة بلدية ساو باولو يرمي كرسيا على خصمه خلال مناظرة تلفزيونية
  • كيف تتعامل هاريس مع هويتها العرقية وجنسها خلال حملتها؟
  • مناظرة هاريس - ترامب تكشف عن أهمية السياسة الخارجية في الانتخابات الرئاسية
  • استطلاع رأي يظهر التفوق الاقتصادي لترامب على هاريس
  • الذكاء الاصطناعي.. أداة يحبها ترامب وتتجنبها هاريس
  • هل ارتدت هاريس سماعة في المناظرة؟.. "رويترز" تكشف الحقيقة
  • لماذا رفض «ترامب» المناظرة الثانية أمام المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس؟
  • على هامش المناظرة