لبنان ٢٤:
2024-09-17@14:03:03 GMT

مشهد يتكرّر... هل بقطع طرقات السرايا تُنال المطالب؟

تاريخ النشر: 11th, September 2024 GMT

مشهد يتكرّر... هل بقطع طرقات السرايا تُنال المطالب؟

لا يلتقي اثنان في لبنان، سواء أكانا يعملان في القطاعين العام والخاص، إلاّ وتطالهما الأزمة المعيشية الناتجة عن تراكمات سنوات متواصلة. فما يمرّ به لبنان من مشاكل مالية واقتصادية غير مسبوقة لم يمرّ على بلد آخر. وعلى رغم هذا فإن وضع اللبنانيين قد يكون نسبيًا أفضل من غيرهم بسبب هذه الدينامية التي تميّزهم عن غيرهم، من دون أن ننسى أن لبنان منذ استقلاله حتى اليوم لم يهنأ لفترات طويلة، وإن عاش في زمن الكبار حقبات مجيدة ما زلنا نطلق عليها تسمية "الزمن الجميل".


قد يكون العسكريون المتقاعدون من بين الفئات الأكثر معاناة، ولكن وضعهم المأسوي ليس أسوأ من العسكريين، الذين لا يزالون في الخدمة، وليس بالتأكيد أسوأ من موظفي القطاع العام، الذين لا تكفيهم رواتبهم للوصول إلى منتصف الشهر في أفضل الأحوال.
لا أحد يشك في أن ما يطالب به العسكريون المتقاعدون هو حقّ مشروع، وهو أيضًا حقّ لجميع موظفي القطاع العام، الذين تأثرّوا أكثر من غيرهم من فقدان العملة الوطنية لقدرتها التنافسية والشرائية. ولكن عندما تتحّول هذه المطالبة إلى نوع من الفوضى غير المبرّرة، وقد تكرّرت أمس، وقد تتكرّر غدًا، وفي كل مرّة تحاول فيها الحكومة التفتيش بـ "السراج والفتيلة" عن أفضل السبل لمنع وصول لبنان واللبنانيين إلى الانهيار التام، وذلك عبر المتاح والممكن من الوسائل المتوافرة بهدف التقليل من الأضرار في انتظار معرفة مصير البلد وهو الواقف على فوهة بركان لا يعرف أحد متى سينفجر.

وعلى رغم هذه المحاولات، التي يقرّ القائمون بها بأنها متواضعة "وعلى قدّ الحال" لا يزال هؤلاء العسكريون المتقاعدون مصرّين على تحويل قضيتهم المحقّة إلى "مسرحية هزلية" لا تخلو من قطع الطرقات المؤدية إلى السرايا ومنع الوزراء من الوصول إلى جلسة كان من المقرر أن تدرس أسباب الأزمات المعيشية لجميع اللبنانيين، بمن فيهم العسكريون المتقاعدون وغيرهم من المتقاعدين من موظفي القطاع العام. ولم تخلُ حركة قطع طرقات السرايا من تجاوز لأبسط قواعد احترام الذات قبل احترام الآخرين. وهذا الأمر من شأنه أن يضيّع قضيتهم المحقّة في زواريب السياسات الضيقة، إذ لا يُستبعد أن يكون بعض رموز هؤلاء العسكريين، وهم كانوا ضباطًا كبارًا ومشهودة لهم بطولاتهم وتضحياتهم في كل ساحات الوغى، مرتبطين ببعض الجهات المتضررة من وقوف الدولة على أرجلها من جديد، وينساقون من حيث يدرون أو لا يدرون في خطّط تخريب المؤسسات التي لا تزال قائمة وصامدة. وتأتي المؤسسة التي حضنت هؤلاء العسكريين من جنود ورتباء وضباط سنوات طويلة في طليعة المؤسسات الصامدة والواقفة في وجه الصعاب والتحدّيات الأمنية والمعيشية.
جميع المسؤولين يتفهمون غضب هؤلاء العسكريين المتقاعدين، الذين لم يعد يكفيهم ما يتقاضونه من معاش تقاعدي ومستحقات لسدّ حاجاتهم اليومية الضرورية، ولكن لسان حالهم هو "أن العين بصيرة ولكن اليد قصيرة"، وذلك انطلاقًا من نظرة واقعية إلى خزينة الدولة ووضعية البلاد الاقتصادية، إذ لا همّ لرئيس الحكومة وأعضائها سوى العمل لتقليل أضرار الأزمة المالية التي تجتاح البلاد، ولتوفير ما يكفي من مداخيل لتأمين الحدّ الأدنى من استمرارية مطلوبة للمؤسسات العامة، التي تعاني شأنها شأن جميع اللبنانيين المتضررين من سياسات خاطئة ومتراكمة أدّت إلى ما أدّت إليه من انهيار للعملة الوطنية.
فلجميع الوزراء الحاليين أقارب ينتمون إلى الأسلاك العسكرية، وبالتالي فإن التعاطي مع قضيتهم هو تعاطٍ عاطفي قبل أن يكون تعاطفًا وطنيًا، ولكن بين الرغبات والتمنيات والواقع فرقًا شاسعًا. فليس أسهل على الحكومة من أن تتخذ قرارات شعبوية غير قابلة للتطبيق، وليس أسهل على أعضائها من أن يزايدوا على المزايدين. وهذا ما يميّز من يرى الأمور بعين العقل ومن يجرّ البلاد إلى المزيد من المهالك.
فالوقوف الطبيعي إلى جانب العسكريين المتقاعدين وغيرهم من موظفي الإدارات العامة يكون بتحقيق ما هو ممكن وميسّر ومعقول والابتعاد عن المواقف الشعبوية والمزايدات الرخيصة، وفصل الارتباط المصلحي بين بعض المستفيدين الظرفيين ومشغّليهم لغايات لم تعد خافية على أحد.
ليس بهذه الطريقة يمكن تحقيق المطالب، وليس بالسباب والشتائم وقلّة الأخلاق تُعالج الأمور، وليس بـ "البهورة" والصراخ والتهديد والوعيد يمكن الوصول إلى النتائج المرجوة. 
فالمعالجة يُفترض أن تكون علمية ووفق دراسات دقيقة وواضحة عن حركة المداخيل والمصاريف، وذلك لكي لا تقع الوزارات المعنية في لعبة الأرقام الوهمية وغير الحسابية.
فقطع الطرقات ومنع الوزراء من الوصول إلى السرايا لا يحل المشكلة، بل يزيدها تعقيدًا، في وقت يحتاج فيها المسؤولون كما جميع المواطنين إلى معالجات هادئة ومنطقية وعملية، وإلى الكثير من الحكمة في طريقة المعالجات توصلًا إلى حلول، ولو مؤقتة، لا يموت فيها ذئب الاقتصاد المنهار، ولا يفنى فيها أيضًا غنم الرواتب المتآكلة.
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: العسکریون المتقاعدون

إقرأ أيضاً:

الحكومة تستأنف جلسات مناقشة الموازنة... وحقوق العسكريين المتقاعدين محور متابعة

تستأنف الحكومة هذا الاسبوع جلساتها لمناقشة مشروع قانون الموازنة للعام 2025 وسط نقاشات واتصالات لإيجاد حل وسط لمطالب القطاعات المدنية والعسكرية على اختلافها، من العاملين في الخدمة او المتقاعدين، وإمكانيات الخزينة.
وفي مجال آخر، لا يزال ملف حقوق العسكريين المتقاعدين محور سلسلة اتصالات وقد ابلغ العميد الركن الطيار المتقاعد اندره بو معشر «اللواء» أن حقوق العسكريين المتقاعدين  ترتكز على الاعتراف بحق الموظف والعسكري والمتقاعد بالعدالة والمساواة والعيش الكريم، من ثم تحديد تكلفة هذا الحق، يلي ذلك تحديد مصادر التمويل ورصد الاعتمادات، ولم يعد مقبولا التعاطي مع الحقوق على قاعدة تصريف الأعمال وتوزيع المتيسّر  من الفتات.

مقالات مشابهة

  • بدء جلسة مجلس الوزراء في السرايا
  • سلسلة لقاءات لميقاتي في السرايا.. وملف التربية حضر بقوّة
  • متعاقدو المهني والتقني طالبوا بتحقيق المطالب حفاظا على انطلاقة سليمة للسنة الدراسية
  • الحكومة تستأنف جلسات مناقشة الموازنة... وحقوق العسكريين المتقاعدين محور متابعة
  • النهج النبوي حارب الأنانية والرأسمالية التي يتغول فيها الأغنياء على حساب الفقراء
  • طرقات مهترئة وخسائر كبيرة... إرشادات لتلافي أخطار القيادة مع أوّل شتوة
  • نائب يدعو إلى عدم سماع المطالب بإلغاء التصويت الخاص في الانتخابات العامة والمحلية
  • تدشين صرف رواتب العسكريين لشهر اغسطس الماضي
  • لماذا تُرشق السرايا بحجارة الحقد الأعمى؟
  • كنت هروح فيها.. محمد أنور يكشف كواليس مشهد الأسد من ديبو