الجزيرة:
2025-03-20@08:56:42 GMT

نتنياهو ووهْم اسمه صفر مقاومة

تاريخ النشر: 11th, September 2024 GMT

نتنياهو ووهْم اسمه صفر مقاومة

بعض ما يرشح عن جولات التفاوض حول ما يُطلق عليه "اليوم التالي للحرب"، يُظهر أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يبني تصوره أو يرتب خطته عن سير الأوضاع في غزة، – بعد أن تضع الحرب على القطاع أوزارها – على إنهاء المقاومة تمامًا، لتهبط قدرتها إلى درجة الصفر.

فطرح نتنياهو حول بقاء قوات للجيش الإسرائيلي في محور صلاح الدين أو نتساريم أو إعادة المستوطنات إلى قطاع غزة، أو التفكير في اقتطاع أجزاء من أطرافه، أو حتى بقاء القوات الإسرائيلية في غلافه، مثلما كان الوضع قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، يتطلب إما قتل المقاومين جميعًا أو استسلامهم بالجملة، ثم تسريحهم، بعد تسليم أسلحتهم، وتدمير البنية التحتية التي أنشؤُوها وفي مقدمتها شبكة الأنفاق، وورش تصنيع السلاح، بل نزع فكرة الكفاح المسلح نفسها من الرؤوس.

يبدو هذا وهْمًا كبيرًا قياسًا إلى عشرة اعتبارات، يمكن شرحها على النحو التالي:

1- امتلاك المقاومة، بعد أكثر من أحد عشر شهرًا على اندلاع الحرب، قدرة على تكبيد القوات الإسرائيلية المتمركزة في قطاع غزة خسائر يومية في الأرواح والمعدات، بل قدرتها على قصف مدن وبلدات إسرائيلية بالصواريخ.

2- قيام المقاومة بتعويض الفاقد من رجالها بتجنيد شباب جدد، رأينا بعضهم يُشارك في القتال بكفاءة، ويحرص على أن يُعلن قبل الاشتباك أو إطلاق النار من بعيد على مواقع القوات الإسرائيلية، أنه من المقاتلين الذين انضموا للمقاومة عام 2024.

3- اكتساب المقاومة خبرة جديدة في القتال، كان أعلاها "التصويب من المسافة صفر"، وهو أمر لم يتحقق لها، بهذه الضراوة أو هذا المدى الزمني الطويل، في الحروب السابقة التي اندلعت في أعوام: 2008 و2012 و2021.

4- تمكن المقاومة من ترميم الشروخ التي أصابتها في الحروب السابقة، سواء على مستوى خبرة القادة الميدانيين أو العناصر المقاتلة، أو الفاقد من التسليح، وبالجهود الذاتية أحيانًا. وهنا تؤكد التجربة أو الخبرة العملية أن الخط البياني للمقاومة ظل في تصاعد دومًا، وهو إن انكسر قليلًا أو تراجع بعض الشيء، بفعل الضربات الإسرائيلية المتواصلة، فإنه سرعان ما يتقدم من جديد، ليبلغ مرتبة أعلى مما كان عليه في السابق.

لقد بنى الفلسطينيون على كفاحهم المسلح منذ ثلاثينيات القرن العشرين، فواصلوه بأدوات بسيطة بعد احتلال غزة عام 1967، لم تتعدّ صناعة قنابل بدائية لا تزيد عن رؤوس أعواد الكبريت والمسامير، وصولًا إلى البنادق وصواريخ محددوة المدى والقدرة التدميرية، حتى أصبحوا قادرين على قصف تل أبيب نفسها، وأقاموا الأنفاق التي تعينهم على مواجهة التفوق الجوي الإسرائيلي الكاسح عليهم.

5- تعزز فكرة المقاومة المسلحة في نفوس جيل جديد، ممتد من غزة إلى الضفة الغربية، لاسيما بعد أن أدرك الفلسطينيون ًجيدًا أنهم لن ينالوا شيئًا بالانخراط في هدن متتابعة، أو في تفاهمات مرحلية لا تضمن منع الاعتداء مجددًا، أو الدخول في مفاوضات سلام عبثية ومرهقة لا طائل منها، أو حتى التعلق بأي أمل كاذب في قيام إسرائيل بما عليها من واجبات كقوة محتلة.

6- استمرار الحاضن الاجتماعي للمقاومة، وفشل كل محاولات إسرائيل تأليب أهل غزة على فصائل المقاومة، بل إن كثيرين من شعب غزة، إن لم يكونوا جميعًا، صارت لديهم رغبة في الثأر من الجيش الإسرائيلي، الذي قتل ذويهم، ودمر بيوتهم، وشردهم بعيدًا، وأصابهم بالجوع والمرض، وعوَّق حياتهم لسنوات قادمة.

أرادت إسرائيل أن تنهي هذا الحاضن تمامًا بتبنّي فكرة تهجير أهل غزة، وطرحت هذا بشكل علني سافر في الأسابيع الأولى للحرب، ووضعت له الخطة، وجاء القصف الممنهج للبنية التحتية للعيش، ليصب في هذا الاتجاه، حيث قُصفت المستشفيات والمدارس وملاجئ الإيواء وملاذاته، ومحطات تحلية المياه، وشبكات الصرف الصحي، وكثير من البيوت السكنية، وتم طرد السكان من الشمال إلى الوسط، ومن الوسط إلى الجنوب، لكن أهل غزة، ورغم الألم الشديد، تمسكوا بالبقاء، بل استماتوا في سبيله.

7- تعزز الفكرة التي ترى أن الصراع صار فلسطينيًا ـ إسرائيليًا، بالدرجة الأساسية، لاسيما في ظل الموقف العربي الذي يأتي ـ إلى الآن ـ أقل مما يتوقعه الشعب الفلسطيني في الضفة وغزة، وفي داخل إسرائيل نفسها، وكذلك في الشتات. وهذا يعني أن الفلسطينيين سيميلون أكثر إلى الاعتماد على سواعدهم، ويؤمنون بأن الاستجابة التي تأتي منهم، يجب أن تكون على قدر التحدي المفروض عليهم.

8- وجود خبرة عسكرية وسياسية إسرائيلية سابقة، تُلقي بظلال سلبية، على تعامل تل أبيب مع الغزيين مستقبلًا. فمن قبل احتلت إسرائيل القطاع سنوات طويلة، فأقامت المستوطنات، وثبتت مراكز بقاء القوات الحارسة والضابطة والقامعة، ولم تقصر في جمع المعلومات والمراقبة اللصيقة والدؤوبة، ولم تتوقف عن اتخاذ إجراءات استمالة أهل غزة؛ بغية إخماد عزائمهم، لكن كل هذا ذهب سدى، فاضطرت في النهاية إلى تفكيك مستوطناتها، وإخراج قواتها، تشيعها العبارة الدالة التي صاغها إسحاق رابين، حين قال: "أتمنى أن استيقظ فأجد البحر قد ابتلع غزة."

9- تواجه خطة نتنياهو بالرفض من قبل أطراف خارجية، فمصر ترفض بقاء الجيش الإسرائيلي في محور صلاح الدين، وتعتبر هذا خرقًا لاتفاقية السلام التي أبرمتها مع إسرائيل عام 1979. ودول كثيرة تعلن عدم قبولها عودة احتلال غزة، وتفكر في إجراءات بديلة تتعلق بإدارة القطاع بعد الحرب.

10- هناك خبرة أوسع للمقاومة المسلحة عبر التاريخ الحديث والمعاصر تفيد بوضوح وجلاء أن أي مقاومة مسلحة قد قامت ضد احتلال، لم تنتهِ تمامًا، حتى لو منيت بانكسارات أو هزائم مؤقتة، لاسيما إن كانت هذه المقاومة مبنية على فكرة، فالمقاتلون يُقتلون أو يصابون أو يتقاعدون، والأسلحة تُدمر، لكن الفكرة لا تموت، إنما تجمع لها من جديد رجالًا يترجمونها إلى عمل على الأرض.

وإذا عادت إسرئيل لاحتلال مناطق من غزة، كما يريد نتنياهو، فإن المقاومة ستكسب مزيدًا من شرعية الكفاح، يمنحها لها القانون الدولي، خصوصًا اتفاقية جنيف، وستنال تعاطفًا خارجيًا لا ينطفئ، وستجذب إليها مزيدًا من الأنظار المعجبة بها، كلما نجحت في تكبيد عدوها أيّ خسارة.

لهذه الاعتبارات العشرة يبقى تفكير نتنياهو في إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، بتصفير المقاومة، أو إخمادها تمامًا، هو من قبيل الأوهام، وهذا أمر يدركه بعض ساسة إسرائيل، خصوصًا من المعارضة الحالية، ويدركه أيضًا بعض القادة العسكريين وضباط الأجهزة الأمنية والاستخبارات، بل تدركه الولايات المتحدة الأميركية نفسها، التي تساند إسرائيل بلا حدود.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات أهل غزة تمام ا

إقرأ أيضاً:

رئيس الوزراء: الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة هي حرب على الإنسانية

سرايا - قال رئيس الوزراء جعفر حسان، الثلاثاء، إن الحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة هي حرب على الإنسانية، وكل المجتمع الدولي يجب أن يكون معنياً بوقف هذا التوحش الذي طال الأطفال والنساء والعزل، واليوم يتمثل في التجويع لغايات التهجير، وطرد الشعب الثابت على أرضه.



وأكد رئيس الوزراء مجدداً على ثوابت الأردن القوية والراسخة تجاه القضيَّة الفلسطينية، التي يعبر عنها جلالة الملك دائماً بكل وضوح في "لاءات الأردن الثلاثة"؛ (لا للتهجير، لا للتوطين، لا للوطن البديل).



وأشار إلى أن الجهود التي يقودها جلالة الملك مكرسة من أجل دعم وتثبيت صمود الأشقاء الفلسطينيين على ترابهم الوطني، وهذا هو الضمان الوحيد لاستعادة حقوقهم الكاملة وفي مقدِّمتها حقَّهم في إقامة دولتهم المستقلة ذات السيادة، على خطوط الرابع من حزيران لعام 1967، وعلى أساس حل الدَّولتين.

 


جاء ذلك خلال جلسة مجلس الوزراء التي عقدت اليوم في محافظة مأدبا؛ وهي السادسة التي يعقدها في المحافظات.

 

 

إقرأ أيضاً : بعد عودة القتال .. نتنياهو يوجه تعليمات "صارمة" لوزرائهإقرأ أيضاً : الاحتلال يغلق معبر رفح ويمنع سفر المرضى من قطاع غزةإقرأ أيضاً : ارتفاع حصيلة شهداء عدوان الاحتلال على غزة إلى 322 شهيدا



تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا


طباعة المشاهدات: 1329  
1 - ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. 18-03-2025 11:48 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
رد على :
الرد على تعليق
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
اضافة
فاجعة في الرياضة العالمية .. حياة مصارع تنتهي على الحلبة رعب في القطب الجنوبي .. عالم يهدد زميله بالقتل في قاعدة معزولة! موظف أمريكي يحاول تهريب مخطط مفاعل نووي إلى كوريا الجنوبية قرد ذكي يعقد صفقة مثيرة .. يعيد هاتف سامسونغ مقابل عبوة مانغو! بيان صادر عن وكالة سرايا بعد اعتذار مجلس النواب... بالفيديو .. عطوة اعتراف بإثارة فتنة في رواق... مجلس النواب يعتذر لموقع سرايا وللزميل الخالدي بسبب... بالأسماء .. ضربات (إسرائيلية) تغتال قيادات في حماس الاحتلال يعلن رسميا انتهاء الهدنة ويتوعد حماس... بعد عودة القتال .. نتنياهو يوجه تعليمات...الاحتلال يغلق معبر رفح ويمنع سفر المرضى من قطاع غزةارتفاع حصيلة شهداء عدوان الاحتلال على غزة إلى 322...بالأسماء .. ضربات (إسرائيلية) تغتال قيادات في حماسالاحتلال يعلن رسميا انتهاء الهدنة ويتوعد حماس...النيابة العامة وافقت على طلب نتنياهو بإلغاء شهادته...مسؤول "إسرائيلي": ترامب منحنا الضوء...واشنطن ستفرج عن 80 ألف صفحة من ملفات كينيديمخاوف إسرائيلية من هجوم لحماس مشهد تحرش بطفل يثير ضجة .. ومخرج "لام... أصالة نصري تطبّق طقوس أم كلثوم الغريبة بالأكل قبل... صراخ هستيري وكشف أسرار .. فيفي عبده ضحية رامز جلال... غادة عبد الرازق تتحدث عن فكرة الزواج مجدداً حلا شيحة تعلق على أحدث إطلالة "في كل مكان" منتخب النشامى يُكثف تحضيراته تأهبا لمواجهة فلسطين بتصفيات كأس العالم يختفي وقت الحسم .. أرقام كارثية تفضح صلاح في النهائيات الأمير علي يتابع تدريبات "النشامى" استعدادا لمواجهة فلسطين الأميرة آية: الأردن الدولة العربية الوحيدة المشاركة في دوري أبطال آسيا لكرة الطائرة للسيدات ريمونتادا لبرشلونة أمام أتلتيكو تعيده لصدارة الدوري الإسباني شرطة سير تحمي "عائلة من البط" خلال عبورها للطريق برج إيفيل "يرتدي الحجاب" .. إعلان يُثير الجدل في فرنسا وفاة طبيبين مخطوبين إثر حادث انقلاب مركبتهم! تناولا الكوكايين .. كلبان يُقطعان جسد سبعينية حتى الموت "المسحراتي" مهنة ل30 يوما فقط .. تاريخها وأول من عمل بها بمصر بمساعدة الريح .. تلميذ أسترالي يركض مسافة 200 متر في أقل من 20 ثانية رجل إطفاء يصاب بسكتة قلبية أثناء مكافحة حريق ضخم بالفيديو .. مدير يعتدي على طالبيتن ضرباً في باحة المدرسة في مصر الجامع الأقمر .. 9 قرون من الإبداع المعماري بتوقيع الفاطميين .. صور فيديو صادم .. ثعبان يلتف حول رقبة طفل يشعل غضب السوشيال ميديا

الصفحة الرئيسية الأردن اليوم أخبار سياسية أخبار رياضية أخبار فنية شكاوى وفيات الاردن مناسبات أريد حلا لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر(وكالة سرايا الإخبارية) saraynews.com
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2025
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...

مقالات مشابهة

  • خبير عسكري: 5 أسباب وراء عدم رد المقاومة على العدوان الإسرائيلي
  • عاجل | مراسل الجزيرة: 10 شهداء في القصف الإسرائيلي على مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة
  • خريس: نهجنا مقاومة
  • هآرتس: نتنياهو يكذب وإسرائيل هي التي خرقت اتفاق وقف إطلاق النار
  • هآرتس: إسرائيل وليست حماس هي التي خرقت اتفاق وقف إطلاق النار
  • حركة فتح الانتفاضة لشفق نيوز: محور المقاومة سيفاجئ إسرائيل بعمليات غير معلنة
  • تعرف على القيادات الحكومية التي اغتالتها إسرائيل بعد استئناف العدوان على غزة
  • هل قصفت إسرائيل أهدافا عسكرية؟ وما خيارات المقاومة؟ الفلاحي يجيب
  • أونروا: لجوء إسرائيل إلى القوة العسكرية يزيد معاناة الشعب الفلسطيني
  • رئيس الوزراء: الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة هي حرب على الإنسانية