صحيفة البلاد:
2025-01-30@19:04:21 GMT

من حكايات الماضي 2 – 2

تاريخ النشر: 11th, September 2024 GMT

من حكايات الماضي 2 – 2

حظيت الحاجة صافية من شيخ القرية وحرمه وسكان القرية رجالاً ونساءً خلال وجودها لديهم، بالرعاية وكرم الضيافة وحسن الوفادة، وعادت إليها صحتها، وقررت لنساء القرية وفتياتها، مجلساً أسبوعياً تقدم فيه نشاطات دينية مختلفة تارة في قراءة القرآن وتفسيره وأخرى في شرح الأحاديث وما يستفاد منها والمواعظ الهادفة ممّا جعلهن يرتبطن بها ارتباطاً روحياً قوامه المحبة والألفة والتقدير.

عاد رفاق الحاجة صافية بعد أن أدوا حجهم، والتقى مسؤول الحملة وبعض رفاقه، بشيخ القرية وقدموا له الشكر والعرفان على ما قام به هو وسكان قريته من عناية واهتمام وخدمة للحاجة صافية، وطلبوا منه السماح باصطحابها معهم لمخيّم الحملة استعداداً لمواصلة العودة لديارهم.

ونظراً للتأثير الودي الذي أوجدته الحاجة صافية في نفوس أهالي القرية رجالاً ونساءً، فقد طلب شيخ القرية من مسؤول الحملة ورفاقه، أن يعرضوا عليها البقاء والعيش معهم طالما لا تربطها ببلدها أي رابطة لا بسبب ولا نسب، وسيقوم شيخ القرية وأعيانها، بتأسيس مدرسة لتعليم القرآن وحفظه، وتسند مسؤوليتها إليها ((تعليماً وإشرافاً))، وسيعتبرونها واحدة من سكان القرية لها مثلما لهم من حقوق وواجبات.

عرضت عليها الرغبة، فأجابت والحزن على فراق القرية وأهلها يسيطر على محياها قائلة: كان بودي العيش والإقامة ما بقي من عمري في هذه القرية بين أهلها الكرماء الصالحين، وعلى أرضها الطيبة، ولكن ارتباطي الروحي، يظل منغرساً في بيتي ومدرستي ومزرعتي، أستأنس بذكرياتي مع والديّ -رحمهما الله- ونشأتي مع رفيقاتي من صبايا القرية وجيل النساء اللائي تعلمن القرآن وعلوم الدين على يديّ، كل هذه الأطياف، تظل ماثلة في حضوري وغيابي، تجبرني على العودة، والعيش هناك ما دامت الحياة ((وحب الوطن من الإيمان)).

وودعت الحاجة صافية القرية وناسها منكسرة حزينة على فراقهم إلى مخيم الحملة، واستقبلت من رفاق الرحلة بشوق وفرحة، وتقرر سفرهم في اليوم التالي.

استيقظت الحاجة صافي على صوت مؤذن الفجر، وقامت تقضي حاجتها خارج الخيمة، وفي عودتها، أحست بأن رمحاً انغرس في لحمة ساقها اليمنى، فصاحت بأعلى صوتها: ملدوغة .. ملدوغة..، فاستيقظ من حولها، وأسرع حكيم الحملة لإسعافها، ورغم اجتهاده، إلا أن القدر كان فوق الأمل، فقد استشرى سم الأفعى إلى شرايين القلب، وفارقت الحياة بعد هنيهة، وعُثرعلى الأفعى مختبئة في جانب الخيمة وقتلوها.

سمع شيخ القرية وبعض سكانها بالحادث، وهرعوا إلى مخيم الحملة، وكان الموقف مؤلماً وحزيناً، ليس على رافق الحملة فحسب، بل على شيخ القرية وسكانها رجالاً ونساءً، وتمت الصلاة عليها عقب صلاة الظهر، ودفنت بمقبرة القرية، وقدم شيخ القرية وسكانها العزاء لرفاق الرحلة ومسؤولها، بعدها واصلوا رحلة العودة إلى ديارهم اليمنية والحزن يسيطر على أجوائهم في فقد رفيقة رحلتهم،وأفضل نساء قريتهم ديناً وخلقاً وعلماً وصلاحاً.

خاتمة، رحم الله الحاجة صافية، أرادت أداء الركن الخامس من أركان الإسلام للمرة الثالثة، فحال المرض دون ذلك، وأرادت العودة مع رفاق الرحلة ليمنها السعيد بعد شفائها، لكن الأجل حال دون ذلك أيضاً، ولله في خلقه شؤون.
قال تعالى : {إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِير} -34 لقمان-
وصدق القائل: (ومن تكن منيته بأرضٍ فليس يموت في أرضٍ سواها).

المصدر: صحيفة البلاد

كلمات دلالية: م الحملة

إقرأ أيضاً:

حكايات يكتبها خيري حسن : مابين المسلماني وحسن حامد ومحمود عوض

 


"بصيصُ ضوءٍ بعد ليلٍ حالك الظلام"، بهذه العبارة البليغة، والقراءة السليمة، والرؤية المدهشة، لخص لنا حسن حامد - الإعلامي المصري الكبير صاحب الإنجازات الحقيقية في الإعلام المصري منذ بدايته كمذيع في إذاعة "الشرق الأوسط" في عصر الإذاعة الذهبية وحتى تأسيسه لقطاع القنوات المتخصصة وقناة النيل الدولية -ولقد قال هذه الجملة التي جاءت، وكأنها مرثية حزن طويلة لمرحلة- وصف فيها الإعلام- وأنا أضيف للإعلام (الصحافة والثقافة) وصف فيها ليلها بأنه (ليل حالك الظلام).. إلى أن جاء أحمد المسلماني -حسب قوله- كبصيص أمل.
•••
وقبل أن يتربص بي - من يتربص بالمسلماني- وما يمثله المسلماني في هذه المرحلة -أرجو أن يكمل- هذا المتربص- معي القراءة ليس بهدف التبرير، والتخدير، والتصوير، ولكن بهدف أن نتخلى قليلًا عن نظرية (هو المسلماني أحسن مني في إيه؟) لأننا بهذا التخلي، والتجلي، والتحلي، سوف نساعد بعضنا البعض في إزاحة ذلك (الليل الحالك الظلام) الذي وصفه لنا حسن حامد (وبالمناسبة أنا لا أعرفه ولا يعرفني على المستوى الشخصي أو حتى المهني حيث لم أعمل معه في أي يوم تحت أي مظلة أو مؤسسة إعلامية).
•••
السؤال هنا: هل أنا أدافع عن المسلماني؟ بالطبع لا!! ..ولكنني أدافع عن الذي يدافع عنه الأستاذ حسن حامد.. أدافع عن (نهار) مصر الإعلامي، والصحفي، والثقافي الذي ننتظر بزوغه على وادينا الطيب، كما قال حسن حامد. إن أي إنسان موضوعي يهمه المشاهد، والمستمع، والقارئ، سيكون -أو يجب أن يكون- في صف (نهار) هذا الوطن العزيز علينا جميعًا.. ولا يهاجم التجربة ويهدمها بغرض الهجوم من أجل الهجوم، وبغرض الهدم بغرض الهدم..
ومن يفعل ذلك - أو بعض من يفعل ذلك- ربما يكون واقعًا تحت تأثير نظرية:
(هو المسلماني أحسن مني في إيه؟). وتلك هي المشكلة التي نعاني منها جميعًا في شتى مناحي حياتنا الإعلامية، والثقافية والصحافية.
•••
لقد رأيت أحمد المسلماني على المستوى الشخصي مرتين فقط. الأولى حضرها الكاتب الصحفي محسن عبدالعزيز رئيس القسم الثقافي بالأهرام - ويشهد على ذلك - وكذلك الزميل محمد شمروخ مدير تحرير الأهرام - ويشهد على ذلك - (وكان اللقاء بدعوة من محسن عبد العزيز أصلًا) في هذا اللقاء وجدت المسلماني مثقفًا، ومتحدثًا، والأهم من ذلك وجدته (مستمعًا) جيدًا.
•••
وفي هذه الجلسة أتاح لي وهو يدير اللقاء - هذا لم يكن ضمن برنامج الندوة- ولا يحدث كثيرًا من شخصيات أخرى مأخوذة بالنفخة الكذابة - أن أتحدث عن الشاعر زكي عمر باستفاضة ومحبة للشاعر الراحل الذي لم يكن يعرفه. وتفاعل وتحّمس لقضيته المغبون فيها حقه منذ السبعينيات!
ثم التقيت به صدفة في كافتيريا مدينة الإنتاج الإعلامي (كان قاعد بيذاكر حلقة من برنامجه) وفي غير ذلك لم أراه ولم يرني مرة أخرى.
•••
وكان انطباعي - ومازال - أنه لديه موهبة في الصحافة والإعلام تعطيه الحق في ذلك التواجد والحضور في ماسبيرو - على الأقل في هذه المرحلة - وهذا ليس كلامي ولكنه كلام الكاتب الصحفي محمود عوض (بالمناسبة أولى حلقات برنامج المسلماني على قناة دريم - الطبعة الأولى - ظهر فيها محمود عوض) الذي كان يراه صاحب موهبة (ممكن نختلف على مستوى الموهبة لكن لا نختلف على نفيها تمامًا - حيث ذكره - ضمن أسماء أخرى - كان يراهم من وجهة نظره أصحاب مواهب حقيقية في الصحافة المصرية في عصرها الحالي).
•••
ثم عدت قبل كتابة هذا المقال - أحب وصف مقال ولا أحب وصف "بوست" - إلى مذكرات الدكتور أحمد زويل - التي كانت في مكتبتي ولم أقرأها للأسف منذ سنوات - والتي حررها أحمد المسلماني عام 2005 فوجدت أسلوبه في الكتابة يدل على أنه يمتلك موهبة بالفعل.. وكذلك برنامجه الطبعة الأولى (نسخة قناة دريم) يؤكد على ذلك، حيث كان من أنجح برامج المحطة.
•••
وعندما جاء لمبنى الإذاعة والتليفزيون - كما ذكر حسن حامد - وهو خبير إعلامي له قيمته المهنية ومصداقيته التي لا خلاف عليها في الوسط الإعلامي - اتخذ المسلماني قرارات حصلت على إجماع وتأييد من الجميع - إلى أن انفرد باتخاذه قرارًا بتغيير اسم قناة النيل سينما - فتحرك ضده - وهذا أمر أصبح طبيعيًا في الوسط الصحفي والثقافي والإعلامي ورثناه منذ سنوات مضت - منْ هو متربص به، ويقف له بالرد، والصد، والهجوم الشامل، والماسح، والكاسح..
لذلك أرجو من الزميل أحمد المسلماني - استكمالًا لرجاء الأستاذ حسن حامد السابق - أن يتراجع بشكل أو بآخر عن تغيير اسم قناة النيل سينما (فلنجعل التغيير في المحتوى وليس في الاسم) حتى يستطيع - ويستطيع معه - كل شرفاء وأصلاء، ونبلاء، هذا الوطن في (كشح) ذلك الظلام الحالك الذي حذر منه حسن حامد، ولو ببصيص أمل كنّا نراه قريبًا.. ويراه غيرنا بعيدًا!
•••
إن فكرة ومبدأ وسياسة التراجع (وهذه ثقافة علينا أن نتعلمها من تجارب التاريخ) ليست من شيمة الضعفاء، ولكنها من شيم الأقوياء.. ولذلك أرجو منه - أي من المسلماني - إذا وصلته هذه الرسالة - أن يعود إلى كتاب أحمد زويل (عصر العلم) الذي حرره بنفسه - صفحة 259 - وفيها سوف يجد آخر جملة ختم بها أحمد زويل كلمته في حفل تسليمه جائزة نوبل في ستوكهولم يوم 10 ديسمبر 1999 نقلًا عن طه حسين والتي قال فيها:
"ويل لطالب العلم إن رضي عن نفسه".
ومعنى الرضا عن النفس هو أن الإنسان - سواء كان طالبًا أو أستاذًا -  يرضى عن نفسه ولا يستمع إلى غيره بأكثر ما يستمع إلى نفسه، خاصة أن الاستماع للنفس كثيرًا وعدم الاستماع للغير إلا قليلًا سيجعلنا نستمر طويلًا وسط ذلك (الليل الحالك الظلام)..(ويتوه) منا بصيص النور.. وسط الطريق!

 

 

مقالات مشابهة

  • كيفية عودة القرية المصرية لقيادة الاقتصاد القومي
  • أمير قطر يؤكد خلال لقائه الشرع الحاجة للمضي في مشاريع إعادة إعمار سوريا
  • خلال لقائه بالشرع.. بن حمد يؤكد على الحاجة الماسة لتشكيل حكومة سورية
  • اجلاء أكثر من 560 مهاجرا افريقيا من اليمن إلى بلدانهم خلال ديسمبر الماضي
  • دوللي شاهين تريند معرض القاهرة للكتاب.. تعرف على السبب؟
  • بنك بوبيان يحقق 319 مليون دولار أرباحا صافية في 2024
  • واشنطن تؤكد للقاهرة الحاجة للتعاون لمنع "حماس" من حكم غزة
  • قلعة للنشاط الحرفي والصناعي.. “اللواء صبيح” تحصد لقب القرية الخضراء بالوادي الجديد
  • حكايات يكتبها خيري حسن : مابين المسلماني وحسن حامد ومحمود عوض
  • الإعجاز القرآني فى قوله سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ.. تعرف عليه