صحيفة البلاد:
2025-03-04@06:03:54 GMT

من حكايات الماضي 2 – 2

تاريخ النشر: 11th, September 2024 GMT

من حكايات الماضي 2 – 2

حظيت الحاجة صافية من شيخ القرية وحرمه وسكان القرية رجالاً ونساءً خلال وجودها لديهم، بالرعاية وكرم الضيافة وحسن الوفادة، وعادت إليها صحتها، وقررت لنساء القرية وفتياتها، مجلساً أسبوعياً تقدم فيه نشاطات دينية مختلفة تارة في قراءة القرآن وتفسيره وأخرى في شرح الأحاديث وما يستفاد منها والمواعظ الهادفة ممّا جعلهن يرتبطن بها ارتباطاً روحياً قوامه المحبة والألفة والتقدير.

عاد رفاق الحاجة صافية بعد أن أدوا حجهم، والتقى مسؤول الحملة وبعض رفاقه، بشيخ القرية وقدموا له الشكر والعرفان على ما قام به هو وسكان قريته من عناية واهتمام وخدمة للحاجة صافية، وطلبوا منه السماح باصطحابها معهم لمخيّم الحملة استعداداً لمواصلة العودة لديارهم.

ونظراً للتأثير الودي الذي أوجدته الحاجة صافية في نفوس أهالي القرية رجالاً ونساءً، فقد طلب شيخ القرية من مسؤول الحملة ورفاقه، أن يعرضوا عليها البقاء والعيش معهم طالما لا تربطها ببلدها أي رابطة لا بسبب ولا نسب، وسيقوم شيخ القرية وأعيانها، بتأسيس مدرسة لتعليم القرآن وحفظه، وتسند مسؤوليتها إليها ((تعليماً وإشرافاً))، وسيعتبرونها واحدة من سكان القرية لها مثلما لهم من حقوق وواجبات.

عرضت عليها الرغبة، فأجابت والحزن على فراق القرية وأهلها يسيطر على محياها قائلة: كان بودي العيش والإقامة ما بقي من عمري في هذه القرية بين أهلها الكرماء الصالحين، وعلى أرضها الطيبة، ولكن ارتباطي الروحي، يظل منغرساً في بيتي ومدرستي ومزرعتي، أستأنس بذكرياتي مع والديّ -رحمهما الله- ونشأتي مع رفيقاتي من صبايا القرية وجيل النساء اللائي تعلمن القرآن وعلوم الدين على يديّ، كل هذه الأطياف، تظل ماثلة في حضوري وغيابي، تجبرني على العودة، والعيش هناك ما دامت الحياة ((وحب الوطن من الإيمان)).

وودعت الحاجة صافية القرية وناسها منكسرة حزينة على فراقهم إلى مخيم الحملة، واستقبلت من رفاق الرحلة بشوق وفرحة، وتقرر سفرهم في اليوم التالي.

استيقظت الحاجة صافي على صوت مؤذن الفجر، وقامت تقضي حاجتها خارج الخيمة، وفي عودتها، أحست بأن رمحاً انغرس في لحمة ساقها اليمنى، فصاحت بأعلى صوتها: ملدوغة .. ملدوغة..، فاستيقظ من حولها، وأسرع حكيم الحملة لإسعافها، ورغم اجتهاده، إلا أن القدر كان فوق الأمل، فقد استشرى سم الأفعى إلى شرايين القلب، وفارقت الحياة بعد هنيهة، وعُثرعلى الأفعى مختبئة في جانب الخيمة وقتلوها.

سمع شيخ القرية وبعض سكانها بالحادث، وهرعوا إلى مخيم الحملة، وكان الموقف مؤلماً وحزيناً، ليس على رافق الحملة فحسب، بل على شيخ القرية وسكانها رجالاً ونساءً، وتمت الصلاة عليها عقب صلاة الظهر، ودفنت بمقبرة القرية، وقدم شيخ القرية وسكانها العزاء لرفاق الرحلة ومسؤولها، بعدها واصلوا رحلة العودة إلى ديارهم اليمنية والحزن يسيطر على أجوائهم في فقد رفيقة رحلتهم،وأفضل نساء قريتهم ديناً وخلقاً وعلماً وصلاحاً.

خاتمة، رحم الله الحاجة صافية، أرادت أداء الركن الخامس من أركان الإسلام للمرة الثالثة، فحال المرض دون ذلك، وأرادت العودة مع رفاق الرحلة ليمنها السعيد بعد شفائها، لكن الأجل حال دون ذلك أيضاً، ولله في خلقه شؤون.
قال تعالى : {إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِير} -34 لقمان-
وصدق القائل: (ومن تكن منيته بأرضٍ فليس يموت في أرضٍ سواها).

المصدر: صحيفة البلاد

كلمات دلالية: م الحملة

إقرأ أيضاً:

"رمضان زمان.. حكايات على ضوء الفانوس"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

 

"رأفت الهجان".. حينما تحوّل الجاسوس إلى أسطورة رمضانية

المسلسلات كانت جزءًا أصيلًا من طقوس الشهر الكريم وليست مجرد عروض تملأ الفراغ

 

قبل أن تتحول الشاشة إلى ساحة سباق محموم، كان رمضان زمان يأتي ومعه سحر خاص، حيث كانت المسلسلات جزءًا أصيلًا من طقوس الشهر الكريم، لا مجرد عروض تملأ الفراغ. كنا ننتظر دقات الساعة بعد الإفطار لنلتف حول التليفزيون، نتابع الحلقات بشغف، ونحفظ تترات المسلسلات عن ظهر قلب، كأنها نشيد مقدس يعلن بداية الحكاية.

من "ليالي الحلمية" إلى "بوابة الحلواني"، ومن "هند والدكتور نعمان" إلى "رحلة السيد أبو العلا البشري"، كانت الدراما تلمس قلوب المشاهدين، تحكي عنهم، تناقش همومهم، وتضيء واقعهم بصدق وبساطة. لم تكن مجرد مشاهد عابرة، بل كانت انعكاسًا لأحلام واحتياجات جمهور كان يبحث عن الدفء، عن الفن الذي يشبهه، عن قضايا تُروى بعمق دون صخب.

رمضان زمان لم يكن مجرد موسم درامي، بل كان موعدًا مع الإبداع الأصيل، حيث اجتمع الكبار والصغار أمام الشاشة، ليشاهدوا فنًّا يحترم عقولهم، ويسافر بهم إلى عالم من المشاعر الحقيقية.

واليوم، وسط زحام الإنتاجات الحديثة، يبقى الحنين لتلك الأيام حاضرًا، حيث كانت المسلسلات ليست مجرد أعمال درامية، بل ذكريات محفورة في الوجدان.

في زمن كانت الدراما المصرية تعكس وجدان المشاهد، جاء مسلسل "رأفت الهجان" ليكتب فصلاً جديدًا في تاريخ التليفزيون، ليس فقط كعمل درامي، بل كملحمة وطنية زرعت الفخر في قلوب المصريين.

المسلسل كان مستوحى من القصة الحقيقية للجاسوس المصري رفعت الجمال، الذي زرعته المخابرات المصرية داخل إسرائيل تحت اسم رأفت الهجان، حيث استطاع اختراق المجتمع الإسرائيلي ونقل معلومات شديدة الخطورة لمصر على مدار سنوات.

جسّد العمل تفاصيل العمليات السرية، العلاقات المعقدة، والمخاطر التي خاضها الهجان في سبيل الوطن، وقدم حبكة مشوّقة تجمع بين الدراما والتاريخ.

عندما عُرض "رأفت الهجان" لأول مرة في رمضان 1988، تحوّل إلى ظاهرة فريدة، حيث اجتمعت الأسر أمام التليفزيون بشغف لمتابعة تفاصيل القصة. نجح المسلسل في تقديم شخصية وطنية أصبحت أيقونة، وارتبط المشاهدون بالبطل حتى شعروا أنه واحد منهم، وليس مجرد شخصية درامية.

حقق المسلسل نجاحًا ساحقًا، واستمر صداه حتى اليوم، حيث أصبح مرجعًا في دراما الجاسوسية، ورسّخ مكانة محمود عبد العزيز كنجم استثنائي.

في تلك الأيام، كان رمضان يحمل طابعًا مختلفًا، حيث لم تكن هناك عشرات القنوات أو منصات البث، بل كانت العائلة تجتمع أمام الشاشة، تتابع عملًا واحدًا بتركيز وشغف.

لم تكن المسلسلات مجرد تسلية، بل كانت تنقل رسائل وتترك أثرًا عميقًا في النفوس، وهو ما فعله "رأفت الهجان"، حينما جعل المشاهدين يشعرون أنهم جزء من معركة مخابراتية حقيقية.

واليوم، رغم تطور الدراما، يبقى "رأفت الهجان" خالدًا في الذاكرة، عملًا لا يُنسى، يعيدنا إلى زمن كانت فيه المسلسلات تصنع التاريخ، لا مجرد حلقات تُعرض ثم تُنسى.

والعمل كان تأليف صالح مرسي (المتخصص في أدب الجاسوسية والمخابرات). وإخراج يحيى العلمي، الذي قدّم العمل بإيقاع مشوّق وأسلوب سينمائي مميز. وبطولة الفنان الراحل محمود عبد العزيز (في دور رأفت الهجان)، يوسف شعبان، يسرا، نبيل الحلفاوي، محمد وفيق وغيرهم من كبار النجوم.

مقالات مشابهة

  • دار الإفتاء: النية في الصيام تتحقق بالقلب دون الحاجة للتلفظ
  • سبايس اكس تستأنف رحلات صاروخها العملاق ستارشيب
  • دعاء قبل الإفطار لقضاء الحاجة وتيسير الأمور.. ردده بيقين حتى يستجاب لك
  • “حكايات” حواري وأندية مكة
  • اتفاقية لتنفيذ حلول مرورية في دبي بـ 6 مليارات
  • وزارة السياحة تعلن الضوابط الفنية الخاصة برحلات الحج البري
  • شيخ الأزهر: الأمة الإٍسلامية في أشد الحاجة إلى الوحدة لمجابهة تحديات العصر
  • حكايات شهرزاد| يسألونك عن الزُهد
  • "رمضان زمان.. حكايات على ضوء الفانوس"
  • نتنياهو وكاتس: وجهنا الجيش الاسرائيلي لحماية القرية الدرزية جرمانا في ضواحي دمشق