???? الناجون من معتقلات مليشيا الدعم السريع: حكايات مروعة وغفلة عن الواجب
تاريخ النشر: 11th, September 2024 GMT
إن القصص التي يرويها الناجون من معتقلات مليشيا الدعم السريع الإرهابية تحمل في طياتها تفاصيل مروعة تكاد لا تُصدق. هذه المليشيا، التي عرفت بوحشيتها وعنفها، تركت أثراً بالغاً في نفوس من خرجوا من قبضتها، وكذلك في قلوب عائلات المفقودين والمختفين قسرياً. ومع ذلك، تبدو هذه القضية كما لو كانت مهمشة وغير محل اهتمام كافٍ، سواء على المستوى الشعبي أو السياسي.
قصص الناجين شهادات من عمق الألم حيث يروي الناجون تجاربهم من داخل تلك المعتقلات، حيث كان التعذيب النفسي والجسدي جزءاً من الحياة اليومية. تعرض هؤلاء الأفراد لظروف غير إنسانية، تضمنت الإهانة، الضرب، والتهديد بالموت. كل هذه المعاناة تجسد الوجه الحقيقي لتلك المليشيا التي لم تعرف للرحمة طريقاً.
ورغم فظاعة هذه القصص، لم تتمكن من استقطاب الاهتمام الكافي من المجتمع المحلي والدولي. لقد تركنا الأسر تصارع آلام فقدان أبنائها، دون أن يكون هناك أي جهد سياسي جاد أو ضغوط دولية تُمارس على هذه المليشيا للإفراج عن المعتقلين أو الكشف عن مصير المفقودين.
قضية المفقودين والمختفين قسرياً جرح نازف في ضمير الأمة أن قضية المفقودين والمختفين قسرياً في السودان تشكل واحدة من أخطر الانتهاكات التي ترتكبها مليشيا الدعم السريع. ومع ذلك، فإن التعامل معها لم يرقَ إلى المستوى المطلوب. هذا الجرح النازف يتطلب منا اهتماماً أكبر ورعاية أعمق. فالأسر التي تعيش في حالة من الانتظار والترقب تستحق منا جميعاً أن نقف بجانبها، وأن نطالب بالعدالة لأبنائها الذين غُيبوا قسراً.
دعوة لتشكيل هيئة شعبية مدنيةإن مواجهة هذه المأساة تتطلب تحركاً فورياً وشاملاً. لذلك، أرى أن الوقت قد حان لتشكيل هيئة شعبية مدنية تعنى بهذه القضية. تكون هذه الهيئة مكونة من نشطاء حقوق الإنسان، ممثلين عن الأسر المتضررة، ومحامين وإعلاميين. ستعمل هذه الهيئة على تصعيد القضية دولياً، وتشكيل جبهة ضغط فعالة على المليشيا للإفراج عن المعتقلين والكشف عن مصير المفقودين.
التصعيد الدولي خطوة نحو العدالة من الضروري أن تعمل هذه الهيئة على نقل القضية إلى المحافل الدولية، سواء من خلال الأمم المتحدة أو منظمات حقوق الإنسان العالمية. يجب أن تكون هناك دعوات واضحة لفرض عقوبات على القيادات المسؤولة عن هذه الجرائم، وكذلك لممارسة ضغوط سياسية واقتصادية على المليشيا وحلفائها الدوليين. هذا التصعيد هو الطريق الأوحد نحو إجبار هذه المليشيا على الرضوخ للمطالب الشعبية والدولية بالإفراج عن المعتقلين وإعادة المفقودين إلى ذويهم.
ختاماً إن قضية الناجين من معتقلات مليشيا الدعم السريع الإرهابية، والمفقودين والمختفين قسرياً، تستحق منا جميعاً أن نقف بجانبها وأن نعمل على إبرازها محلياً ودولياً. إن تشكيل هيئة شعبية مدنية تعمل على تصعيد القضية وممارسة الضغوط على المليشيا هو خطوة في الاتجاه الصحيح نحو تحقيق العدالة وشفاء الجروح النازفة في قلوب الأسر المكلومة.
???? عمر محمد عثمان
١٠ سبتمبر ٢٠٢٤م
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: ملیشیا الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
الدعم السريع يدمر حاضر السودانيين وقادة الجيش والإسلاميون يدمرون مستقبلهم
منذ ١٧ شهراً، يعيش السودان في صراع مستمر، حيث يجد السودانيون والسودانيات أنفسهم في مواجهة تدمير آني لحاضرهم ومستقبلهم بواسطة أولئك المناط بهم حماية مصالحهم ومن يدعون ذلك.
قوات الدعم السريع والحرب على حاضر السودان
تُعتبر قوات الدعم السريع رمزاً للدمار وعدم الاستقرار في حياة السودانيين. نشأت هذه القوات في إطار نظام الإسلاميين كقوة غير نظامية لها نفوذ واسع، وبدأت عملياتها بتدخلات مدمرة في دارفور، وامتدت تأثيراتها لاحقاً إلى مناطق أخرى، مخلفةً وراءها آثاراً كارثية على حياة الناس ومؤسسات الدولة والمجتمع.
لم تقتصر هجمات قوات الدعم السريع على الاشتباكات المسلحة فقط، بل طالت أيضاً حياة المدنيين وممتلكاتهم، والأنظمة الاجتماعية، والخدمات الأساسية، مما أدى إلى تدمير البنية التحتية وتشتيت السكان ونهب الموارد. وفي ظل سيطرتهم، أصبح من الصعب على المواطنين العيش بأمان أو السعي لكسب العيش، فقد قتلت الناس وهتكت عروضهم ونهبت أموالهم ودمرت سبل حياة الناس بالكامل. هذا الدمار الذي يطال الحاضر لن يختفي بسهولة، إذ أن آثاره الاجتماعية والنفسية والاقتصادية ستستمر لتؤثر على الأجيال القادمة، تاركةً وراءها جروحاً يصعب التئامها.
قيادة الجيش والإسلاميون وظلالهم على مستقبل السودان
بينما تدمر قوات الدعم السريع الحاضر، يُعَرِّض قادة الجيش والإسلاميون مستقبل السودانيين للخطر. فبدلاً عن بناء جيش وطني موحد، تعتمد قيادة القوات المسلحة والإسلاميون على تعزيز شبكات من الميليشيات القبلية والمناطقية كقوة موازية للدعم السريع، وبعض هذه المليشيات لها امتدادات قبلية مع دول جارة. المفارقة هنا أن هذا النهج ذاته تسبب في معضلة الدعم السريع، الذي يتمتع بعلاقات خارجية مستقلة وموارد مالية وقوانين خاصة.
تشكل هذه التحالفات بين قيادة الجيش والاسلاميين والميليشيات الجديدة هذه والقديمة تهديداً للاستقرار الوطني. فعندما تعتمد المؤسسة العسكرية الأولى في البلاد على الميليشيات، فإن ذلك يقضي على أي فرصة لبناء دولة قوية متماسكة. والأدهى من ذلك، يساهم هذا الأسلوب في تحويل السودان إلى مجتمع مليء بالانقسامات والصراعات الداخلية.
ومن منظور سياسي، فإن استراتيجيات قادة الجيش والإسلاميين تلقي بظلالها على الحكم في البلاد، إذ يركزون على تأمين سلطتهم من خلال تقوية نفوذ الميليشيات بدلاً من السعي لتأسيس نظام ديمقراطي أو حتى نظام عسكري متماسك داخلياً. نتيجةً لذلك، يصبح الانتقال إلى الاستقرار في السودان أكثر صعوبة، ويظل السودان محصوراً في دائرة مغلقة من الانقسامات، مما يعطل أي محاولة جادة لإقامة دولة قائمة على الوحدة وذات استقرار نسبي.
تأثيرات مزدوجة على المجتمع السوداني
وفي ظل هذا الواقع، يجد المواطنون السودانيون أنفسهم في وضع مأساوي. بينما تسلب قوات الدعم السريع الاستقرار من الحاضر، تضمن قيادة الجيش والإسلاميون مستقبلاً مليئاً بالتشظي والانقسامات. هذا الصراع المتبادل يهدد المجتمع السوداني بأكمله، ويمنع أي تقدم حقيقي نحو بناء دولة تحترم مواطنيها وتسعى لتحقيق تطلعاتهم. وبدلاً من أن يكون الجيل الجديد حاملاً لراية النهوض بالوطن، يجد نفسه ضحية لصراع لم يختاره، مما يدفعه إلى الهجرة أو الانخراط في نزاعات لا دخل له فيها. في ظل هذا الوضع، يتم تهميش قطاعات التعليم والرعاية الصحية والتنمية الاقتصادية، فتُترك الأجيال القادمة دون أي أساس قوي لبناء سودان مستقر وربما لا وجود للسودان الذي نعرفه حاليا.
ما يواجهه السودان اليوم هو أزمة وجودية تتطلب تدخلات حاسمة من أجل إعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس قومية موحدة، بعيداً عن النزعات القبلية والتحالفات المؤقتة. الحلول قد تكون بعيدة المنال حالياً، لكنها تبدأ بوعي المجتمع السوداني بمخاطر هذه السياسات والسعي للوحدة الوطنية، إضافة إلى ضغط المجتمع الدولي لدعم السودان في سعيه لتحقيق السلام والاستقرار.
mkaawadalla@yahoo.com
محمد خالد