تعد الأعياد القبطية امتداداً للحضارة المصرية القديمة، حيث ما زال العديد من المصريين يحتفلون بها حتى اليوم، رغم أن بعضها أخذ طابعاً دينياً، منذ أن دخلت الديانة المسيحية إلى مصر، على يد مارمرقس الرسول، كاروز الديار المصرية، إلا أن الهوية المصرية حافظت على إحياء هذه الأعياد، ووثقت الكثير من مظاهر الحياة فى مصر القديمة.

الدكتور إكرامى الساكت، باحث فى علم المصريات ومفتش بوزارة السياحة والآثار، قال، فى تصريحات لـ«الوطن»، إن كلمة عيد فى اللغة المصرية القديمة تعنى «حب»، وكان للمصرى القديم أكثر من 260 عيداً متنوعاً، تنقسم إلى أعياد رسمية، تقام فى جميع أنحاء مصر، حيث يخرج الملك ويقوم بتوزيع الهدايا على شعبه، ومن أبرز هذه الأعياد «عيد توحيد الوجهين» القبلى والبحرى، الذى أسسه الملك مينا، موحد القطرين، أما النوع الثانى من هذه الأعياد، فيتعلق بالأعياد الخاصة أو المحلية، وهى خاصة بالمدن، يحتفل بها أهالى تلك الأقاليم، ويتميز النوع الثالث من الأعياد القبطية بأنه يرتبط بمناسبات دينية، وهى كثيرة، وتكون خاصة ببعض الآلهة عند المصرى القديم، وافتتاح المعابد، منها عيد «الأوبت»، وعيد «انتقال الإله آمون»، فضلاً عن الأعياد الزراعية، مثل عيد «الحصاد»، وعيد «وفاء النيل»، وكذلك هناك الأعياد الجنائزية، مثل ذكرى الأربعين والسنوية والخروج للمقابر، وأعياد ملكية تتعلق بتتويج الملوك، مثل عيد «الحب سد»، وهو عيد تجديد شباب الملك، من خلال طقوس دينية وتقديم القرابين.

وحول الأعياد المصرية القديمة المرتبطة بالأقباط، التى ما زلنا نحتفل بها حتى اليوم، ومنها عيد «شم النسيم»، أوضح «الساكت» أن هذا العيد يُعد من أبرز الأعياد التى يحتفل بها المصريون حتى الآن، وهو عيد متوارث من الحضارة المصرية القديمة، حيث يتمسك الشعب المصرى بعاداته وتقاليده جيلاً بعد جيل، مشيراً إلى أن بداية الاحتفال بعيد «شم النسيم» ترجع إلى ما يقرب من 5000 سنة، وبالتحديد فى أواخر عصر الأسرة الثالثة، وقد أرجع بعض المؤرخين الاحتفال به إلى عصر ما قبل الأسرات، موضحاً أن سبب تسميته بهذا الاسم يعود إلى كلمة «شمو»، التى تعنى فصل الحصاد، وكذلك كلمة «شم إن نسم» فى القبطية، التى تعنى الخروج لشم الهواء، وهو مهرجان سنوى يُعرف لدى المصرى القديم باسم «عيد الوادى الجميل»، حيث يشارك فيه الجميع، ويحرصون على ارتداء الملابس ذات الألوان الزاهية، ويتنزهون فى الحدائق، ويركبون المراكب، ويرمز هذا العيد إلى بعث الحياة، وتتساوى فى هذا اليوم ساعات الليل والنهار، وتحور اسمه إلى «شم النسيم» لارتباطه باعتدال الجو.

من جانبه، قال الدكتور إبراهيم ساويروس، أستاذ اللغة القبطية بكلية الآثار، فى تصريحات لـ«الوطن»، إن «عيد الحب سد» يُعد من أشهر الأعياد التى ما زالت تحتفل بها الكنيسة القبطية الأرثوذكسية حتى الآن، فهو عيد تجليس البطريرك، حيث تحيى فيه ذكرى تجليس البابا، كما كان يفعل المصريون القدماء، ويحتفلون فى هذا العيد بذكرى تجليس الملك على عرشه، وسط مظاهر وطقوس دينية وعروض خاصة بهذا العيد فى مصر القديمة، وكذلك عيد «فيضان النيل»، الذى صار الآن يُعرف باسم «عيد الملاك ميخائيل»، بصفته فى الكنيسة الملاك الواقف أمام عرش الله، ويشفع ويطلب من أجل بركة مياه النيل، بحسب الاعتقاد المسيحى، وكان الاحتفال بهذا العيد يُقام لـ«الإله ستيرون»، إله النيل عند المصرى القديم، حيث كانت تأخذه الرحمة بالمصريين فى أوقات الجفاف، فيطير إلى أعالى النيل، ويلقى قطرات ماء من فمه، تتبخر وتصعد إلى السماء، فتتحول إلى سحب كثيفة تنهمر سيولاً وتتدفق من أعالى الجبال، فيفيض النهر بالمياه، التى تروى البلاد، فيعم الخصب والنماء، ويفرح المصريون ابتهاجاً بفيضان النيل، ويتبادلون الهدايا والفطير، ثم تحول هذا العيد، مع دخول المسيحية إلى مصر، إلى «عيد للملاك ميخائيل»، مشيراً إلى أن هذا العيد يشهد احتفالات كبيرة، حيث يحضر حاكم البلاد، والبطريرك القبطى، الذى كان يتوجه إلى ضفاف النيل ليلقى فيه الصليب، ويتسابق الشباب بشغف لانتشاله وإعادته إليه، وهذا التقليد الفريد جعل من يوم الثانى عشر فى كل شهر قبطى عيداً للملاك ميخائيل.

وتابع «ساويروس» أن هناك صلة وثيقة بين طقوس الاحتفال بالأعياد القبطية فى عهد الفراعنة، والممارسات الاحتفالية التى تشهدها الكنائس حالياً، ومن أبرز هذه الصلات استخدام البخور فى الاحتفالات، فقد كان المصريون القدماء يستخدمون البخور فى طقوسهم الدينية، ويتم إطلاقه خلال الاحتفالات والمهرجانات للتعبير عن الفرح والتقديس، وما زال هذا التقليد قائماً فى الكنائس، حيث يعتبر البخور جزءاً لا يتجزأ من القداسات والأعياد والمناسبات الدينية، ولا يقتصر التشابه بين الطقوس الفرعونية والقبطية على استخدام البخور فقط، بل يشمل أيضاً «الزفة»، فكان المصريون القدماء يحملون تماثيل آلهتهم فى موكب مهيب يجوب شوارع المدينة، وهو ما يذكرنا بطقوس «الزفة» التى تتم داخل الكنائس، حيث يحمل الكهنة والشمامسة أيقونة القديس فى موكب احتفالى يرمز إلى النصر والانتصار.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: مصر القديمة الأعياد المصريين القدماء الأعياد القبطية المصریة القدیمة هذا العید

إقرأ أيضاً:

تنكيس الأعلام في أنحاء ألمانيا حداداً على ضحايا هجوم ماجدبورج

عقب الهجوم الدموي على سوق عيد الميلاد في مدينة ماجدبورج الألمانية، أمرت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر بتنكيس الأعلام في أعلى السلطات الاتحادية بأنحاء البلاد حدادا على أرواح الضحايا.
وارتفع عدد ضحايا هجوم الدهس الذي وقع أمس الجمعة في ماجدبورج إلى أربعة.
وبحسب معلومات مصادر أمنية، فإن 41 شخصاً أصيبوا بجروح خطيرة، في حين ذكرت صحيفة "بيلد" الألمانية ووسائل إعلام أخرى أن إجمالي عدد المصابين يزيد عن 200 شخص. وصدمت سيارة جمعاً من الأشخاص في سوق عيد الميلاد في عاصمة ولاية سكسونيا-أنهالت مساء أمس.
وألقت الشرطة أمس على المشتبه به، وهو طبيب مقيم في مدينة بيرنبورج .

أخبار ذات صلة الإمارات تدين عملية الدهس التي وقعت في سوق بألمانيا ارتفاع عدد قتلى هجوم سوق عيد الميلاد في ألمانيا المصدر: د ب أ

مقالات مشابهة

  • الكنيسة القبطية تحتفل بتذكار حبل القديسة حنة
  • احتجاجات عمالية غير مسبوقة.. ستاربكس تواجه إضرابًا شاملًا قبل الأعياد|فما القصة؟
  • تنكيس الأعلام في أنحاء ألمانيا حداداً على ضحايا هجوم ماجدبورج
  • 5 طرق فعالة لتنظيف الأنف من المخاط.. مناسبة للأطفال
  • هل يكون انتخاب عون بسترينة العيد؟
  • سعرات حرارية منخفظة.. 7 أكلات مناسبة للرجيم
  • تجارب شتوية أصيلة.. تعرف على 7 من أسواق الأعياد في ألمانيا
  • فتح باب الترشيح في جميع أنحاء العالم لجائزة أستر جارديانز العالمية للتمريض 2025
  • عندما تسلّط هدية العيد الضوء على مشاكل السمنة.. من دون قصد!
  • إشادة عالمية ومحلية بدور جامعة حلوان في مناهضة العنف ضد المرأة