موسكو- أكد الدكتور سلطان مطلق العجمي، النائب الأول لرئيس التحالف الدولي للمشاريع الإستراتيجية في مجموعة "بريكس" أن السنوات الماضية أثبتت عدم نجاعة القطب الأوحد في بناء عالم منسجم بين مكوناته السياسية وبين شعوبه، وقال إن أحادية القطبية تسببت في إحداث خلل كبير في منظومة العلاقات الدولية مما فرض الحاجة لبناء عالم جديد متعدد الأقطاب.

وأضاف العجمي في مقابلة خاصة مع الجزيرة نت خلال زيارته إلى روسيا أن الاقتصاد هو عصب العلاقات والتعاون الدولي، وأن بناء العلاقات الدولية في الوقت الراهن يجب أن يعاد صياغته بحيث يتيح مشاركة أكبر للمنظمات غير الحكومية لتعزيز التقارب بين الشعوب، بما في ذلك التبادل الثقافي.

الدكتور سلطان العجمي النائب الأول لرئيس منظمة المشاريع الإستراتيجية البريكس (الجزيرة)

وبين المسؤول الكبير في "بريكس" أنه يقود من خلال منظمة المشاريع الإستراتيجية عملية إقامة جسور نوعية جديدة بين روسيا والعالم العربي، تشمل من بين أمور أخرى تعزيز التعاون بين ممثلي القطاع الخاص والتواصل الثقافي بين العرب والروس وكذلك تطوير السياحة المتبادلة.

وحصل العجمي خلال زيارته إلى العاصمة الروسية ولقائه مع المسؤولين الروس على وسام الدبلوماسية الاجتماعية من الدرجة الأولى.

وفيما يلي نص الحوار:

تشهد السنوات الأخيرة تكريسًا لتعددية الأقطاب والتعاون الذي لا يتعارض مع سيادة الدول واستقلالها. ما أسباب الحاجة لذلك، وهل تشير التقديرات إلى أن هذه الصيغة تتوسع لتشهد انضمام أعضاء جدد إليها؟

أثبتت التجربة التاريخية، ولا سيما في السنوات الأخيرة عدم نجاعة القطب الأوحد، الذي في واقع الحال تسبب بأذى ومشاكل لبلدان وشعوب العالم، مما فرض حاجة كبيرة لبناء عالم متعدد الأقطاب.

تعدد الأقطاب في جوهره هو ضمان للسلم والردع. قد تكون بعض الجوانب في هذه النظرية غير مكتملة بعد، أو لا تعجب البعض، أو لا تصب في صالح هذا الطرف أو ذاك، لكن مما لا شك فيه أن التعددية القطبية هي أفضل الحلول المتاحة للخلل في العلاقات الدولية في الظروف الحالية.

وجود منظمة "بريكس" هو شيء إيجابي جدًا لعالم جديد، لا سيما أنها تضم دولًا كبيرة ووازنة على الساحة الدولية، ومن بين هذه الدول من تأذى من حقيقة القطب الواحد، لذا برزت لديها فكرة الانضواء تحت هذه مظلة.

 

وجود منظمة "بريكس" شيء إيجابي جدًا لعالم جديد حسب العجمي (غيتي)

إلى جانب ذلك، تضمن هذه الصيغة نوعا من التوازن في العلاقات الدولية، وكذلك فيما بين الدول الأعضاء، وتتيح لهذه الدول إمكانية التعاون والتعامل بنِدِّية، وتلبية المصالح المتبادلة، والاستفادة القصوى من الإمكانيات التي يتمتع بها كل بلد على حدة.

هذه الصيغة الخلاقة هي أفضل بديل عن الواقع الذي يتحكم فيه قطب واحد، حيث يقوم بفرض رؤيته على الساحة الدولية.

لقد سئمت البشرية من هذا النموذج وهذا الوضع الذي باتت تفرَض فيه على هذه الشعوب والبلدان مفاهيم تختلف مع الطبيعة البشرية وتتناقض معها.

الاقتصاد هو العصب الرئيس للتعاون، سواء على مستوى العلاقات الدولية أو الثنائية أو متعددة الأطراف، وهو كذلك المحرك لعجلة التنمية

من الناحية التاريخية منظمة بريكس لا تزال في بدايتها، هل أثبتت التجربة حتى الآن إمكانية الفصل بين السياسة والاقتصاد؟

الاقتصاد هو العصب الرئيس للتعاون، سواء على مستوى العلاقات الدولية أو الثنائية أو متعددة الأطراف، وهو كذلك المحرك لعجلة التنمية ، وبدون ذلك لا يمكن تأمين تقارب الشعوب بشكل عملي بحيث يعود بالفائدة ويحقق مزيدًا من الرفاهية.

بدون الاقتصاد لا يمكن لعجلة التنمية أن تسير، لا سيما في الواقع الحالي في العالم، حيث السياسة هي التي تتغلب على بقية محاور الحياة.

هل المشاريع الإستراتيجية الجاري الحديث عنها هي ذات طابع ثنائي أم تشمل كافة الأعضاء؟

المشاريع تشمل بطبيعة الحال الدول المنضوية في إطار تحالف "بريكس"، وقد تكون بصيغ متعددة، ثنائية أو أكثر من ذلك. وهي عبارة عن عملية بناء جسور من خلال المشاريع المشتركة.

وتحمل المشاريع الإستراتيجية ضمن إطار "بريكس" أدوات ووسائل لتعزيز التقارب والتكامل بين الدول ومكوناتها الاجتماعية والخاصة، وذلك من خلال إقامة الفعاليات الاقتصادية والثقافية والإنسانية.

وبالنسبة لي، أنا بصدد إقامة فعاليات ثقافية في مدن مختلفة في السعودية تستضيف شخصيات فاعلة ومعروفة من دول بريكس لبناء جسر إنساني وثقافي دائم بينهم.

بالحديث عن المشاريع، ما جدول أعمال زيارتك إلى روسيا؟

المشاريع التي نركز عليها، تهدف إلى تنشيط القطاع الخاص والتركيز عليه ودعمه، بما في ذلك المشاريع التي تحظى بدعم حكومي.

ودورنا في المنظمة هو ربط رجال الأعمال والقطاعات الاقتصادية بعضها ببعض، وتحييد العقبات البيروقراطية التي تمنع أو تؤخر ذلك.

ورؤيتي لتحقيق ذلك تمر عبر التخلي عن علاج المشاكل من خلال "المسكنات" ووضع حلول ناجعة وجذرية.

روسيا بلد لديه إمكانيات هائلة، وهي أقرب إلى العرب والمسلمين من حيث العقلية والذهنية إذا تمت مقارنة ذلك مع بلدان أوروبا الغربية

للأسف، ما زالت البيروقراطية تحكم عمل بعض الحكومات عند الحديث عن المشاريع وتعطل اتخاذ خطوات جادة، لذلك نراهن على تغيير هذه المنهجية والعقلية بحيث يكون الهدف في المنظمة هو تحقيق النجاحات الاقتصادية وغيرها وليس المكاسب السياسية.

أؤكد أنه تتوفر لدينا إمكانيات كبيرة لتحقيق إنجازات يستفيد منها الجميع، وأنا ممن يرفض القبول بالحد الأدنى في الوقت الذي يمكن فيه فعل الكثير.

بالنسبة لروسيا، هي بلد لديه إمكانيات هائلة، وهي أقرب إلى العرب والمسلمين من حيث العقلية والذهنية إذا تمت مقارنة ذلك مع بلدان أوروبا الغربية.

الجهد الآن منصب على تحفيز الاستثمارات الروسية في البلدان العربية والعكس.

إضافة إلى ذلك، لدينا اهتمام كبير بتنشيط السياحة بين روسيا والعالم العربي. ونعكف الآن على إنشاء ناد يتخصص بالجانب السياحي بشكل كامل.

فمع خضوع روسيا للعقوبات الغربية، سيقوم هذا النادي بتسهيل الأمور بشكل مباشر للسياح العرب، سواء من خلال التعريف بميزات السياحة في روسيا والتشجيع على القيام بها، وصولًا إلى وضع منظومة ثابتة لتجاوز أية عقبات أخرى يمكن أن تبرز كالحصول على التأشيرة وعامل اللغة وسهولة التواصل والتحويلات المالية وغيرها.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات المشاریع الإستراتیجیة العلاقات الدولیة من خلال

إقرأ أيضاً:

أسامة حمدان للجزيرة نت: مشروع ترامب لن ينجح وتجربة 48 لن تتكرر

الدوحة- أكد القيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أسامة حمدان أن الخطة التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن تهجير الشعب الفلسطيني وتفريغ قطاع غزة من سكانه تتسق تماما مع المشروع الصهيوني الذي أطلقته حكومة بنيامين نتنياهو قبل أكثر من عامين.

وشدد حمدان، في حوار مع الجزيرة نت على هامش مشاركته في منتدى الجزيرة بالدوحة، على أن الشعب الفلسطيني لن يكرر تجربة الهجرة التي وقعت في أعقاب نكبة 1948، والتي تعلم منها درسا قاسيا، مشيرا إلى أن الفلسطينيين متمسكون بأرضهم ووطنهم وأن مشروع ترامب لن يكتب له النجاح.

وأوضح أن حركة حماس لن تقبل بأي ضغوط، وأن التجربة أثبتت عدم تقديم الحركة تنازلات جوهرية في الصراع مع العدو، مشددا على أن مستقبل المقاومة إلى خير، وأنها في مسار تصاعدي رغم الكثير من الآلام والجراح والتضحيات التي لا بد من بذلها من أجل تحقيق الهدف الأسمى وهو تحرير القدس.

ولم يستبعد القيادي في حماس عودة الجانب الإسرائيلي لاستئناف عدوانه على القطاع بعد تحرير الأسرى الإسرائيليين، موضحا أن كل شيء مع العدو الصهيوني أمر وارد وأن الحركة مستعدة لكل الاحتمالات.

وإلى نص الحوار:

ما قراءتكم لتهديدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتهجير أهالي غزة؟ وهل هو مشروع حقيقي يسعى لتحقيقه؟ إعلان

هذه التهديدات أو الشعارات التي يسوق لها ترامب تتسق تماما مع المشروع الصهيوني الذي أطلقته حكومة نتنياهو مبكرا قبل أكثر من عامين، عندما تحدثت في برنامجها الحكومي عن تهجير الفلسطينيين، حيث ادعى وزير المالية الصهيوني آنذاك أن سر صمود إسرائيل لمدة 76 عاما كان لتهجير الفلسطينيين عام 48 وأن بقاء إسرائيل لا بد أن يتبعه تهجير جديد.

لكن أعتقد أن الذي يطرح مثل هذا المشروع لا يفهم مسألتين، المسألة الأولى هو أنه لا يفهم طبيعة الصراع وتحولاته وديناميكيته الجديدة، والمسألة الثانية هو أنه لا يفهم طبيعة الشعب الفلسطيني الذي لن يكرر تجربة الهجرة التي وقعت عام 48، والتي تعلم منها درسا قاسيا، فالشعب الفلسطيني متمسك بأرضه ووطنه، ولذلك أعتقد أن هذا المشروع لن يكتب له النجاح لأن الشعب الفلسطيني صامد، كما أن حركة المقاومة لا يمكن أن تقبل بهذا فضلا عن الموقف السياسي الفلسطيني العام الرافض لمشروع التهجير.

هل تعتقدون أن هذا الطرح يهدف للضغط على حماس لتقديم تنازلات؟ وكيف ترون مستقبل الحركة؟

تجربة التفاوض خلال عام كامل، أكدت أن الضغط لتقديم تنازلات جوهرية في أصل الصراع مع العدو أمر غير وارد عند حركة حماس، التي أثبتت خلال الفترة الماضية رغم العدوان والقصف المستمر والعدوان لأكثر من 15 شهرا أنها متمسكة بثوابتها وأنها لم تنهزم في المعركة بل خرجت منتصرة.

في كل مرحلة يسأل الجميع عن مستقبل المقاومة، ونحن نقول إن مستقبل المقاومة إلى خير، وإذا نظرنا للمسار العام للمقاومة في فلسطين منذ ثمانينيات القرن الماضي إلى اليوم نجد أنه مسار تصاعدي، رغم الكثير من الآلام والجراح والتضحيات لكنه مسار تصاعدي، وسيوصلنا إن شاء الله إلى هدفنا وهو تحرير القدس.

هناك من يرى أن الاحتلال يعمل على تبادل الأسرى، ومن ثم سيعود إلى فتح المعركة من جديد، ما تقديركم لهذا الرأي؟ إعلان

أرى أن كل شيء وارد مع العدو الصهيوني ولذلك نحن مستعدون لكل الاحتمالات، ولنا تجارب طويلة مع الاحتلال الإسرائيلي، والتي استفدنا منها الكثير من الدروس والعبر حول كيفية التعامل مع المواقف الصعبة، وكيف نخرج من خلالها بمكاسب لقضيتنا وقضية أمتنا العربية فنحن أصحاب قضية عادلة، ولن نتراجع حتى الحصول على حقوقنا المشروعة وبالتالي فنحن على علم تام بالعقلية التي نتعامل معها.

القيادي في حماس: الحركة مستعدة لجميع الاحتمالات مع العدو الصهيوني (الجزيرة) ما الذي تتوقعونه من القمة العربية المقبلة؟

أتوقع من القمة العربية مسألتين أساسيتين، المسألة الأولى هي رفض الأفكار الأميركية والإسرائيلية حول تهجير الفلسطينيين، والمسألة الثانية هي الخروج بموقف عربي داعم للشعب الفلسطيني لحقوقه ولمقاومته، وبرنامج لإعمار قطاع غزة يتبناه العرب، ونحن مستعدون للمساعدة في تنفيذه لأننا في النهاية نريد مصلحة شعبنا كما أننا تابعون لهذه الأمة العربية التي يجب أن تقف لجوارنا وتساند حقوقنا المشروعة وهو ما نتوقعه إن شاء الله.

الاحتلال يركز حاليا على الضفة الغربية، فما الذي يريد تحقيقه هناك؟

المشروع الإستراتيجي الإسرائيلي هو الاستيلاء على الضفة الغربية، التي تم تقسيمها إلى مناطق "أ ـ ب ـ ج" مبكرا، والاحتلال يهدف إلى تحقيق الضم وسيحاول المضي قدما في هذا، وما لم يكن هناك توافق فلسطيني في إطار مشروع وطني لمقاومة هذا المخطط الإسرائيلي، فإن المخاطر ستكون كبيرة جدا، ولذلك فإن الوضع الراهن يحتم علينا التوافق الوطني لمواجهة المخططات الصهيونية في الضفة والقطاع على حد سواء.

هل تتوقع أن ترى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار النور قريبا؟

نحن كحركة حماس من جانبنا سوف نحرص أن ترى هذه المرحلة النور وفق المعايير الفلسطينية، وأعتقد أن خيارات الجانب الإسرائيلي ليست سهلة بمعنى أنه ليس من السهولة عليه أن يخرج من الاتفاق بعد المرحلة الأولى حيث بات لزاما عليه أمام شعبه أن يمضي قدما في الاتفاق حتى تحرير كافة الأسرى بعد أن عاد بعضهم إلى عائلاتهم وبالتالي فإن هناك ضغطا متواصلا من الداخل الإسرائيلي للاستمرار في الاتفاق حتى النهاية، ونحن كحركة حماس من جانبنا ملتزمون بالاتفاق ونتمنى ألا تكون هناك أي خروقات من الجانب الإسرائيلي.

إعلان

ما مستقبل المصالحة بين حماس وفتح؟ وما العقبات التي تقف أمام ذلك؟

أعتقد أننا في حاجة إلى ما هو أعمق من المصالحة، نحن بحاجة إلى إعادة ترتيب البيت الفلسطيني وفق مشروع وطني محدد وواضح، وهو استعادة مشروعنا الأصيل في التحرير والعودة وهو برنامج منظمة التحرير الأصيل.

من وجهة نظري، أعتقد أن العقبة الأساسية التي تقف أمام المصالحة، هو شعور البعض أن هناك فرصة سياسية من خلال التفاوض مع العدو، وأظن أنه بعد طوفان الأقصى فقد بات واضحا أنه لا فرص سياسية مع العدو.

حدثنا عن لجنة الإسناد المجتمعي في غزة وما الذي انتهت إليه؟

حتى الآن لا تزال اللجنة مطروحة على الطاولة من أجل إدارة شؤون قطاع غزة خلال مرحلة مؤقتة لقضية الإعمار، وصولا إلى انتخابات فلسطينية عامة وحتى اللحظة، لا تزال الفكرة قائمة ومطروحة.

مقالات مشابهة

  • أسامة حمدان للجزيرة نت: مشروع ترامب لن ينجح وتجربة 48 لن تتكرر
  • التموين بالقاهرة: الأوكازيون يساهم في تنشيط حركة التجارة الداخلية
  • الراعي: التعددية لم تكن يوماً عائقاً أمام وحدة المجتمع اللبناني
  • العراق يؤكد على ضرورة إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا
  • روسيا: لا نسعى للانضمام مجددا إلى مجموعة السبع الدولية
  • تنشيط السياحي تشارك في معرض ميلانو الدولي
  •  انشطار مُرتقب للدوامة القطبية يؤثر على طقس الشرق الأوسط .. هل تتساقط الثلوج؟ / تفاصيل
  • السيسي ورئيس وزراء ماليزيا يؤكدان ضرورة تكثيف الجهود الدولية لإقامة الدولة الفلسطينية
  • حماس للجزيرة: يجب بدء مفاوضات المرحلة الثانية ومماطلة الاحتلال مرفوضة
  • روسيا تبدي استعدادها لدعم بيلاروس للحصول على العضوية الكاملة في «بريكس»