سجلت المقابر الفرعونية احتفالات المصريين القدماء بعيد النيروز لتمتد جذوره عبر العصور المختلفة فى مصر بالعيد الذى تنفرد به الحضارة المصرية ويختص بها وتأخذ أشكال الاحتفال به بصمة كل عصر وزمان.

وقال أشرف أيوب، الباحث فى التراث القبطى، فى تصريحات لـ«الوطن»، إن المقابر المصرية القديمة سجلت مظاهر الاحتفال برأس السنة المصرية، حيث كان الناس يتبادلون الهدايا ويركبون السفن والقوارب التى تتجول بهم فى نهر النيل وهم يغنون ويعزفون الموسيقى ويرقصون فى احتفال بهيج، مضيفاً أن المصريين القدماء كانوا يعتبرون فيضان النيل علامة على تجدد الحياة، وكان الاحتفال به متزامناً مع رأس السنة القبطية، واستمر هذا التقليد لقرون عديدة، حيث كان شهر توت، وهو الشهر الأول فى السنة القبطية، يشهد احتفالات كبيرة بوصفه بداية العام الزراعى.

وتابع «أيوب» أن «المقريزى» قال عن الاحتفالات بعيد النيروز فى كتابه «المواعظ والاعتبار فى ذكر الخطب والآثار»: «كان النوروز القبطى فى أيامهم من جملة المواسم، فتتعطل فيه الأسواق، ويقل سعى الناس فى الطرقات، وتفرق فيه الكسوة لرجال أهل الدولة وأولادهم ونسائهم والرسوم من المال وحوائج النوروز، ويتم فيه إشعال النيران والتراشق بالماء ويحتفل الأقباط والمسلمون بهذا العيد، ويشاركهم فيه جميع الأمراء وأرباب الأطواق والأنصاف والأعيان من له جاه ورسم فى الدولة».

وتابع: كانت تكلفة ما توزعه الدولة فى هذا الاحتفال، كما ذكر «المقريزى»، أربعة آلاف دينار ذهباً وخمسة عشر ألف درهم فضة.

وأشار إلى أن «ابن المأموم» قال فيما يتعلق بالاحتفالات بعيد النيروز: «وحل موسم النوروز فى التاسع من رجب سنة سبع عشرة وخمسمائة هجرية ووصلت الكسوة المختصة من الطراز وثغر الإسكندرية مع ما يتبعها من الآلات المذهبة والحرير والسوادج وأصناف النوروز هى البطيخ والرمان وعناقيد الموز والسفرجل والبلح والهريسة المعمولة من لحم الدجاج ومن لحم الضأن ومن لحم البقر»، مضيفاً أنه يذكر فى تلك الفترة أنهم كانوا ينصِبون شخصاً ويدعونه «أمير النيروز» ويركبونه حماراً ويجوب به الشوارع والحارات وسط موكب كبير، ويفرض على الناس الرسوم، ومن يرفض يُرش بالماء فى صور تمثيلية، مشيراً إلى أنه قد أُبطل الاحتفال بهذا العيد فى ذلك الوقت، وأُبطلت احتفالات أخرى فى أوقات مختلفة من التاريخ.

وارتبط عيد النيروز مع المصريين بالبلح والجوافة، وربما يرجع ذلك لكثرة وجود هذين النوعين من الفاكهة فى هذه الأيام وتناول الأقباط لهما فى هذه الأوقات، فعلى حسب ذكرهم أن البلح، خاصة البلح الأحمر، يذكرنا لونه بدم الشهداء، وحلاوته تذكرنا بحلاوة الإيمان، وصلابة نواته تذكرنا بقوة الإيمان وصلابة الشهداء، وكذلك الجوافة فإن قلبها الأبيض يشير إلى قلب الشهداء، وبذورها الكثيرة تشير إلى كثرة عددهم.

وأوضح «أيوب» أن هناك اعتقاداً فى بعض قرى سوهاج والمنيا أن من ينظر إلى قرص الشمس فى صباح يوم النيروز، فإنه يرى رأس يوحنا المعمدان فوق طبق، حيث من المعروف أن رأس يوحنا المعمدان قُطعت بالسيف ويُعتبر من الشهداء، متابعاً أن الأقباط يشاركون الطبيعة معهم كالنيل وثمار الفاكهة فى احتفالاتهم الشعبية والمصرية والدينية كنوع من استمرارية الحضارة المصرية.

وقال الدكتور القس داود مكرم، الباحث فى التراث القبطى، إن التقويم القبطى قد اتخذ التقسيم المصرى القديم للسنة لثلاثة فصول، وارتبط بصلوات وطلبات معينة يصليها الكاهن فى صلاة القداس الإلهى، ففى موسم الفيضان الذى يبدأ من 12 بؤونة إلى 9 بابة يصلى الكاهن قائلاً: «تفضل يا رب مياه النهر فى هذه السنة باركها»، أما الموسم الثانى فهو فصل الزرع أو البذر ويبدأ من 10 بابة حتى 10 طوبة، ويصلى الكاهن خلال تلك الفترة قائلاً: «تفضل يا رب الزروع والعشب ونبات الحقل فى هذه السنة باركها»، وفى الفصل الثالث، الذى هو موسم الحصاد من 11 طوبة حتى 11 بؤونة، يطلب خلاله الكاهن ويقول: «تفضل يا رب أهوية السماء وثمرات الأرض فى هذه السنة باركها».

وأشار «مكرم»، خلال بحث له، إلى أنه فى بعض القرى فى صباح عيد النيروز يخرج الأهالى مصطحبين مواشيهم إلى نهر النيل، ولا بد أن تغطس جميع الماشية فى النيل فى هذا الوقت، تيمناً واستبشاراً ببداية سنة جديدة وتبركاً بماء النيل.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: مصر القديمة الأعياد المصريين القدماء الأعياد القبطية فى هذه

إقرأ أيضاً:

كوب الإله بس يكشف أسرارا جديدة.. لغز مذهل عن عظمة المصريين القدماء

لا يزال العالم يتفاجأ بين لحظة وأخرى بالحضارة المصرية القديمة التي تمزج بين الغموض والإبداع، ويكشف العلم أسرارًا جديدة لممارسات المصريين القدماء التي طالما أدهشت العالم، إذ قدمت دراسة حديثة دليلًا مذهلًا على استخدام المصريين القدماء لمزيج فريد من «المواد المهلوسة» والنباتات الطبية في طقوسهم الدينية.

فمن أكواب منحوتة على شكل «الإله بس» إلى مشروبات خاصة من العسل والعرقسوس والخشخاش، تتجلى أبعاد مدهشة من معتقداتهم. فما الذي كان يدفع المصري القديم لاستخدام هذه الوصفات؟ وكيف استخدموا هذه المكونات في عالمهم الروحي؟

العقاقير المهلوسة في الحضارة المصرية القديمة

البحث الذي نُشره في مجلة «ناتشر» و«لايف ساينس» العلمية، أشار إلى أنّ كوبًا عمره 2000 عام قدّم أول دليل مادي على أن المصريين القدماء استخدموا المواد والعقاقير المهلوسة في أثناء ممارساتهم المقدسة، وفي إطار مشروع علم الآثار الخاص بالنظام الغذائي المتوسطي، أجرى فريق دولي من الباحثين تحليلات كيميائية، وتحليل الحمض النووي لمحتويات كوب مصري قديم على شكل «الإله بس»، وبعد كشط جدران الكوب، تأكد أنّ المصريين القدماء استخدموا مواد مهلوسة، للمرة الأولى.

هذا الكوب الذي يعتبر أحد الأكواب المصرية القليلة المتبقية، ويُعد جزءًا من متحف تامبا للفنون منذ عام 1984، وربما يوفر نحت «بس» بعض الأدلة حول كيف كان المصريون يعبدونه باعتباره إله الحماية والخصوبة والشفاء الطبي والتطهير السحري، إذ تساءل العديد من علماء المصريات عن سبب استخدام المصريين لهذا الكوب المنحوت على شكل رأس «بس»، وهل كان ذلك من أجل الماء المقدس، أو الحليب، أو النبيذ.

وقال برانكو فان أوبن، أمين الفن اليوناني والروماني في متحف تامبا للفنون، لجامعة جنوب فلوريدا: «لم يعرف الخبراء ما إذا كان المصريون يستخدمون هذه الأكواب في الحياة اليومية، أو لأغراض دينية، أو في طقوس سحرية»، وبعد مرور 2000 عام، توصلوا إلى اكتشاف مذهل بعد إجراء اختبارات مبتكرة، فقد جمعوا بين سلسلة من التقنيات التحليلية، التي تشبه إلى حد كبير «الكوكتيل» الذي وجدوه داخل الكوب.

وفقًا لبيان صحفي صادر عن جامعة جنوب فلوريدا، لا يزال من الممكن اكتشاف بقايا بيولوجية لمزيج من المواد المخدرة، إلى جانب الكحول، حتى أن المصريين القدماء أضافوا نكهة إلى الإكسير بالعسل وبذور السمسم وجوز الصنوبر والعرقسوس والعنب لجعل المشروب يبدو وكأنّه دم، إضافة إلى بعض النباتات التي تتمتع جميعها بخصائص نفسية وعلاجية، إذ يعتقد الباحثون أنّ هذا الشراب السحري كان مصاحبًا لطقوس الخصوبة، لأن الحمل في العالم القديم كان محفوفًا بالمخاطر.

وقال تاناسي، أستاذ بجامعة فلوريدا: «لا يوجد بحث على الإطلاق توصل إلى ما توصلنا إليه في هذه الدراسة»، إذ ترجح الدراسة أن الناس في العصر اليوناني الروماني كانوا يزورون حجرات «بس» في مصر في سقارة لأداء هذه الطقوس خلال فترة خطيرة من الولادة.

زخرة الخشخاش في الحضارة المصرية

الدكتور عماد مهدي عضو اتحاد الأثريين المصريين والمتخصص في الآثار المصرية القديمة، علق في حديثه لـ«الوطن»، على هذه الدراسة الحديثة والتي لم يتطرق إليها أحد من قبل بحسب تعبيره، مؤكدًا أنّ هذا المشروب يمكن أن يكون جرى استخدامه بالفعل داخل المعبد أثناء طقوس العبادة داخل حجرة «الإله بس» الذي كان يرتبط بالخصوبة.

وأضاف عضو اتحاد الأثريين المصريين، أنّ المصري القديم كان يستخدم زهرة الخشخاش أيضًا، والذي كان شعارًا لـ«سشات» التي يرجع لها الفضل في اختراع الكتابة، إذ كان المصري قديمًا يلجأ إلى المواد المخدرة عن طريق زهرة الخشخاش، فين حين لم يتم التوصل إلى أي معلومات بشأن استخدامها في الحياة اليومية أو داخل المعابد فقط.

وأكد الدكتور عماد مهدي، أنّ هذه الدراسة هي الأولى من نوعها، فلم يتم التوصل إلى مثل هذه النتائج من قبل، بخلاف زهرة الخشخاش فقط، مؤكدًا أنّ الحضارة المصرية دائمًا ما تبوح بالأسرار من حين إلى آخر.

مقالات مشابهة

  • العين تستضيف الحفل الرسمي لعيد الاتحاد الـ 53
  • مدينة العين تستضيف الحفل الرسمي لعيد الاتحاد الـ 53
  • مقابر «كوم الشقافة» إحدى عجائب الدنيا السبع بالعصور الوسطى | صور
  • لجنة إحياء التراث بالحديدة تزور معرض وروضة الشهداء في مربع المدينة 
  • بتوجيهات حمد الشرقي.. الفجيرة تحتفي بعيد الاتحاد الـ53
  • بتوجيهات حمد الشرقي .. الفجيرة تحتفي بعيد الاتحاد الـ53
  • الاحتفالات تعُمُّ البلاد
  • إناء سحري يكشف أسرار المشروبات المهلوسة للمصريين القدماء
  • متنزه مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة يتحول إلى " مقبرة للشهداء " بسبب الحرب
  • كوب الإله بس يكشف أسرارا جديدة.. لغز مذهل عن عظمة المصريين القدماء