إسرائيل تدفن الفلسطينيين «بالحيا» فى المنطقة الإنسانية بصواريخ أمريكا900 مليون دولار من الأحزاب الدينية اليهودية لتمويل الحرب
كانت الساعة تقترب من الثانية والنصف تقريباً من صباح اليوم الـ340 من حرب الإبادة الجماعية الصهيونية للشعب الفلسطينى صاحب الأرض فى قطاع غزة.. الظلام الدامس مطبق على الأنفاس برطوبة البحر الهائج بوحشية آكلى لحوم البشر فى غابات الليل بالأدغال، وعلى الرغم من ذلك كان ساتراً آلاف النازحين النائمين فى الخيام التى مزقها قيظ الصيف وأكلتها قوارض الأرض فى منطقة مواصى خان يونس لطبيعتها الجغرافية التى اكتظت بآلاف الأبرياء ضحايا جحيم الحرب.
فجأة يتحول المشهد إلى نهار بفعل الغارات من قبل حكومة الاحتلال الإرهابية برئاسة «بنيامين نتنياهو» لتفجر المنطقة التى زعمت أنها إنسانية آمنة، فتنفجر رؤوس الصواريخ الأمريكية المحملة بأطنان القنابل المحرمة دولياً على أكثر من 30 خيمة لتحرقها على من فيها وتدفن الناس بالحياة فى رمال غزة على مرأى ومسمع من العالم فى أبشع المجازر المرتكبة فى القطاع.
لقد مسحت قوات الاحتلال عائلات بالكامل ودفنتها أحياء بعمق عشرات الأمتار ومن نجا كان ممزقاً تطايرت أشلاؤه فى الهواء بصواريخ الموت الفاشية التى تستخدم لنسف الجبال فى مشهد متكرر منذ أحد عشر شهراً، استبيح فيها البشر والحجر، كم هو مؤلم أن تعتاد المشهد كأنه روتين، ويتلاشى ضميرك بلا رحمة ولا دين!
أكد الدفاع المدنى فى غزة أن قوات الاحتلال استخدمت فى الهجوم 5 صواريخ تسببت فى دمار شامل للخيام وحفر بعمق تسعة أمتار فى الأرض ما زاد من صعوبة جهود فرق الإنقاذ والطواقم الطبية فى الوصول إلى المتضررين.
مع وجود مكثف لطائرات الاستطلاع الإسرائيلية التى تحلق فوق موقع الغارة، وسط انقطاع كامل للتيار الكهربائى والحرائق الناجمة عن القصف.
وأوضح المتحدث باسم الدفاع المدنى الرائد «محمود بصل»: هناك عائلات كاملة اختفت فى مجزرة المواصى بين الرمال، وأضاف أن القصف على مواصى خان يونس تسبب فى دمار كبير، ونفذ بصواريخ شديدة الانفجار ما خلف 3 حفر بعمق يصل إلى نحو 10 أمتار. وأن المنطقة التى تعرضت للقصف كانت تضم بين 20 و40 خيمة نازحين.
وقال «بصل» إنه لا يمكن تحديد عدد ضحايا القصف على خيم النازحين فى المواصى بخان يونس بسبب استمرار الإبلاغ عن مفقودين جدد.
وقال مدير الاتصال الحكومى فى غزة إسماعيل الثوابثة إن الاحتلال ضرب خيام القماش بصواريخ عملاقة أمريكية الصنع مخصصة لدك الجبال. وأضاف الثوابتة أنه تم تسجيل عشرات الشهداء والجرحى والمفقودين فى خيام النازحين
وقال شهود عيان ومسعفون من الهلال الأحمر الفلسطينى إن الطواقم الطبية تواجه تحديات كبيرة فى انتشال جثث القتلى والمصابين بسبب الدمار الهائل والحفر العميقة.
وكشف المرصد الأورومتوسطى لحقوق الإنسان أن الاحتلال ألقى قنابل أمريكية من نوع «إم كى 84» على تجمع لخيام النازحين فى منطقة مواصى خان يونس، وأضاف أن استخدام عدة قنابل ذات قدرة تدميرية كبيرة وإسقاطها فى أكثر المناطق اكتظاظاً بالنازحين لا يمكن تبريره بأى حال.
قال المرصد الأورومتوسطى لحقوق الإنسان إن المجزرة المروعة التى ارتكبها الاحتلال ضد النازحين فى خيام بالية ضمن المنطقة التى أعلنها إنسانية فى مواصى خانيونس جنوب القطاع دليل إضافى على أن الصمت الدولى على جريمة الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين، مع عدم إبداء مواقف مناسبة مع جرائم القتل الجماعية، يشجع إسرائيل على ارتكاب المزيد من هذه الجرائم.
وأشار إلى أن المنطقة التى تواجدت فيها خيام النازحين عبارة عن كثبان رملية، وبالتالى فإن العديد من الخيام بمن فيها من عائلات كاملة دفنت تحت الرمال.
وشدد الأورومتوسطى على أنه حتى فى حال صحت الادعاءات بتواجد أفراد من فصائل مسلحة فى المنطقة، فإن استخدام عدة قنابل ذات قدرة تدميرية كبيرة وإسقاطها فى منطقة تعد من أكثر المناطق اكتظاظاً بالنازحين المدنيين فى قطاع غزة، وارتكاب مجزرة ضد المدنيين خلال نومهم لا يمكن تبريره بأى حال.
وأشار إلى أن إسرائيل تبقى ملزمة دائماً وبجميع الأحوال بقواعد القانون الدولى الإنسانى، وخصوصاً مبادئ التمييز والتناسب والضرورة العسكرية واتخاذ الاحتياطات اللازمة، والالتزام بحماية المدنيين. ويشمل ذلك اختيار الأسلوب الذى تنفذ به العمليات العسكرية ونوع الأسلحة المستخدمة، بحيث يؤدى إلى الحد الأدنى من الخسائر والإصابات بين المدنيين.
وشدد على أن حالة الصمت والتجاهل التى تمر بها مثل هذه المجازر غير المسبوقة فى تاريخ الحروب كونها تستهدف المدنيين بشكل صرف ومتكرر، مخزية ويندى لها الجبين، وتشكل ضوءاً أخضر لإسرائيل للاستمرار فى ارتكابها ضمن نهج واضح لقتل الفلسطينيين جماعياً والقضاء عليهم.
ونفت حركة حماس فى بيان وجود مقاومين فى منطقة المواصى المستهدفة بخان يونس. وذكرت الحركة أن الاحتلال هو الذى أعلن تلك المنطقة آمنة ثم مضى فى أعمال الإبادة غير مكترث بالقانون الدولى أو الإنسانى وبغطاء كامل من الإدارة الأمريكية الشريكة فى العدوان على الشعب الفلسطينى.
وطالبت الحركة المجتمع الدولى والأمم المتحدة وكل المؤسسات السياسية والإنسانية والقضائية بمغادرة مربع الصمت والعجز، والاضطلاع بمسئوليتها فى وقف هذه المحرقة.
قال مدير مستشفى العودة إن مستشفيات الشمال بحاجة إلى إغاثة عاجلة، وإن تعنت قوات الاحتلال حال دون وصول الوقود والمستلزمات الطبية لمستشفيات شمال القطاع، داعياً المنظمات الدولية لتزويدها بالمستلزمات الطبية.
كما حمل مدير مستشفى كمال عدوان الاحتلال الإسرائيلى المسئولية عن مصير الأطفال الموجودين فى أقسام العناية المركزة. أوضحت وزارة الصحة بغزة أن القصف الإسرائيلى زاد على شمال القطاع ما أثر مباشرة فى الخدمات الصحية.
وزعم الإسرائيلى أنه أغار واستهدف عدداً من المسلحين البارزين التابعين لحركة المقاومة حماس كانوا يعملون داخل مجمع للقيادة والسيطرة فى منطقة إنسانية فى خان يونس، على حد زعم بيان الجيش.
وأضاف البيان أن المسلحين عملوا على التخطيط وتنفيذ عمليات عسكرية ضد الجيش والإسرائيليين. وأشار إلى أنه جرى اتخاذ العديد من الخطوات لتقليل احتمال إصابة المدنيين واستخدمت ذخائر دقيقة ومراقبة جوية ومعلومات استخباراتية إضافية.
ووافق أعضاء الكنيست الإسرائيلى، مبدئياً على زيادة حجم ميزانية 2024 وضخ قرابة 900 مليون دولار، للمساعدة فى تمويل جنود الاحتياط والنازحين نتيجة الحرب فى غزة، فى قرار حظى بدعم من الأحزاب الدينية.
وقالت وزارة المالية إن «التصويت على إضافة 3.4 مليار شيكل (906 ملايين دولار) إلى ميزانية 2024 جرى بأغلبية 58 صوتاً مقابل 52». ويحتاج القرار ليصبح قانوناً نافذاً إلى الموافقة والإقرار عليه فى اقتراعين إضافيين.
وأعلن متحدث باسم موشيه جافنى، رئيس لجنة المالية فى الكنيست وزعيم حزب «يهودت هتوراة» المتطرف، أن «الحزب قرر التصويت لصالح الميزانية هذه المرة»، دون أن يتطرق إلى مصير التصويت فى الجلسات المقبلة.
قال وزير المالية بتسلئيل سموتريتش الذى انتقد المصوتين ضد الميزانية إن «التعديلات التى طرأت على الميزانية ستوفر الظروف المطلوبة لمواصلة الحرب ضد من يسعون لإلحاق الأذى بنا».
وأضاف: «سيكون من الجيد أن ينضم أعضاء المعارضة إلى المسئولية الوطنية، ويصوتوا لصالح الاستمرار فى تمويل الأشخاص الذين تم إجلاؤهم، وجنود الاحتياط، هذه حرب نخوضها معاً».
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: قطاع غزة حرب الابادة الجماعية الصهيونية المتحدث باسم الدفاع المدني انقطاع كامل للتيار الكهربائي الهلال الأحمر الفلسطيني حقوق الإنسان القانون الدولي الإنساني المنطقة التى فى منطقة
إقرأ أيضاً:
وقف إطلاق النار في غزة: انتصار الصمود الفلسطيني
بعد 465 يوماً على طوفان الأقصى، أعلنت قطر التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، وتبادل الأسرى، وانسحاب القوات الغاصبة على مراحل.
لقد تساقطت أجندة اهداف الحرب الصهيونية على غزة، مثل أوراق الخريف، بدءاً من تفريغ الشمال وتهجير أهله، مروراً بخطة الجنرالات، والسيطرة على محور فيلادلفيا، ومعبر رفح إلى الأبد، وانتهاءً بتدمير حماس والقضاء عليها.
لقد فشل الاعتداء الصهيوني على غزة في كسر شوكة الغزيّين وقادة حماس، لقد فشل نتنياهو وجنرالات الحرب، برغم كل الدعم العسكري واللوجستي، والاستخباراتي، في القضاء على المقاومة، المقاومة فكراً والمقاومة عملاً، بل على العكس تماماً، لقد نجحت حماس في ترسيخ فكر المقاومة والصمود والتحدّي في نفوس كل من عاصر هذه الحرب، ليس فقط في وعي شعوب المنطقة، بل في وعي العالم أجمع.
لقد فشلت الدعاية الصهيونية لأول مرة في تاريخ الصراع الفلسطيني الصهيوني، من تكريس دعايتها والظهور بمظهر الدولة الحضارية التي تتعرض للاعتداءات من جيرانها العرب، بسبب وحشيتهم ومعاداتهم للساميّة، لقد فشلت ليس فقط في تكريس الدعاية الزائفة، بل وفشلت فشلاً ذريعاً في مسح صورتها الإجراميّة التي ظهرت بكل وضوح أمام مرأى الجميع، وتم توثيقها على صفحات التاريخ.
لقد شهد العالم لأول مرة في تاريخه مثول دولة الاحتلال الإسرائيلي في قفص الاتهام، أمام محكمة العدل الدولية بل والحكم عليها بارتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينيين، وإصدار مذكرات اعتقال بحقّ قادتها!
وفي سابقة هي الأولى في التاريخ، يتم اختراق الدولة الصهيونية وسقوطه في الاختبار الحقيقي أمام شجاعة وبسالة المقاومة الفلسطينية، حيث ظهر ضعف هذه الدولة المنهارة والمتهالكة أمام العالم وأمام مواطنيها.
ستحتاج دولة الاحتلال إلى عقود طويلة لتعيد هيبتها، وصورتها أمام مواطنيها وأمام جيرانها!
لقد انتصرت غزة بصمودها، وبسالة شعبها، وصبرهم واحتسابهم وإيمانهم أمام أعتى جيوش المنطقة، وأمام دعم عسكري لا حدود ولا نظير له، لقد شهد العالم كيف أن مخازن دولة الاحتلال قد نفدت المرة تلو الأخرى، وهذا الشعب صامد، يلقّن عدوه دروساً في الوطنيّة والصمود على أرضه.
لقد تعرّضت غزة وأهلها للتجويع والحصار، وتدمير المرافق الحيوية وحرمانهم من أساسيات الحياة، المأوى والطعام والعلاج، ولكن أحداً من أهل غزة لم يخرج ليلعن المقاومة أو يشتم الزمن والظروف، بل كانوا جميعهم مثالاً للصمود والصبر والايمان ورباطة الجأش، والسلام مع النفس، رغم الألم ورغم مرارة الحياة، وفقدان الأمل.
ولكن هذا كلّه لم يمنع البعض من القول إن الحسابات على الأرض لا تشير إلى انتصار، بل إلى هزيمة، وهذا هو منطق الخوّافين.
لقد جاء طوفان الأقصى في وقت كانت القضية الفلسطينية على الصعيد الدولي تلفظ أنفاسها الأخيرة.
وفي ظل تصفية القضية سياسياً وقبول العرب بالجارة الجديدة إسرائيل وبدء مسلسل التطبيع المجاني.
ناهيك عن أفول الربيع العربي وتبخّر الرغبة العارمة في التغيير التي اجتاحت الشارع العربي قبل عقد من الزمن.
من ناحية أخرى، فقد نجح حزب الله في التحكّم في مفاصل الدولة اللبنانية وبات يمارس ما يُعرف بالتنمّر السياسي على الجيش وعلى مختلف مؤسسات الدولة.
لكم أن تذكروا أن لبنان بلا رئيس ولا حكومة -باستثناء حكومة تصريف الأعمال – منذ ما يقارب العامين.
أما في سوريا، فكان نظام الأسد المهزوم الذي باع البلد لروسيا وإيران، وميليشيات حزب الله، يسرح ويمرح في البلاد، وهمّه الوحيد البقاء في السلطة، واستمرار الضغط على رقاب المواطنين.
أما عن دولة الاحتلال، فقد وقف نتنياهو قبل أشهر قليلة من بدء الطوفان على منبر الأمم المتحدة، حاملاً خارطة المنطقة مبشراً بحلول السلام والتطبيع مع كل الجيران العرب، دون أي ذكر لدولة فلسطينية أو لشعب يسمى بالشعب الفلسطيني، ولم يعترض حاكم أو مسؤول ولم تخرج جهة إعلامية عربية رسمية لتندّد أو تشجب!
لقد وقف نتنياهو أمام العالم وقال إننا الدولة الأقوى في المنطقة، والأفضل تكنولوجياً على مستوى العالم، وعلى من يريد أن يكون رائداً في مجال الأمن السيبراني والأمن العسكري، فليشتري من بضاعتنا!
هذا هو المشهد قبل السابع من أكتوبر، أيها العقلانيون، فهل هذا أفضل حالاً مما نحن فيه اليوم؟
نحن اليوم أمام نقطة تحوّل في الصراع الفلسطيني مع الاحتلال، لقد عادت فلسطين إلى الواجهة، وتم تسمية الأشياء بمسمّياتها، فقد كشف الطوفان الوجه الحقيقي لسادة العالم أمام شعوبها، وأسقط الأقنعة جميعها.
لأول مرة منذ عقود مضت، يترسّخ في ذهن الفلسطينيين والوطنيين الحقيقيين، أن حلف المقاومة والممانعة لم يكن سوى واحد من أوهام هذا الزمن السيئ الذي جعلنا نتعلق بقشّة، ونركض وراء السراب!
وأن طريق القدس لم يكن يوماً مُعبّداً للطغاة والديكتاتوريين، وأن حال لبنان اليوم، لبنان الدولة، لا دولة الميليشيات ومراكز القوى، هو أفضل بكثير من لبنان الأمس.
وأن سوريا اليوم، سوريا الحرية والديمقراطية، وليس سوريا الأسد، وهذا يصب في مصلحة المنطقة وشعوبها، والأمل قادم أيضاً في إرساء الديمقراطيات الحقيقية في باقي بلدان المنطقة، لأن الربيع العربي الذي عاد من بوابة سوريا، عليه ألا يتوقف.
أما جيل اليوم فلعمري إنه حصان طروادة الذي سيعمل على تغيير وجه العالم والتخلص من الأقليّات الحاكمة التي تخدم المشروع الصهيوني.
إن هذه النهضة الفكرية، ومقدار الوعي الذي نشره صمود أهل غزة في الملايين حول العالم، سيثمر في يوم من الأيام، وسيكون نصراً ودعماً للحق في وجه الطغيان، وإنه لجهاد؛ نصرٌ أو استشهاد!
القدس العربي