مركز كينيدي الفضائي ـ "أ.ف.ب": انطلق ملياردير وطيار وموظفتان في شركة سبايس إكس اليوم من فلوريدا، في مهمة من شأنها أن تمثل مرحلة جديدة في الاستكشاف التجاري للفضاء، إذ ستكون أول رحلة خاصة يتاح لأفرادها التجول في الفضاء. وكتبت الشركة التابعة للملياردير إيلون ماسك عبر منصة إكس "انطلاق بولاريس دون!"، مرفقة الرسالة بصورة التُقطت للصاروخ أثناء انطلاقه من مركز كينيدي للفضاء.

وكان الإقلاع أرجئ مرات عدة خلال الأسبوعين الماضيين، خصوصا بسبب سوء الأحوال الجوية.

وقائد هذه المهمة، المقرر أن تستمر خمسة أيام، والتي تحمل اسم "بولاريس دون" ، هو الملياردير الأمريكي جاريد إيزاكمان، الذي يتعاون منذ سنوات مع "سبايس إكس" ويمول جزئيا الرحلة التي لم يُكشف عن تكلفتها. وترمي الرحلة خصوصا إلى اختبار بزات "سبايس اكس" الأولى المخصصة للتجول في الفضاء، وهي بيضاء وذات مظهر استشرافي. وقال جاريد إيزاكمان في مؤتمر صحافي الشهر الماضي "أتصور أنه في يوم من الأيام، سنرى الكثير من الأشخاص وحتى العائلات يقفزون على سطح القمر ببزات سبايس إكس الخاصة بهم"، مضيفا "شرف كبير أن تتاح لي الفرصة لاختبارها على هذه الرحلة". ومن المقرر أن يُبث الخروج إلى الفضاء مباشرة في اليوم الثالث للمهمة. ويُفترض أن تصعد المركبة الفضائية أولاً إلى ارتفاع 1400 كيلومتر، وهو أبعد ارتفاع تصل إليه طواقم الرحلات الفضائية منذ بعثات أبولو القمرية.

وهذه أول مرة يذهب فيها أي من موظفي سبايس إكس إلى الفضاء، إذ تضم الرحلة في عدادها سارة جيليس، المسؤولة عن تدريب رواد الفضاء في الشركة، وآنا مينون التي عملت سابقا في وكالة ناسا قبل الانضمام إلى سبايس إكس. وبذلك ستكونان المرأتين اللتين تسافران إلى أبعد مسافة من الأرض. والراكب الرابع هو سكوت بوتيت، وهو طيار سابق في القوات الجوية الأمريكية وصديق مقرب لجاريد ايزاكمان. وقد خضع المغامرون الأربعة لتدريبات مكثفة لأكثر من عامين.

أثناء السير في الفضاء، نظرا لأن مركبة "دراجون" من سبايس اكس غير مجهزة بغرفة معادلة الضغط، سيتعرض الطاقم بأكمله لفراغ الفضاء بمجرد فتح فتحة المركبة. وسيبقى راكبان على متن الكبسولة، بينما يتناوب اثنان آخران في الخروج لمدة 15 دقيقة تقريبا لكل منهما. وسيجري طاقم الرحلة حركات لاختبار البزات الجديدة، مع البقاء معلقين بالكبسولة، في أمر "يبدو أشبه بالرقص"، بحسب ايزاكمان. وكان جاريد ايزاكمان، وهو رئيس شركة "شيفت 4"المالية، قد سافر بالفعل إلى الفضاء في عام 2021 ضمن مهمة مدارية أخرى استأجرها من سبايس اكس، وهي "إنسبيريشن 4" التي شكلت أول مهمة لا تضم أي رائد فضاء محترف. وتدشن مهمة "بولاريس دون" برنامج "بولاريس"، الذي جرى الإعلان عنه بضجة كبيرة قبل عامين ونصف عام. بعد مهمة ثانية مماثلة، يُفترض أن تشهد المهمة الثالثة أول رحلة مأهولة لصاروخ "ستارشيب" الضخم التابع لشركة "سبايس اكس"، وهو قيد التطوير حاليا ومخصص للرحلات إلى القمر والمريخ.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: سبایس اکس سبایس إکس فی الفضاء

إقرأ أيضاً:

رحلة الوعي

هل علينا أن نعيد ترجمة بعض الكتب التي سبق لها أن أخذت مكانتها في المكتبة العربية، وشكلت جزءا من وعينا الثقافي والمعرفي، مثلما وجدت صداها لجودتها الفعلية؟ سؤال أجدني منساقا إليه وأنا أقرأ ترجمة جديدة لرواية الكاتب الألماني الكبير هرمان هسه، «سدهارتا»، الصادرة مؤخرا عن «دار الكرمة» في مصر ونقلها إلى العربية سمير جريس. أنساق وفي بالي ترجَمَتي فؤاد كامل وجيزلا فالور حجار (كما ترجمة ثالثة صدرت في دمشق وأعتذر على نسيان اسم الدار التي أصدرتها كما اسم المترجم)، لأسأل: ألم يكن من الأحرى، وبدلا من صرف الجُهد على كتاب حاضر بهذه الكثافة، أن يعمل المترجم على عنوان آخر، وخاصة أن المكتبة العربية، إلى اليوم، ما زالت تعاني من قلة الترجمات على الرغم من هذه النهضة التي نشهدها مؤخرا في نقل ثقافة الآخر إلى لغتنا؟

سؤال مشروع من دون شك، ولكن أيضا، أجد أن إعادة الترجمة، أمر مشروع بدوره، على الأقل لسببين؛ أولا حين تأتي الترجمة من لغة وسيطة، لا شك أنها تثير حساسية ما، لذا لا بدّ أن الترجمة عن اللغة الأصل، سوف تفرد لنفسها مكانة خاصة؛ وهذا أمر بديهي. وإن كان ذلك لا يعني، أن بعض الترجمات عن هذه اللغة الوسيطة، لا يملك حضوره، بل على العكس من ذلك، لأننا نجدها أحيانا ترجمات أكثر من رائعة. أما الثاني، فهي مقولة تي. أس. إليوت الشهيرة: إن علينا أن نعيد الترجمة كلّ عقد من الزمن، لأن اللغة تتغير، لذا فإن الترجمة الجديدة تبث حياة وحيوية في النص من جديد. ربما لهذا السبب نجد أن بعض الدور الفرنسية، مثلا، تعيد من سنوات قليلة ترجمة بعض الكلاسيكيات معتبرة أن اللغة التي نقلت بها أصبحت قديمة لذا من الضرورة إعادة تحديث لغة النص المنقول إليها (راجع مقالتنا عن جيمس بالدوين في «جريدة عُمان» بتاريخ 14 نوفمبر 2023).

في أي حال، أعيد قراءة «سدهارتا» لهرمان هسه، بالمتعة عينها التي اكتشفته بها للمرة الأولى. فهذه الرحلة «التعليمية» التي كتبها واحد من كبار الأدب في العالم، ما زالت تملك قوتها القادرة على أخذنا في رحلة على مشارف الوعي واكتشاف الذات (على الأقل). أقول: رحلة، لأن الرواية (القصيرة أو ربما نوفيلا) تبدو وكأنها كتاب رحلة، أو ربما أيضا أشبه بــ «فيلم على الطريق»، على طريق الحكمة في الهند الذي قام بها الكاتب وهو في حالة من الاضطراب الروحي الكامل. فعلى العكس ممّا يخاله القارئ للوهلة الأولى، فإن سدهارتا ليس بوذا نفسه، ولا حتى مريدا لهذه الشخصية الروحانية الكبيرة الذي تعرض للانتقاد من قبل الشخصية الرئيسية التي قررت عدم اتباع تعاليمه بعد لقائه.

قد تكون قصة هذا الرجل قصة كلّ إنسان، لأننا جميعًا نواجه خلال حياتنا أزمات وجودية تحدث عندما نجد أنفسنا عند مفترق طرق من دون أن نعرف أيهما نتبع في ما بقي لنا من أيام على هذه الأرض. إنه مفترق الطرق الشهير واللقاء المحتمل مع «الشيطان»، وهي قصة رمزية قديمة تمّ تبنيها في جنوب الولايات المتحدة وتجد صداها كثيرًا في أغاني رجال البلوز القدامى. أمام ذلك لا بدّ أن نسأل أنفسنا: أي طريق يجب علينا أن نختار؟ ذلك الذي يسمح للإنسان بالتمتع بالسلع المادية وأن يكون سعيدًا إذا نجح أو لم ينجح عندما يؤدي نقص الوسائل إلى سيطرة الإحباط على حياته. أو ذاك الآخر الخالي من كلّ الطموحات المادية والذي يستطيع أن يجلب السعادة ولكن بعد الكثير من التضحيات. سدهارتا، الذي يرى نفسه ناسكًا، لا يفي بالالتزام الذي قطعه على نفسه لصالح التأمل الداخلي والعوز. فمن أجل حبّ الأميرة، سوف يتذوق هو أيضًا حياة الفخامة والترف. إن الشباب موجود مع احتياجاته ورغباته وأحلامه أيضًا لأن النسغ المتدفق الذي يجري في عروقه يقود الإنسان في أغلب الأحيان، وبخاصة في بداية طريقه، إلى محاولة الاستمتاع بالعناصر بدلاً من الوقوع في التأمل في وجود يتدفق من دون فرح ومن دون شغف.

بيد أن سدهارتا كان يحمل في داخله هذا التساؤل الحيوي الذي يدفعه إلى التخلي عن كلّ شيء، بما في ذلك ابنه حديث الولادة، لمواصلة سعيه نحو الروحانية المطلقة. سيفعل كل شيء لكي يبتعد عن المادية التي تعيق، بالنسبة إليه، كل المشاعر وتقتل تلك الخيرية والأساسية للإنسان. فبالقرب من النهر وتيّاراته الهادئة، سيجد هذا السلام، في الحياة الصارمة التي يتقاسمها مع رفيق خالّ من الخيرات الأرضية، يرافقه في ساعاته الطويلة من التأمل والخشوع والتفكير. من هنا، كان سدهارتا يرتبط بأرواح كل من سبقوه على الأرض، على إيقاع الكون الذي واصل ثورته البطيئة لمليارات السنين. كان فهم هرمان هسه للبوذية والأديان الأخرى التي ازدهرت في الهند في العصور الوسطى صادقًا ودقيقًا بشكل لا يصدق. لم يتم تصوير مدى الحياة أبدًا بشكل جيد كما هو الحال في هذه الرواية الصغيرة التي تلغي ثقل الأسابيع والأشهر والسنوات إلى الحدّ الذي تجعل اللحظة الحالية ضرورية للغاية.

يقدم لنا هرمان هسه في كتابه هذا أحد أعماله الأكثر سهولة على الفهم، لذا تأتي بعيدة مثلا عن روايته المدهشة «لعبة الكريات الزجاجية»، أو عن «ذئب السهوب» التي، بسبب «جفافها» (وإن كان جفافا مدهشا في واقع الأمر)، حبست عقل القارئ في قفص حديدي محاط بسلك شائك. لقد قدم كتاب «سدهارتا» لقرائه حرية ضمير حقيقية، تمامًا كما تقدمه لنا الحياة إذا تركنا وراءنا العقائد التي ورثناها من طفولتنا. ربما نجد أن الرسالة التي ينقلها «سدهارتا» قد لا ترضي العقول الديكارتية التي سرعان ما سوف تتخلى عن قراءتها (أعتقد ذلك)، ولكنها لن تترك العقول الإنسانية المنفتحة غير مبالية، التي غالبًا ما تعاني من عذابات زمنية لا يمكن تصورها لروحها... ثمة عمق جميل لا يمكن أن نمر إلى جانبة مرور الكرام.

ثمة الكثير ممّا يقال عن هذه التحفة الأدبية، وثمة الكثير من الأسئلة التي لا بدّ أن نطرحها على أنفسنا، لكن الأجوبة عليها لن نجدها إلا عبر أنفسنا، لسبب بسيط: لا يكتسب الإنسان مطلقا الحكمة من معلّم، بل بصبر دؤوب ومن تلقاء نفسه، كما يخبرنا هسه نفسه، الذي كان بدوره معلّما عظيما. ولكن ماذا بعد ذلك كله؟ في الحقيقة لا أعرف. ليس علينا سوى أن نعيد قراءة هذه الكتاب مرارا وتكرار. قد نكتشف فيه ما نبحث عنه في هذا العالم المعاصر الذي أضاع بوصلته من دون شك.

مقالات مشابهة

  • الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة والاعتلال الكلوي.. فحص 17 مليوناً و89 ألف مواطن.. الحق في الدواء: خطوة مهمة ونحتاج تكثيفها لتغطية باقي المحافظات
  • إطلاق أول رحلة جوية بين المغرب وأوروبا باستخدام وقود مستدام
  • الخطوط الملكية المغربية تطلق أول رحلة جوية بين المغرب وأوربا خالية من الكربون
  • موعد طرح فيلم الرحلة 404 لـ منى زكي على «نتفليكس»
  • "دلتا" تعرض تعويض ركاب الرحلة المحطّمة في تورنتو بـ 30 ألف دولار لكل راكب
  • مواعيد القطارات المتجهة من القاهرة إلى أسوان.. 28 رحلة على خط الصعيد
  • عاجل| الأهلي يكشف تطورات الحالة الصحية للخطيب.. وتفاصيل الرحلة العلاجية
  • اعلان حظر التجول في النيل الازرق ابتداءً من التاسعة مساء ًوحتى الخامسة صباحاً
  • رحلة الوعي
  • قيود جديدة في "ألبوفيرا" البرتغالية: التجول بملابس السباحة قد يكلفك غرامة مالية تصل إلى 1,800 يورو