الفردوس المحرَّم ليحيى القيسي.. رواية الحفر المعرفي
تاريخ النشر: 10th, September 2024 GMT
لندن ـ "العُمانية": تُشكّل رواية "الفردوس المحرَّم" للكاتب الأردني يحيى القيسي مع روايته "أبناء السماء" ثنائيةً سرديَّة تبحثُ في موضوعاتٍ إشكاليَّة تتعلّق بالماورائيّات، والظواهر العجيبة والغريبة، ضمن واقعيّة سحريّة، قد تبدو لبعض القُرَّاء قادمةً من عالم الخيال، لكنّها تأتي من صلب الواقع وأسراره.
يقول الكاتب عن روايته التي صدرت طبعتها الثالثة عن منصة "ألف كتاب وكتاب" في بريطانيا: "أحاول من خلال هذه الرواية تقديم رؤيتي الخاصّة بالظواهر الخارقة، وأربط ذلك بالعلم أحيانًا، أو بالدين أحيانًا أخرى، فهي تأتي كخلاصةٍ لتأمّلي في هذا الكون وأسئلته الكبرى، وحفري المعرفي".
ووفقًا للقيسي، فإن الرواية "تحاول الإجابة عن الأسئلة المسكوت عنها حول التضليل الذي يُواجه البشر من قوى ظلمانيّة تسعى للسيطرة عليه، وتقديم المعارف المضللة له بديلًا عن المعرفة الحقّة".
نقرأ من أجواء الرواية: "يا لخرابِ هذا العالمِ النَّائم إنْ لم يعرف ما عَرفت! تَقولونَ لي: قد أطلتَ المقدّمات، وملأتنا شوقًا لمعرفةِ ما جرى ويجري، وفكّ ألغازِ العِبارات، وهتكِ أستار التنزّلات، وأنا أمامَ جبلٍ عَظيمٍ، أُفكّر كيفَ يُمكن أن أنقله إليكم قِطعةً قِطعة، وأريكم ما أرى مِنه، نَظرةً بعد نظرة، وصخرةً بعد صخرة، لا بل وذرَّة من بعد ذرّة. أعذركم على قلَّة صبركم، أنتم الّذين لمْ تكتَحِل عُيونكم برؤية تلك الجنَّة المخفيَّة عن النَّاظرين، فكيفَ بي أنا.. بِالسرّ إِن باحوا تُباحُ دِماؤُهم.. وَكَذا دِماءُ العاشِقينَ تُباحُ".
يُذكر أن القيسي أصدر في الرواية: باب الحيرة 2006، وأبناء السماء 2010، والفردوس المحرّم 2015، وبعد الحياة بخطوة 2018، وحيوات سحيقة 2020. بالإضافة إلى ثلاث مجموعات قصصيّة.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
سجال ودي مع نقاد رواية “إعدام جوزيف” الاخير
الدكتور ضيو مطوك ديينق وول
شخص اخر، لم نتعرف عليه، بعد انتهاء التدشين باركني وقال: "بختكم يا جنوبيين جوزيفكم قتل وانفصلتوا، لكن ما يزال جوزيفنا يقتل" مثل هذه التصريحات تدعو للقلق علي مستقبل وحدة السودان وهي محل اهتمام الكل بمافيه كاتب رواية "إعدام جوزيف"واحد من النقاد الذين أثرت مقالاته الرأي العام السوداني هو الأستاذ الصادق علي حسن المحامي، وأجزم بإن انطلاقه كان لسببين اثنين.
السبب الأول هو خلفيته القانونية بحيث يمليه الواجب للتصدي للظلم والاضطهاد والتمييز العنصري اينما حل، سواء الفصل العنصري في جنوب افريقيا أو قتل وتشريد أطفال الفلسطين وهدم منازلهم او العدوان غير المبررعلي أوكرانيا او قتل وتجويع وتشريد الأبرياء في السودان.
لذلك اعتقد بان الصادق علي حسن ليس وحده الذي ينازل المعتدين، فكثير من مدافعي الحريات وحقوق الإنسان يجدون أنفسهم في الخندق معه ضد السلوك غير الإنساني و رواية "إعدام جوزيف" خرجت من هذا الرحم.
الأستاذ الصادق شعر بخطر قادم للسودان و قرر قرع الجرس لأن السكوت في مثل هذه القضايا يهدد وحدة البلاد التي يتطلب التصدي لها بصرامة من قبل المفكرين السودانيين حتي لا يخرج عليهم جنوب سودان آخر في الغرب او الشرق او حتي الشمال. فمطالبته بعدم الانشغال بمقالات تتناول قضية دولة اخري، تقدير خاطئ من الأستاذ جدو مقدم.
السبب الثاني-واتمني أن اكون خاطئًا فيه- هو ميول الاستاذ الصادق علي حسن الواضح لحزب الامة ومحاولاته العنيفة لمواجه كل ما يرد عن دور حزب الامة فيما يحدث في البلاد، من تدهور للعدالة. ظل الأستاذ الصادق يكرر في مقالاته أهمية تنفيذ ما يعرف بالقواعد التاسيسية للدولة السودانية، كمرجعية لوحدة السودان بعد خروج المستعمر الانجليزي-المصري وهي اربع قواعد، علي راسها "استحقاق الفيدرالية للمديرات الجنوبية الثلاث وإقرار لمبدا الحكم الفيدرالي في السودان تؤطر بواسطة الجمعية التاسيسية"، وهي قواعد تمت تجاهلها تماماً من قبل الاحزاب في السودان مقابل برنامج ضيق يخاطب مصالح فئة محددة في البلاد.
هذه القاعدة الرئيسية التي جعلت ابناء جنوب السودان يقبلون بالاستقلال داخل البرلمان، لم تحترم من قبل السياسيين الشماليين، بل وصفوا لاحقا المطالبة بها بالخيانة العظمي. إذن، أين موقف حزب الأمة الذي نال ثقة أهل السودان في اربع انتحابات عامة من هذا التخاذل؟
ما رأي حزب الأمة في اتفاقية اديس ابابا التي حاولت انقاذ وحدة السودان بتطبيق القاعدة الأولي من قواعد التاسيس- الحكم الاقليمي في جنوب السودان- خاصة بعد توقيع الصادق المهدي وثيقة المصالحة الوطنية مع جعفر محمد النميري عام 1977؟
عرف السياسيون السودانيون بعدم احترام المواثيق و عبر عن ذلك السياسي الجنوبي أبيل الير كوي المحامي في كتابه جنوب السودان: التمادي في نقض المواثيق والعهود. وابيل الير هذا تقلد ارفع المناصب الدستورية في عهد نظام مايو بقيادة المشير جعفر محمد نميري، بما في ذلك منصب نائب رئيس الجمهورية ورئيس الحكومية الإقليمية في جوبا.
انفصال جنوب السودان لم يكن عابرا بحيث منح الجنوبيون اخواتهم الشماليين فرصة ستة عقود بعد الاستقلال لتصحيح أخطائهم لكن دون الجدوي.
لحزب الامة برئاسة إلامام الصادق دور اكبر في تآزم الاوضاع بجنوب السودان، وهناك امثلة كثيرة أقلها أحداث مدينة الضعين الذي قتل فيها حوالي مائتي مواطن جنوب سوداني حرقا داخل عربات السكك الحديد وعندما قام اثنان من أبناء السودان الشرفاء- الدكتور سلمان بلدو والدكتور عشاري احمد محمود بتوثيق هذا الحدث الشنيع تعرضا لمضايقات جعلتهما يخرجان من السودان باسرتيهما خوفا على أرواحهم، ولذلك لا اري مجالًا لتبرئة حزب الامة و الامام الحبيب الراحل الصادق المهدي من مأساة اهل جنوب السودان، ودفعهم للانفصال عن السودان.
الاستاذ الصادق علي حسن لم يتعرف علي حقيقة "المجاهدين" او "قوات الدفاع الشعبي" في عهد البشير. هذه القوات كانت موجودة قبل انقلاب الاسلاميين علي السلطة، لكن باسم اخر" المراحيل" خاصة في جنوب دارفور و غرب كردفان ولكن تم تطويرها بعقيدة قتالية جديدة تضع الجهاد في الصدارة في عهد الاسلاميين، وقد تناولنا هذا الامر في المشهد الثاني لرواية "إعدام جوزيف".
في الختام اشكر كل من قدم رأيه في هذه القضية الهامة واحترمه حتي ولو لم أقبل به.