فهم تنوُّع الشخصيات
تاريخ النشر: 10th, September 2024 GMT
عائشة بنت محمد الكندية
كل فرد منَّا يتميَّز بشخصية متفردة، تضم موروثات مكتسبة من البيئة المُحيطة به، وتتشكل هذه الشخصية من مجموعة من الصفات والعادات والقيم والعواطف. يتأثر كل شخص بالأفكار التي يكتسبها من محيطه الاجتماعي والثقافي، مما يؤدي إلى تباين الشخصيات وتنوعها. وفي هذا السياق، تمر علينا في حياتنا مجموعة من الشخصيات المتنوعة من الجنسين، مثل الشخصيات القيادية، التعبيرية، التحليلية، المتفائلة، المتعاونة، المبدعة، إلى جانب الشخصيات النرجسية، المسيطرة، الانتهازية، وغيرها من الشخصيات المُختلفة.
في هذا المقال، سنتناول بعض المميزات والسمات البارزة لبعض الشخصيات. سنبدأ بالشخصية القيادية، والتي تتميز بالثقة العالية والعزيمة، ولديها قدرة واضحة على فرض السيطرة والتحكم بالآخرين. غالبًا ما يكون تركيز هذه الشخصية منصبًا على النتائج، فهي تسعى دائمًا لتحقيق الأهداف بكفاءة. كما أن الشخص القيادي يعتمد على الأدلة والإقناع لدعم وجهات نظره، ويميل إلى إنهاء المهام بسرعة دون التوقف عند التفاصيل الصغيرة.
في المقابل، نجد الشخصيات التعبيرية التي تتميز بالعفوية والمشاعر الطيبة تجاه الآخرين. هذه الشخصيات تتسم بالانفتاح والقدرة على الاستماع لوجهات النظر المتنوعة، مما يجعلها أكثر تقبلًا للآراء المختلفة. إلا أن طبيعة الشخصية التعبيرية قد تؤدي إلى الاندفاع والعفوية، مما يجعلها عرضة للاستغلال من قبل الآخرين بسبب وضوح مشاعرها وشفافيتها.
أما بالنسبة للشخصيات التحليلية، فهي تتميز بالاعتماد على المنطق في تحليل المعلومات واتخاذ القرارات. هذا النوع من الشخصيات يميل إلى التفكير العميق والدقيق، إلا أن التركيز الزائد على التفاصيل قد يؤدي إلى بطء في اتخاذ القرارات وتجاهل الجوانب العاطفية. وبالرغم من ذلك، فإن الشخصية التحليلية تتمتع بالتنظيم العالي في حياتها وتحرص على الدقة والوضوح.
من جهة أخرى، تظهر الشخصية المتفائلة بنظرة إيجابية نحو الحياة، حيث تركز على الأمل وتعمل على نشر الطاقة الإيجابية في محيطها. غالبًا ما تكون هذه الشخصية مصدر إلهام ودعم للآخرين، إذ تواجه التحديات بروح إيجابية، مما ينعكس على الأفراد الذين يتعاملون معها بشكل ملحوظ.
وبالتوازي مع الشخصية المتفائلة، نجد الشخصية المتعاونة التي تحب العمل الجماعي وتجيد الاستماع لآراء الآخرين. هذه الشخصية تتسم بالقدرة على تحقيق الأهداف بشكل مشترك مع زملائها، كما تدعم الأجواء الجماعية وتساهم في تعزيز التعاون بين أفراد الفريق.
أما الشخصية المبدعة، فهي تتميز بشغفها نحو التعلم المستمر واستكشاف أبعاد جديدة من الواقع. هذه الشخصية تمتلك القدرة على التفكير بطرق مبتكرة وخارج الصندوق، مما يجعلها قادرة على التعبير عن الأفكار والمشاعر بأسلوب متميز وفريد.
وعلى الجانب الآخر، نجد بعض الشخصيات التي قد تكون سلبية في تعاملاتها مع الآخرين. من أبرز هذه الشخصيات، الشخصية النرجسية، التي تعتقد دائمًا بأنها تستحق الأفضل وتسعى دائمًا للسيطرة على الآخرين. هذه الشخصيات تسعى للمديح المستمر وتعتقد أن الآخرين يغارون منها، مما يجعل التعامل معها صعبًا في كثير من الأحيان.
في المقابل، هناك الشخصية الانتهازية التي تركز على تحقيق مصالحها الشخصية دون الالتزام بالمبادئ الثابتة. هذه الشخصية تجيد التكيف مع الظروف دون اعتبار للعواقب الطويلة الأمد التي قد تلحق بالآخرين، مما يجعلها تتجنب التفكير في تأثير تصرفاتها على المدى البعيد.
وعلاوة على ذلك، هناك الشخصية الناقدة، التي تتميز بقدرتها على تحديد نقاط القوة والضعف في الأفكار والقرارات. غالبًا ما تميل هذه الشخصية إلى النظر للأمور من زاوية نقدية، مما يجعلها قوية في طرح الأسئلة والتحليل النقدي. ومع ذلك، فإنها قد تكون غير مرغوبة في بيئات العمل بسبب تركيزها الزائد على التفاصيل وانتقادها المستمر.
وفي الختام، نجد أن لكل شخصية دورًا حاسمًا في الحياة العملية والاجتماعية. فهم هذه الشخصيات والتعامل معها بشكل فعال يسهم في بناء فرق عمل متعاونة وتحقيق توازن في العلاقات بين الأفراد؛ إذ إنَّ التعامل مع تنوع الشخصيات يُساعد في تحسين الإنتاجية والانسجام في العمل والمجتمع بشكل عام.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
قانون الأحوال الشخصية في العراق.. تعديل قانوني أم عبودية مقنعة - عاجل
بغداد اليوم- متابعة
أثار تصويت مجلس النواب العراقي مؤخراً على تعديل قانون الأحوال الشخصية جدلاً واسعاً، وسط انتقادات حادة من الأوساط الشعبية والسياسية، حيث يرتبط هذا التعديل بالقانون رقم 188، الذي عمل به العراق منذ عام 1959.
ويرى المعترضون على التعديل، الذي يتضمن بنوداً مثل السماح بتزويج القاصرات، وسلب حضانة الأم، بالإضافة إلى حرمان الزوجة من الإرث في أصل العقار، أنه يشكل انتهاكاً لحقوق المرأة والطفل ويهدد بتداعيات اجتماعية خطيرة.
وترى الخبيرة القانونية، زينب جواد، أن تعديل قانون الأحوال الشخصية يستخدم لغة مشفرة تستهدف المرأة بشكل خاص وتسلُب حقوقها، إذ تحدد بشكل خاص المادة "2" والمادة "10" الفقرة 5 من هذا القانون، التي تقوي سلطة الرجل على المرأة والطفل.
حيث ينص تعديل المادة الثانية على منح رجال الدين سلطة الحاكم الشرعي في عقد القران، ما يتيح لهم عقد زواج الفتيات بسن صغيرة قد تصل إلى 9 سنوات أو حتى أقل، بناءً على مفهوم البلوغ الديني، سواء كان الزواج دائماً أم منقطعاً (مؤقت).
كما أن المادة 10 من القانون المعمول به قبل التعديل تجرّم الزواج خارج المحكمة وزواج القاصرات، وتفرض عقوبات على الأب الذي يزوج ابنته دون السن القانونية وهو 18 عاماً، وعلى الرجل الذي يتزوج فتاة قاصر، والتعديل الذي تم طرحه يلغي هذه المادة وينسفها، وهو ما قد يفتح الباب أمام تداعيات خطيرة.
ومن هذه التداعيات انتشار الأمراض المنقولة جنسياً، بالإضافة إلى تكريس ظاهرة تزويج القاصرات، وهو ما سيؤدي إلى تفشي مشاكل مجتمعية وأمراض نفسية، كما أن هذا التعديل قد يسبب ارتفاعاً في نسب الطلاق، ويرجع بفقدان الأمان الاجتماعي للأطفال، الذين قد ينتهون إلى التشرد بعد انفصال أمهاتهم.
كما يسمح هذا التعديل للرجل بتعدد الزوجات خارج المحكمة وبدون موافقة الزوجة الأولى أو الثانية، مما يشكل هدراً لكرامة وحقوق المرأة بشكل عام، ويزيد من تعميق التفاوت والتمييز في المجتمع.
أما مسألة حضانة الأم، فإن التعديل يترك الحضانة للمدونة الفقهية الخاصة بالمذهب الجعفري، إذ يقوم هذا الفقه على أن تكون حضانة الأم للطفل سنتين فقط، وبعدها تسلب الحضانة من الأم وتذهب إلى الأب، وهو ما تعتبره الخبيرة القانونية "سرقة حق الطفل في أن يحظى بحنان الأم"، وقال بعض الفقهاء إنه من المستحب أن يبقى الطفل مع أمه في السبع سنوات الأولى، ثم تنتقل الحضانة إلى الأب.
أما بالنسبة للإرث، فتعديله وفق هذه المدونة الفقهية يحرم الزوجة من ميراث زوجها في أصل العقار ويكون ميراثها من الأموال المنقولة فقط، وهذا يشكل مخالفة شرعية ودستورية، كما أنه سيسبب مشاكل اجتماعية خطيرة.
وتفصل جواد، أبرز التبعات التي سيخلفها التعديل، ومنها تفكك الأسر في المستقبل، سيما أن الفتيات القاصرات لا يكنّ قادرات على بناء أسر صالحة، ويؤدي التعديل إلى وجود غطاء قانوني للاتجار بالبشر عبر بيع الآباء لبناتهم تحت مسمى الزواج، إذ أن بعض الآباء غير الأسوياء قد يستغلون ذلك لمصلحة شخصية، كما أن حرمان الزوجة من الميراث قد ينتج مشاكل أسرية مستعصية بين الأبناء والأمهات، ما قد ينتهي بالأمهات إلى الإقامة في دور العجزة.
إضافة إلى أن سلب حضانة الأم سيؤدي إلى نتائج كارثية على الأطفال، مما قد يعرضهم للمعاناة النفسية والسلوكية نتيجة انفصالهم عن أمهاتهم في سن مبكرة، هذا التغيير قد يساهم في خلق أجيال قد تكون عرضة للانحرافات السلوكية أو حتى الجريمة.
كما أن منح رجل الدين سلطة الزواج والطلاق يتسبب بتوسيع نفوذ رجال الدين على حساب المؤسسات القانونية ويسبب إرباكًا للدولة، هذا سيؤثر على تطبيق المادة 14 من الدستور العراقي التي تضمن المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات.
رجعية تقيّد حقوق المرأة والطفل
أوضح الناشط الحقوقي، علي عزيز،" أن ما ذهب إليه البرلمان العراقي بشأن قانون الأحوال الشخصية يتضمن تعديلات رجعية في وقت تتجه فيه دول العالم صوب تشريعات قانونية حديثة تتناسب مع تطورات الحياة، في المقابل يعمد مجلس النواب إلى العودة إلى قوانين قديمة تنتهك الحريات الشخصية وحقوق الإنسان حيث وصف هذا التعديل بأنه يشكل خسارة كبيرة للمرأة والطفل.
ويرى عزيز أن هذا التعديل يقيد حرية الإنسان، سيما الفتيات، ويحد من خياراتهن من خلال زواجهن في سن مبكرة، مما يؤدي في المستقبل إلى تورطهن في زيجات غير سليمة، بعيدة عن رغباتهن، ويحرمن من حقهن في التعليم.
كما أن زواج الفتيات، إذا كان سيئاً أو تعرضن فيه للخيانة أو العنف، سيجعل من الصعب عليهن الحصول على الطلاق، إذ ينص التعديل على أن الطلاق لا يتم إلا بموافقة الزوج وولي أمر الفتاة وفقاً للفقه الجعفري، الذي يعتمد عليه التعديل الجديد، هذا يعني منح الزوج صلاحيات مطلقة ويحرم المرأة من حق طلب التفريق.
وبيّن أن هناك جهوداً مدنية وحقوقية، متمثلة في تحالف 188، الذي أعلن عن اتخاذ جملة إجراءات لإيقاف مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية، وتشمل تنظيم وقفات احتجاجية مستمرة، التعاون مع بعض النواب المستقلين لتقديم طعون رسمية بهدف إلغاء هذه التعديلات التي وصفها بالجائرة والتي تمس المجتمع بأسره.
بين فقه الجعفرية وصخب الإعلام
أكد عضو مجلس النواب العراقي عن تحالف الفتح، سالم العنبكي، بأن التعديلات التي تم التصويت عليها في البرلمان بشأن قانون الأحوال الشخصية لا تشمل جميع طوائف المجتمع العراقي بل تتعلق تحديداً بالطائفة الشيعية، ومن الناحية العملية، لا تؤثر هذه التعديلات على الطوائف الأخرى إذ تمثل إضافة لبعض الأحكام التي تخص المذهب الجعفري المعمول به.
وأضاف أن التعديلات المتعلقة بعقد القران وغيرها لا تمس ببنود القانون الذي تعتمده بقية المكونات الاجتماعية، وما حدث من ضجة إعلامية حول تعديل قانون الأحوال الشخصية هو بمثابة تسقيط سياسي، على الرغم من أن هذا التعديل يهدف إلى منح الطائفة الشيعية الحق في اعتماد المذهب الجعفري.
وبيّن العنبكي أن التعديل لن يكون إلزامياً لجميع الأفراد، بل يتيح فقط إمكانية تطبيقه لمن يرغب وفقا للمذهب الجعفري، ويشمل ذلك ما يتعلّق بزواج الفتيات البالغات، إذ أن الشريعة الإسلامية تسمح بتزويج الفتيات عند بلوغهن، وفي المذهب الجعفري يُعتبر سن الـ 14 أو 15 عاماً كحد أدنى للبلوغ، لكن لا يوجد إجبار لولي الأمر على تزويج الفتاة في هذا العمر.
وأوضح أن مسألة زواج الفتيات في سن صغيرة لا تقتصر على العراق فحسب، بل تمثل ظاهرة موجودة في العديد من دول العالم، كما أن هذا التعديل لا يختلف عن قانون الأحوال الشخصية رقم 188 الذي يسمح بتزويج الفتاة في سن الـ 15 بشرط موافقة ولي الأمر والقاضي، وهو ذات الشرط الذي ينص عليه التعديل الجديد، الذي يتعلق بموافقة الولي الشرعي.
ويرى العنبكي أن التهويل الإعلامي حول التعديل لا يتناسب مع فحوى التعديلات، التي تقتصر على إضافة فقرات محددة تتماشى مع أحكام المذهب الجعفري، وهي أحكام معمول بها بالفعل، ولكن لم تكن بشكل قانوني، حيث أن التعديل الجديد يكسب هذه الأحكام صفة قانونية، دون أن يلحق أي ضرر بالطوائف أو الأفراد الآخرين.
عبودية مقنّعة للمرأة
وتعتقد رئيسة منظمة أيسن لحقوق الإنسان، أنسام سلمان، أن تعديل قانون الأحوال الشخصية هو بمثابة عبودية للمرأة وتعد واضح على حقوقها وكرامتها، إذ يعتمد هذا التعديل على المدونات الدينية والفقهية ويرجع بالمجتمع إلى الأحكام العرفية التي تميّز الرجل عن المرأة وتتعارض مع الأحكام الدستورية ومع طبيعة الحياة المدنية.
وأكدت وجود قوانين ذات أهمية بالغة مهملة في رفوف النسيان داخل البرلمان، لم يُعط أعضاء مجلس النواب الأولوية لتشريعها رغم أنها تخدم المجتمع والمرأة، من بينها قانون مناهضة العنف الأسري وقانون مكافحة الابتزاز الإلكتروني، في المقابل كان هناك سعي حثيث لتعديل قانون الأحوال الشخصية بغية تحقيق أهداف انتخابية، خاصة وأنه قانون ذو صبغة دينية.
وأشارت إلى أن الحراك المدني سيستمر لرفض هذا التعديل الذي لا يتناسب مع واقع الحياة الحالي، والذي يمس الحقوق المكتسبة، وترى أن هذه التعديلات مبنية على آراء الفقه الجعفري، وهو ليس من اختصاصه كتابة هذه المدونات الفقهية بل علاقته تختص بشؤون الأسرة فقط.
كما أكدت أن المجتمع بحاجة إلى قوانين تحسن من وضع الأسرة، لا أن تزيده تعقيداً، خصوصاً من خلال جعل أحد أطرافها، وهو الزوج، متمرداً ومنتهكاً لحريات الأسرة.
وقالت إن هذا التعديل يعفي الزوج من نفقة الزوجة في حال طلاقها، كما أنه يفضي إلى الاحتكام لرجل الدين في حال التفريق بين الزوجين الذي سيحكم وفق هذا التعديل المعتمد على الفقه الجعفري، الذي ينتقص من حقوق المرأة، وهذا سيساهم في زيادة زواج القاصرات بشكل كبير وارتفاع نسب الطلاق، حسب قولها.
نداء عالمي.. حماية المرأة من القانون
المواطنة، سارة محمد، أبدت استياءها" من ممارسات مجلس النواب التي تهمش حقوق المرأة وتستبيح إنسانيتها، خاصة وأن هذا التعديل يشكل ضرراً بالغاً للأسرة التي تعد نواة المجتمع.
وأشارت إلى أن مخاوفها ومخاوف أقرانها من النساء كبيرة فيما يتعلق بتعديل قانون الأحوال الشخصية المعتمد على المذهب الجعفري، لما يتضمنه من مساس بحقوق المرأة في جوانب عدة مثل الزواج والطلاق وحقوق الأطفال والإرث.
وطالبت محمد، المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية الدولية التي تعنى بحقوق الإنسان بحماية المرأة من هذه التعديلات في قانون الأحوال الشخصية التي تعزز من تسلط الزوج على المرأة، في ظل غياب أي قانون يحمي حقوقها ويكفل لها الكرامة والاحترام.
المصدر: موقع الحرة