لجريدة عمان:
2025-01-17@19:48:44 GMT

المنظمات الحقوقية، ماذا بقي منها؟

تاريخ النشر: 10th, September 2024 GMT

الحرب العدوانية التي تشنها إسرائيل على الشعب الفلسطيني وهي تقترب من إكمال عامها الأول تضع تساؤلات جوهرية حول دور منظمات حقوق الإنسان العالمية وكيف تتعامل قانونيا وأخلاقيا وإنسانيا مع جرائم الكيان الصهيوني التي تعد إبادة جماعية ترتكب يوميا علاوة على دور محكمة الجنايات الدولية ومحكمة العدل الدولية.

لقد كشفت الحرب العدوانية التي يشنها الكيان الصهيوني على المدنيين في قطاع غزة عن خلل كبير على صعيد تلك المنظمات الدولية الحقوقية، والتي تمارس الضغوط الكبيرة على الدول لأهداف سياسية خاصة ضد الدول العربية وتفرض ضغوطا من خلال سن القوانين والتي تعد منافية للشريعة الإسلامية وضد الهوية الوطنية والعادات والتقاليد الأصيلة.

وكون تلك المنظمات قوى ناعمة تحركها القوى الكبرى خاصة الولايات المتحدة الأمريكية فإن الضغط الحقوقي وفي مجال الحريات يأتي كضغط غير مباشر لتحقيق أهداف سياسية كما هو الحال مع الدول التي تقف مع الحق الفلسطيني المشروع.

إن صوت تلك المنظمات الحقوقية خافت، رغم المجازر البشعة التي يشهدها العالم يوميا من خلال وسائل الإعلام والمنصات الرقمية وشبكات التواصل الاجتماعي. وعلى ضوء ذلك لم تتحرك تلك المنظمات الحقوقية بالمستوى الذي يعبر عن فداحة وخطورة الجرائم الإنسانية التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني رئيس محكمة الجنايات الدولية يقول بأن هناك تهديدات تصل إليه من الكيان الصهيوني حول مسألة إصدار مذكرة اعتقال دولية ضد أحد أكبر مجرمي الحرب في العصر الحديث نتانياهو وحكومته المتطرفة. ومن هنا فإن هناك مؤشرات بأن المحاكم الدولية تتعرض لضغط شديد من الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الإسرائيلي وهو نفس الحالة مع المنظمات الحقوقية التي تتبع الأمم المتحدة كمجلس حقوق الإنسان أو المنظمات المستقلة.

إن المجتمع الدولي بكل مؤسساته القانونية والأخلاقية والإنسانية أصبح عاجزا وهشًّا أمام الضغوطات الكبيرة التي تمارسها الصهيونية العالمية من خلال أدواتها السرية في الغرب ولم يتبق لتلك المنظمات الحقوقية سواء البيانات التي لا تعبر عن حجم المأساة في قطاع غزه وعموم فلسطين.

إن الكيان الصهيوني لم يعد يعير تلك المنظمات الحقوقية أي اهتمام بل إن المندوب الصهيوني في الأمم المتحدة قام بتمزيق ميثاق الأمم المتحدة أمام كل مندوبي الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وأمام شاشات التلفزة وشبكات التواصل الاجتماعي من خلال سلوك يعبر عن قلة الاحترام وعدم المسؤولية، وبأن الكيان الصهيوني كيان لا يلتزم بالقانون الدولي ولا معايير الأمم المتحدة وهذا يعطي مؤشرا بأن الكيان الصهيوني أصبح كيانا فوق كل الاعتبارات ويقوم بعمل الإبادة اليومية دون أن يخشى قادته أي مساءلة قانونية؟

لقد كشفت الحرب العدوانية الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني هشاشة المنظمات الحقوقية وعجزها الواضح عن القيام بدورها المنوط بها. ليس لدي شك أن عددا من تلك المنظمات مسيسة وفق أجندات خفية تقودها الدول الكبرى، بل إن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب قال إن الولايات المتحدة الأمريكية لا تعترف بتلك المنظمات إذا عملت ضد مصالح الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها والكيان الصهيوني هو في مقدمة هؤلاء الحلفاء. وإذا كانت محكمة الجنايات الدولية تعجز حتى الآن عن إصدار مذكرة اعتقال ضد المجرم نتانياهو بل وتهدد إسرائيل رئيس المحكمة كما أشار هو شخصيا في تصريحات أخيرة فإن القواعد الدولية المنظمة لحالة الأمن والاستقرار في العالم قد سقطت وإن شريعة الغاب والقوة العسكرية والهيمنة هي التي يجب أن تسود، وإن مسألة حقوق الإنسان تعتمد على أجندات وضغوط ضد الدول النامية.

مراقبو حقوق الإنسان يسافرون إلى الدول العربية والإسلامية وينددون في تقاريرهم بالانتهاكات وبعدم وجود حرية التعبير والتمييز ضد النساء وغير ذلك من الأمور السلبية في حين أن الحرب العدوانية الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة كشفت جرائم يندى لها جبين الإنسانية والسؤال: هل قامت تلك المنظمات الحقوقية بزيارة فلسطين المحتلة خاصة قطاع غزة؟ وهل تم اتخاذ إجراءات قانونية واقتصادية ضد الكيان الإسرائيلي المحتل؟ وهل بدأت حملة قانونية وحقوقية منظمة ضد مجرمي الحرب في حكومة نتانياهو المتطرفة؟.

في ظل الهيمنة الأمريكية عجزت الأمم المتحدة عن القيام بواجبها القانوني وحماية المدنيين خلال الحرب، بل إن واشنطن هي التي تحمي الكيان الإسرائيلي من إي عقوبات، والأسلحة الأمريكية تتدفق على الكيان الصهيوني وهذا يعني أن واشنطن مشاركة فعليا في حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني. كما أن المحاكم الدولية أصبحت غير قادرة على تنفيذ قرارات الإدانة ضد الكيان الإسرائيلي.

إن المنظمات الحقوقية أصبحت في محل شك كبير والسؤال ماذا بقي لها من دور محوري في حماية حقوق الإنسان التي تتشدق بها في مؤتمراتها وبياناتها؟ إن الحرب الإسرائيلية العدوانية ضد المدنيين في قطاع غزة قد كشفت الخلل الكبير في دور منظمات حقوق الإنسان الدولية وأصبحت المحاكم الدولية تخشى من التهديدات الإسرائيلية، إذن ماهو مصير الملفات القانونية التي تقدمت بها دولة جنوب أفريقيا وعدد من الدول؟ هل تنضم تلك الملفات إلى قرارات مجلس الأمن الدولي الخاصة بفلسطين منذ عام ١٩٤٨؟.

إن العالم يشهد ازدواجية المعايير في التعامل مع القضايا الإنسانية ومع قضايا الحروب، حيث يفقد عشرات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين أرواحهم كل يوم دون أن تتحرك تلك المنظمات الحقوقية والمدنية وهذا يجعل الكيان الصهيوني أكثر استهتارا بالقوانين الدولية وغير مكترث بالبيانات السياسية وهو يواصل آلة القتل اليومية دون رادع. وأصبحت المنظمات الحقوقية والمدنية في محل تساؤل كبير كما هو الحال مع الأمم المتحدة التي عجزت عن إيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزه بالشكل الصحيح علاوة على نقص الأدوات الطبية. وعلى ضوء ذلك فإن المقاومة الفلسطينية تبقى هي الرهان الوحيد مع خروج الملايين من الشعوب الحرة في الشرق والغرب التي تحركت وهي تشاهد تلك الجرائم البشعة التي يرتكبها مجرمو الحرب في الكيان الإسرائيلي، والذين يجب أن يقدموا إلى محكمة الجنايات الدولية. كما أن الولايات المتحدة الأمريكية تظل هي حامية تلك الجريمة الكبرى والإبادة الجماعية والتي تضاف إلى سلسلة سجلها التاريخي في الحروب والغزو العسكري للدول النامية طوال العقود الماضية.

عوض بن سعيد باقوير صحفي وكاتب سياسي وعضو مجلس الدولة

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الولایات المتحدة الأمریکیة محکمة الجنایات الدولیة الکیان الإسرائیلی الحرب العدوانیة الشعب الفلسطینی الکیان الصهیونی الأمم المتحدة حقوق الإنسان قطاع غزة فی قطاع من خلال

إقرأ أيضاً:

داعمة للاحتلال.. ماذا تعرف عن خليفة نواف سلام برئاسة العدل الدولية؟

شكلت استقالة رئيس محكمة العدل الدولية، اللبناني نواف سلام، بعد تكليفه بتشكيل حكومة في بلاده، خبرا سارا لنائبته القاضي الأوغندية جوليا سيبوتيندي، والتي انتقلت صلاحيات رئيس المحكمة إليها.

وكان لافتا أن سيبوتيندي هي الوحيدة إلى جانب قاض إسرائيلي من بين 15 قاضيا في المحكمة، صوتا لرفض العقوبات على الاحتلال الإسرائيلي في الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا العام الماضي.

ورغم أن جيش الاحتلال ارتكب إبادة جماعية على مرأى من العالم، وقتل عشرات آلاف المدنيين، إلا أن القاضي الأوغندية التي قدمت من دولة شهدت حرب تطهير عرقي قبل سنوات،رفضت إدانة الاحتلال.

وهذه هي المرة الثانية التي يصبح فيها منصب شاغر في تاريخ محكمة العدل الدولية، بعد وفاة الرئيس السابق همفري والدوك في عام 1981، حيث تولت نائبة الرئيس تامسين إلياس المنصب الأعلى في لاهاي.

وقال مايك بيكر، المسؤول القانوني السابق في محكمة العدل الدولية، إن القاضي سيبوتيندي ستتولى منصب الرئيس بنفس الطريقة حتى نهاية فترة ولاية سلام المقررة في عام 2027.

وبرغم ذلك، يتيح القانون الداخلي للمحكمة، بإجراء تصويت أو أي آلية أخرى يتوافق عليها أعضاء المحكمة لاختيار رئيس جديد بدلا من نواف سلام.

وقال بيكر، أستاذ القانون المساعد في كلية ترينيتي في دبلن، لصحيفة ذا ناشيونال: "هناك ما يكفي من الغموض بحيث إذا قرروا أنهم يريدون إجراء انتخابات جديدة داخل المحكمة لتعيين شخص جديد كرئيس ومن المحتمل أيضًا نائب رئيس جديد، أعتقد أنهم قادرون على فعل ذلك، لكن هذا لم يحدث من قبل".

ومن شأن وصول الأوغندية سيبوتيندي إلى رئاسة محكمة العدل الدولية، المماطلة أكثر في النظرى بدعوى جنوب أفريقيا وغيرها من الدول ضد حرب الإبادة الجماعية التي نفذها الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة.

وفي رأيها المدافع عن جرائم الاحتلال، كتبت القاضي سيبوتيندي أن إسرائيل اتخذت "إجراءات ملموسة" لتقديم المساعدات إلى غزة وأن محامي جنوب أفريقيا "لم يثبتوا" أي نية إبادة جماعية من جانب الجيش الإسرائيلي. وقالت إن النزاع "في الأساس والتاريخ سياسي" وليس من شأن القضاة في هولندا تسويته.

وأضافت أن أي نية إبادة جماعية "تنفيها" الهجمات التي تشنها إسرائيل على "أهداف عسكرية مشروعة"، والتحذيرات التي توجهها للمدنيين وجهودها لتقديم المساعدات.

وقالت بشكل صريح "إن الفحص الدقيق لسياسة الحرب الإسرائيلية والتصريحات الكاملة للمسؤولين الحكوميين المسؤولين يثبت غياب أي نية إبادة جماعية".

وكانت محكمة العدل الدولية قد أمرت الاحتلال الإسرائيلي بمنع أعمال الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين، وبذل المزيد من الجهود لمساعدة المدنيين.

حينها أصدرت الحكومة الأوغندية بيانا، على لسان ممثلها لدى الأمم المتحدة، أدونيا إيباري، قالت فيه إن القاضية سيبوتيندي "لا تمثل البلاد".

وكانت القاضية سيبوتيندي، أول امرأة أفريقية تشغل منصبًا في المحكمة، قد عارضت أيضًا رأيًا منفصلًا أصدرته محكمة العدل الدولية في تموز/ يوليو 2024 والذي وجد أن وجود إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة غير قانوني.

وقالت إن القضية ترقى إلى "تدقيق جنائي من جانب واحد لامتثال إسرائيل للقانون الدولي". وقد نأت الحكومة الأوغندية بنفسها عن آرائها بشأن إسرائيل.


وباعتبارها رئيسة لمحكمة العدل الدولية، فإنها سوف ترأس جلسات الاستماع في قصر السلام، وسيكون لها صوت مرجح عندما يكون القضاة منقسمين بالتساوي.

كما قال بيكر إنها ستكون "المحرك الرئيسي" لأجندة المحكمة وجدول أعمالها، وستترأس لجنة تتولى صياغة آراء محكمة العدل الدولية ــ ولكن فقط عندما تكون في معسكر الأغلبية.

وقال بيكر "إن من يرأس لجنة الصياغة يلعب دوراً بالغ الأهمية من حيث تحديد كيفية صياغة الحكم وكيفية التعامل مع قضايا معينة. وهذا أمر بالغ الأهمية ــ فبوسع الرئيس أن يختار تسليط الضوء على قضايا معينة أو التقليل من أهميتها في كيفية تعامل المحكمة مع النزاع".

مقالات مشابهة

  • خبير سياسي: المنظمات الدولية متواطئة مع إسرائيل في حربها على غزة
  • عون يؤكد ضرورة التزام الكيان الصهيوني باتفاق وقف إطلاق النار
  • منظمة دولية تدعو لمعاقبة جيش العدو الصهيوني على جرائمة في غزة
  • بريطانيا تدين بشدة اعتقالات موظفي المنظمات وتؤيد حق إسرائيل في الرد على الحوثيين
  • بسبب العدوان على غزة.. آلاف الأكاديميين البلجيكيين يدعون جامعاتهم لإنهاء التعاون مع الكيان الصهيوني
  • ماذا حققت دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية؟
  • داعمة للاحتلال.. ماذا تعرف عن خليفة نواف سلام برئاسة العدل الدولية؟
  • الوكيل العامري يستعرض تدخلات منظمة الهجرة الدولية في وادي حضرموت والصحراء
  • حماس: لم نسلم ردنا على مسودة الاتفاق بسبب تأخر إسرائيل في تسليم الخرائط التي توضح المناطق التي ستنسحب منها
  • الكيان الصهيوني يقتحم قرية قريوت جنوب نابلس