لجريدة عمان:
2025-02-21@09:28:31 GMT

المنظمات الحقوقية، ماذا بقي منها؟

تاريخ النشر: 10th, September 2024 GMT

الحرب العدوانية التي تشنها إسرائيل على الشعب الفلسطيني وهي تقترب من إكمال عامها الأول تضع تساؤلات جوهرية حول دور منظمات حقوق الإنسان العالمية وكيف تتعامل قانونيا وأخلاقيا وإنسانيا مع جرائم الكيان الصهيوني التي تعد إبادة جماعية ترتكب يوميا علاوة على دور محكمة الجنايات الدولية ومحكمة العدل الدولية.

لقد كشفت الحرب العدوانية التي يشنها الكيان الصهيوني على المدنيين في قطاع غزة عن خلل كبير على صعيد تلك المنظمات الدولية الحقوقية، والتي تمارس الضغوط الكبيرة على الدول لأهداف سياسية خاصة ضد الدول العربية وتفرض ضغوطا من خلال سن القوانين والتي تعد منافية للشريعة الإسلامية وضد الهوية الوطنية والعادات والتقاليد الأصيلة.

وكون تلك المنظمات قوى ناعمة تحركها القوى الكبرى خاصة الولايات المتحدة الأمريكية فإن الضغط الحقوقي وفي مجال الحريات يأتي كضغط غير مباشر لتحقيق أهداف سياسية كما هو الحال مع الدول التي تقف مع الحق الفلسطيني المشروع.

إن صوت تلك المنظمات الحقوقية خافت، رغم المجازر البشعة التي يشهدها العالم يوميا من خلال وسائل الإعلام والمنصات الرقمية وشبكات التواصل الاجتماعي. وعلى ضوء ذلك لم تتحرك تلك المنظمات الحقوقية بالمستوى الذي يعبر عن فداحة وخطورة الجرائم الإنسانية التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني رئيس محكمة الجنايات الدولية يقول بأن هناك تهديدات تصل إليه من الكيان الصهيوني حول مسألة إصدار مذكرة اعتقال دولية ضد أحد أكبر مجرمي الحرب في العصر الحديث نتانياهو وحكومته المتطرفة. ومن هنا فإن هناك مؤشرات بأن المحاكم الدولية تتعرض لضغط شديد من الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الإسرائيلي وهو نفس الحالة مع المنظمات الحقوقية التي تتبع الأمم المتحدة كمجلس حقوق الإنسان أو المنظمات المستقلة.

إن المجتمع الدولي بكل مؤسساته القانونية والأخلاقية والإنسانية أصبح عاجزا وهشًّا أمام الضغوطات الكبيرة التي تمارسها الصهيونية العالمية من خلال أدواتها السرية في الغرب ولم يتبق لتلك المنظمات الحقوقية سواء البيانات التي لا تعبر عن حجم المأساة في قطاع غزه وعموم فلسطين.

إن الكيان الصهيوني لم يعد يعير تلك المنظمات الحقوقية أي اهتمام بل إن المندوب الصهيوني في الأمم المتحدة قام بتمزيق ميثاق الأمم المتحدة أمام كل مندوبي الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وأمام شاشات التلفزة وشبكات التواصل الاجتماعي من خلال سلوك يعبر عن قلة الاحترام وعدم المسؤولية، وبأن الكيان الصهيوني كيان لا يلتزم بالقانون الدولي ولا معايير الأمم المتحدة وهذا يعطي مؤشرا بأن الكيان الصهيوني أصبح كيانا فوق كل الاعتبارات ويقوم بعمل الإبادة اليومية دون أن يخشى قادته أي مساءلة قانونية؟

لقد كشفت الحرب العدوانية الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني هشاشة المنظمات الحقوقية وعجزها الواضح عن القيام بدورها المنوط بها. ليس لدي شك أن عددا من تلك المنظمات مسيسة وفق أجندات خفية تقودها الدول الكبرى، بل إن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب قال إن الولايات المتحدة الأمريكية لا تعترف بتلك المنظمات إذا عملت ضد مصالح الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها والكيان الصهيوني هو في مقدمة هؤلاء الحلفاء. وإذا كانت محكمة الجنايات الدولية تعجز حتى الآن عن إصدار مذكرة اعتقال ضد المجرم نتانياهو بل وتهدد إسرائيل رئيس المحكمة كما أشار هو شخصيا في تصريحات أخيرة فإن القواعد الدولية المنظمة لحالة الأمن والاستقرار في العالم قد سقطت وإن شريعة الغاب والقوة العسكرية والهيمنة هي التي يجب أن تسود، وإن مسألة حقوق الإنسان تعتمد على أجندات وضغوط ضد الدول النامية.

مراقبو حقوق الإنسان يسافرون إلى الدول العربية والإسلامية وينددون في تقاريرهم بالانتهاكات وبعدم وجود حرية التعبير والتمييز ضد النساء وغير ذلك من الأمور السلبية في حين أن الحرب العدوانية الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة كشفت جرائم يندى لها جبين الإنسانية والسؤال: هل قامت تلك المنظمات الحقوقية بزيارة فلسطين المحتلة خاصة قطاع غزة؟ وهل تم اتخاذ إجراءات قانونية واقتصادية ضد الكيان الإسرائيلي المحتل؟ وهل بدأت حملة قانونية وحقوقية منظمة ضد مجرمي الحرب في حكومة نتانياهو المتطرفة؟.

في ظل الهيمنة الأمريكية عجزت الأمم المتحدة عن القيام بواجبها القانوني وحماية المدنيين خلال الحرب، بل إن واشنطن هي التي تحمي الكيان الإسرائيلي من إي عقوبات، والأسلحة الأمريكية تتدفق على الكيان الصهيوني وهذا يعني أن واشنطن مشاركة فعليا في حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني. كما أن المحاكم الدولية أصبحت غير قادرة على تنفيذ قرارات الإدانة ضد الكيان الإسرائيلي.

إن المنظمات الحقوقية أصبحت في محل شك كبير والسؤال ماذا بقي لها من دور محوري في حماية حقوق الإنسان التي تتشدق بها في مؤتمراتها وبياناتها؟ إن الحرب الإسرائيلية العدوانية ضد المدنيين في قطاع غزة قد كشفت الخلل الكبير في دور منظمات حقوق الإنسان الدولية وأصبحت المحاكم الدولية تخشى من التهديدات الإسرائيلية، إذن ماهو مصير الملفات القانونية التي تقدمت بها دولة جنوب أفريقيا وعدد من الدول؟ هل تنضم تلك الملفات إلى قرارات مجلس الأمن الدولي الخاصة بفلسطين منذ عام ١٩٤٨؟.

إن العالم يشهد ازدواجية المعايير في التعامل مع القضايا الإنسانية ومع قضايا الحروب، حيث يفقد عشرات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين أرواحهم كل يوم دون أن تتحرك تلك المنظمات الحقوقية والمدنية وهذا يجعل الكيان الصهيوني أكثر استهتارا بالقوانين الدولية وغير مكترث بالبيانات السياسية وهو يواصل آلة القتل اليومية دون رادع. وأصبحت المنظمات الحقوقية والمدنية في محل تساؤل كبير كما هو الحال مع الأمم المتحدة التي عجزت عن إيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزه بالشكل الصحيح علاوة على نقص الأدوات الطبية. وعلى ضوء ذلك فإن المقاومة الفلسطينية تبقى هي الرهان الوحيد مع خروج الملايين من الشعوب الحرة في الشرق والغرب التي تحركت وهي تشاهد تلك الجرائم البشعة التي يرتكبها مجرمو الحرب في الكيان الإسرائيلي، والذين يجب أن يقدموا إلى محكمة الجنايات الدولية. كما أن الولايات المتحدة الأمريكية تظل هي حامية تلك الجريمة الكبرى والإبادة الجماعية والتي تضاف إلى سلسلة سجلها التاريخي في الحروب والغزو العسكري للدول النامية طوال العقود الماضية.

عوض بن سعيد باقوير صحفي وكاتب سياسي وعضو مجلس الدولة

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الولایات المتحدة الأمریکیة محکمة الجنایات الدولیة الکیان الإسرائیلی الحرب العدوانیة الشعب الفلسطینی الکیان الصهیونی الأمم المتحدة حقوق الإنسان قطاع غزة فی قطاع من خلال

إقرأ أيضاً:

العدو الصهيوني يدمّر 89 % من مساجد قطاع غزة

الثورة نت/
أعلنت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية أن العدو الصهيوني دمّر 89 % من مساجد قطاع غزة، وألحق خسائر مالية للقطاع الديني والوقفي تقدر بأكثر من نصف مليار دولار.
وقالت الوزارة في بيان اليوم الثلاثاء: صواريخ وقنابل العدو الإسرائيلي دمّرت (1109) مساجد تدميرًا كليًا أو جزئيًا، من أصل (1244) مسجدًا في قطاع غزة بما نسبته (89%)، حيث بلغ عدد المساجد المدمرة كليًا (834) مسجدًا سويت بالأرض وتحولت إلى أنقاض، وتضرر (275) مسجدًا بأضرار جزئية بليغة مما جعلها غير صالحة للاستخدام، ما أثر بشكل مباشر على أداء الشعائر الدينية وإقامة الصلوات.
وأشارت إلى أن إجرام العدو الإسرائيلي وصل إلى قصف مساجد ومصليات على رؤوسِ المصلينَ الآمنين كما حدث في مصلى مدرسةِ التابعين في مدينةِ غزة، ودمرت آلته الحربية مساجد أثرية وعلى رأسها المسجد العمري الكبير بمدينة غزة.
كما دمرت آلةُ العدوانِ “الصهيونية” (ثلاثَ) (3) كنائسَ في مدينة غزة تدميراً كلياً، وفق وزارة الأوقاف.
ولم يسلم الأموات أيضًا من بطش العدو الإسرائيلي وإجرامه، حيث استهدف (40) مقبرةً، من إجمالي عددِ المقابر البالغةِ (60) مقبرةً، حيث دمرَ (21) مقبرة تدميراً كلياً، و(19) مقبرةً دُمرت جزئياً، وزاد إجرامُه بنبشِ القبور، وسرقةِ جثامينِ الأمواتِ والشهداء، والتمثيلِ بها بطرائقَ همجيةٍ وحشية.
وأشارت إلى أن العدو الإسرائيلي دمر أيضًا (643) عقارًا وقفيًاً.
إضافة إلى ما سبق طال العدوان الصهيوني مؤسسات التعليم الشرعي والعمل الدعوي مما أدى إلى تعطيل خدماتها الحيوية وأثر على آلاف الطلبة والمستفيدين من خدماتها، حيث استهدف قرابة (30) مؤسسةً شرعية.
واستهدف العدو الإسرائيلي أيضًا (30) مقراً إدارياً، على رأسها المقرُ الرئيسُ للوزارة، ومقرُ إذاعةِ القرآن الكريم، ودمرت آلةُ الحربِ “الصهيونية” (20) مركبة تابعةٍ للوزارة كليًا وجزئيًا.
وذكرت الوزارة أن عدد الشهداء الذين ارتقَوا من موظفي وزارة الأوقاف، ودُعاتِها وأئمتِها بلغ (315) شهيدًا، وبلغ عددُ المعتقلين (27) معتقلًا.
وأكدت أنه رغم ضراوة الحرب الصهيونية على قطاع غزة طيلة فترة الحرب لم تتوقف وزارة الأوقاف والمؤسسات الشرعية عن القيام بواجبها حيث بذلت كل ما بوسعها للقيام بالدور المناط بها وذلك من خلال:
ولفتت إلى إنشاء أكثر من (400) مصلى مؤقت في جميع أنحاء قطاع غزة ورفع الآذان وخاصة مخيمات النزوح بالشراكة مع المؤسسات الخيرية لضمان استمرار إقامة الصلوات والجمع والجماعات وعقد حلقات تحفيظ القرآن الكريم.
كما أطلقت ونفذت مشاريع إسناد الدعاة وحلقات تحفيظ القرآن والمحفظين ليتمكنوا من أداء رسالتهم الدعوية والقرآنية خلال الحرب، حيث تم كفالة (500 داعية)، وعقد أكثر من (700) حلقة لتحفيظ القرآن الكريم تضم قرابة (10500) طالبة وطالبة.
وأدانت الوزارة بشدة جرائم الحرب التي ارتكبها العدو الإسرائيلي بحق أبناء شعبنا الفلسطيني وخاصة المساجد ودور العبادة والمقابر وطالبت المؤسسات الدولية بمحاسبته الفورية على هذه الجرام الوضحة ضد الإنسانية.
وحملت العدو الإسرائيلي وكل من يسانده كامل المسؤولية عن استهداف النساء والأطفال والشيوخ والمساجد ودور العبادة والمقابر والعقارات الوقفية.
وناشدت الدول الإسلامية والمؤسسات الشرعية بتحمل مسؤولياتها والعمل على إعادة إعمار ما دمره العدو الإسرائيلي من المساجد والمؤسسات الدينية، لتتمكن من استعادة دورها الحيوي في خدمة المجتمع وتعزيز القيم الدينية والإنسانية.
وأكدت أن وزارة الأوقاف مستمرة بكل ما تملك من مقدرات وكوادر وموظفين بالتعاون مع المؤسسات الشرعية في أداء الرسالة الدينية.
وشددت على أن إعادة إعمار المساجد ليست مجرد ضرورة دينية فقط، بل هي أولوية إنسانية لضمان استمرارية الخدمات التي يقدمها قطاع الأوقاف في مواجهة الظروف القاسية التي يعيشها أهل غزة.

مقالات مشابهة

  • الاقتصاد السوري يحتاج إلى نصف قرن لاستعادة عافيته بعد الحرب التي دمرته
  • الخارجية الفلسطينية تطالب جهات القانون الدولية بتحمل مسؤولياتها تجاه جرائم العدو الصهيوني
  • دولة (٥٦)، في ماذا تضرر منها ابراهيم الميرغني؟!!
  • الكنيست يصادق على مشروع قانون يستهدف المنظمات الحقوقية
  • “الكنيست” الصهيوني يصادق على مشروع قانون يستهدف المنظمات الحقوقية
  • الكنيست يصادق بالقراءة التمهيدية على مشروع قانون يستهدف المنظمات الحقوقية
  • كاتب صحفي: الجيش اللبناني انتشر في الأماكن التي انسحب منها الاحتلال الإسرائيلي
  • العدو الصهيوني يدمّر 89 % من مساجد قطاع غزة
  • خبير عسكري يوضح تأثير النقاط التي لن ينسحب منها الاحتلال جنوب لبنان
  • نشطاء مؤيدون لفلسطين يرشقون مقر بي بي سي بالطلاء الأحمر ويتهموها بالتواطؤ مع الكيان الصهيوني