الأمن الغذائي والمائي.. أولوية حاسمة لدول الخليج
تاريخ النشر: 10th, September 2024 GMT
تثبت التحولات السياسية والاقتصادية والمناخية والأزمات الصحية التي يشهدها العالم أهمية تكثيف دول مجلس التعاون الخليجي اهتمامها بالأمن الغذائي والمائي. وأمام تحول التحذيرات القدمية من السياق النظري إلى الواقع العملي الملموس فإن ضمان توفر الموارد الأساسية مثل الغذاء والمياه لم يعد أمرًا ثانويًا، إن الأمر بات يتعلق بالأمن الوطني والبقاء.
اعتمدت دول الخليج العربي، التي تتميز بالطبيعة الجافة والأراضي القاحلة في الكثير من مساحاتها الجغرافية، خلال العقود الستة الماضية على أقل تقدير على الواردات في تلبية احتياجاتها الغذائية. ووفقًا لتقرير صادر عن منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، فإن أكثر من 85٪ من إمدادات الغذاء في المنطقة مستوردة، مما يجعل هذه الدول عرضة لتقلبات أسواق الغذاء العالمية وانقطاعات سلاسل التوريد وتأثرها بالتحولات السياسية والأزمات الدولية. وسلطت جائحة كوفيد-19 الضوء على هذا الجانب حيث أدت اضطرابات سلاسل التوريد إلى نقص مؤقت في السلع الأساسية، والأمر نفسه في البدايات الأولى من الحرب الروسية الأوكرانية حيث شهدت الأسعار ارتفاعات عالية.
وإضافة إلى تحدي الأمن الغذائي فإن الأمن المائي لا تقل أهميته. وتعتبر دول مجلس التعاون من بين أكثر الدول التي تعاني من نقص المياه في العالم، حيث يقل نصيب الفرد من المياه العذبة المتاحة عن المتوسط العالمي، بل إن ثلاث دول خليجية من بين أكثر عشر دول ندرة للمياه في العالم وفقا لمعهد الموارد العالمية. ورغم فعالية محطات تحلية المياه إلا أنها تحتاج إلى طاقة كبيرة في عملية التحلية خاصة مع تزايد عددها وتزايد الطلب على المياه العذبة في المنطقة وهذا الأمر يضيف تحديات أخرى متعلقة بالاستدامة في المنطقة بأكملها.
تحتاج دول الخليج لمعالجة هذه التحديات الماثلة أمامها الآن إلى تبني نهج متعدد الأوجه يشمل الاستثمار في التقنيات الزراعية المتقدمة، ومبادرات الحفاظ على المياه، وتطوير قدرات الإنتاج الغذائي المحلية القوية. وتقدم التطورات الأخيرة في التكنولوجيا الزراعية، مثل الزراعة الرأسية، والزراعة المائية، حلولا واعدة لزيادة الإنتاج الغذائي المحلي. وتساهم الزراعة الرأسية على سبيل المثال في الحد من اعتماد المنطقة على الغذاء المستورد وتساهم في الممارسات الزراعية المستدامة. وأثبتت بعض التجارب في المنطقة نجاعة مثل هذه الابتكارات الزراعية.
الأمر أيضا يتعلق باستراتيجيات إدارة المياه التي نحتاج أن نحولها في حياتنا جميعا لتكون أولوية قصوى. ما زالت عمليات الري في الدول الخليجية التي تكثر فيها الزراعة مثل سلطنة عُمان والمملكة العربية السعودية تعتمد بشكل كبير على أنظمة الري التقليدية جدا، ورغم أنها أثبتت كفاءاتها في مراحل زمنية مختلفة إلا أن التحولات الجديدة تفرض أنظمة ري أكثر حداثة وأكثر كفاءة في الحد من هدر المياه. ووفقاً لدراسة أجرتها الرابطة الدولية للمياه، فإن تحسين كفاءة الري بنسبة 10% فقط من شأنه أن يوفر على دول الخليج مليارات الأمتار المكعبة من المياه سنوياً، وهو ما يكفي لتخفيف الضغوط المائية بشكل كبير.
بالإضافة إلى هذه الحلول التكنولوجية، ينبغي على دول الخليج أن تسعى إلى إنشاء أطر تعاون إقليمية تركز على الأمن الغذائي والمائي. وبما أن دول الخليج تعتمد بشكل كامل تقريبا على تحلية المياه للحصول على مياه عذبة فلا بد من تكثيف ودعم البحوث العلمية للوصول إلى آليات جديدة تساهم في تقليل الطاقة التي تحتاجها عملية تحلية مياه البحر، بمعنى تكثيف البحوث في تكنولوجيا تحلية المياه وتكثيف البحوث في المحاصيل المقاومة للجفاف. وفي سلطنة عمان نحتاج إلى مشروع وطني جديد يعنى ببناء سدود تغذية على جميع الأودية الكبرى في سلطنة عمان، خاصة في ظل التغيرات المناخية التي تؤثر على عُمان بأعاصير مدارية ومنخفضات جوية متطرفة في كمية سقوط الأمطار ونزول الأودية الجارفة وهذا من شأنه أن يخزن ملايين المكعبات من المياه في باطن الأرض ويعيد تجديد المياه الجوفية بمياه عذبة جديدة.
لم يعد بإمكان دول الخليج أن تتجاهل هذه التحديات وعليها أن توجه استثماراتها في تعزيز الأمن الغذائي حتى عبر مشاريع تقام على أراضٍ عربية آمنة مستقرة، إضافة إلى أهمية دعم البحوث والابتكارات الحديثة التي يمكن أن تساهم في حماية مستقبلنا.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الأمن الغذائی دول الخلیج فی المنطقة
إقرأ أيضاً:
22 مشروعًا زراعيًا في الظاهرة يدعم الأمن الغذائي وزيادة الإنتاج
تعد المشروعات الزراعية أحد أهم المحاور التي تعمل عليها المديرية العامة العامة للثروة الزراعية وموارد المياه من أجل تعزيز منظومة القطاعي الزراعي ومجالات الأمن الغذائي.
وأشار المهندس سالم بن علي العمراني، المدير العام للمديرية العامة للثروة الزراعية وموارد المياه بمحافظة الظاهرة إلى تنفيذ ٢٢ مشروعًا استثماريًّا بمحافظة الظاهرة وذلك بهدف زراعة المحاصيل الاستراتيجية كالقمح، والبصل، والمحاصيل الزراعية الأخرى وذلك بمساحة إجمالية تقدر بـ 3000 فدان بقيمة استثمارية تبلغ 7 ملايين و500 ألف ريال عُماني.
وبيّن أنه يجري حاليًا تنفيذ مشروعات استثمارية لزراعة محصول البصل وذلك ضمن مشروعات الأمن الغذائي بمحافظة الظاهرة، حيث بلغت مساحة المشروع الأول 1000 فدان بينما يبلغ المشروع الثاني 600 فدان.
ووضّح أن المديرية العامة للثروة الزراعية وموارد المياه بمحافظة الظاهرة وقّعت اتفاقية مع شركة ضنك للإنتاج والتسويق الزراعي؛ لتنفيذ مشروع زراعة وإنتاج محصول البصل في ولاية ضنك ضمن المشروع الأول على مساحة 50 فدانًا، وبتمويل من صندوق التنمية الزراعية والسمكية.
وذكر أنه من المتوقع أن يسهم المشروع في تلبية احتياجات السوق المحلية من خلال إنتاج كميات وفيرة من البصل الأحمر تصل إلى 700 طن سنويًّا، كما تنص الاتفاقية على تقديم وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه الدعم الفني والمالي للشركة لتنفيذ مشروع زراعة وإنتاج محصول البصل الأحمر في ولاية ضنك، باستخدام التقنيات الزراعية الحديثة، والمساهمة والمتابعة في تنفيذ المشروع.
وأضاف أنه خلال العام الحالي توجد 30 فرصة استثمارية أخرى تقوم المديرية العامة للثروة الزراعية وموارد المياه بمحافظة الظاهرة بتحضيرها للاستثمار في مختلف القطاعات الزراعية والحيوانية وموارد المياه بالمحافظة.
وأكد المدير العام للمديرية العام للثروة الزراعية وموارد المياه بمحافظة الظاهرة أن مشاريع إنتاج البصل في محافظة الظاهرة تعد خطوة مهمة نحو التقليل من استيراد محصول البصل، والسعي لرفع نسبة الاكتفاء الذاتي من المحصول، وذلك في إطار سعي وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه بالتعاون القطاع الخاص نحو تعزيز الإنتاج الزراعي في سلطنة عُمان، موضحًا أن هذا المشروع يمثل فرصة كبيرة للتوسع في زراعة محصول البصل في سلطنة عُمان، والمشروع يمثل خطوة استراتيجية نحو تعزيز دور القطاع الخاص في التنمية الزراعية في سلطنة عمان.