لجريدة عمان:
2025-04-07@16:54:54 GMT

احترام اتفاقيات جنيف

تاريخ النشر: 10th, September 2024 GMT

ترجمة: بدر بن خميس الظفري -

صادف 12 أغسطس المنصرم الذكرى السنوية الخامسة والسبعين لاتفاقيات جنيف الأربع. وكان من المفترض أن تشكل هذه الذكرى سبباً للاحتفال كما هي العادة، ولكن من الصعب الاحتفال عندما يكون هناك أكثر من 120 صراعا مسلحا مستمرا في العالم اليوم، وما يترتب على ذلك من عواقب إنسانية كارثية. لذا، يجب علينا أن نفكر ليس فقط في السنوات الخمس والسبعين الماضية من الاتفاقيات، ولكن أيضًا أن نسأل أنفسنا كيف نتصور، نحن البشر، السنوات الخمس والسبعين المقبلة.

وكيف يمكننا الحفاظ على المكاسب التي حصلنا عليها بشق الأنفس، التي لم تتحقق إلا بسبب إيماننا بالإنسانية المشتركة، ما أدى إلى اعتماد اتفاقيات جنيف الأربع في 12 أغسطس 1949.

إنّ قوانين الحرب وأعرافها كانت موجودة قبل وقت طويل من كتابة القانون الدولي الإنساني الحديث. وتعود جذورها إلى مئات السنين، حيث نشأت من الممارسات الثقافية والروحية المتنوعة في آسيا والمحيط الهادئ والشرق الأوسط وأفريقيا والأمريكيتين وأوروبا. وتشكل اتفاقيات جنيف الأربع، إلى جانب بروتوكولاتها الإضافية، الأساس للقانون الدولي الإنساني المعاصر.

القانون الدولي الإنساني، باعتباره مجموعة قانونية شاملة، يشمل العديد من المعاهدات الدولية، بما في ذلك اتفاقيات جنيف الأربع. ويتضمن القانون العرفي، الذي ينظم وسائل وأساليب الحرب، ويسعى إلى تقليل المعاناة الإنسانية أثناء النزاعات المسلحة. تحمي كل اتفاقية من اتفاقيات جنيف الأربع فئة خاصة من الأشخاص الذين لا يشاركون أو توقفوا عن المشاركة في الأعمال العدائية. تحمي اتفاقية جنيف الأولى الجنود الجرحى والمرضى في ساحة المعركة، بينما تحمي الثانية جرحى ومرضى وغرقى القوات المسلحة في البحر. وتحمي الاتفاقية الثالثة أسرى الحرب، والرابعة تحمي المدنيين.

إن اتفاقيات جنيف الأربع، التي تم التصديق عليها عالمياً، تجسد لغة مشتركة وقيماً مشتركة وإجماعاً عالمياً على أنه حتى في أحلك اللحظات في التاريخ، يجب على البشرية أن تستمر في الحفاظ على قدر من الإنسانية. ومع ذلك، تواجه الإنسانية اليوم واقعًا مخيفًا يتمثل في عدم الامتثال للقانون الدولي الإنساني.

أصبحت الصراعات المسلحة الحديثة أكثر خطورة منذ فجر القرن العشرين، إذ تتسمُ هذه الحروب بسمات قاتلة مثل: التقدم السريع في تكنولوجيا الأسلحة الفتاكة، وتحول المعارك من الساحات المفتوحة إلى المناطق الحضرية المكتظة بالسكان، والاستخدام الواسع النطاق للأسلحة الثقيلة التي تؤثر على مناطق واسعة، ونزع الصفة الإنسانية عن العدو عمداً من خلال إطلاق تسميات عليه مثل «الإرهابي».

وتؤدي كل هذه العوامل، من بين عوامل أخرى، إلى صراعات مسلحة أكثر فتكًا وأقل إنسانية، ولها عواقب إنسانية مدمرة ومخاطر مثيرة للقلق لانتهاكات القانون الدولي الإنساني.

لا يمكن أن يبقى هذا الوضع على ما هو عليه، فالقيم العالمية للإنسانية لا ينبغي أن تتعرض للخطر بسبب الاستقطاب السياسي. ويتعين على الدول أن تتجنب الوقوع في فخ الاستثنائية، لأن الالتزامات الإنسانية غير قابلة للتفاوض. ولا ينبغي لنا أن نقبل تدمير المدارس والمستشفيات والبنية الأساسية الأساسية باعتباره جانباً لا مفر منه من الصراع. ولا ينبغي لنا أن نسمح بأن يكون قتل العاملين في المجال الإنساني وغير ذلك من انتهاكات القانون الإنساني الدولي شيئا لا مفرّ منه.

قواعد الحرب ليست اختيارية. عندما تُحرق الأرض بشكل عشوائي، وتُرتكب انتهاكات القانون الدولي الإنساني مع الإفلات من العقاب، فإنها تؤجج المزيد من دورات العنف التي غالبًا ما تؤدي إلى صراعات مسلحة طويلة الأمد تمتد لعقود من الزمن. ومن ناحية أخرى، عندما يُحترم القانون الدولي الإنساني، تحتفظ أطراف النزاع ببصيص من الأمل يمكن أن يعيدهم إلى السلام. يتمتع القانون الدولي الإنساني بالقدرة على تغيير سلوك المقاتلين في ساحة المعركة، فالعالم لا يملك أداة أقوى من هذا القانون تحت تصرفه لاستخدامها في أوقات الحرب لحماية المدنيين. وعلى هذا النحو، يجب على الدول أن تفعل كل ما هو ضروري لبناء ثقافة احترام القانون الدولي الإنساني، والتي يمكن تجسيدها في ثلاث ركائز أساسية: التصديق على معاهدات القانون الدولي الإنساني، ودمج القانون الدولي الإنساني في القانون المحلي، ونشر القانون الدولي الإنساني على نطاق واسع بين القوات المسلحة والمدنيين وصناع السياسات. وتعمل هذه الركائز مجتمعة على تعزيز ثقافة احترام القانون الدولي الإنساني، الأمر الذي يؤثر إيجابًا على السلوك في ساحة المعركة أثناء النزاع المسلح.

يتضمن القانون الدولي الإنساني العديد من المعاهدات الدولية التي أنقذت أرواحًا لا حصر لها. وقد أدت المعاهدات التي تحظر وتحد من استخدام الأسلحة إلى منع القتل العشوائي وتشويه المدنيين، مثل اتفاقية حظر الألغام المضادة للأفراد، واتفاقية الذخائر العنقودية، واتفاقية الأسلحة الكيميائية، التي أدت جميعها إلى خفض كبير في عدد الضحايا الناجمة عن هذه الأسلحة.

إن معاهدات الأسلحة هي خطوة نحو السلام؛ وتقليل عدد الأسلحة الفتاكة حول العالم يمكن أن يجعل العالم مكانًا أكثر أمانًا. إنّ الأسلحة التي تسبب إصابات خطيرة محظورة بموجب القانون الدولي الإنساني. وكثيراً ما تسبب هذه الأسلحة ذاتها ندوباً أعمق بكثير من الإصابات الجسدية، التي تحملها أجيال يمكن أن تصبح عائقاً أمام السلام والأمن والاستقرار. يعد تعزيز التصديق على معاهدات القانون الدولي الإنساني أحد أقوى أشكال الدعم والالتزام بالقانون الدولي الإنساني.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن دمج القانون الدولي الإنساني في القانون المحلي والإرشادات العسكرية والمبادئ والمراسيم هو أضمن طريقة لمنع انتهاكات القانون الدولي الإنساني. غالبًا ما يكون تنفيذ القانون الدولي الإنساني متفاوتًا، ولكن عندما تحترم الأطراف القانون، تنقذ الأرواح.

ومن الأهمية بمكان أيضاً مقاضاة مرتكبي انتهاكات القانون الإنساني الدولي. ولا ينبغي لأطراف النزاع أن تعزز ثقافة الإفلات من العقاب. وينبغي إعادة توجيه الموارد والجهود المستخدمة حالياً لتبرير الفظائع نحو محاسبة المسؤولين عنها. ومن واجب جميع الدول الأطراف في اتفاقيات جنيف الأربع قمع الانتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني الدولي جنائياً.

أدت الآثار المدمرة التي خلفتها الحرب العالمية الثانية إلى اعتراف عالمي صارخ بأن الحروب تحتاج إلى قواعد للحد من آثارها المروعة على السكان، وكان هناك إجماع على أن مثل هذه الفظائع «لن تتكرر أبدا». كانت الصين من أوائل الدول التي اعترفت باتفاقيات جنيف في 13 يوليو 1952، وأبرز رئيس مجلس الدولة آنذاك تشو إن لاي ، في رسالته إلى المجلس الفيدرالي السويسري، أن جمهورية الصين الشعبية كانت تعترف بهذه الاتفاقيات لأنها «تؤدي إلى سلام دائم بين جميع الأمم»، وهي رسالة مهمة يجب تكرارها وتذكرها دائما.

وفي سبتمبر 2023، خلال لقائه مع ميريانا سبولجاريك، رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر، أكد الزعيم الأعلى الصيني على أن الإنسانية هي أعظم عامل يمكن أن يوحد الحضارات. إن اتفاقيات جنيف الأربع والمبدأ الأساسي للإنسانية هو مظهر من مظاهر هذا الإجماع الذي نحتاج جميعا إلى أن نذكر أنفسنا به مرة تلو الأخرى.

إن اللجنة الدولية للصليب الأحمر تعمل كوصي على القانون الدولي الإنساني، ولكنها تفتقر إلى السلطة لفرض القانون الدولي الإنساني على الدول التي لا ترغب في الامتثال له. وهناك حاجة ملحة لأصوات قوية في جميع أنحاء العالم للدفاع عن احترام القانون الدولي الإنساني. وكما أكد رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر، يجب على الدول إعطاء الأولوية للقانون الدولي الإنساني في أجنداتها السياسية. وتظل اللجنة الدولية للصليب الأحمر ملتزمة بمساعدة الدول في جهودها لتعزيز الالتزام بالقانون الدولي الإنساني واحترامه، لأن حماية الإنسانية مسؤولية نشترك فيها جميعًا.

بالتازار ستيهلين المبعوث الشخصي للرئيس ورئيس الوفد الإقليمي لشرق آسيا التابع للجنة الدولية للصليب الأحمر، ومقره في بكين.

عن موقع الصين اليوم

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: اللجنة الدولیة للصلیب الأحمر القانون الدولی الإنسانی انتهاکات القانون الإنسانی ا على الدول لا ینبغی یمکن أن

إقرأ أيضاً:

خلال الأربع وعشرين ساعة الماضية.. منطقة تبوك تسجّل أعلى معدلٍ لكميات هطول الأمطار في المملكة

سجّلت منطقة تبوك، أعلى معدلٍ لكميات هطول الأمطار في المملكة بـ “10.8” ملم في طريق الملك عبد الله بتيماء، وذلك ضمن “8” مناطق شهدت هطول كميات متفرقة من الأمطار، فيما سجّلت تيماء “7.0” ملم، والقليبة بتيماء “2.8” ملم، والديسة بضباء “1.6” ملم.

ووفقًا للتقرير اليومي لوزارة البيئة والمياه والزراعة، حول كميات هطول الأمطار في مناطق المملكة كافة، سجّلت “39” محطة رصد هيدرولوجي ومناخي، خلال الأربع وعشرين ساعةً الماضية، هطول أمطارٍ في مناطق “مكة المكرمة، المدينة المنورة، القصيم، الشرقية، عسير، تبوك، نجران، والباحة”.

وأوضح التقرير، تسجيل منطقة مكة المكرمة “9.2” ملم في القضيمة برابغ، و”3.8″ ملم في ذهبان بجدة، و”3.6″ ملم في جامعة الملك عبد الله بجدة، و”2.2″ ملم في ثول بجدة.

فيما سجّلت منطقة عسير “5.8” ملم في الرس ببيشة، و”4.1″ ملم في طريق الملك فيصل بالنماص، و”1.6″ ملم في ثلوث المنظر ببارق، و”1.4″ ملم في ملحه الحباب بطريب.

اقرأ أيضاًالمملكة“اغاثي الملك سلمان” يوزع 2.000 سلة غذائية في السودان

وأشار التقرير، إلى تسجيل محافظة وادي الفرع بمنطقة المدينة المنورة “3.2” ملم في الأكحل، ومحافظة مهد الذهب “2.6” ملم، والحناكية “2.4” ملم، وبلدية بدر في محافظة بدر “1.0” ملم، فيما سجّلت منطقة نجران “3.2” ملم في الحضن بنجران.

وسجّلت منطقة القصيم “1.0” ملم في عقلة الصقور، و”0.6″ ملم في كلٍ من النبهانية، وقبه بمحافظة الأسياح، كما سجّلت كلٌ من المنطقة الشرقية في محطة القطار بحفر الباطن، ومنطقة الباحة في قلوه، “0.8” ملم.

ودعت الوزارة الراغبين في معرفة المزيد من التفاصيل حول كميات الأمطار الهاطلة في جميع مناطق المملكة، خلال الفترة المذكورة زيارة الرابط التالي: https://bit.ly/44cBZxi.

مقالات مشابهة

  • بعد الخسارة أمام فولهام.. كم نقطة يحتاج ليفربول للفوز بالدوري الإنجليزي الممتاز؟
  • بالفيديو.. زكي القاضي: ما يحدث في غزة غير نظرة العالم تجاه القانون الدولي
  • زكي القاضي: ما يحدث في غزة غيّر نظرة العالم تجاه القانون الدولي.. فيديو
  • مركز عين الإنسانية: استهداف المدنيين والأحياء السكنية انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني
  • خلال الأربع وعشرين ساعة الماضية.. منطقة تبوك تسجّل أعلى معدلٍ لكميات هطول الأمطار في المملكة
  • وزارة التعليم تشارك في معرض جنيف الدولي للاختراعات 2025
  • الكشف عن الدولة العربية التي قدمت دعما لحملة القصف على اليمن
  • "التعليم" تنافس بـ134 ابتكارًا في معرض جنيف الدولي للاختراعات
  • المملكة تشارك بـ134 اختراعًا في معرض جنيف الدولي
  • زيلينسكي يكشف أول الدول الأوروبية التي سترسل قوات إلى أوكرانيا