قرار الكرامة في ظِل المهانة!
تاريخ النشر: 10th, September 2024 GMT
سعيدة بنت أحمد البرعمية
ليس من الضرورة أن يمتلك الثائر أسطولًا حربيًا كي يثأر لشرفه أو يُطهّر مقدساته أو يُناصر أخيه، يبدو أنّ هذا ما آمن به البطل الأردني ماهر الجازي حفيد قائد معركة الكرامة مشهور الجازي وعمل على أساسه، وكأنَّ لسان حاله يقول: "دعوني .. إني في أسوأ حالاتي ووحدي أتحمّل ما وصلت إليه قراراتي"؛ فاختار أنْ يتبرأ من عار الأمة العربية بتسجيله للموقف البطولي الذي أفقده حياته ويتم أبناءه وأثكل أمّه ورمّل زوجته وأكسب قبيلته شرفاً جديدًا مضافاً إلى شرف الكرامة بقيادة جده، وهذا ما صُرح به عن أفراد قبيلته عبر شاسات الأخبار بأنّ دم ابنهم ليس أغلى من أطفال غزّة.
ماهر الجازي قناص محترف خدم في العسكرية الأردنية يعي جيدًا ما على المُقاتل تجاه عدوه، تفرّد بقراره ثائرًا لإخوته في غزّة غير مُعترف بلغة الحدود موقنًا بصحة قراره، وهو يعي جيدًا مصيره جرّاء هذه العملية، لكنه أقدم على إعطاء الأمة العربية درسًا بسيطًا في "ضروريات اتخاذ القرار".
كبّلت الدول العربية جيوشها بقيود الحدود الجغرافية في الوقت الذي تحاول فيه إسرائيل السطو على الحدود الجغرافية ذاتها والتوسع فيها، من خلال توسيع رقعة الحرب تحقيقًا للمطامع الكبرى للكيان؛ الأمر الذي جعل بعض الأفراد من الشعوب العربية تتخذ قرارات فردية من بداية الطوفان إلى الآن، كانت أولى القرارات الفردية التي رأيناها في مصر، حينما أقدم شرطي مصري على قتل سائحين إسرائليين ومرشدهما السياحي المصري في مدينة الإسكندرية في أكتوبر الماضي على إثر حرب طوفان الأقصى نصرة لإخوانه في غزّة. وفي مايو الماضي، يُسجل موقف آخر لجندي مصري يتبادل إطلاق النار مع الإسرائيليين على الشريط الحدودي بين مصر وإسرائيل، ليستشهد هو الآخر ويدفع حياته ثمنًا لقراره الفردي الذي تمليه عليه متطلبات الكرامة.
تلك بعض النماذج الفردية لقرارات فردية لبعض من عملوا في الجيش والشرطة آمنوا بأهمية وجودهم وأهمية حملهم للسلاح وأدركوا جيدًا معنى التجنيد في الذود عن الأوطان والثأر للشرف واسترداد المقدسات، سئموا حياة غريبة تعاكس بعجرفتها المهمة العسكرية التي يعملون من أجلها وتناقض ما تدرّب عليه المقاتل، أدركوا في لحظة أنّ لعبة الشطرنج لا تعطي الجندي سوى الموت؛ لذا اختاروا الموت بكرامة وحرية واختاروا لأنفسهم الراحة إلى جوار الشهداء.
لا شك أنَّ القرارات الفردية لن تُحرِّر ما سُلِب، ولن تُسجِّل نصرًا يرفع راية، لكنها قد ترسم صورة أخرى في ذهن من يعمل كعسكري مقاتل، يفهم من خلالها ما يميزه كعسكري عن الشخص المدني؛ الأمر لا يحتاج بدلة عسكرية ولا امتيازات تضاف إلى سجله العسكري، الأمر يحتاج فقط أن يُدرك مهامه وعلى ذلك يبني أهدافه ويتخذ قراراته؛ ففي الوقت الذي تفكر فيه إسرائيل- بالرغم من هزيمتها النكراء في غزّة وتراجع دورها الدولي- في إطالة أمد الحرب والتوغل الجغرافي أكثر في المنطقة، تتدثر الجيوش العربية بما أوتيت من قوة تحت دثار النأي بالنفس، ولا تُسجَّل سوى مواقف فردية لعدد بسيط من الأشخاص آثروا الكرامة على المهانة على حساب أرواحهم التي آمنوا أنها لا تستحق إلا حياة الكرامة، في ظل اعتياد المشهد الدامي والانحلال الإنساني وعجز غير مقبول وتراجع مُخزٍ لدور المحاكم الدولية وتعاظم الإجرام الصهيوني؛ لتصل حصيلة العدوان العسكري الإسرائيلي على قطاع غزّة منذ السابع من أكتوبر الماضي إلى 40988 شهيدًا و94825 مصابًا إلى يومنا.
عمِّي الزير لبِس لباس الحرب
عمِّي الزير لبِس لباس الحرب
هكذا قالت ابنة كُليب حينما لبس عمها الزير سالم لباس الحرب للثأر لأخيه في حرب بكر وتغلب؛ موقنةً بأنَّه حان موعد الثأر.
لا أدري متى يأتي الوقت الذي تلبس فيه جيوش الأمة العربية لباس الحرب بشكل فعلي، كان لباس الحرب معروفًا عند العرب منذ الجاهلية وهو لا يُلبس إلّا وقت الحرب، وارتداؤه يعني القيام الفعلي للحرب؛ ولكن ما يحدث الآن أن الملابس العسكرية يلبسها المُقاتل بشكل يومي حين يذهب إلى عمله العسكري، الذي أصبح لا يختلف كثيرًا عن العمل المدني سوى بارتداء البزّة العسكرية.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
هذه مواصفات صاروخ فجر5 الذي أعلن عنه حزب الله (إنفوغراف)
نشر حزب الله اللبناني، فيديو تعريفي للصاروخ الذي استهدف به مواقع عسكرية للاحتلال في مدينتي حيفا والكرمل، ويحمل اسم "صاروخ فجر5".
ويستخدم الصاروخ والذي دخل الخدمة في حرب 2006، بالقصف المساحي، ولضرب أماكن التحشدات والتعزيزات العسكرية خلف خطوط العدو، ويمكن إطلاقه من منصات ثابتة أو متحركة، ويعمل بالوقود الصلب الثنائي.
وفيما يأتي "إنفوغراف" يوضح موصفات هذا النوع من الصواريخ.