أشار وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بوحبيب إلى أن "لبنان يتعرض منذ أحداث 7 تشرين الأول الفائت لتدمير ممنهج لبشره وحجره حيث قتلت إسرائيل المئات من النساء والأطفال والمسعفين، والطواقم الطبية، والصحافيين والمدنيين، وآخرهم أربعة من عناصر الدفاع المدني وهم يخمدون نيران أشعلتها إسرائيل، وقامت بحرق بساتينه وأشجاره المثمرة ومنها الزيتون المعمر، مستعملة الفوسفور الأبيض سعيا وراء إنشاء شريط حدودي من الدمار غير القابل للحياة لعشرات السنين القادمة، علما أن هذا النوع الأخير من التصرفات والأفعال هو نمط جديد من الإرهاب.

إنه الإرهاب البيئي الذي يهدف إلى تدمير مقومات الحياة وصولا إلى انعدام الحياة البشرية".

وتابع خلال اجتماع الدورة الـ162 لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري: " ألا يستحق هذا الوطن، لبنان، الصغير بجغرافيته، الكبير بعروبته وانتمائه، وانتشاره حول العالم الذي حمل ما لم يحمله أحد من عبء وأوزار القضية الفلسطينية وتبعاتها، بعض الدعم في هذه المرحلة الدقيقة؟ وأنتم كنتم له طوال حقبات وتحديات خلت السند، والشقيق، والملاذ الآمن".

وقال بوحبيب: "نحن اليوم بأمس الحاجة أقله إلى وجودكم المعنوي إلى جانبنا عندما نقصف، وتدمر أحياؤنا، وقرانا، وسهولنا، ويقتل بناتنا وأبناؤنا. فندائي لكم اليوم بأن تبقوا إلى جانبنا، كي يبقى لبنان وطن العرب، كل العرب، بدل تركه وحيدا. فنحن نتألم بصمت، ونحتاج إلى دعم عربي نفتقده، وغطاء ومظلة عربية، في هذه اللحظات الصعبة. فالفراغ العربي في لبنان مدمر لحيثية وطن الأرز، وتوازناته، ووجوده".

أضاف: "أما في ما يتعلق بأجداث غزة وانعكاساتها على المنطقة، فلا أخفي عليكم بأننا نشعر بالخجل، والألم، عندما نستلم أو تصل إلى مسامعنا من دول أوروبية اقتراحات وحلول وأفكار من أطراف عربية تتعلق بحلول للوضع الحالي في غزة دون أن يتم التشاور أو التنسيق في ما بيننا، علما أن دول الجامعة الـ22 معنية بمخرجاتها وإنعكاساتها".

وتابع: "كما أننا ندعوكم إلى التفكير جديا ماذا سنفعل في حال عدم التوصل إلى وقف إطلاق نار في غزة، بعد أن تحول هذا الأمر إلى ما يشبه القصة الشهيرة في الأدب العالمي "بانتظار غودو"، الشخص الموعود وصوله الذي لن يأتي أبدا. فهل سنبقى جالسين على رصيف انتظار وقف إطلاق النار، بالرغم من كل المساعي الصادقة والمتواصلة التي يبذلها الأشقاء في جمهورية مصر العربية، ودولة قطر، والدور التاريخي للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية في مجلس الأمن الدولي. ألم يحن الوقت بعد للتفكير معا بالخطة "ب" أو الخطة البديلة، كي لا تتحول منطقتنا إلى مستنقع للتطرف الأعمى، وخليط من الحقد، والدمار، والخراب".

واردف: "رغم الإيجابية التي سادت صباح اليوم إجتماع لجنة الإتصال الوزارية العربية حول سوريا، وبعد أن كانت الجامعة العربية سباقة في اعتماد نهج أكثر واقعية لمعالجة الأزمة السورية، نرى اليوم ثماني دول أوروبية، تطالب الاتحاد الأوروبي بإعادة النظر في سياسته تجاه سوريا. كذلك، تجري حاليا اجتماعات في أوروبا لمناقشة هذه المسألة، بعد أن قامت بعض الدول الأوروبية بإعادة مد الجسور مع سوريا، في حين انكفأت مجموعتنا العربية عن التواصل والحوار حيث اجتمعنا مرة واحدة فقط، قبل إجتماعنا اليوم، لمتابعة هذا الموضوع".

وختم: "تبقى فلسطين القضية الأم لكل لدول العربية، ومفتاح الإستقرار في منطقتنا. علينا التفكير سويا بكيفية استثمار الوزن العربي في العالم ومقدراتنا السياسية، والإقتصادية، والمالية، للوصول سريعا الى حل عادل، ومشرف للقضية الفلسطينية يعيد الحقوق الى أصحابها، ويؤمن السلام والإستقرار في الشرق الأوسط وفقا" لمبادرة السلام العربية الصادرة عن قمة بيروت لعام 2002. فنحن نخشى من استمرار الوضع على ما هو عليه مما سينعكس سلبا ليس فقط على دول الجوار كما هو الحال الآن، بل ستتدحرج الأمور كأحجار الدومينو لتطالنا بالسوء جميعا، ولو بعد حين". 

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

معرض الكتاب العربي العاشر في صور.. ثقافة تقاوم الدمار الإسرائيلي

لمعرض الكتاب العربي بنسخته العاشرة طعم مختلف هذا العام، إذ أتى بعد حرب إسرائيلية مدمرة على لبنان وغزة، إلا أن المنظمين أصروا على إحيائه هذا العام من مدينة صور جنوبي لبنان، التي لا تزال أنقاض منازلها شاهدة على التدمير الإسرائيلي الممنهج للمدينة ولكل الجنوب اللبناني.

المعرض، الذي افتتحت أبوابه بدعوة من جمعية "هلا صور" الثقافية الاجتماعية، ويستمر لمدة أسبوع في الجامعة الإسلامية في صور، حمل شعارا هذا العام: "من جنوب لبنان تحية إلى غزة.. وحدة الدم والمصير"، تأكيدا على التزام الجنوبيين بالقضية الفلسطينية ونصرتهم لأهالي غزة الجريحة، التي لا تزال تتعرض يوميا لشتى أنواع الاعتداءات الإسرائيلية أمام صمت العالم.

فعاليات لبنانية وفلسطينية وعربية شاركت في معرض الكتاب العربي العاشر في صور (الجزيرة) أصداء إيجابية للمعرض

المعرض، الذي ضم مئات الكتب المتنوعة لكتاب من مختلف دول العالم، خصصت أقسام منه للقضيتين الفلسطينية واللبنانية، حيث أكد رواده أهمية الكتاب في نشر الثقافة بين الأجيال الصاعدة، وفي حفظ تاريخ ونضالات الشعبين اللبناني والفلسطيني، حتى لا يمحوها الزمن ولا تنساها الأجيال.

الناشطة الحقوقية الفلسطينية سوسن كعوش نوهت بالمعرض وما يحمله من رسالة دعم لأهل غزة، وأكدت للجزيرة نت أن المقاومة لا يمكن أن تستمر دون ثقافة، ثقافة تاريخ وجغرافيا الأرض التي ننتمي إليها، وشددت على أهمية إقامة المعارض والندوات التعليمية والثقافية بشكل دائم، لتتثقف الأجيال ويترسخ لديها مفهوم المقاومة، فالثقافة هي أساس النضال في القضايا الإنسانية والحقوقية.

إعلان

وعن مكان إقامة المعرض في مدينة صور، ترى الناشطة الحقوقية الفلسطينية أن صور تعد نقطة تحول في القضية الفلسطينية، وتقول: "دمنا واحد، وحدودنا وهواؤنا أيضا، وكوني فلسطينية، عندما أشم هواء صور، أشعر كأنني أستنشق هواء فلسطين".

جناح يضم عشرات الصور الأرشيفية لفلسطين توثق التراث الفلسطيني وانتهاكات الاحتلال منذ عام 1948 (الجزيرة)

بدورها، شكرت زينب حايك الجهة المنظمة وكل من عمل على إنجاز المعرض، وأكدت للجزيرة نت حاجة المجتمع اللبناني لهذا النوع من المعارض، لأنها تبعث على العزيمة والإصرار على الصمود في وجه الاحتلال، والاستمرار في الحياة. وتقول: "هذا المعرض يعد تحديا كبيرا للعدو، لأن بقاءنا في أرضنا هو في حد ذاته مقاومة، وسنظل هنا مهما بلغت التضحيات".

الرسالة من هذا المعرض هي أن المقاومة ليست بالسلاح فقط، بل بالقلم والكلمة والكتاب، فالغزو الثقافي أخطر من احتلال الأرض، هذا ما تؤكده المديرة التنفيذية للمعرض عائدة خليل في حديثها للجزيرة نت. وتلفت إلى أن هذا المعرض هو نتاج 10 سنوات من العمل، ويضم إصدارات متنوعة من روايات وكتب سياسية ودينية وثقافية وكتب خاصة بالأطفال.

وتقول خليل: "المعرض هذا العام خصص لغزة، وهذا ما يمنحه طابعا خاصا، وهي رسالة تضامن من لبنان إلى شعب غزة الأبي والصامد، وبأننا سنقاوم بالثقافة أيضا، لنواجه جميع أنواع الاضطهاد التي تتعرض لها شعوبنا، سواء من الغرب أو من الاحتلال الإسرائيلي".

حضور حاشد في أول يوم لمعرض الكتاب العربي العاشر في صور (الجزيرة) توقيع لإصدرات ضمن المعرض

كان لافتا حضور الكتاب مع إصداراتهم الجديدة لتوقيعها ضمن فعاليات المعرض، وخاصة الكتاب الشباب. وكانت ريم زيتون إحدى هؤلاء، حيث وقعت روايتها "خواطر ريموندا"، وتتحدث ريم للجزيرة نت عن إعجابها بالإقبال الكبير من الناس، خاصة أن المعرض أتى بعد حرب قاسية على لبنان، وتدعو جيل الشباب إلى الكتابة والقراءة، لأنهما يصقلان الإنسان ويعززان شخصيته.

إعلان

أما ريما عطوي، التي وقعت كتابها بعنوان "صفعة حياة"، الذي يضم دروسا حياتية وتجارب شخصية وتحفيزا نفسيا، فتشير في حديثها للجزيرة نت إلى أن المعرض يعطي دفعة من الأمل، وتقول: "رغم الخسائر والانكسارات، لا نزال قادرين على النجاح، فالثقافة بكل أشكالها ضرورية لأنها تعزز تقاليدنا ومعتقداتنا التي نشأنا وتربينا عليها".

كتب تعنى بالقضية الفلسطينية والمقاومة ضمن معرض الكتاب العربي العاشر (الجزيرة)

تالا حيدر، ابنة مدينة بعلبك شمال شرقي لبنان، حضرت إلى المعرض بروايتيها الصادرتين باللغة الإنجليزية: "أحلام مستغانمي تلتقي باولو كويلو في بيروت" و"إلهام"، لما تحمله مدينة صور في وجدانها. وترى حيدر أن النشر بالإنجليزية مهم جدا من أجل مخاطبة شعوب العالم كافة، ولإيصال قضايانا إلى العالمية، وتقول: "نحن بحاجة للحفاظ على ثقافتنا ونقلها للعالم، ونحن كذلك نمر بأزمة سياسية واقتصادية ونفسية، ولدينا الكثير من الطاقات التي تحتاج إلى من يسلط عليها الضوء".

سارة حدرج، رسامة تشارك في هذا المعرض من خلال لوحتها، حيث تؤكد للجزيرة نت أن الرسم وسيلة مهمة للتعبير عما يجول في وجدان الشخص، ومن خلال الرسم يستطيع الإنسان أن يوصل أفكاره للناس. وتشير إلى أن هذا المعرض فرصة للتعبير ولإيصال الأفكار للجمهور.

صورة أرشيفية توثق معاناة الفلسطينيين مع الاحتلال الإسرائيلي (الجزيرة) جناح لأرشيف فلسطين

ومن ضمن فعاليات المعرض، يوجد جناح يضم عشرات الصور الأرشيفية لفلسطين، التي توثق التراث الفلسطيني وانتهاكات الاحتلال منذ عام 1948 وحتى يومنا هذا. ويقف رئيس جمعية "هلا صور" الثقافية الاجتماعية، عماد سعيد، أمام هذه اللوحات يتأملها صورة بعد صورة، ويتحدث للجزيرة نت عن المعرض وعن شعاره لهذا العام، حيث يؤكد فيه المصير والدم الواحد بين غزة وجنوب لبنان.

ويقول: "فلسطين هي قضيتنا المركزية، وأؤكد دائما أن الصراع مع الكيان الصهيوني لم يبدأ مع المقاومة، بل بدأ منذ نشأته، إذ تعرض الجنوب اللبناني لـ6 اجتياحات صهيونية. وبالتالي، هذا العدو لا يطمع في فلسطين وحدها، بل يتعداها. ورغم الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة، فإننا مستمرون في أنشطتنا".

إعلان

ويضيف سعيد: "إن صراعنا مع الكيان الصهيوني هو صراع وجود لا صراع حدود، وهذا العدو لا يفهم إلا لغة الكفاح المسلح وأشكال النضال كافة. والكتاب والكلمة والمعرض جزء من مقاومة ‘التطبيع الثقافي’، الذي شهدناه في السنوات العشر الأخيرة. فلا تطبيع مع هذا الكيان. وهذا المعرض رسالة للاحتلال بأننا باقون هنا، وهذه ليست مجرد كلمات، بل حقيقة نعيشها".

مقالات مشابهة

  • الاتحاد البرلماني العربي: دعم الشعب الفلسطيني التزامٌ راسخٌ ومن أولوياتنا العربية المشتركة
  • رأي.. إردام أوزان يكتب: المعركة الخفية.. ملء فراغ السلطة في سوريا
  • بمتابعة الشيخة فاطمة.. الإمارات تستعرض خطة إنطلاقة “المرصد العربي لتنمية المرأة اقتصاديا” في جامعة الدول العربية
  • الإمارات تستعرض خطة انطلاقة «المرصد العربي لتنمية المرأة اقتصادياً» في جامعة الدول العربية
  • بمتابعة الشيخة فاطمة بنت مبارك .. الإمارات تستعرض خطة إنطلاقة “المرصد العربي لتنمية المرأة اقتصاديا” في جامعة الدول العربية
  • نقابة البيجيدي تخاطب الفراغ في احتفالات فاتح ماي بالرباط
  • قرقاش: لبنان يستعيد موقعه العربي والدولي
  • الجامعة العربية تنظم اجتماع لجنة تحكيم جائزة «التميز الإعلامي العربي» 5 مايو
  • تحذيرات إسرائيلية من امتلاك مصر لسلاح مدمر
  • معرض الكتاب العربي العاشر في صور.. ثقافة تقاوم الدمار الإسرائيلي