أقدم قطعة جبن فرعونية تكشف للعلماء سرا خطيرا
تاريخ النشر: 10th, September 2024 GMT
قبل بضع سنوات، اكتشف فريق من علماء الآثار الذين كانوا ينظفون الرمال من مقبرة مصرية قديمة بالقرب من العاصمة القاهرة مجموعة من الجِرار المكسورة، تحتوي إحداها على كتلة بيضاء غامضة اشتبهوا في أنها مادة غذائية قديمة بسبب غطاء الجرة من قماش القنب، ربما للحفاظ على محتوياتها، لكنهم لم يكونوا متأكدين من نوعها.
وقد تبين للعلماء أن المقبرة كانت خاصة بـ"بتاحمس"، عمدة مدينة ممفيس (العاصمة القديمة لأول مملكة فرعونية موحدة) في مصر القديمة.
كان لدى الفريق تخمينات حول ماهية المادة الصلبة، لكن إجراء الاختبارات الأولية أكَّد أن ما عُثر عليه خلال هذا التنقيب كان قطعة جبن عمرها نحو 3200 عام، وهي أقدم بقايا أثرية صلبة من الجبن تم العثور عليها حتى الآن.
تقول الأستاذة المشاركة في الكيمياء العضوية بقسم العلوم الكيميائية روزاريا ساليتي، والتي عملت جنبًا إلى جنب مع زملائها في جامعة كاتانيا الإيطالية وجامعة القاهرة المصرية لتحديد هوية المادة التي تم تحليلها في تصريح لـ"الجزيرة نت" إن هذا الاكتشاف مهم "لأنه لم يكن هناك دليل سابق على وجود أي جبن في مصر القديمة، وقد يكون أقدم بقايا جبن على وجه الأرض".
ورغم أهمية هذا الاكتشاف الغذائي القديم المثير، فإن الجبن لم يكن الشيء الوحيد الذي وجدوه، بل كان هناك دليل على وجود بكتيريا ضارة للغاية، ربما قد تضطر أيًّا من محبي الجبن العتيق إلى الانتظار قبل التفكير في تناول هذا الجبن المميت.
سمح التحليل البروتيني الذي استخدمه الباحثون في جامعة بكين في الصين بتحديد ببتيدات (سلاسل الأحماض الأمينية وهي المكون الرئيسي للبروتين) معظمها بشرية وتمثل تلوث الجلد واللعاب داخل العينة القديمة. ولكن الأهم من ذلك، أن 9 منها أشارت إلى وجود بروتينات الحليب من الأغنام أو الماعز والأبقار.
وأشارت النتائج إلى أن الجبن كان على الأرجح مزيجًا من أنواع مختلفة من الحليب (الأغنام والماعز والأبقار)، مما قد يشير إلى ثقافة ألبان معقدة في مصر القديمة.
وفي دراسات سابقة، تتبع العلماء بروتينات الحليب في جير الأسنان لشخص يبلغ من العمر 3200 عام، مما يدل على أن منتجات الألبان كانت تُستهلك في ذلك الوقت.
بالإضافة إلى ذلك، تم العثور أيضًا على بروتينات مصل اللبن واللبن الرائب، وهذا يشير إلى أن الناس لم يشربوا الحليب فقط بل ربما أعدوه أيضًا في شكل جبن.
وقد تم تصوير صناعة الجبن على جداريات المقابر المصرية القديمة منذ عام 2000 قبل الميلاد، ودرس الباحثون لعقود من الزمن عينات من مواد الألبان المحتملة التي استخرجوها من الأواني والجرار في مصر القديمة، ومع ذلك، فإن قطعة الجبن التي وجدها فريق الباحثين هي الأكبر على الإطلاق.
وحتى لو لم يكن الجبن الذي اختبرته روزاريا ساليتي وزملاؤها هو الأقدم على الإطلاق، فإن الاكتشاف الذي صادفه الفريق أثناء فحص الجبن كان شيئًا أكثر إثارة للقلق.
يحتوي الجبن على آثار لبكتيريا "بروسيلا ميلتينسيس" يمكن أن تسبب مرضًا معديًا يُعرف بـ"داء البروسيلات"، والتي تنتقل من الحيوانات إلى الإنسان عن طريق استهلاك منتجات الألبان الخام أو غير المبسترة أو عن طريق الهواء أو التعامل المباشر مع الحيوانات المصابة.
يمكن أن يسبب مرض البروسيلا أعراضًا شديدة، بما في ذلك الحمى والتهاب المفاصل والتعب والتعرق وآلام العضلات وأعراض أخرى يمكن أن تتكرر أو لا تختفي على الإطلاق، وفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، ولا يزال المرض موجودًا حتى اليوم، ويؤثر على العديد من أجزاء العالم.
ووفقًا للباحثين، يوفر وجود هذه البكتيريا في الجبن أقدم دليل مباشر على وجود مرض البروسيلا خلال العصر الفرعوني، ففي السابق، لم يتم التعرف إلا على علامات غير مباشرة لهذا المرض في البقايا الأثرية المصرية.
وتشير ساليتي في تصريحها لـ"الجزيرة نت" إلى أن وجود هذا العامل الممرض يؤكد على المخاطر المحتملة التي يمكن أن تحملها الأطعمة القديمة، وهو تذكير صادم بمخاطر ممارسات الطهي عندما لم يكن لدى الناس أي فكرة عن الميكروبات، وهذا يشير إلى أن "المصريين تناولوا الجبن أو الحليب الملوث".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات فی مصر القدیمة على وجود یمکن أن إلى أن لم یکن
إقرأ أيضاً:
عمرها 40 عامًا| حكاية أقدم مائدة رحمن بالقرنة غرب الأقصر.. صور
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في رمضان تكثر موائد الرحمن؛ أملًا في التقرب من الله بمزيد الطاعات، ولعل أشهر تلك الموائد في محافظة الأقصر، هي مائدة الحاج "أحمد عباس" أحد أهالي مدينة القرنة، والتي أقامها أمام متجر يمتلكها، ويعود تاريخ بدايتها إلى عام 1984، حيث يتكرر المشهد سنويًا قبل آذان المغرب بلحظات خلال شهر رمضان، بوقوف مجموعة من الشباب على طريق "مصر – أسوان" الزراعي، لاستيقاف السيارات المارة ودعوة ركابها للإفطار، بأقدم مائدة رمضانية بمدينة القرنة غرب الأقصر.
مائدة الرحمنوحول هذه المائدة، ذكر علي أحمد، نجل صاحب أقدم مائدة رحمن غرب الأقصر، أن المائدة عمرها يصل إلى أكثر من 40 عامًا أقامها والده أمام متجره لإفطار الصائمين المارة في الشارع، والمحتاجين من الأهالي، حيث حرص على مواصلة هذا الأمر حتى وافته المنية، وأوصى باستمرارها بعد وفاته، مؤكدًا أن تلك الوصية كانت تتكرر دائمًا على لسانه في أيامه الأخيرة، ذاكرًا أنه كان يقسم عليه بإقامتها حتى إن مات وكان عزائه يوافق هذه الأيام المباركة، وكان دائما يعمل بحديث الرسول الكريم صل الله عليه وسلم “إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث “صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له”، حيث استمرت تلك الصدقة ممثلة في مائدة الرحمن حتى بعد وفاته.
وأضاف نجل صاحب المائدة أنه في عام 2002، حرص "الحاج أحمد"، على شراء لوازم المائدة قبيل شهر رمضان، حيث هل الشهر الكريم، ليقوم بتجهيز مائدة اليوم الأول في منزله كالمعتاد بين أسرته، ويذهب بالوجبات إلى موقع المائدة بالشارع، حيث يتناول الإفطار مع الصائمين الذين يتم استيقافهم ودعوتهم، وعاد بعدها إلى المنزل لتتحقق نبوءته، بوفاته فجر اليوم الثاني من شهر المغفرة، مضيفًا أنه رغم أحزانهم وإقامة واجب العزاء الذي يستمر لمدة أيام كالمتعارف عليه في الصعيد، إلا أنه تم تنفيذ وصية الأب، بمواصلة إقامة مائدة الرحمن بعد وفاته بيومين، وحتى الآن كما كان يفعل.
وأشار علي، إلى أنه رغم وجود العديد من المطاعم التي تعد وجبات الافطار في الوقت الحالي، والتي تكلف مجهودًا أقل، إلا أن الأسرة تحرص على إعدادها في المنزل كما كان يفعل صاحب المائدة، مؤكدًا أنها عادة حسنة يعلموا أبنائهم الحفاظ عليها لاستمرارها مستقبلًا وأنهم سيحرصون على عدم توقفها حتى آخر يوم في عمرهم.
أقدم مائدة رحمن بالقرنة (1) أقدم مائدة رحمن بالقرنة (2) أقدم مائدة رحمن بالقرنة (3) أقدم مائدة رحمن بالقرنة (4) أقدم مائدة رحمن بالقرنة (5)