لماذا تصعب هزيمة ترامب في الانتخابات؟
تاريخ النشر: 11th, August 2023 GMT
هناك مجموعة من الناخبين الذين قد لا يحبون ترامب لكنهم يظلون منفتحين على دعمه
على مدى نصف قرن من الانتخابات التمهيدية الرئاسية الحديثة في الولايات المتحدة، لم يخسر أي مرشح يتفوق على أقرب منافسيه بما لا يقل عن 20 % أي ترشيح من قبل حزبه.واليوم، يتفوق الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب على حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس بنحو 37%، وذلك وفقاً لاستطلاع أجرته صحيفة نيويورك تايمز بالتعاون مع سيينا كوليدج للناخبين الجمهوريين المحتملين في الانتخابات التمهيدية للحزب، تم نشر نتائجه صباح اليوم الاثنين.
وبالطبع، لا يزال هناك متسع من الوقت قبل عقد مؤتمرات الحزب التي ستبدأ في ولاية أيوا في يناير (كانون الثاني) المقبل، كما لم يبدأ المرشحون حتى في المشاركة في مرحلة المناظرات، وعلى الرغم من عدم خسارة أي مرشح في أي وقت مضى لديه هذا القدر من الدعم، فإنه أيضاً لم يواجه أي مرشح هذا الحجم من لوائح الاتهام والتحقيقات الجنائية.
ولكن حتى لو كان من الخطأ وصف ترمب بأنه المرشح الجمهوري الحتمي، فإن بيانات استطلاع نيويورك تايمز وسيينا كوليدج تشير إلى أنه يقود قاعدة لا تتزعزع على ما يبدو من المؤيدين المخلصين، الذين يمثلون أكثر من ثلث الناخبين الجمهوريين، وصحيح أن دعم هذه النسبة وحدها لن يكفي لفوز الرئيس السابق بالانتخابات التمهيدية، لكنها تبدو كبيرة بما يكفي لجعل هزيمته صعبة للغاية، بقدر الصعوبة التي تظهرها السجلات التاريخية.
وإليك ما نعرفه عن مدى الدعم الذي حظي به ترامب في استطلاعنا، وكذلك المعارضة التي واجهها، ولماذا سيكون من الصعب للغاية هزيمته.
تبدو هذه القاعدة شعبوية ومحافظة، فهي تضم ذوي الياقات الزرقاء، ويقتنع أفرادها بأن الأمة قد باتت على شفا كارثة، وهي موالية للرئيس السابق بشكل استثنائي.
وكما ظهر في استطلاع الرأي، فإن أعضاء قاعدة "جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى" التابعة لترلمب تمثل 37% من الناخبين الجمهوريين، وهم يدعمونه «بقوة» في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري، ولديهم وجهة نظر «إيجابية للغاية» عنه.
ولا تدعم هذه القاعدة الرئيس السابق رغم معرفتها بعيوبه، ولكنها تدعمه لأنها تعتقد، على ما يبدو، أنه شخص بلا عيوب، إذ لم ير أي من الـ319 شخصاً الذين شاركوا من فئة قاعدة "جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى" أنه ارتكب أية جرائم فيدرالية خطيرة، فيما قال 2% فقط إنه "ارتكب خطأ" في تعامله مع الوثائق السرية، وقال أكثر من 90% إنه يجب على الجمهوريين دعمه في مواجهة التحقيقات.
وربما يتمكن ديسانتيس أو أي جمهوري آخر بجذب عدد قليل من هؤلاء الناخبين من حول ترمب، ولكن من الناحية الواقعية، لن تذهب هذه المجموعة إلى أي مكان آخر، ربما حتى لو انتهى الأمر بسجن الرئيس السابق، فمن المحتمل أن تكون هذه المجموعة هي نفسها تقريباً من الناخبين الذين أيدوا ترمب في يوم الثلاثاء الكبير (الذي جرت فيه الانتخابات التمهيدية بعدد كبير من الولايات الأمريكية) في 2016، والذين بلغت نسبتهم حينها 37%، ومن المحتمل أن يكونوا أيضاً نفس مجموعة الجمهوريين، الذين بلغت نسبتهم 41%، الذين أيدوه في استطلاعات الرأي عند أدنى مستوى له في يناير، في أعقاب انتخابات التجديد النصفي في نوفمبر (تشرين الثاني).
وصحيح أن قاعدة الدعم هذه تبدو رائعة، ولكنها لا تزال لا تمثل أغلبية الناخبين الجمهوريين في الانتخابات التمهيدية، فمعظم الناخبين الجمهوريين إما لا يدعمون ترمب بقوة في الانتخابات التمهيدية وإما لا يدعمونه على الإطلاق، ومعظمهم ليس لديهم وجهة نظر "إيجابية للغاية" عن الرئيس السابق أيضاً، وهذا يعني، من الناحية النظرية، أن هناك فرصة لفوز مرشح آخر.
ولكن مع وجود الكثير من ناخبي الحزب الجمهوري المخلصين، على ما يبدو، لترامب، فإن الطريق إلى هزيمته سيكون صعباً للغاية؛ إذ يتطلب من المرشح الفائز توحيد بقية الناخبين الجمهوريين لصالحه، وهو الأمر الذي لن يكون سهلاً.
وعلى الرغم من أن قاعدة "جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى" تفسح المجال لتصنيفها بسهولة، فإن بقية الناخبين الجمهوريين لا يساعدون في ذلك، ولكن بشكل عام، يمكن تقسيم بقية الناخبين الجمهوريين إلى مجموعتين.
هناك مجموعة من الناخبين الذين قد لا يحبون ترامب، ولكنهم يظلون منفتحين على دعمه في الانتخابات التمهيدية، كما أنهم قد يدعمونه في بعض الحالات كبديل لمرشح آخر، وهي مجموعة تعكس جمهور الناخبين الجمهوريين بشكل عام، فهي محافظة إلى حد ما ومؤيدة لترامب إلى حد ما، وكذلك مؤيدة لديسانتيس إلى حد ما، ولكنها منقسمة حول ما إذا كانت ستدعم الرئيس السابق أم لا، على الأقل في الوقت الحالي.
وهناك أيضاً مجموعة ثانية من الناخبين الذين ربما لن يدعموا ترامب، وهم يمثلون نحو ربع الناخبين المحتملين في الانتخابات التمهيدية، والذين يقولون إنهم لا يفكرون في التصويت له في هذه الانتخابات، ويميل هؤلاء الناخبون إلى أن يكونوا من المتعلمين والأثرياء وذوي الأفكار المعتدلة، وغالباً ما يكونون أكثر من مجرد متشككين في الرئيس السابق؛ إذ تنظر غالبية هؤلاء الناخبين إليه بنظرية سلبية، ويقولون إنه ارتكب جرائم، كما لم يدعموه حتى في الانتخابات السابقة ضد الرئيس الأمريكي جو بايدن، سواء كان ذلك لأنهم يفضلون الأخير بالفعل، أو ببساطة لأنهم لم يشاركوا في العملية الانتخابية.
ولا تختلف هاتان المجموعتان من الناخبين بشأن ترامب فحسب، بل تختلفان أيضاً بشأن عدة قضايا، فالمشككون في ترامب يدعمون تقديم مساعدات عسكرية واقتصادية إضافية لأوكرانيا، والإصلاح الشامل للهجرة، بينما يعارضون حظر الإجهاض لمدة 6 أسابيع، فيما يتخذ الناخبون المؤيدون له وجهة نظر معاكسة لكل هذه القضايا.
وحتى الآن، فإنه من أجل هزيمة ترامب في الانتخابات التمهيدية، يجب على المرشح الآخر جمع كل هؤلاء الناخبين معاً بطريقة ما، ولكن سيكون من الصعب على أي مرشح توحيد المعارضة المنقسمة حول الرئيس السابق، ومن المؤكد أن الأمر كان صعباً على ديسانتيس، حاكم فلوريدا.
ففي بداية العام الحالي، بدا أن حاكم فلوريدا اكتشف كيفية كسب كل من المشككين المحافظين والمعتدلين من ترامب من خلال التركيز على مجموعة جديدة من القضايا مثل التحرر من قيود فيروس كورونا، ويبدو أن هذا يثير حماس الجهات المانحة للمؤسسة الجمهورية، وحتى بعض المستقلين بقدر ما يثير النشطاء المحافظين ومذيعي قناة فوكس نيوز الأمريكية.
ولكن لم يتم الأمر بهذه الطريقة، فقد أتاحت معارك ديسانتيس ضد بعض القضايا فرصاً قليلة لمهاجمة ترمب، وذلك بالنظر لتلاشي أهمية وباء كورونا في المشهد السياسي على سبيل المثال.
ولكن كان أداء ديسانتيس ضعيفاً بين المشككين في ترامب بدرجة كافية لإعطاء فرصة للمرشحين الآخرين، تماماً مثلما خلق نهج كروز المحافظ مساحة للمرشحين جون كاسيش وماركو روبيو وجيب بوش الذين لم يستطيعوا تحقيق الفوز في نهاية المطاف.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي ثريدز وتويتر محاكمة ترامب أحداث السودان مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الرئیس السابق
إقرأ أيضاً:
رسوم ترامب الجمركية تهز الدولار.. لماذا تراجع بدلاً من الارتفاع؟
نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية تقريرًا تحدثت فيه عن التأثيرات المحتملة لتباطؤ النمو الاقتصادي الأمريكي على المدى الطويل على العملة مقارنة بالتأثيرات الميكانيكية للتعريفات الجمركية.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه بعد إعلان ترامب يوم الأربعاء عن مجموعة من التعريفات العقابية تحت مسمى "يوم التحرير"، شهدت العقود الآجلة للأسهم تراجعًا، كما تذبذب الدولار الأمريكي مقابل العملات الرئيسية. وهذا التذبذب يعكس الارتباك الذي يسيطر على وول ستريت بشأن كيفية التعامل مع العملة الأمريكية.
أصر معظم المحللين على أن التعريفات الجمركية يجب أن تؤدي إلى ارتفاع الدولار نظرًا لتوقعاتهم بأن تقليص استيراد السلع الأجنبية سيسهم في تقليص العجز التجاري ويقلل من الطلب على العملات الأجنبية. وكان من المتوقع أن يتفوق النمو الاقتصادي الأمريكي على نظيره في منطقة اليورو، وهو ما كان تاريخيًا إيجابيًا للدولار.
لكن ذلك لم يحدث حتى الآن. وقد خسر مؤشر الدولار الأمريكي، الذي يعتمد على سلة من العملات، أكثر من 4 بالمئة هذا العام، وعاد إلى المستويات التي كان عليها في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر، قبل الانتعاش الذي أعقب الانتخابات. وأظهرت بيانات لجنة تداول السلع الآجلة تحولًا في رهانات المضاربين الذين بدأوا المراهنة بشكل كبير ضد الدولار الأمريكي.
هل فقد الدولار بريقه؟
ذكرت الصحيفة أن الدولار الأمريكي انخفض مقابل اليورو مقارنةً بالعام الماضي، وهو أمر نادر الحدوث كلما تفوّق الاقتصاد الأمريكي على اقتصاد منطقة اليورو. وهذا الانعكاس المفاجئ لا يمكن أن يكون ناتجًا عن زيادة التعريفات الجمركية التي قد تزيد من خطر الركود، ذلك أن الدولار عادةً ما يقوى خلال فترات الركود والازدهار على حد سواء، حيث يلجأ إليه المستثمرون كملاذ آمن، مما يخلق ما يُعرف بـ "ابتسامة الدولار".
وبينت الصحيفة سبب الخطأ الذي ارتكبه السوق وهو أن الدولار قد وصل إلى مستويات مرتفعة للغاية بعد تعديل التضخم، مما جعله مهيأً للانخفاض. وكما يقول بعض المستثمرين، فإن الهجوم الاقتصادي الأمريكي ضد الحلفاء يساهم في تآكل وضع الدولار كـ "احتياطي عالمي".
وقالت الصحيفة إن هذا الأمر قد يكون انتصارًا للإدارة. ففي عام 2024، شدد مستشار ترامب الاقتصادي الرئيسي، ستيفن ميران، على ضرورة معالجة العجز التجاري من خلال معاقبة البنوك المركزية الأجنبية وأمناء الخزانة الذين يودعون الأصول في الولايات المتحدة. وهو ما يتماشى مع الرؤية القائلة إن الطلب على الملاذات الآمنة يبالغ في تقدير قيمة الدولار ويضع "عبئًا باهظًا" على الاقتصاد الأمريكي.
لكن هذا الرأي لا يحظى بدعم تجريبي، لأن الزيادة في المشتريات الرسمية من الأصول الأجنبية تميل إلى التزامن مع ضعف الدولار. وقد ظلت احتياطيات الدولار العالمية ثابتة منذ عام 2018، بينما ارتفع الدولار بنسبة 16 بالمئة وفقًا لبيانات صندوق النقد الدولي. والإجابة الأكثر دقة، التي قد لا تكون في صالح ترامب، هي أن الثقة في الإمكانات الاقتصادية طويلة المدى للولايات المتحدة تتراجع.
النمو مهم
على مدى فترات زمنية طويلة، تصبح عوائد الأسهم محركًا رئيسيًا لأسعار الصرف. وبينما يمكن لمتداولي العملات متابعة الفروق في العوائد على السندات على المدى القصير، فإن الفروق في العوائد على الأسهم بين الأسهم الأمريكية والأوروبية أظهرت ارتباطًا بنسبة 70 بالمئة بحركات الدولار مقابل اليورو على مدار خمس سنوات منذ عام 2001.
وأوضحت الصحيفة أن هذا يشير إلى أن جزءًا كبيرًا من قوة الدولار يعود إلى الاستثمارات التي تتبع النمو النسبي في الإنتاجية الاقتصادية، التي تقودها بشكل رئيسي الأرباح الضخمة التي تحققها شركات وادي السيليكون، مما يحول الولايات المتحدة إلى مصدر ضخم للسلع التكنولوجية، وخاصة الخدمات.
ربما تتوقّع الأسواق الآن تحوّلًا هيكليًا آخر، إذ يعزز الدفع نحو إعادة التسلح الآمال في انتعاش اقتصادي في أوروبا، في الوقت الذي تصبح فيه قصة النمو في الولايات المتحدة مشوهة بسبب السياسات الحمائية والمنافسة المتزايدة من الصين في مجال الذكاء الاصطناعي.
وأكدت الصحيفة أن صعود الصين يبرز أن النموذج المثالي للتجارة الحرة المعروف ليس دقيقًا، وأنه ينبغي على الحكومة الأمريكية أيضًا محاولة دعم الصناعات الأساسية. كما أن التحويل إلى الخارج لخفض التكاليف قد ألحق الضرر بالعمال، وخلق سلاسل توريد هشة، وجعل الشركات أقل إقبالا على الابتكار. ويمكن للعمالقة الصناعيين مثل إنتل وبوينغ أن يشهدوا على ذلك.
وحسب الصحيفة، تكمن المشكلة في أن تعريفات ترامب الجمركية كانت مفاجئة وغير منتظمة، مما قد يؤثر سلبًا على استثمارات الشركات بدلاً من تحفيز الشركات على نقل الإنتاج من خلال نهج مستهدف ومنهجي. وبدلاً من أن تشبه هذه السياسات المعجزات التنموية في آسيا، فإنها أكثر شبهًا بتجارب "استبدال الواردات" الفاشلة في أمريكا اللاتينية.
وأوضحت الصحيفة أن هناك فوائد محتملة لإعادة وظائف التجميع إلى الولايات المتحدة من المكسيك لشركات مثل جنرال موتورز وفورد، ولكن تطبيق ذلك على جميع أجزاء السيارات، بما في ذلك المكونات ذات القيمة المنخفضة مثل الأقمشة وأسلاك السيارات، سيؤدي إلى جعل صناعة السيارات الأمريكية غير فعالة. وهناك أيضًا احتمال للانتقام من شركاء التجارة وفرض رسوم جمركية بنسبة 100 بالمئة على السيارات الكهربائية الصينية، التي ورثتها إدارة بايدن.
وبيّنت الصحيفة أن شركات صناعة السيارات الأمريكية تتفوق في قطاع الشاحنات والسيارات الرياضية متعددة الاستخدامات، حيث يكون المستهلكون الأمريكيون أكثر تميزًا، لكنها تواجه صعوبة في إنتاج سيارات بأسعار أقل من 25.000 دولار، حتى قبل فرض الرسوم الجمركية. كما أن تسلا تظل علامة تجارية فاخرة.
وإذا أصبح السوق الأمريكي معزولًا، فقد لا تقوم الشركات الأجنبية مثل تويوتا وهيونداي، اللتان تهيمنان على النماذج الاقتصادية، بالابتكار في مصانعها الأمريكية كما تفعل في الخارج. وهذا ما حدث في البرازيل والأرجنتين، حيث جعلت محاولاتهما لبناء صناعة سيارات محلية الشركات محمية من المنافسة الخارجية بين الخمسينيات والثمانينيات. وهذا يختلف عن كيفية خلق اليابان وكوريا الجنوبية والصين لصانعي سيارات من الطراز العالمي من خلال الجمع بين الحماية الاقتصادية والانضباط في الأسواق الأجنبية.
وأكدت الصحيفة أن التركيز المفرط على العجز التجاري يغفل حقيقة أن التنافسية والربحية للمنتجات الأمريكية القابلة للتداول لعبت دورًا رئيسيًا في تحديد قيمة الدولار. لكن هذه العوامل أصبحت الآن محل تساؤل.