عربي21:
2024-11-02@19:38:18 GMT

نظام الأسد: حاجة المحتل وذريعته

تاريخ النشر: 10th, September 2024 GMT

بعيدا عن العدوان المستمر على غزة، والغارات المتكررة على مواقع النظام السوري من قبل طيران الاحتلال الإسرائيلي، تنشغل بعض دول الاتحاد الأوروبي في مهمة إعادة العلاقة مع النظام السوري، بالتوازي مع الجهد الروسي في هذا المضمار الذي يفتح خط التطبيع التركي مع نظام الأسد، في ظل رغبة مشتركة بين عدد من دول الاتحاد الأوروبي بإعادة النظر في سياساتها السورية على قاعدة إيجاد حل لمشكلة اللاجئين السوريين في هذه البلدان، من خلال تخفيف الضغط عن الديكتاتور السوري المسبب الأول لمحنة وكارثة السوريين في بلدهم وأماكن تهجيرهم.



يأتي هذا بعد 13 عاما من اندلاع الثورة السورية وارتكاب نظام الأسد لكل موبقات جرائم الحرب وضد الإنسانية، واستخدامه لشتى صنوفها، بشهادة منظمات دولية ومحلية، وبمعرفة عميقة من الدول نفسها التي تحتضن السوريين بجوهر سياسة النظام السوري طيلة السنوات الماضية نحو شعبه، وفداحة الجرائم باستخدام غاز السارين والخردل والكيماوي، والاستعانة بالاحتلالين الروسي والإيراني لتركيب عضلات النظام ونفخها على أجساد السوريين، والتي تسببت في دمار واسع للمجتمع السوري ونزوح نصف سكانه.

لذلك، رأت عاصمة الاتحاد الأوروبي -بروكسل- ودول أوروبية أخرى قبل عقد من الآن؛ في قطع علاقتها مع النظام الركيزة الأساسية للضغط على النظام السوري، تحت ذريعة تمسكها بقيم حماية الديمقراطية والحفاظ على حقوق الإنسان والمواطنة، ورفض جرائم الإبادة التي اقترفها الأسد وحلفاؤه.

لمسَ السوريون عدم الجدية الغربية والأمريكية، بالتعاطي مع النظام ومنع جرائمه وجرائم حلفائه، لذلك كانت فاتورة الضحايا كبيرة والدمار أوسع، وقد كان لها فضل كبير في بقاء النظام وإعادة سطوته الأمنية على المجتمع السوري، وتعزيز سيطرته على 70 في المئة من الجغرافيا السورية، ومثلما عايش الفلسطينيون ضحايا الهمجية الصهيونية خذلانَهم الكبير في فشل المجتمع الدولي بمنع الإبادة الجماعية عنهم في غزة، وبمحاباة المستعمر الصهيوني.

لذلك يرى كثير من السوريين في بعض السياسات الأوروبية، وعلى رأسها إيطاليا بزعامة جورجيا ميلوني، التي تحابي نظام الأسد بتعيين سفير لها لدى النظام السوري، خطوة تُعزز من تخفيف الضغط على النظام، وتزيد الضغط على السوريين في دول لجوئهم وفي دول المنطقة، لأن التطبيع مع النظام السوري تجاهلٌ للحل السياسي المقرر على أساس القرار الدولي 2254، للتوصل لحل سلمي، وتأمين انتقال سياسي، وقفزٌ عن الجرائم المتهم بها الأسد ونظامه، وهو موقف ما زالت تتمسك به فرنسا وألمانيا القائلتان بأنه من غير المعقول التطبيع مع النظام في دمشق في غياب انتقال سياسي ورفض نظام بشار الأسد لأي ترتيبات تفيد الشعب السوري.

مرور الزمن لا يعني نهاية الجريمة ونسيانها، وعدم تكرار الإشارة للديكتاتور والطاغية السوري لا يعني براءته من الجرائم، وبقاء الأسد في سدة الحكم لا يعني انتصارا لنظامه على الشعب السوري، بل يعني أمرا متعلقا بالأكاذيب والشعارات نفسها وبالنفاق المصاحب للعدوان الإسرائيلي على غزة وبالصمت عن جرائم الإبادة الجماعية.

وبنفس السؤال المجيب عن أسئلة الشعب الفلسطيني والسوري، لماذا يفلت المجرم من العقاب؟ وكيف يستمر النفاق الغربي من قضايا الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان؟ وكيف تكون المصلحة المشتركة بين أدوات الاحتلال والطاغية العربي المؤدية لشراكة متبادلة أوجدتها مصالح بين المحتل والطاغية، وبين هؤلاء والمشروع الاستعماري الغربي في المنطقة العربية؟ دوافع كافية كانت قبل العام 2011 لأن يثور السوريين ضد النظام وسياساته ووظيفته المكشوفة، فوجود نظام الأسد وتمكينه من السيطرة، كان حاجة استعمارية صرفة، والتطبيع معه عربيا وغربيا، لمقاصد منع التغيير لأي جانب من جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والأمنية في المنطقة العربية، هي مقاصد كانت قائمة لعقود طويلة، قبل أن يرث الاسد حكم أبيه.

الفائدة المرجوة للعلاقة مع نظام الأسد عربيا بعد تورطه بكل ملفات دعم الإرهاب وارتكاب جرائم الحرب وضد الإنسانية، تطرح السؤال نفسه للضفة الشمالية للبحر المتوسط عن المصلحة الكامنة في العلاقة مع نظام الأسد وما تحمله تبريرات الدول نفسها لإسقاط جرائم ضخمة موجودة في أدراج محاكم هذه الدول وعلى رفوف المنظمات الدولية.

لا شيء في جعبة نظام الأسد ليقدمه على طاولة السياسة العربية، غير النجاح الذي كوفئ عليه بمنع الانهيار من الوصول لأنظمة عربية أخرى ترى في "صموده" حماية لها، بعد أن أصبح نموذج خرابه لسوريا عامل مفاضلة ومقارنة من طغاة ومستبدين في المنطقة العربية، ومن احتلال يقدم وحشية جرائمه في غزة كنموذج عقابي على الشعب الفلسطيني. التطبيع مع نظام الأسد تم عمليا من خلال القفز عن جرائمه، وقبوله المتكرر بتلقي عدوان الاحتلال الإسرائيلي والصمت عنه وعن جرائمه بفلسطين، فمشتركات الاستفادة المتبادلة بينه وبين أنظمة الاحتلال والاستبداد، فككتها غزة، ومقاومة الشعب الفلسطيني عرّت كل قاموس التطبيع ومفردات الخزي والخذلان والنفاق والخيانة والتآمر، وكشفت الحاجة الاستعمارية الغربية والصهيونية لبقاء أنظمة عربيةولا شي في جعبة النظام ليكون فاعلا على مسرح السياسة الدولية بغير المهام التي يحملها وينفذها في الجانب الأمني الذي يصدح به منذ 13 عاما؛ "وجودي يمنع عنكم الإرهاب"، و"أنا موجود لكي أحارب الإرهاب عدوّي وعدوكم"، شعار يرفع أيضا لتبرير الفظائع والجرائم في غزة وكل فلسطين.

على الخط الموازي من كل ذلك، يظهر تنسيق عربي مباشر بين أمن النظام وما يوازيه في أنظمة عربية تتأهب للخلاص من مشكلة اللاجئين السوريين. وإذا كانت استراتيجية الأسد مع الأوروبيين لم تؤتِ ثمارها بعد، وتؤت بعضها في أنظمة عربية كانت سباقة في التطبيع معه ومع الاحتلال الإسرائيلي، ولم تتخذ أي خطوة للتراجع عن التطبيع مع المحتل في ذروة جرائم العدوان على غزة، وتشجع وتدعم بقاء الأسد لفائدة مشتركة بين جميع الأطراف التي تجد في وظيفة الأسد المانعة للتغيير المنشود في المجتمع السوري والتي أرعبت محاولته في الثورة الاحتلال والاستبداد، فقد كانت جرائمه عامل اطمئنان لديهم وفزاعة على شعوبهم.

التطبيع مع نظام الأسد تم عمليا من خلال القفز عن جرائمه، وقبوله المتكرر بتلقي عدوان الاحتلال الإسرائيلي والصمت عنه وعن جرائمه بفلسطين، فمشتركات الاستفادة المتبادلة بينه وبين أنظمة الاحتلال والاستبداد، فككتها غزة، ومقاومة الشعب الفلسطيني عرّت كل قاموس التطبيع ومفردات الخزي والخذلان والنفاق والخيانة والتآمر، وكشفت الحاجة الاستعمارية الغربية والصهيونية لبقاء أنظمة عربية يصبح الرعب فيها سلاحا يمنع مواجهة المحتل وحاجته المحروسة في قصور الرئاسة العربية.

x.com/nizar_sahli

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الاحتلال الأسد جرائم سوريا الأسد احتلال غزة استبداد مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة مقالات سياسة مقالات سياسة سياسة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاحتلال الإسرائیلی الشعب الفلسطینی النظام السوری مع نظام الأسد أنظمة عربیة السوریین فی التطبیع مع مع النظام عن جرائمه عن جرائم

إقرأ أيضاً:

تزايد تأييد المقاومة بين فلسطينيي الداخل المحتل.. ومخاوف من انتفاضة

رغم حالة الضغط الأمني غير المسبوق على فلسطينيي الداخل المحتل، ومنعهم من التضامن مع ‏إخوانهم في قطاع غزة، الذين يتعرضون لمذبحة دموية على مرأى ومسمع منهم، في ظل فرض حالة الطوارئ داخل ‏دولة الاحتلال، واحتمال تعرض أي مظهر للتضامن والتعاطف لعقوبات خطيرة، لكن ذلك لم يمنه انضمام العشرات ‏من شبانهم من الانضمام لسلسلة العمليات المقاومة، الأمر الذي حدا بأجهزة أمن الاحتلال للتحذير مما ‏شهدته الأسابيع الأخيرة من وجود تعاطف واسع مع حماس وحزب الله بين فلسطينيي الداخل.‏

ايهود ياتوم المسؤول الأمني الإسرائيلي السابق، ذكر أنه "لم يتم التوضيح بشكل قاطع بعد من قبل أجهزة ‏الأمن إذا ما كان حادث الدهس في بداية الأسبوع في الجليل، الذي استهدف العشرات من أفراد الاستخبارات ‏الإسرائيلية أمام مقر جهاز الموساد، هو عمل مسلح ذو طبيعة قومية فلسطينية أم حادث سير عادي، ولكن إذا كان ‏الأمر كذلك، فإننا يعني أمام الهجوم الرابع في الأسابيع الأخيرة من قبل فلسطينيي الداخل، وهذه ظاهرة مثيرة للقلق، ‏لأنها تحدث بالتزامن مع تنفيذ العمليات المسلحة بشكل يومي في الضفة الغربية". ‏



وأضاف في مقال نشرته صحيفة معاريف، وترجمته "عربي21" أن "تزايد عمليات المقاومة من ‏فلسطينيي الداخل، ولو على فترات زمنية متباعدة، يعني أننا في بداية انتفاضة فلسطينية ثالثة، ويثبت أن جهود ‏الأعداء لزرع الخوف والدمار في دولة الاحتلال عبر وكلائهم، لا تتوقف لحظة واحدة، وتغمر شبكات التواصل ‏ووسائل الإعلام بالدعاية التي تدفع فلسطينيي الضفة والداخل المحتل لتنفيذ هجمات شديدة على الإسرائيليين". ‏

وأوضح أنه "منذ بداية الحرب على غزة، أصبحت هذه الجبهة، فلسطينيو الداخل، واحدة من النقاط الرئيسية ‏لجهاز الأمن العام -الشاباك، الذي يبذل، بالتعاون مع الشرطة والجيش، الكثير من الجهد من أجل إحباطها، ولكن ‏في بعض الأحيان يتم تنفيذ الهجمات، وتسبب في سقوط العديد من الإسرائيليين العاديين، وجنود الاحتلال وأفراد ‏قوات الأمن، مع العلم أن تزايد هذه الأنشطة المسلحة هو في الأساس نتيجة للتحريض المستمر، والتعصب الديني، ‏والرغبة في الانتقام مما يحدث في غزة".‏



واستدرك بالقول إن "قوات الأمن تنجح بين حين وآخر في القبض على مئات المسلحين، والتحقيق معهم، ‏من خلال عمل المحققين على تكوين مجموعة من المعلومات الاستخبارية عالية الجودة، ويتيحون القدرة على تنفيذ ‏العديد من الإجراءات المضادة في الأسابيع الأخيرة، لكن النتيجة الأساسية التي خلصوا إليها في الآونة الأخيرة أن ‏أوساط فلسطينيي الداخل تشهد تماهياً مفرطاً مع حماس وحزب الله، الأمر الذي يتطلب تحضيراً مكثفاً لمحاولة منع ‏انتفاضة فلسطينية ثالثة".‏


مقالات مشابهة

  • من الضفة إلى غزة.. لواء كفير ينقل مسرح جرائمه إلى مخيم جباليا (شاهد)
  • من الضفة لغزة.. لواء كفير ينقل مسرح جرائمه إلى مخيم جباليا (شاهد)
  • التطبيع بين تركيا والأسد في محطة مغلقة وسط إقليم مشتعل.. هل يُطوى نهائيا؟
  • الأسد في التصوّر الإسرائيلي
  • لافروف يكشف توقف مفاوضات التطبيع بين تركيا والأسد.. هذه نقطة الخلاف
  • إيران ونظام الأسد.. سيناريوهات وحدود لعبة خطرة
  • تزايد تأييد المقاومة بين فلسطينيي الداخل المحتل.. ومخاوف من انتفاضة
  • لجنة الأمم المتحدة للحقوق الفلسطينية تدعو لدعم محاسبة الاحتلال الإسرائيلي عن جرائمه
  • النظام السوري: أنباء عن إصابة مدنيين بعدوان إسرائيلي على القصير
  • أمانة العاصمة المقدسة تطلق نظام إدارة المشاريع (PMIS) لتعزيز الكفاءة