الرياض

تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس إدارة الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي ـ حفظه الله ـ انطلقت اليوم أعمال القمة العالمية للذكاء الاصطناعي في نسختها الثالثة التي تنظمها الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي “سدايا” بمشاركة أكثر من 450 متحدثًا وحضور نخبة من الشخصيات المحلية والإقليمية والدولية وصنّاع السياسات الاقتصادية وقادة الفكر والمختصين في الذكاء الاصطناعي من 100 دولة يشاركون في أكثر من 150 جلسة وورشة عمل، خلال الفترة من 10 إلى 12 سبتمبر 2024م في مقر مركز الملك عبدالعزيز الدولي للمؤتمرات بمدينة الرياض.


حضر الحفل عدد من أصحاب السمو الأمراء، والمعالي الوزراء، وكبار المسؤولين الدوليين، وقادة الفكر، ورؤساء كبرى شركات التقنية والذكاء الاصطناعي من مختلف أنحاء العالم، والسفراء المعتمدين لدى المملكة.
وألقى معالي رئيس الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي “سدايا” الدكتور عبدالله بن شرف الغامدي، كلمة افتتاح القمة عبر في مستهلها عن خالص شكره وامتنانه لرعاية سمو ولي العهد – حفظه الله – لأعمال القمة في نسختها الثالثة ، وقال : ” إننا في المملكة العربية السعودية نسترشد رحلتنا في مجال الذكاء الاصطناعي برؤية المملكة 2030 ، حيث وضعت القيادة الراسخة لسموه المملكة في مصاف دول الابتكار في الذكاء الاصطناعي، كما حظيت سدايا بدعمه المستمر لتقوم بدورها المناط بها للارتقاء بالمملكة إلى الريادة ضمن الاقتصادات القائمة على البيانات والذكاء الاصطناعي.
وأضاف : نرفع السقف اليوم في هذه القمة وندفع حدود الذكاء الاصطناعي إلى أعلى وأبعد من أجل خير البشرية، ونرى اليوم كيف تطور هذا المجال وأحدث الذكاء الاصطناعي التوليدي الذي يعد ثورة في الإبداع والابتكار والتعاون، وتسبب صعوده في طفرة بالمعلومات، والتزييف العميق، كما شكلت المعلومات المولدة باستخدام الذكاء الاصطناعي معضلة أخلاقية يجب علينا التصدي لها وجهًا لوجه.
وأكد معاليه أن التنافس العالمي على المواهب في مجال الذكاء الاصطناعي يشكل تحديًا معقدًا ومتشابكًا وحاسمًا يتوجب علينا التغلب عليه، واجتذاب الشمال العالمي للمواهب يوسِّع الفجوة؛ مما يهدد التنمية الرقمية والاقتصادية والاجتماعية على الصعيد الدولي، إلا أنه بالرغم من التحديات مازلت مُتفائلاً، وأدعو إلى التعاون للتعامل مع عالم الذكاء الاصطناعي.
واستعرض الدكتور الغامدي الجهود التي بذلتها سدايا في مجال البيانات والذكاء الاصطناعي منذ إنشائها عام 2019م، ومنها تنظيم النسخة الأولى من القمة العالمية للذكاء الاصطناعي ، حيث عُقد وقتها جلسة تشاورية لإنشاء هيئة استشارية للذكاء الاصطناعي تابعة للأمم المتحدة واليوم في النسخة الثالثة من القمة يتم الاحتفال بهذا النجاح، وفي النسخة الثانية من القمة العالمية للذكاء الاصطناعي قدمت سدايا للعالم أكبر حدث لقادة الفكر في الذكاء الاصطناعي.
كما استعرض الجهود الدولية التي بذلتها سدايا من أجل تحقيق الاستفادة من البيانات والذكاء الاصطناعي ومن ذلك استضافة إحدى أكبر مشاورات حوكمة الذكاء الاصطناعي للأمم المتحدة في مدينة الرياض بمشاركة أكثر من 50 دولة ، مشيدًا بجهود منظمة اليونسكو في تشكيل أخلاقيات الذكاء الاصطناعي العالمية، واعترافها في المؤتمر العام لها بالمركز الدولي لأبحاث وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي (ICAIRE) ، تحت رعايتها ضمن الفئة الثانية كمركز دولي مقرّه مدينة الرياض ، مما يؤكد ريادة المملكة في تعزيز أخلاقيات الذكاء الاصطناعي.
وعرّج معاليه على العديد من المشروعات والابتكارات التي عملت عليها سدايا ومنها : نموذج علَّام، وهو نموذج لغوي عربي كبير رائد تمَّ تطويره بفخر في المملكة العربية السعودية، وكذلك ابتكار “صوتك” الذي تم الكشف عنه في النسخة الثانية من القمة العالمية للذكاء الاصطناعي، وهو الأداة الأدق في تحويل الكلام إلى نص باللغة العربية ويغطي 15 لهجة عربية، موضحًا أن وزارة العدل تستخدم “صوتك” لتدوين آلاف الساعات من جلسات المحكمة الافتراضية في كل يوم مما يضع الوزارة بين القادة العالميين في الأنظمة القضائية التي تعمل بالذكاء الاصطناعي.
ولفت معاليه النظر إلى أن سدايا واصلت جهودها في العمل على توظيف استخدام الذكاء الاصطناعي مع الجهات الحكومية لتعمل في مجال الرعاية الصحية على إحداث ثورة في هذا القطاع من خلال الذكاء الاصطناعي بغية مواجهة التحديات الطبية الحرجة مثل : اعتلال الشبكية السكري، كما ساعدت سدايا في تقديم حل قائم على الذكاء الاصطناعي بمسمى “عيناي” الذي أسهم في التشخيص المبكر لـ (846) مريضًا محتملاً في آخر 12شهراً.
وأوضح الدكتور الغامدي أن سدايا ملتزمة بالتصدي لتحديات مواهب الذكاء الاصطناعي المحلية والعالمية، وعليه نظمت أكبر أولمبياد وطني للبرمجة والذكاء الاصطناعي شارك فيه أكثر من 570 ألف طالب وطالبة في المملكة، واليوم تستضيف المملكة أول أولمبياد دولي للذكاء الاصطناعي، بمشاركة أكثر من 25 دولة يتنافسون الآن بمكان آخر في الرياض.
وبين معاليه أن سدايا واصلت مسيرتها في بناء القدرات الوطنية وعملت على تحقيق المساواة بين الجنسين بنسبة 50% في القوى العاملة في مجال الذكاء الاصطناعي في سدايا؛ كما أنها وصلت إلى العالمية في جهودها الإنسانية لتسهم في تعزيز المساواة بين الجنسين على الصعيد العالمي، مستشهدًا بمبادرة Elevate التي تم إطلاقها في النسخة الثانية من القمة العالمية للذكاء الاصطناعي؛ وتم خلالها صقل مهارات نساء من 28 دولة.
وشدّد الدكتور عبدالله الغامدي أن الذكاء الاصطناعي ليس أداة تحل محل القدرات البشرية، وإنما عامل تمكين قوي لتوسيع نطاق القدرة البشرية، مفيدًا أن هذه الرحلة لا تتعلق فحسب بالمُنجزات التقنية، وليست سباقاً نحو أذكى ذكاء صناعي؛ إنما تتعلق بصياغة شراكة بين البشر والآلات، لحل التحديات المُلحَّة ولجعل الذكاء الاصطناعي يعمل مع الإنسانية ومن أجلها.
ودعا معاليه من خلال هذه القمة إلى العمل من أجل ذكاء اصطناعي محوره الإنسان، حيث تعزز التقنية الإبداع والتعاطف الإنساني ولا تحل محلها، كما دعا إلى الانضمام لنقاشات القمة العالمية للذكاء الاصطناعي لتجسير الفجوة ولتحسين جودة الحياة، ولإيجاد مستقبل يمكن فيه للتقنية وللإنسانية أن ينسجمان في حياتنا المعاصرة والمستقبلية وتزدهر في وئام مستمر.
من جهته ، تناول معالي وزير الاتصالات وتقنية المعلومات المهندس عبدالله بن عامر السواحة ، خلال الجلسة الأولى للقمة بعنوان ” تمكين المجتمع من خلال التكنولوجيا القائمة على الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي” نظرية الاستثمار في مجال الذكاء الاصطناعي، مبينًا أنها في المملكة تكمن في كيفية الانطلاق من ذروة الطموحات والآمال لتحقيق الإنتاجية للناس وتحقيق الازدهار من خلال المبتكرين المحليين والإقليميين والعالميين.
وقال : يمكننا القياس على الحوسبة السحابية مثلاً ، حيث انطلق الابتكار فيها خلال عام 2006 حتى عام 2013م ومر القطاع بالكثير من التحديات على الصعيد المادي والتقني كذلك، لكنها نجحت في الانتقال من صناعة بلغت قيمتها 10 مليارات دولار إلى سوق واسع تتجاوز قيمته النصف تريليون دولار.
وتطرق معاليه إلى ثلاثة تحديات رئيسة في مجال الذكاء الاصطناعي أولها: الأجهزة وكفاءة الطاقة، مبينًا أن هناك قلة في كفاءة الطاقة المستخدمة بتقنيات الذكاء الاصطناعي، والتحدي الثاني يكمن في التخزين والذاكرة ، حيث يحتاج الإنسان لبعض الوقت لكي يتذكر لكن هناك جهود ملموسة حاليًا لتسريع عملية تطوير أجهزة الذاكرة من قبل العديد من المطورين العالميين، والتحدي الثالث يتعلق بالنماذج حيث قد يحدث الخلط بين المعلومات الحقيقية والخاطئة أو حدوث بعض التحيزات.
وتخلل حفل الافتتاح تقديم عروض مرئية تناولت أبعاد الذكاء الاصطناعي وعلاقته بالإنسان وتطور هذه التقنيات، ثم بدأت بعد ذلك جلسات القمة العالمية للذكاء الاصطناعي التي تستمر على مدى ثلاثة أيام.

المصدر: صحيفة صدى

كلمات دلالية: الأمير محمد بن سلمان القمة العالمية للذكاء الاصطناعي ولي العهد فی مجال الذکاء الاصطناعی والذکاء الاصطناعی الاصطناعی ا فی المملکة فی النسخة من خلال أکثر من

إقرأ أيضاً:

رمضان ومطبخ الذكاء الاصطناعي

بعد أن جرى استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل جزئي فـي مسلسلات رمضان الماضي كمشاهد الحرب والديكورات الفخمة والمؤثرات السمعية والبصرية، هل سيتغلغل الذكاء الاصطناعي أكثر، ويوسّع دائرته، ليصبح عنصرا أكثر فاعلية فـي الدراما؟

الإجابة واضحة، ومتوقّعة، فاستعانة مخرج مسلسل (الحشّاشين) بيتر ميمي، بالذكاء الاصطناعي لتقليل التكلفة الإنتاجية، لقيت قبولا من الجمهور، فالتطورات سريعة، والطوفان الذي انطلق قبل سنوات لا يمكن إيقافه، فضلا عن أنّ مواكبة التطوّرات مطلوبة، كما أنّ توظيف التكنولوجيا الحديثة فـي الدراما صارت واقعا.

المشكلة أن الذكاء الاصطناعي بإمكانه أن يكتب، ويخرج ويمثّل ويصمم ويلحن ويغني «ويفعل ما يشاء، هو لا مخيّر ولا مسير، هو لا يؤمن إلّا بقدرته وأقداره» كما يقول الباحث السوداني يوسف عايدابي.

وخلال حضوري المؤتمر الفكري المصاحب لفعاليات مهرجان المسرح العربي، شاهدت تجربة مسرحية سورية، عُرضت بواسطة الفـيديو، ونفّذت بطريقة الذكاء الاصطناعي حملت عنوان (كونتراست) للمخرج أدهم سفر وقد بلغت مدة عرضها (17) دقيقة كانت مزيجا من الرقص التعبيري والباليه، وقد حضر الإبهار لكن غاب الإحساس، والمسرح الذي ألفناه، وتربينا عليه، وعلى عناصره التي يمكن إجمالها، بالحوار والسرد والبناء الدرامي، والرسالة، فقد حضرت التكنولوجيا بقوّة، لتزيح بعضا من تلك العناصر، عبر التركيز على الأداء الجماعي، والمشاهد البصرية، والأمر نفسه بالنسبة للدراما التلفزيونية، خصوصا أنّ المخرج محمد عبدالعزيز خاض قبل عامين تجربة من هذا النوع فـي مسلسله (البوابات السبع) فقدّم صناعة درامية كاملة لأعمال من الذكاء الاصطناعي، وبكلّ ثقة قال: «فـي المستقبل القريب لن نكون بشرا لوحدنا، بل سنندمج مع الذكاء الاصطناعي ونصبح طرفا واحدا، نحن هنا على مشارف نهاية هذا الإنسان والبدء برحلة جديدة للإنسان المندمج مع التطبيقات الذكية».

وإذا كان الممثل الأمريكي توم هانكس يتوقّع أنّه سيستمر بالتمثيل حتى بعد رحيله عن هذا العالم بفضل الذكاء الاصطناعي، فهذا الأمر حصل بالفعل مع الممثل المصري طارق عبدالعزيز الذي وافته المنية قبل استكمال تصوير مشاهده فـي مسلسل (بقينا اثنين)، فلجأ المخرج إلى تقنية الذكاء الاصطناعي ليستكمل تصوير مشاهده المتبقية، وبذلك قلّلت، هذه التقنية، من مخاوف المخرجين من رحيل أحد الممثلين قبل استكمال تصوير مشاهده، كما حصل مع الفنان رشدي أباظة عندما توفّي عام 1982 أثناء تصوير فـيلمه الأخير (الأقوياء)، فجاء المخرج أشرف فهمي ببديل هو صلاح نظمي، وكانت معظم المشاهد التي صوّرها للممثل البديل جانبية لإيهام الجمهور أنّ الذي يقف أمام عدسة الكاميرا هو رشدي أباظة، وهذه (الخدعة) لم تنطلِ على الجمهور، وغاب الفعل الدرامي، فكان نقطة ضعف فـي الفـيلم.

ومع هذه المحاسن، سيواجه هذا النوع من الدراما معارضة فـي بادئ الأمر، من قبل المشتغلين بصناعة الدراما والسينما، لأن الذكاء الاصطناعي سيجعل المنتجين يستغنون عن خدمات الكثير من العاملين فـي هذا القطاع، وهو ما جعل العاملين فـي استوديوهات هوليوود يضربون عن العمل مطالبين نقابة الممثلين بتوفـير حماية لهم من هذا الخطر الذي هدّدهم برزقهم! أما بالنسبة للجمهور فسيتقبلها تدريجيا، ويعتاد عليها مثلما تقبل مشاهدة اللقطات التي جرى تصويرها رقميا فـي أعماق البحر بفـيلم (تيتانك)، للمخرج جيمس كاميرون (إنتاج 1997)، وأظهر السفـينة بحجمها الكامل فـي تجربة رائدة فـي التصوير الرقمي، سينمائيا، وزاد ذلك فـي رفع وتيرة المؤثرات، والإبهار وأضاف، رقميا، الكثير من الماء والدخان، فنجح الفـيلم نجاحا كبيرا، وكان الإبهار الذي صنعه التصوير الرقمي من عوامل النجاح، تبعا لهذا، يمكننا تقبّل دخول الذكاء الاصطناعي فـي حقل الدراما إذا لعب الذكاء الاصطناعي دورا تكميليّا، كما قال د. خليفة الهاجري خلال حديثه عن التصميم المسرحي والذكاء الاصطناعي، فهو «ليس بديلًا للمصمّم البشري، بل أداة تكميليّة يمكن أن تعزّز الإبداع، والابتكار فقط» وعلينا أن نضع فـي الاعتبار احتمالية الاستغناء عن الكومبارس والإبقاء على الممثلين الرئيسيين لأسباب تسويقية، والمخيف حتّى هؤلاء سيطالهم الاستغناء، وينسحبون تدريجيا ليصيروا ضيوف شرف على مائدة دراميّة تعدّ بالكامل فـي مطبخ الذكاء الاصطناعي !!

مقالات مشابهة

  • إيران تكشف عن منصتها الوطنية للذكاء الاصطناعي
  • هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يستبدل محرك بحث جوجل؟
  • اتفاقية تعاون بين مدارس الإمارات الوطنية وجامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي
  • اتفاقية بين مدارس الإمارات الوطنية وجامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي
  • جامعة عجمان ضمن أفضل 100 جامعة عالمياً في علم البيانات والذكاء الاصطناعي
  • نموذجين للذكاء الاصطناعي مخصصين للروبوتات من جوجل
  • الذكاء الاصطناعي.. معركة عالمية تعيد تشكيل خارطة القوى السياسية والاقتصادية «جيوبولتيكال فيوتشرز»: النخبة الأمريكية أدركت أن التفوق في الذكاء الاصطناعي سيحدد موازين القوى العالمية مستقبلاً
  • غوغل تطلق نموذجين للذكاء الاصطناعي مخصصين للروبوتات
  • رمضان ومطبخ الذكاء الاصطناعي
  • طحنون بن زايد: الإمارات مستثمر رائد في حلول التكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي