الاقتصاد الأميركي.. هزات جديدة في الطريق
تاريخ النشر: 11th, August 2023 GMT
الاقتصاد الأميركي ... هزات جديدة في الطريق
تبدلت الصورة الذهنية للدولة مصدرة الدولار، عملة الاحتياطي النقدي الأولى وتسعير السلع والخدمات.
حتى مع تفادي الركود فإن خطر الانكماش ما زال مرتفعاً للغاية مع عدم انتهاء البنك الفيدرالي من برنامج رفع أسعار الفائدة.
عودة الشكوك بصحة القطاع المصرفي الأميركي الذي تعرض لهزة عنيفة وإفلاس بعض وحداته في شهر مارس/ آذار الماضي.
زاد من الحالة الخطرة تشكيك مؤسسات التصنيف العالمية الكبرى في صحة الاقتصاد الأميركي والتحذير من الوضع المالي للبلاد.
لا يتوقف الأمر على تزايد مخاطر الثقة وتفاقم الدين العام، فلا يزال خطر دخول الاقتصاد الأميركي في حالة ركود اقتصادي قائما ومحتملا.
أخطر الأزمات المتوقعة مخاطر التعثر المالي وفقدان الثقة بأكبر اقتصاد بالعالم، واهتزاز مصداقية المركز المالي والاستثماري الأهم بين أسواق المال العالمية.
المشهد معقد ومربك: زيادة كبيرة بأسعار الفائدة وتراجع في الطلب على سندات الخزانة، وانخفاض الثقة في أصول الدين وخفض تصنيفات متتال للدولة أو المصارف.
مخاوف من عدم وجود ما يكفي من الأموال في الخزانة العامة لدفع جميع الفواتير ورواتب الموظفين، مما يصب في خطر اقتراب الدولة مجدداً من التخلف عن السداد.
تؤكد الحكومة الأميركية واقتصاديون ومؤسسات مالية أن الاقتصاد الأميركي أقوى من أن يقع في أزمة ديون بنموه المتسارع وتراجع البطالة وجاذبية أصوله وسنداته وبنوكه للاستثمار.
* * *
ما إن تنفس الاقتصاد الأميركي الصعداء في الفترة الأخيرة وتغلب، إلى حد ما، على الأزمات العنيفة التي تعرض لها منذ اشتعال حرب أوكرانيا ومنها التضخم الجامح وخطر الركود وإفلاس الشركات وتراجع معدل النمو، حتى ظهرت أزمات من نوع آخر باتت تهدده بشدة.
أخطر تلك الأزمات مخاطر التعثر المالي، وبوادر فقدان الثقة بأكبر اقتصاد حول العالم، وهز مصداقية المركز المالي والاستثماري الأهم بين أسواق المال العالمية، وتبدل الصورة الذهنية للدولة مصدرة الدولار، عملة الاحتياطي النقدي الأولى وتسعير السلع والخدمات.
فقد أصبح خطر تخلف الولايات المتحدة عن سداد ديونها للدائنين المحليين والأجانب اليوم محتملا، وفرص حدوثه أكبر مما كان عليه في عام 2011، عندما اقترب الاقتصاد الأميركي وقتها من الهاوية، وانخفض تصنيفه الائتماني.
زاد من تلك الحالة الخطرة تشكيك مؤسسات التصنيف العالمية الكبرى هذه الأيام في صحة الاقتصاد الأميركي والتحذير من الوضع المالي للبلاد، فقبل أيام خفضت مؤسسة فيتش العالمية التصنيف الائتماني للولايات المتحدة لأول مرة منذ العام 2011.
وهناك توقعات بأن تصدر تخفيضات مماثلة عن الوكالتين الأبرز في العالم، وهما ستاندرد أند بورز وموديز، علما أن الوكالة الأخيرة خفضت هذا الأسبوع تصنيف 10 بنوك أميركية صغيرة، وهو ما أدى إلى عودة الشكوك بصحة القطاع المصرفي الأميركي الذي تعرض لهزة عنيفة وإفلاس بعض وحداته في شهر مارس/ آذار الماضي.
وهناك تحذيرات من أن تمتد تخفيضات التصنيف لبنوك أميركية متوسطة وكبيرة الحجم، وهو ما يهز ثقة المودعين ويدفع أصحاب المدخرات نحو سحب أموالهم، خاصة من البنوك الصغيرة التي لا تحظى بحماية فيدرالية لودائعها.
ولا تزال كلفة رفع سعر الفائدة على الدولار ترهق الخزانة الأميركية، حيث تم رفعها 11 مرة منذ مارس 2022، علما أن الكلفة ستتواصل، وأن خفض الفائدة، إن تم، فلن يحدث بشكل سريع، فهناك توقعات أن تكون بداية خفض السعر من جانب الاحتياطي الفيدرالي في الربع الثاني من عام 2024. ينطبق ذلك على نفقات مشروعات الرعاية الاجتماعية والبنية التحتية.
لا يتوقف الأمر على تزايد مخاطر الثقة وتفاقم الدين العام، فلا يزال خطر دخول الاقتصاد الأميركي في حالة ركود قائما ومحتملا، مع استمرار الاحتياطي الفيدرالي في رفع أسعار الفائدة، وذلك وفق توقعات بنوك وصناديق أميركية كبرى، منها بنك أوف أميركا، ثاني أكبر بنك في الولايات المتحدة.
صحيح أن البنوك الأميركية العملاقة وآخرها جي بي مورغان وغولدمان ساكس تراجعت عن توقعات سابقة بدخول الاقتصاد الأميركي في حال ركود، إلا أن الخطر لا يزال قائما، وحتى في حال تفادي الركود فإن خطر الانكماش ما زال مرتفعاً للغاية مع عدم انتهاء البنك الفيدرالي من برنامج رفع أسعار الفائدة.
بل إن وزيرة الخزانة جانيت يلين خرجت علينا قبل نحو شهر وأكدت أنها لا تستبعد خطر حدوث ركود اقتصادي في الولايات المتحدة ، قائلة إنه "مناسب وطبيعي" للنمو المعتدل وأن التضخم لا يزال مرتفعا للغاية.
وعلى الرغم من تفاخر الرئيس الأميركي جو بايدن بجذب بلاده أكثر من 435 مليار دولار استثمارات أجنبية في الصناعة الأميركية والطاقة النظيفة منذ توليه مهام منصبه، إلا أن هذا الرقم وغيره من الإيرادات يظل ضعيفا مقارنة بالعجز المتوقع في ميزانية 2024 والبالغ 1.8 تريليون دولار، ولا يقلل من مخاطر تزايد أعباء الدين العام الذي تجاوزت قيمته 32 تريليون دولار.
اليوم، المشهد في الولايات المتحدة يبدو معقداً ومربكا، فهناك زيادة كبيرة في أسعار الفائدة، وتراجع في الطلب على سندات الخزانة، وانخفاض مستوى الثقة في أصول الدين، وخفض تصنيفات متتال سواء للدولة أو وحدات القطاع المصرفي، ومخاوف من عدم وجود ما يكفي من الأموال في الخزانة العامة لدفع جميع الفواتير بما فيها رواتب الموظفين، وهذا كله ما يصب في خطر أكبر هو اقتراب الدولة مجدداً من خطر التخلف عن السداد.
في مقابل تلك الحالة، فإن الحكومة الأميركية وعددا من الاقتصاديين والمؤسسات المالية الكبرى يؤكدون على أن الاقتصاد الأميركي أقوى من أن يقع في أزمة ديون بفضل نموه المتسارع وتراجع البطالة وإضافة فرص عمل جديدة وجاذبية أصوله وسنداته وقطاعه المصرفي للاستثمار، فهل تصدق تلك التوقعات، أم تصدق توقعات فيتش وأخواتها؟
*مصطفى عبد السلام كاتب صحفي اقتصادي
المصدر | العربي الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: أميركا ركود تضخم الاقتصاد الأميركي الفيدرالي الأميركي إفلاس الشركات أسواق المال الاقتصاد الأمیرکی الولایات المتحدة أسعار الفائدة لا یزال
إقرأ أيضاً:
منخفض جوي يسبب الأمطار وتراجع الحرارة في العراق
فبراير 16, 2025آخر تحديث: فبراير 16, 2025
المستقلة،/- يشهد العراق في الأيام الحالية تأثيرات منخفض جوي يؤثر على الطقس في مختلف مناطق البلاد، ما يؤدي إلى تساقط الأمطار وانخفاض في درجات الحرارة بمقدار 3 درجات تقريباً. هذه التغيرات الجوية أثرت على الأنشطة اليومية وأثارت قلق المواطنين بشأن التغيرات المفاجئة في الطقس، خاصة مع تزايد حاجة الفلاحين والمزارعين إلى استقرار الأحوال الجوية في فترة الشتاء.
تأثير المنخفض الجوي على الطقسالمنخفض الجوي الذي يؤثر على العراق في الوقت الحالي يتسبب في هطول أمطار غزيرة على بعض المناطق، خاصة في المناطق الشمالية والغربية. كما أدى المنخفض إلى انخفاض ملحوظ في درجات الحرارة، حيث تشير التوقعات إلى أن الحرارة ستنخفض بحوالي 3 درجات مئوية خلال الأيام المقبلة.
وقد يرافق هذا المنخفض نشاط ملحوظ في الرياح، ما يزيد من الشعور بالبرودة في مختلف المناطق، وهو ما يفرض على المواطنين اتخاذ احتياطات إضافية للحفاظ على صحتهم.
المناطق الأكثر تأثراًمن المتوقع أن تشهد المناطق الشمالية والغربية من العراق كالموصل وكركوك والسليمانية ودهوك أمطاراً غزيرة، بينما ستتأثر المناطق الوسطى والجنوبية بإنخفاض تدريجي في درجات الحرارة وأمطار متفرقة. هذا التغير في الطقس سيؤثر على حركة النقل والسفر في بعض المناطق، خاصة مع تراكم المياه في الشوارع وتدني الرؤية في بعض المناطق.
تأثيرات المنخفض على الأنشطة اليوميةمن الممكن أن يؤثر هذا المنخفض الجوي على بعض الأنشطة اليومية مثل التنقلات في الطرقات. كما أن الأمطار قد تشكل تحديات للمزارعين في بعض المناطق التي تعتمد على الزراعة الشتوية. لكن على الجانب الإيجابي، يعتبر هذا المنخفض مفيداً للزراعة في بعض المناطق، حيث تسهم الأمطار في تحسين إنتاج المحاصيل الزراعية.
نصائح للوقاية من تأثيرات الطقس الباردفي ظل هذه التغيرات الجوية، يوصي خبراء الأرصاد الجوية المواطنين بارتداء الملابس الدافئة وتجنب التعرض المباشر للأمطار والرياح القوية. كما يُنصح بتوخي الحذر أثناء القيادة في المناطق التي قد تشهد انخفاضاً في الرؤية أو تراكم مياه الأمطار.
خاتمةيظل تأثير المنخفض الجوي على الطقس في العراق مسألة حيوية في هذه الفترة، حيث يؤدي إلى تقلبات جوية قد تستمر لعدة أيام. بينما يواجه العراق بعض التحديات بسبب الأمطار والرياح، فإن هذه الظروف تعتبر جزءاً من فصل الشتاء في المنطقة، ويجب على المواطنين اتخاذ الاحتياطات اللازمة لمواجهة هذه التغيرات الجوية.