نصف الأفغانيين تحت خط الفقر ومنظمات أممية تدق ناقوس الخطر
تاريخ النشر: 10th, September 2024 GMT
كابل- حان وقت الغداء، ولا تجد السيدة الأفغانية "نازية" ما يسدّ رمق أبنائها الذين تسكن معهم في أحد الأحياء العشوائية بأطراف العاصمة الأفغانية كابل، سوى الشاي وبعض كسرات من الخبز الجاف، بعد أن عادت عصرا من وظيفتها كعاملة نظافة في إحدى الحضانات الحكومية.
تقول نازية "استشهد زوجي في الحرب، وأنا أعمل في هذه الوظيفة منذ سنوات وأحصل على راتب شهري قدره 70 دولارا، وهذا المبلغ لا يكفي لسد احتياجاتنا الأساسية، اضطررت لإخراج ابني الكبير من المدرسة ليعمل بإحدى ورش صيانة السيارات، ليساعدني في تأمين احتياجاتنا".
وتُعد عائلة نازية واحدة من العائلات الأفغانية التي تعيش تحت خط الفقر، والتي تشكل نصف السكان في البلاد بحسب تصريح لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا" في أفغانستان، الذي عبّر عن قلقه من خفض ميزانيات المساعدات الإنسانية لتلبية الاحتياجات المتزايدة في البلاد، حيث إن "واحدا من كل أفغانيين اثنين يعيش حاليا تحت خط الفقر".
وفي الذكرى الثالثة لوصول حركة طالبان للحكم في أفغانستان، وعلى الرغم من تأكيدها مرارا على أنها تعمل لزيادة التنمية، وإيجاد فرص عمل للشباب، وتحسين مستوى معيشة السكان، فإن الوضع يزداد سوءًا يوما بعد يوم، بحسب التقارير الأممية.
وقالت المنظمة التابعة للأمم المتحدة في تغريدة على منصة "إكس" الخميس الماضي، "على الرغم من بقاء 4 أشهر حتى نهاية العام 2024، فإن المجتمع الدولي قدم 25% فقط من الأموال المطلوبة هذا العام لمساعدة المحتاجين".
ووفقا للأمم المتحدة، ينتشر الفقر والجوع بين الأفغان يوما بعد يوم، حيث تكسب 80% من الأسر الأفغانية أقل من دولار واحد في اليوم لكل فرد من أفراد الأسرة.
وفي الوقت الذي يحتاج فيه 23.7 مليون شخص في أفغانستان إلى مساعدات إنسانية هذا العام، فإن الأمم المتحدة وشركاءها لا يستطيعون توفير مساعدة لأكثر من 17.3 مليونا منهم.
كما أعرب برنامج الغذاء العالمي عن قلقه من خفض الميزانية المخصصة للتعامل مع الأزمة الإنسانية في أفغانستان، وقال إن ما لا يقل عن مليون طفل وأم مرضع لا يستطيعون حاليا الحصول على الغذاء الخاص المعدّ للوقاية من سوء التغذية.
وشددت الوكالة التابعة للأمم المتحدة على أن النساء والأطفال سيعانون أكثر من غيرهم من تخفيضات الميزانية، وقال المكتب "لقد وزعت المنظمات الدولية مساعدات إنسانية على 12.1 مليون أفغاني في الأشهر الستة الأولى من هذا العام".
تعيش السيدة الأفغانية حميرا، في منزل طيني بإحدى قرى بدخشان النائية، وتقول إنها وعائلتها كانوا يعتمدون على عمل زوجها في الزراعة لتوفير احتياجاتهم، لكنه توقف عن العمل بعد أن أصيب بتليّف الرئة، ولديها 3 أطفال يعاني اثنان منهم من سوء التغذية.
تقول حميرا "في السنوات السابقة كنا نحصل على المساعدات من المواد الغذائية ومواد التدفئة في الشتاء من إحدى المنظمات الدولية، والآن انخفضت هذه المساعدات كثيرا، نحن نعيش في حالة سيئة جدا".
وتشير الإحصائيات الصحية في أفغانستان إلى ارتفاع نسبة وفيات الأطفال بسبب سوء التغذية، فعلى سبيل المثال أعلنت مصادر صحية محلية في ولاية "بدخشان" (شمال شرق) مؤخرا، وفاة 26 طفلا على الأقل بسبب سوء التغذية في المستشفى المركزي للإقليم، علما أن هذه الإحصائية لمدة 6 أشهر فقط، وفي مستشفى واحد، ولا تشمل المستشفيات والمراكز الصحية الأخرى.
وفي وقت سابق، حذّرت منظمات إغاثة دولية أيضا من أن أفغانستان ستكون معرّضة لخطر التحول إلى "أزمة منسية" دون الدعم والمشاركة المستمرين من المجتمع الدولي، فوفقا لبرنامج الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، فإن 52% من محتاجي المساعدات (وعددهم نحو 23.7 مليون شخص) هم من الأطفال، و25% منهم نساء.
وقالت الأمم المتحدة أيضا إن انعدام الأمن الغذائي منتشر في أفغانستان، مع نزوح 6.3 ملايين شخص داخليا، وتضاعف البطالة مقارنة بالعام الماضي.
عوامل زيادة الفقرتقول مرضية، وهي أستاذة جامعية سابقة، إن زوجها كان يعمل قاضيا في الحكومة السابقة، ومع وصول طالبان للحكم، تم استبعاده من عمله مثل معظم العاملين في السلك القضائي، وهو ما جرى معها أيضا بعد قرار منع الفتيات من التعليم الجامعي.
وتضيف "لدي ابنتان، إحداهما كانت طالبة جامعية تدرس الطب في السنة الخامسة، والأخرى في السنة الثانية بقسم الأدب الفارسي، الآن كلتاهما تجلسان في البيت بعد إغلاق الجامعات، نحن أسرة متعلمة، ومع ذلك فإننا اليوم لا نكاد نجد قوت يومنا، أفكر جديا بالهجرة إلى مكان آخر حيث يمكننا العمل ويمكن لبناتي مواصلة تعليمهن".
ويُنسب للسياسات التي اتبعتها حركة طالبان السبب في ارتفاع نسبة الفقر بصورة كبيرة في السنوات الأخيرة، ولا سيما بعد إخراج أعداد كبيرة من موظفي الحكومة السابقة من وظائفهم، إضافة لمنع النساء من العمل في الدوائر الحكومية أولا، ثم منعهن أيضا من العمل في المنظمات الدولية والمحلية، كما مُنعت معظم الأعمال التي تديرها النساء، وأبرزها صالونات التجميل، مما أدى إلى فقد الآلاف من العائلات الأفغانية لمصادر رزقها.
ومن جهة أخرى أدى خفض المساعدات الإنسانية الدولية إلى تفاقم مشكلة الفقر والجوع في أفغانستان، كما ساهم خفض رواتب الموظفين الحكوميين إلى أقل من 50%، إضافة لعدم تسديد معاشات المتقاعدين لتدهور الحالة الإنسانية لعائلاتهم، ومنهم فيروز خان وهو أحد المتقاعدين الذين يتظاهرون يوميا أمام وزارة المالية مطالبين بمعاشهم.
يقول خان إنه عمل لمدة 40 عاما في وزارة المالية، وهو الآن في السبعين من عمره، ويعاني من عدة أمراض مزمنة، ولديه عائلة كبيرة، ويشتكي من عدم تسديد معاشه التقاعدي. وتحدث وهو يجهش بالبكاء "هذا ظلم ما بعده ظلم، لقد وهبت شبابي وحياتي خدمة لوطني، وعملت جاهدا لسنوات، والآن هذا هو جزائي".
وعلى الرغم من أن حكومة طالبان لم تعلق حتى الآن على تقرير منظمة "أوتشا" فإن المتحدث الرسمي لوزارة الاقتصاد عبد الرحمن الحبيب، كان قد علّق في وقت سابق على تقرير لبرنامج الغذاء العالمي حول ارتفاع مستويات الفقر في أفغانستان قائلا "إن الوضع الاقتصادي الحالي أفضل بالمقارنة مع الوضع السابق".
وأضاف المتحدث أنه بسبب التغيرات المناخية، والقيود المفروضة على البلاد، وتجميد الأصول المالية من النقد الأجنبي، وضعف البنية التحتية، فإن مشكلتي البطالة وانعدام الأمن الغذائي تؤثران سلبيا على السكان، "ونحن نعمل جاهدين لإيجاد برامج اقتصادية تدعم الأسر الأفغانية وترفع قدرتها الشرائية".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الأمم المتحدة فی أفغانستان سوء التغذیة
إقرأ أيضاً:
تحذير أممي من التداعيات الإنسانية في دارفور
أطلق مسؤول أممي تحذيراً من أن الصراع المستمر لا يزال يعرّض المدنيين للخطر في جميع أنحاء السودان.
التغيير: وكالات
حذّرت الأمم المتحدة من عواقب استمرار الأعمال العدائية في أنحاء دارفور بالسودان، مما دفع آلاف الأشخاص إلى الفرار من ديارهم وسط تدهور الأوضاع الإنسانية وتقييد جهود الإغاثة.
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، إن أكثر من 4000 شخص نزحوا حديثا في ولاية شمال دارفور خلال الأسبوع الماضي وحده بسبب تصاعد العنف في الفاشر، بما في ذلك مخيم زمزم للنازحين حيث تأكدت حالة المجاعة.
وخلال مؤتمره الصحفي يوم الأربعاء قال دوجاريك: “العائلات النازحة، بمن فيهم العديد من النساء والأطفال، بحاجة ماسة إلى مأوى. إنهم بحاجة إلى الغذاء والماء والإمدادات الطبية، لكن فجوات التمويل الحادة والتحديات اللوجستية تعيق قدرة منظمات الإغاثة على الاستجابة. وأخبر أحد الشركاء في مخيم زمزم أبلغ زملاءنا أن ارتفاع التكاليف ونقص الوقود أجبرا على تعليق نقل المياه بالشاحنات للنازحين الجدد هناك”.
منذ أبريل 2023، نزح أكثر من 400 ألف رجل وامرأة وطفل داخل أو خارج محلية الفاشر، عندما بدأت هذه الجولات الأخيرة من الأعمال العدائية.
وشدد دوجاريك على أن الصراع المستمر لا يزال يعرّض المدنيين للخطر في جميع أنحاء السودان.
وقال إن اشتداد القتال في ولاية الخرطوم عطّل فترة من الهدوء شهدتها الأحياء الغربية من أم درمان، مضيفا أن هناك أيضا تقارير تفيد بنزوح مدنيين جدد، وهم بحاجة إلى الحماية والمساعدة الإنسانية بشكل عاجل.
وأشار إلى أن هجوما بالطائرات المسيرة في شمال السودان في وقت سابق من هذا الأسبوع أدى إلى تعليق العمليات في سد مروي، “مما تسبب في انقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع في عدة ولايات”.
وقال إن الضربات، حسبما ورد، تسببت في سقوط ضحايا من المدنيين وألحقت أضرارا بالبنية التحتية الحيوية، “مما يؤكد التأثير المتزايد لهذا الصراع على الخدمات الأساسية”.
وكرر المتحدث باسم الأمم المتحدة دعوته إلى وقف فوري للأعمال العدائية وإتاحة وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق في جميع أنحاء السودان. كما حث المانحين على زيادة التمويل “للحفاظ على استمرار الخدمات المنقذة للحياة ومساعدة الوكالات في الوصول إلى المحتاجين في المناطق المتضررة من العنف والجوع الحاد”.
الوسومأم درمان الأمم المتحدة الخرطوم السودان دارفور ستيفان دوجاريك سد مروي