من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي .. شتي أيلول
تاريخ النشر: 10th, September 2024 GMT
“ #شتي_أيلول”
من أرشيف الكاتب #أحمد_حسن_الزعبي
نشر بتاريخ .. الأحد 29-9-2019
ما زلت أنظر من نافذتي كل صباح ، أفتّش في وجه السماء عن أسرابٍ قادمة من هناك ،عن ضبط مزاج التوقيت ، عن #غيمة مختلفة اللون تسحبها الريح إلى طرفي الخيمة الزرقاء، عن برتقالة الضوء تصعد إلى درج النهار، فأجدها خاوية ، زرقاء مملة مثل شاشة تلفاز معطوب لا تفاصيل فيها ولا زوار.
حتى الوقت صار مثل موظف رسمي،يقوم بواجبه الروتيني دون متعة ، يقوم بما يقوم به لأنه اعتاد على ذلك ،والفصول أراها تمرّ فوق جغرافيا أعمارنا فقط لأنها الفصول ، لم تعد تحمل إلينا الهدايا من #كيس_الذكريات،أو تفوح منها رائحتها المميزة ، لم تعد تخبئ لنا #الغيم_الشهي مثل “شعر البنات” خلف ظهرها لتفاجئنا برشّة #مطر، لم تعد تنثر لنا #العصافير التائهة وقت الغروب..صارت تعود وتغادر في نفس الوقت من السنة ، تغلق باب العمر خلفها دون أن يلامس الجلد قشعريرة برد أو وحدة..
**
عندما كنّا أطفالا كان #الخريف شاباً ، يفرحنا ،يمازحنا ، ينفخ علينا هواء بارداً وقت الغروب ، يغني للنمل فتخرج الأسراب من ثقوب الطين لتسرق القمح المكسر والشعير الضعيف من تحت غربال أمي ، كان يهزّ بيده شجرة التوت فيتساقط شيبها الأصفر المخبأ بين الأخضر الكثيف ، كانت ريحه تعاكس اتجاه الدجاج فينفش ريشها وتعيش دور الزعامة ، كان يحضر لنا أطباقاً سماوية من طيور “أبو سعد” المهاجرة ، تلف فوق حارتنا بشكل دائري نرفع رؤوسنا عالياً عالياً، تدغدغ السماء عيوننا فندمع لا فرحاً ولا حزناً ولكن لأن عيوننا لا تحتمل زرقتها ،نصغي السمع قليلاً لنلتقط صرخات الطيور شاهقة الارتفاع ونضيفها مفردة جديدة الى قاموس المتعة ، كنا نشعر بالنشوة عندما نرفع رؤوسنا لنراقب الطيور القادمة من الشمال والغرب ، فهي الفرصة الوحيدة لنرفع رؤوسنا ،حتى هذه صادرها منا فرق التوقيت وثقل هموم الرأس ولم نعد نلتقطها..
كنا صغاراً، وكان للعجين الخامر وقت الخريف رائحة مختلفة ، وللخبز النائم في “منسفة القش” طعم مختلف ، كنا صغاراً وكنا نطرب إذا ما سقط “لقن الغسيل” المركون منذ الصباح ونركض لنرى “ #أيلول”، أيلول الذي يوقع الأشياء كلها بدءاً من ورق العنب الى “لقن الغسيل” الى قلب الصبية في حب جارها..الى الرمان الناضج تحت الشجرة…أيلول القديم كان يجبرنا أن نخرج من الخزانة معاطفنا وطواقينا لنستقبل أول قطرات المطر فوق “صبة العريشة” لنحتفي بــ”شتي أيلول”..
أيلول صار قاسياً الى درجة أنه لم يعد يعنيه طول انتظارنا،ولم يعد يبكيه حالنا..
أيلول يعلن إضرابه هو أيضاَ..تاركاً دفاتر ذكرياتنا يكسوها الفراغ..
احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com #70يوما #الحرية_لأحمد_حسن_الزعبي #صحة_احمد_في_خطر #سجين_الوطن مقالات ذات صلة بعد عرضه في تورونتو.. فيلم “ملفات بيبي” يقض مضجع نتنياهو! 2024/09/10
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: غيمة مطر العصافير الخريف أيلول الحرية لأحمد حسن الزعبي سجين الوطن
إقرأ أيضاً:
الكاتب البريطاني سومرست موم .. لماذا أصبح جاسوسا؟
في مثل هذا اليوم، 16 ديسمبر 1965، رحل الكاتب البريطاني الشهير سومرست موم، الذي جمع بين الشهرة الأدبية وحياة مثيرة مليئة بالصراعات والتساؤلات.
برغم إنتاجه الأدبي الغزير وشهرته كواحد من أعظم الكُتاب البريطانيين في القرن العشرين، يبقى السؤال حول كونه جاسوسًا للحكومة البريطانية أحد أبرز الألغاز في سيرته.
طفولة مأساويةوُلد سومرست موم في باريس عام 1874 لعائلة دبلوماسية؛ حيث كان والده يعمل في السفارة البريطانية.
عاش طفولة هادئة ومدللة، لكن فقدانه لوالديه في سن مبكرة – والدته وهو في السادسة، ووالده بعد عامين – شكّل منعطفًا حاسمًا في حياته، إذ انتقل للعيش مع راعي كنيسة، هذه التجارب المبكرة انعكست في أعماله الأدبية لاحقًا.
البداية الأدبيةبدأ موم دراسته في الطب، لكنه لم يكملها، حيث انجذب إلى الكتابة الأدبية. قدّم أول رواياته وهو في الثالثة والعشرين من عمره، لكنه برز ككاتب مسرحي بعد نجاح مسرحيته “الليدي فريديريك” عام 1907.
هذا النجاح فتح له أبواب الطبقات الراقية في المجتمع البريطاني وساعده على تحقيق شهرة كبيرة.
قمة النجاح والتدهور الشخصيفي ثلاثينيات القرن الماضي، أصبح موم من بين أكثر الروائيين البريطانيين ثراءً، مما مكّنه من عيشغ حياة مرفهة والتقرّب من شخصيات بارزة مثل رئيس الوزراء ونستون تشرشل، لكن على الصعيد الشخصي، عانى من أزمات عاطفية وزوجية، خاصة مع زوجته سيري ويلكام، التي وصفها كتاب سيرته بأنها كانت شديدة الطموح والتطلب، مما دفعه إلى الهروب المتكرر عبر السفر والكتابة.
حياة الجاسوسيةخلال الحرب العالمية الأولى، انضم موم إلى هيئة الصليب الأحمر وتعاون مع الحكومة البريطانية كجاسوس، يروي كتاب “الحياة السرية لسومرست موم” تفاصيل هذه المرحلة المثيرة من حياته، التي تتشابك فيها الأدب مع السياسة.
السنوات الأخيرةأمضى موم سنواته الأخيرة في جنوب فرنسا، حيث عاش حياة الرفاهية بعيدًا عن صخب لندن.
خلال تلك الفترة، كان يومه يتوزع بين الكتابة، القراءة، السباحة، ولعب الجولف. ومع ذلك، ظل حضوره الأدبي قويًا عبر أعماله التي ألهمت أجيالًا من الكتّاب والقراء.