القمة المصرية التركية.. خطوة لتطوير العلاقات بالمجالات النووية والمتجددة والغاز المسال (مقال)
تاريخ النشر: 10th, September 2024 GMT
اقرأ في هذا المقال
• الشركات التركية قد تختار تمويل مشروعات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في مصر • الهيدروجين الأخضر يُعدّ عنصرًا متزايد الأهمية في سياسات الطاقة في مصر وتركيا • مصر تواصل أداء دور مهم بفضل مرافق تصدير الغاز المسال في إدكو ودمياط • الهيدروجين الأخضر يُعدّ جزءًا من خطة تركيا الأكبر لتحسين قدراتها بمجال الطاقة المتجددةفي الرابع من سبتمبر/أيلول الجاري 2024، انعقدت القمة المصرية التركية، خلال زيارة أجراها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أنقرة، لتكون نقطة تحول لاستعادة وتحسين العلاقات الثنائية، خصوصًا في قطاع الطاقة.
وشكّل هذا اللقاء التاريخي تغييرًا إستراتيجيا نحو تعاون أعمق في مجالات، مثل الطاقة النووية والطاقة المتجددة والغاز المسال.
وتُعدّ هذه هي المرة الأولى التي يلتقي فيها الرئيسان السيسي وأردوغان، منذ 12 عامًا، على مائدة واحدة خلال القمة المصرية التركية.
ويرغب البلَدان في تعميق تعاونهما بمجال الطاقة، وتريد تركيا شراء المزيد من الغاز المسال من مصر، بالإضافة إلى التعاون في مشروعات الهيدروجين الأخضر والطاقة المتجددة.
القمة المصرية التركية والطموحات المشتركةتوفر طموحات مصر وتركيا المشتركة في مجال الطاقة المتجددة –42% في مصر بحلول عام 2035، و50% في تركيا بحلول عام 2030- الأساس للجهود التعاونية في تطوير طاقة الرياح والطاقة الشمسية والهيدروجين.
بالإضافة إلى تعزيز العلاقات في مجال الطاقة، أدت الزيارة إلى تحسين العلاقات عبر العديد من القطاعات، مع احتمالات لتوقيع أكثر من 20 اتفاقية في المجالات العسكرية والتمويل والصحة.
ومن خلال القمة المصرية التركية، ترغب تركيا في زيادة التجارة الثنائية من 10 مليارات دولار إلى 15 مليار دولار، وزيادة الإمدادات العسكرية، خصوصًا مبيعات الطائرات المسيرة، إلى مصر.
جانب من لقاء الرئيسين السيسي وأردوغان خلال القمة المصرية التركية – الصورة من رويترزوخلال القمة المصرية التركية، وُقِّعت اتفاقية بقيمة 200 مليون دولار لتطوير المناطق الصناعية في مصر.
وتدلّ القمة المصرية التركية على حدوث تغيير جذري في ديناميكيات المنطقة، وتعزز الخطة الأوسع لتركيا لتعزيز العلاقات مع الدول العربية وتعزيز التعاون الاقتصادي.
التعاون في مجال الطاقة المتجددةحددت القمة المصرية التركية أهدافًا طموحة لعلاقات البلدين، وستعطى الأولوية للطاقة المتجددة.
وقد يستفيد تطوير مصر للطاقة المتجددة من الخبرة المهمة التي توفرها تركيا في تكنولوجيا الرياح والطاقة الشمسية، حيث توجد فرص استثمارية محتملة.
من ناحيتها، قد تختار الشركات التركية تمويل مشروعات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في مصر من خلال الاستفادة من سياسات الطاقة المتجددة المواتية في البلاد.
وبحثت الدولتان -خلال القمة المصرية التركية- عن شراكات تعاونية في إنتاج الهيدروجين الأخضر، بالإضافة إلى نقل المعرفة والاستثمار. وقد تشجع مشاركة تركيا في الصناعة، والاتفاقيات الحالية لمصر مع الاتحاد الأوروبي، نمو التعاون.
ويأتي إمكان آخر للتعاون في مجال التصنيع من إمكان استعمال القدرة المصرية لإنتاج مكونات للطاقة المتجددة لإنشاء مركز إقليمي لتصنيع المعدّات من خلال الشراكات التركية المصرية.
وقد تزيد هذه الشراكة من النفوذ الإقليمي لتركيا ومصر، مع عملهما على أن تصبحا مركزين إقليميين للطاقة، مع تركيز مصر على مصادر الطاقة المتجددة وتركيا على الغاز الطبيعي.
ولكي تنجح الشراكة الثنائية في مجال الطاقة، فسوف تحتاجان إلى معالجة قضايا، بما في ذلك تطوير البنية التحتية وتمويل المشروعات والتوافق التنظيمي.
عمومًا، فإن التعاون في مجال الطاقة بين مصر وتركيا يعزز ريادة البلدين في التحول إلى مصادر الطاقة الأكثر خضرة، ويوفر إمكانات كبيرة للتقدم العلمي والنمو المتبادل.
القمة المصرية التركية وشراكة الطاقة: مراجعة شاملةارتفعت واردات تركيا من الغاز المسال المصري بشكل كبير إلى 1.2 مليار متر مكعب في النصف الأول من عام 2024، من 0.2 مليار متر مكعب في المدة نفسها من العام السابق.
وتؤكد هذه الزيادة قرار تركيا بتقليل اعتمادها على الغاز الروسي وتنويع مصادر الطاقة.
من جهتها، تزود مصر تركيا الآن بالغاز المسال عند رابع أكبر مستوى، بعد الولايات المتحدة وقطر والجزائر. ويتوافق هذا التطور مع هدف تركيا في أن تصبح مركزًا رئيسًا للطاقة في أوروبا، ويعكس تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية بين البلدين.
وحدة التخزين وإعادة التغويز العائمة أرطغرل غازي في ميناء دورتيول بمقاطعة هاتاي جنوب تركيا – الصورة من دايلي صباحفي النصف الأول من عام 2024، زوّدت مصر ما يقرب من 15% من إجمالي واردات تركيا من الغاز المسال، التي بلغت 8 مليارات متر مكعب.
ويشكّل ارتفاع الواردات عنصرًا من خطة تركيا الأكبر لتعزيز مكانتها في سوق الطاقة الإقليمية، من خلال الاستفادة من موقعها المميز والبنية التحتية الحالية.
وتستفيد تركيا ومصر من هذه الشراكة، حيث تضمن مصر سوقًا صاعدة لصادراتها من الغاز المسال، في حين تحصل تركيا على إمدادات طاقة أكثر تنوعًا.
ومن المتوقع أن تعمل الاتفاقيات الجديدة بين مصر وتركيا، مع التركيز على التعاون بين الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية (إيجاس) وشركة خطوط أنابيب النفط والغاز التركية (بوتاش)، على تحسين التعاون في تجارة الغاز الطبيعي والغاز المسال.
ومن المتوقع أن يؤدي هذا التعاون الذي دُعِمَ خلال القمة المصرية التركية، إلى زيادة شحنات الغاز المسال من مصر إلى تركيا.
إضافة ذلك، تشمل الاتفاقيات التعاون على صعيد التقنية والبنية التحتية، بما في ذلك التخزين تحت الأرض والبنية التحتية للغاز الطبيعي وتبادل التكنولوجيا.
وتعزز هذه الجوانب تطلعات تركيا للظهور بصفتها مركزًا أوروبيًا للغاز الطبيعي، وهدف مصر المتمثل بتعزيز مكانتها في سوق الطاقة شرق البحر الأبيض المتوسط.
وعلى الرغم من أن الغاز المسال والغاز الطبيعي هما الموضوعان الرئيسان للمناقشة الآن، فإن التعاون المستقبلي في مجال الطاقة المتجددة ممكن.
لقد حددت كل من مصر وتركيا أهدافًا طموحة لاستعمال الطاقة المتجددة: تريد مصر استعمال 42% من طاقتها من مصادر متجددة بحلول عام 2035، بينما تريد تركيا استعمال 50% بحلول عام 2030، و80% بحلول عام 2053.
ويوفر توافق الأهداف هذا أساسًا متينًا للجهود التعاونية في مجال الطاقة المتجددة، خصوصًا الهيدروجين الأخضر.
الهيدروجين الأخضر في الإستراتيجيات المستقبليةيُعدّ الهيدروجين الأخضر عنصرًا بالغ الأهمية بسياسات الطاقة في مصر وتركيا.
وقد حددت تركيا أهدافًا متقدمة لإنتاج الهيدروجين الأخضر، بموجب “إستراتيجية الخطة التفصيلية لتقنيات الهيدروجين”، التي كُشِفت في يناير/كانون الثاني 2023، بهدف خفض تكاليف الإنتاج إلى أقل من 2.4 دولار/كغم بحلول عام 2035، وأقل من 1.2 دولار/كغم بحلول عام 2053.
وتريد تركيا بناء أول مصنع لإنتاج الهيدروجين الأخضر وزيادة سعة المحلل الكهربائي إلى 2 غيغاواط بحلول عام 2030، و5 غيغاواط بحلول عام 2035، و70 غيغاواط بحلول عام 2053.
وتخطط تركيا لاستعمال موقعها الإستراتيجي والبنية التحتية الحالية لتوليد الكهرباء محليًا، واستعمال الهيدروجين للاستعمالات الصناعية، وتصديره إلى أوروبا.
بدورها، تحدد مصر أهدافًا طموحة لإنتاج الهيدروجين الأخضر، على أمل إنتاج 20 مليون طن سنويًا بحلول عام 2035، والحصول على 5% من السوق العالمية بحلول عام 2040.
وفي المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، تعمل مصر على إنشاء مبادرات تتعلق بالهيدروجين والأمونيا، بهدف دمج الهيدروجين في إستراتيجيتها المتكاملة للطاقة المستدامة.
محطة لمعالجة الغاز على طريق السويس الصحراوي خارج مدينة القاهرة في مصر – الصورة من رويترزوتتمتع مصر بالعديد من المزايا، مثل الطاقة المتجددة رخيصة التكلفة، وموقع رئيس للصادرات، ووفرة من موارد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
وتتعامل كلتا الدولتين مع قضايا تشمل بناء البنية التحتية، وجذب الاستثمار، ونقص المياه.
من ناحية أخرى، يمنحهما قربهما من أوروبا ميزة في سوق الهيدروجين.
وللتغلب على هذه العقبات وترسيخ دور مصر وتركيا بصفتهما مورّدَين مهمَّين للهيدروجين الأخضر، سيكون الاستثمار الأوروبي والتعاون التكنولوجي ضروريًا.
التداعيات على ديناميكيات الطاقة الإقليميةاكتُشِفت مكامن الغاز الطبيعي في شرق البحر الأبيض المتوسط، حيث عثرت مصر وقبرص وإسرائيل على احتياطيات بحرية كبيرة.
وتتمتع هذه الموارد بالقدرة على تعزيز أمن الطاقة الإقليمي بشكل كبير.
في المقابل، تواصل مصر أداء دور مهم بفضل مرافق إدكو ودمياط لتصدير الغاز المسال، حتى لو واجه مشروع خط أنابيب شرق المتوسط إيست ميد -الذي كان من المفترض أن ينقل الغاز من حوض شرق المتوسط إلى اليونان وإيطاليا- عقبات، بسبب انسحاب الولايات المتحدة من التمويل عام 2022.
ويتماشى طموح تركيا لتنويع إمداداتها من الطاقة وتقليل اعتمادها على الغاز الروسي مع التعاون المتوسع في مجال الطاقة بين مصر وتركيا، خصوصًا في مجال الغاز المسال.
بدورهما، تريد تركيا ومصر، وسط التركيز على الغاز الطبيعي والطاقة المتجددة، أن تصبحا مركزين إقليميين للطاقة، ويُعدّ هذا التعاون في مجال الطاقة أحد مكونات استعادة العلاقات الأوسع بين تركيا ومصر، التي قد تؤدي إلى المزيد من الاستثمارات والمشروعات التعاونية.
ومن الممكن أن تتعزز مكانة البلدين في سوق الطاقة بمنطقة شرق البحر الأبيض المتوسط من خلال هذه المصالحة، التي لديها القدرة على تغيير ديناميكيات الطاقة الإقليمية.
خاتمة
تمّ التوصل إلى نقطة تحول مهمة في ديناميكيات الطاقة شرق البحر الأبيض المتوسط من خلال اتفاقيات الطاقة الأخيرة بين القاهرة وأنقرة، التي دعمتها القمة المصرية التركية، والتي لها آثار بعيدة المدى في الأسواق الإقليمية والدولية.
وتعزز هذه الاتفاقيات، التي تدل على تعاون إستراتيجي يهدف إلى زيادة أمن الطاقة، وخفض الاعتماد، وتعزيز دور كل دولة بصفة جهة فاعلة مهمة في مجال الطاقة، التعاون في قطاعي الغاز الطبيعي والغاز المسال.
ويتعزز الهدف الشامل لتركيا المتمثل في تنويع مصادر الطاقة وخفض اعتمادها على الغاز الروسي من خلال شراء الغاز المسال المصري.
وبالاستفادة من موقعها المتميز، فإن هذا التغيير يزيد من قدرة تركيا على تحمُّل تقلبات الطاقة في الداخل، ويعزز مكانتها مركزًا مهمًا لنقل الطاقة بين الشرق الأوسط وأوروبا.
ومن خلال الحصول على سوق ثابتة لصادراتها من الغاز المسال، تهدف مصر بدورها إلى زيادة نطاق نفوذها في شرق البحر الأبيض المتوسط، والحفاظ على مكانتها مصدرًا رئيسًا للطاقة.
على صعيد آخر، تشمل الاتفاقيات مشروعات الطاقة المتجددة المستقبلية، خصوصًا في قطاع الهيدروجين الأخضر، بالإضافة إلى التعاون الحالي في مجال الغاز الطبيعي.
وإدراكًا من تركيا ومصر أن الهيدروجين الأخضر قد يكون عنصرًا حيويًا في النمو الاقتصادي المستدام على المدى الطويل، فقد وضعتا معايير عالية لدمجه في محافظ الطاقة لديهما.
ويُعدّ الهيدروجين الأخضر جزءًا من خطة تركيا الأكبر لتحسين قدراتها في مجال الطاقة المتجددة ومواكبة أهداف التحول بمجال الطاقة في أوروبا، حيث تستعمل مصر الطاقة الشمسية وطاقة الرياح الوفيرة لديها لترسيخ موقعها مركزًا عالميًا لتصنيع الهيدروجين.
ويريد كلا البلدين قيادة منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط في تطوير الطاقة المتجددة، وهو ما ينعكس باهتمامهما المشترك في الاستدامة والابتكار في قطاع الطاقة.
وبفضل علاقتهما المتنامية، تتمتع تركيا ومصر بالقدرة على التأثير في الاتجاهات العالمية بمجال أمن الطاقة والاستدامة والتنويع الاقتصادي، بالإضافة إلى تشكيل مشهد الطاقة في منطقتهما.
الدكتور أومود شوكري، الخبير الإستراتيجي في مجال الطاقة، الزميل الزائر الأول في جامعة جورج ميسون الأميركية، مؤلف كتاب “دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001”.
* هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.Source link مرتبط
المصدر: الميدان اليمني
كلمات دلالية: الطاقة الشمسیة وطاقة الریاح شرق البحر الأبیض المتوسط فی مجال الطاقة المتجددة الهیدروجین الأخضر والبنیة التحتیة من الغاز المسال الغاز الطبیعی والغاز المسال مصادر الطاقة بالإضافة إلى بحلول عام 2035 مصر وترکیا التعاون فی ترکیا ومصر على الغاز الطاقة فی من الطاقة ترکیا فی من خلال أهداف ا فی سوق من مصر عنصر ا خصوص ا فی مصر مرکز ا
إقرأ أيضاً:
أكد استمرار التنقيب والاكتشافات وتأهيل الكوادر.. الناصر: ارتفاع متزايد لاحتياطيات السعودية من النفط والغاز
البلاد- الظهران
أكد رئيس “أرامكو السعودية” وكبير إدارييها التنفيذيين، المهندس أمين حسن الناصر، أن احتياطي المملكة من النفط والغاز في ازدياد على مدى 30 عامًا، وأن الاحتياطي النفطي حاليًا يكفى لأكثر من 70 عامًا في ظل استمرار الإستراتيجية النشطة لأعمال الاكتشاف والتنقيب، واستمرار توسيع الآبار لزيادة طاقتها الإنتاجية، مشيرًا إلى أن الشركة هي الأكبر في قدراتها التخزينية، وأن كل برميل يتم استخراجه يجرى العمل على تعويضه بوسائل مختلفة. جاء ذلك خلال لقائه- مؤخرًا- مع رؤساء تحرير الصحف المحليَّة، على هامش الجولة التي نظَّمتها أرامكو في “حقل الشيبة” ومرافق الشركة؛ لاطلاعهم على مشروعاتها وخططها التطويرية المختلفة على أرض الواقع.
وقال: نحن نخطط للمستقبل واستشراف اقتصاداته ومتطلباته التقنية، والبعض في العالم لا يفكر في هذا الجانب؛ لأنه مكلفٌ، وهنا نؤكد على أهمية التوجه والمال الجريء في هذه الجوانب، مثلًا تخزين الطاقة الكهربائية، والبطاريات، والهيدروجين من أجل تنويع المصادر في المستقبل، ودعم الاستثمارات في هذه القطاعات، تعكس النظرة للمدى البعيد؛ لهذا نفكر في شركات تقنية صغيرة وناشئة تفيدنا في المستقبل، وكثير منها نمت بطريقة سريعة، وصلت إلى 16 شركة عالمية ناشئة؛ ومنها “نيورك كورن” التي بلغت مليار دولار من التقييم العالمي، والحمد لله، برنامج ناجح؛ بفضل التقنيات التي نستخدمها في الشركة.
وحول جاهزية أرامكو للتعامل مع كافة الأحداث الطارئة، أكد أن نهج أرامكو في العمل وفق إطار مؤسسي، وإعداد مختلف السيناريوهات لمواجهة أية مخاطر- لا سمح الله- وذلك من خلال تأهيل القوى البشرية، وتنفيذ التجارب الافتراضية اللازمة للتأكد من جاهزية مختلف الإدارات والقطاعات.
تأثير محدود
وإجابة على سؤال لـ “البلاد” عن انعكاسات الحرب التجارية على السوق السعودي، قلل الناصر من تأثيراتها، مرجعًا ذلك إلى اعتماد أرامكو على خطط استثمارية طويلة الأجل تتراوح بين 5 إلى 10 سنوات، فضلًا عن تمتع الشركة السعودية العملاقة بملاءة مالية مرتفعة، وخطط متكاملة وممتدة لفترات تتراوح بين 20 إلى 30 عاماً. كما تتميز الشركة بنموذج تشغيلي واقتصادي متوازن، تتكامل فيه القوة النسبية في الصناعة النفطية والقدرات التشغيلية، وتشمل تنافسية الكلفة الإنتاجية، والكفاءة المالية العالية، مشيرًا إلى أن ظهور التأثير عالميًا بشكل أوضح، يظهر مع انتهاء مهلة الـ90 يومًا، التي منحها الرئيس الأمريكي، من أجل التوصل إلى اتفاق بشان الرسوم التجاريَّة، وتبعًا للظروف الاقتصاديَّة، والتوترات السياسيَّة، وتأثير الرسوم الجمركيَّة. وأضاف أن الغاز والنفط محدود بسعر معين، وهناك دول منتجة إذا ارتفعت الضرائب تخفض إنتاجها للأسواق ويرتفع السعر. وقرارات الرسوم المتخذة أخذت في الاعتبار أن لا توثر على أسعار النفط ومشتقاته، والتأثير يأتي على الاقتصاد وعلى محرك اقتصاد بعض الدول، والحمد لله، الآن لم يحدث تأثير على الأسواق، والطلب على النفط والغاز كالمعتاد. كنا نتكلم عن زيادة حوالي 1.3 مليون برميل. بعضهم خفض إلى 600 أو 700 ألف برميل، وكنا نتحدث عن 104.6 مليون برميل عالميًا قبل دخول عام 2024، ودخلنا عام 2025 لتكون التوقعات 106 ملايين برميل، وهي توقعات من أوبك؛ لذا التأثير علينا محدود، ويعتمد علي المهلة والمحادثات مع الصين. ونحن ولله الحمد، لم نتأثر، فيما العالم يتكلم عن نسب الكساد بحوالي 60 % في بعض الدول، في ظل مخاوف واسعة، من أن تسبب تداعيات الحرب الجمركية حدوث كساد عالمي.
أمن الطاقة
وحول ما يتردد من طروحات بشأن تقديرات زمنية لذروة الإنتاج العالمي، قال المهندس أمين الناصر: إنها تقديرات غير صحيحة؛ فالعالم بأسره سيظل في احتياج لجميع سبل الطاقة مجتمعة لسنوات طويلة مقبلة، لافتًا إلى أن التذبذب الراهن في الأسواق يؤدى الى ارتباك في قطاع الاستثمار، ولا يصب في صالح السوق النفطية، موضحًا أنَّ “معظم الطروحات السابقة بوصول النفط إلى ذروة الإنتاج قبل سنوات كانت غير صحيحة” في إشارة إلى ما سبق، وأوضحه مؤخرًا خلال مؤتمر”أسبوع سيرا” بأن الاعتماد أكثر من اللازم على مصادر الطاقة المتجددة، وهي ذات طبيعة غير منتظمة، دون توفير ما يكفي من مصادر الطاقة الاحتياطية، وخطة تخزين بعيدة المدى، يجعل تحقيق الموثوقية في توفير الإمدادات على مدار الساعة تحديًا صعبًا، وأن مصادر الطاقة الجديدة لا تحل محل المصادر الحالية، بل تضيف إلى المزيج العالمي من الطاقة”.
وردًا على سؤال بشأن الطاقة النووية للاستخدامات السلمية في المملكة، قال: لا شك أنها مهمة في قطاع الكهرباء وأكثر استخدامًا؛ لأنها طاقة مستدامة، والمملكة تعمل على هذا، وهي من اختصاص وزارة الطاقة، ومدينة الملك عبدالله، وهي إستراتيجية ممتازة، والمملكة تسعى دائمًا للتقدم للأفضل.
وحذَّر رئيس “أرامكو السعودية” وكبير إدارييها التنفيذيين، من محاولات تسييس قضية المناخ لصالح أطراف دون أُخرى، مشددًا على أهمية تحوُّل الطاقة في إطار من التوازن، يأخذ بعين الاعتبار صعوبة التحوُّل المفاجئ من مصادر الطَّاقة التقليديَّة ذات الموثوقيَّة العاليَّة في الإمدادات والأسعار النسبية، إلى المصادر المتجدِّدة مرتفعة التَّكلفة حتى الوقت الرَّاهن، ولفت إلى أنَّ مزيج الطَّاقة المكوَّن من المصادر التقليديَّة، بجانب الطَّاقة الشمسيَّة، وطاقة الرِّياح، والطَّاقة النوويَّة يجب أنْ يكون متوازنًا، مشيرًا إلى سعي المملكة للوصول بمزيج الطَّاقة إلى 50 % في 2030، من خلال التوسُّع في الاعتماد على الغاز والمصادر المتجدِّدة.
وأشار إلى أن مستقبل الطاقة يجب أن يرتكز على ثلاثة عوامل أساسيَّة، هي:
– أمن الطَّاقة وسلامة الإمدادات حول العالم
– تقييم الأثر
– التحوُّل بأسعار معقولة
وعمومًا.. نحن نعمل بطاقة الرياح والطاقة الشمسية، وتوازن الأمور الثلاثة المهمة لأمن الطاقة، مع تقليل الأثر البيئي، والأسعار المعقولة.
الصورة الذهنية
وحول تعزيز الصورة الذهنيَّة لأرامكو، والتَّعريف بجهودها الوطنيَّة، عبر المشاركة فى المعارض النوعيَّة المختلفة، أكَّد الناصر أهميَّة الحضور الإعلاميِّ، مشيرًا إلى وجود 26 مليون متابع لأنشطة الشركة على وسائل الإعلام المختلفة. ولفت إلى أن إقامة المعارض والمنتديات خارج مقر الشركة حبث توجد الحواسيب والأجهزة الشاشات لتقديم العرض أمر صعب، ولا يمكن نقل الأجهزة لدينا لتغطية كل جوانب أرامكو وشركاتها، والحواسيب مرتبطة مع بعضها البعض داخل أرامكو وحولها المنتشرة في كافة أنحاء المملكة، وتعمل بأنظمة متطورة؛ ولذلك لا يمكن من خلال هذه المعارض إعطاء الانطباع الكامل عن أرامكو والأدوار التي تقدمها، وبالذات في المجالات المتخصص، بعكس الحال في الزيارة الميدانية لمرافق أرامكو؛ حيث الانطباع يكون مبهرًا.
الذكاء الاصطناعي
وردًّا على سؤال حول استثمار الذكاء الاصطناعيِّ في أعمال وأنشطة أرامكو السعودية، أكد الناصر أهميَّة الذكاء الاصطناعيِّ بمجال الطَّاقة، من خلال التنبؤ بالأعطال عبر التعلُّم الآليِّ، وتقليل وقت التوقُّف عن العمل، وتعزيز البنية التحتيَّة الرقميَّة، ودفع ابتكارات الذكاء الاصطناعيِّ المتقدِّمة، مشيرًا إلى أن الشركة تتعاون مع مثيلاتها في العالم، في تقييم المنارات الصناعيَّة، ويتولَّى 285 روبوتًا رقميًّا المساعدة في المهام الروتينيَّة، مع التوسُّع في الاعتماد على حاضنات الأعمال، والمساعد الإلكترونيِّ للتعامل مع الملفات المختلفة، وتطوير سيناريوهات محاكاة للواقع. كما تستخدم الشركة حلول الذكاء الاصطناعيِّ في مجالات مختلفة؛ منها مراقبة حرق الغاز في الشعلات، ونماذج محاكاة المكامن، وأنظمة تحديد أماكن وصلات أنابيب الحفر، كذلك وجود أكثر من 400 حالة لاستخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي لرفع كفاءة الأداء والتشغيل بالشركة؛ ما أدى الى توفير أكثر من مليارى دولار. وأضاف المهندس أمين الناصر: نعمل على برمجيات خاصة بنا؛ منها على سبيل المثال في مجال التكرير وأعمال الحفر، ووضعنا تطبيقات عملية تناسب طبيعة عملنا ووطنا الأنظمة والتطبيقات، وسجلناها رسميًا باسم “أرامكو مرام” وهذه التطبيقات والبرامج توفر حوالي 1,000,000,000$ مليار دولار، وأصبحت عمليات التشغيل تقنية على أعلى المواصفات، وهو نظام فريد من نوعه لا يوجد مثيل له في العالم.
متابعة ميدانية
وحول المتابعة التقنية للأعمال الميدانية للسلامة والتشغيل، قال المهندس أمين الناصر: أرامكو تتابع نشاط المركبات مباشرة عبر أجهزة ذكية؛ لمعرفة الحالات الطارئة، كالمطر مثلًا، أو في حال الأعطال؛ لتقديم الدعم وتطبيق أقصى معايير السلامة، وهذا يعطيك القدرة على تحسين الخدمة وتطويرها، كما ساعدتنا التقنية بشكل كبير في متابعة عمليات الحفل فوق الأرض من كل منصات الحفظ في مناطق المملكة؛ حيث تدار من خلال مركز واحد، وكذا الحفارات في عمق الأرض تدار من مركز واحد، والمتخصصون يتابعون العمل من خلال هذا المركز، وهذا بفضل الله، ثم بفضل الخبرات المتراكمة للشركة على مدى 90 عامًا، حيث يستطيع المهندس معرفة أدق التفاصيل في البيئة التي يشرف عليها.
جغرافيا الاستكشاف
وردًا على سؤال لـ “البلاد” حول علاقة الاستكشاف بجغرافيا المكان، قال: كل عملية استكشاف وتنقيب لها علاقة بالجيولوجيا وليست بمناطق إدارية، ويتم المسح والاستكشاف من الشمال للجنوب، ومن الشرق للغرب، وحصلنا في الشمال في عرعر وطريف، وحصلنا على الغاز، وساعد في الصناعة في وعد الشمال، وعمليات المسح تتم برًا وبحرًا، وتحدد الاكتشافات.
منظومة رياضية
وبشأن الأنشطة الرياضية، قال: استقر وضع نادي القادسية، وتم تطوير بعض الأنشطة وإضافة بعض الألعاب، كما ركزنا على العنصر النسائي الذي كان مفقودًا في النادي، وحقق مراكز متقدمة والنتائج مباشرة، والهدف الأساس هو بناء قاعدة نموذجية للنادي، ليس في الرياضة؛ بل في كافة الأنشطة لتكون نموذجًا مختلفًا يحتذى به من مختلف الأندية الأخرى، وتم اختيار القادسية لوجود روابط قديمة مع هذا النادي، فعندما أنشئ هذا النادي كان رئيسه وبعض الفريق من أرامكو، وهناك ارتباط عاطفي مع هذا النادي، ونسعى لتقديمه بشكل مشرف للرياضة في بلدنا، دون التدخل مباشرة في أعمال النادي، وعلى أساس النتائج نقدم كل ما يخدم النادي.
التواصل الإعلامي
قال مهندس أمين الناصر حول مقترح لـ “البلاد” بشأن تعزيز خارطة إعلام أرامكو: إن الشركة تتعامل مع كثير من القنوات ووسائل التواصل، ونستهدف كافة الشرائح، مشيرًا إلى أن تلفزيون أرامكو كان له دور في الماضي؛ لعدم وجود محطات آنذاك، ونحرص على أن يكون لدينا تعاون مع القنوات في إنتاج برامج متخصصة وشراكات، ونزودهم بالمحتوي ونتطور مع تطور التكنولوجيا. وأضاف: لدينا مقترحات للاستثمار في الجيل الصاعد من خلال البودكاست واليوتيوب، واستهداف البرامج التي تناسب متابعاتهم، ولدينا تواجد في المنصات، وتفوقنا على نظرائنا في العالم، وفي المملكة، وتجاوز عدد المتابعين لنا في مواقع التواصل الاجتماعي “تويتر” 26 مليون متابع، ونحن رقم واحد في كل المنصات ونقارن أنفسنا مع الشركات التي تتعامل مع الجمهور، رغم أن تعاملنا مع الجمهور محدود فقط من خلال محطات البنزين، ونفكر في ربط الماضي بالحاضر ونقل التجربة على المنصات الجديدة.