ميشال بارنييه سياسي ودبلوماسي فرنسي ولد عام 1951 في جبال الألب جنوب شرقي البلاد. مارس السياسة منذ شبابه، ويحسب على ما يعرف في فرنسا بالتيار الديغولي، نسبة إلى الزعيم الفرنسي شارل ديغول مؤسس الجمهورية الخامسة.

تولى مناصب كثيرة بدءا من رئاسة البلدية في منطقته الجبلية، وصولا إلى مناصب رفيعة في الاتحاد الأوروبي، مرورا بمناصب وزارية أخرى في حكومات فرنسية مختلفة منذ نهاية سبعينيات القرن العشرين.

انزوى إلى الظل نهاية 2021 بعد أن أخفق في نيل ثقة حزبه "الجمهوريون" للترشح باسمه في الانتخابات الرئاسية الفرنسية عام 2022، لكنه عاد إلى السياسة الفرنسية من بابها الواسع بعد أن عينه الرئيس إيمانويل ماكرون في الخامس من سبتمبر/أيلول 2024 رئيسا للوزراء، وأصبح بذلك أكبر رئيس حكومة في تاريخ الجمهورية الخامسة.

ميشال بارنييه عام 1978 أمام مبنى البرلمان الذي كان أصغر عضو فيه (غيتي) مولد ونشأة ميشال بارنييه

ولد ميشال جان بارنييه في التاسع من يناير/كانون الثاني 1951 في بلدة لاترونش القريبة من مدينة غرونوبل بمقاطعة إيزير التابعة لمنطقة صافوا الجبلية جنوب شرق فرنسا.

قضى طفولته في بلدتي ألبيرفيل وبورغ سان موريس، وكان أبوه مديرا لمنشأة صناعية صغيرة للمنتجات الجلدية والنسيجية.

والدته اسمها دينيس دوران (توفيت عام 2013)، حدث أن توفي أحد أحفادها في حادث مروري، فدفعها ذلك إلى تأسيس جمعية سمتها "رابطة محاربة العنف على الطرق".

قال ابنها ميشال عنها بتأثر في حفل تسلم مهامه رئيسا للوزراء "أنا محظوظ، لأنه كانت لدي أم رائعة، كانت تحول كل المشاكل التي تواجهها في حياتها اليومية إلى قضايا عامة".

وأضاف بارنييه -وهو الأصغر بين 4 إخوة كلهم ذكور- "لهذا فقد كرست حياتها لقضية هي الآن موضوع مشروع قانون يتحدث عن المرور والأمن في الطرقات وحوادث السير، كما انشغلت بمعاناة الأسر التي يعاني أحد أفرادها من الأمراض العقلية".

ومما رواه ميشال بارنييه في الحفل نفسه عن أمه أنها كانت يسارية مسيحية، وكان هو في شبابه يمينيا ديغوليا، فنصحته في أول تجمع انتخابي له في حياته عام 1977 قائلة "اسمع يا بني، لك أن تتبنى الأفكار التي تريد، لكن إياك أن تكون طائفيا، فالطائفية علامة ضعف، وعندما تكون طائفيا فمعنى ذلك أن أفكارك وقناعاتك ليست راسخة".

تزوج من إيزابيل ألتماير عام 1982 وأنجبا 3 أطفال، هما التوأمان نيكولا وبنيامين (39 سنة) وأختهما لايتيتيا. وقد حذا نيكولا حذو أبيه واقتحم ميدان السياسة وترشح لانتخابات البرلمان الأوروبي عام 2019 لكنه لم ينجح، والتحق بوظيفة إدارية في مجلس الشيوخ الفرنسي، وينشط من حين لآخر مع أمه في أعمال إنسانية أبرزها في دولة هاييتي.

أما لايتيتيا فهي طبيبة نفسية، وإضافة إلى ذلك تعمل في مركز تابع لوزارة الخارجية والشؤون الأوروبية، في حين أن أخاها بنيامين فضل العمل في المجال الثقافي والأدبي.

زوجة ميشال بارنييه محامية من مواليد عام 1955، وتنشط هي الأخرى في جمعيات لحماية الطفولة، وتنحدر من عائلة مسيحية كاثوليكية، وهي الأخت الكبيرة لـ5 إخوة، اثنان منهما يعملان منتجين في مجال السينما.

دراسة ميشال بارنييه وتكوينه العلمي

درس المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية في مدينة ألبيرفيل، ثم انتقل إلى مدينة ليون حيث التحق بفرع المدرسة العليا للتجارة التي يقع مقرها الرئيسي في باريس.

تخرج في المدرسة العليا للتجارة عام 1972 رفقة زميله آنذاك جان بيير رافاران، الذي أصبح هو الآخر فيما بعد رئيسا لوزراء فرنسا.

تجربته السياسية

يجر ميشال بارنييه وراءه أكثر من نصف قرن من العمل السياسي، ومما يفتخر به في مسيرته السياسية أنه مناصر منذ طفولته للزعيم الفرنسي شارل ديغول وأفكاره وتوجهاته، وانضم إلى تياره وعمره 14 عاما.

هذا القروي الذي نزل من جبال الألب ليس من نخبة باريس السياسية، ولا من خريجي المدرسة الوطنية للإدارة، التي أنجبت كثيرا ممن أداروا دفة الدولة، لكنه رغم ذلك صعد سلم السياسة الفرنسي من أسفل درجاته إلى قمته.

انتمى منذ شبابه إلى حزب الاتحاد من أجل الدفاع عن الجمهورية، ومارس السياسة فعليا وهو في العشرينيات من عمره، وفي النصف الأول من سبعينيات القرن العشرين اشتغل مستشارا لعدة وزراء، وفي سن الـ27 كان أصغر نائب برلماني في تاريخ فرنسا آنذاك، إذ اختير لتمثيل منطقته في المؤسسة التشريعية عام 1978.

عضو في حزب الجمهوريين (يمين الوسط)، أو ما يعرف باليمين التقليدي الفرنسي، لكنه منذ بدايته مع حزب الاتحاد من أجل الدفاع عن الجمهورية وإلى حزب الجمهوريين، مر بعدة أحزاب منها التجمع من أجل الجمهورية والاتحاد من أجل حركة شعبية، وصار بسبب تجربته السياسية الغنية "يحظى بشعبية كبيرة بين أعضاء اليمين في البرلمان دون أن يكون مصدر إزعاج لليسار"، حسب تعبير إحدى الصحف الفرنسية.

ميشال بارنييه دخل غمار السياسة وهو لا يزال في ريعان الشباب (غيتي)

تولى مناصب وزارية عدة في حكومات فرنسية مختلفة منذ 1993، ونال عضوية مجلس النواب من 1978 إلى 1993، وعضوية مجلس الشيوخ من 1995 إلى 1999، كما انتخب عضوا في البرلمان الأوروبي عام 2009.

عام 1995 عينه الرئيس الفرنسي جاك شيراك وزيرا مكلفا بالشؤون الأوروبية، وشارك في المفاوضات المتعلقة بمعاهدة أمستردام، وكان من المساهمين في إخراج الدستور الأوروبي إلى الوجود.

وفي 2004 عينه شيراك مجددا وزيرا للخارجية، واشتهر آنذاك برحلاته المتكررة إلى الشرق الأوسط لبحث سبل الإفراج عن الصحفيين الفرنسيين كريستيان شينو وجورج مالبرونو، اللذين خطفتهما جماعة مسلحة في العراق.

عام 2016 كلفته اللجنة الأوروبية بقيادة المفاوضات مع بريطانيا من أجل التوصل إلى اتفاق بشأن الخروج من الاتحاد الأوروبي (البريكست)، وأشرف بذلك على تنفيذ "قرار الطلاق" بين الاتحاد والمملكة المتحدة.

أخفق عام 2021 في الحصول على ترشيح حزب الجمهوريين للانتخابات الرئاسية الفرنسية عام 2022، فانزوى واعتزل العمل السياسي إلى أن عينه الرئيس إيمانويل ماكرون رئيسا للوزراء.

مناصب ميشال بارنييه ومسؤولياته

تولى ميشال بارنييه مناصب كثيرة منذ شبابه، وتجاوزت شهرته وتأثيره السياسي حدود فرنسا، إذ شغل مناصب سامية في الاتحاد الأوروبي. ومن أبرز المسؤوليات التي تولاها:

عينه رئيس الوزراء عضوا في اللجنة العليا للشباب والرياضة والترفيه عام 1971. نائب في مجلس النواب من 1978 إلى 1993، وفي مجلس الشيوخ من 1995 إلى 1999. تولى رئاسة المجلس البلدي لمنطقة صافوا في 1982. ارتبط اسمه بتنظيم الألعاب الأولمبية الشتوية في منطقته عام 1992. وزير البيئة عام 1993 ووزير مكلف بالشؤون الأوروبية عام 1995. مفوض أوروبي مكلف بالسياسات الجهوية عام 1999. وزير خارجية فرنسا عام 2004. وزير للفلاحة والصيد البحري عام 2007. نائب في البرلمان الأوروبي عام 2009. مندوب التجارة الداخلية في الاتحاد الأوروبي عام 2010. من 2010 إلى 2014 تولى منصب المفوض الأوروبي المكلف بالتجارة الداخلية والخدمات. في 2016 قاد مفاوضات مع بريطانيا بشأن البريكست إلى أن تم توقيع اتفاق عام 2021. عينه ماكرون في الخامس من سبتمبر/أيلول 2024 رئيسا للحكومة بعد أزمة سياسية تلت انتخابات برلمانية مبكرة. ميشال بارنييه وزوجته المحامية إيزابيل ألتماير (غيتي) مؤلفات ميشال بارنييه

كتب ميشال بارنييه عدة مؤلفات، بعضها يتحدث عن تجربته السياسية، وبعضها ذو حمولة فكرية وثقافية. ومن أبرز هذه المؤلفات:

عاشت السياسة (1985). التحدي البيئي (1991). نحو بحر مجهول (1994). ميثاقنا من أجل التناوب (2001). إخراج أوروبا من الأفكار الجاهزة (2005). أوروبا، أوراق على الطاولة (2008). من سيطعم العالم؟ من أجل ثورة زراعية جديدة (2008). خيار أوروبي: الراحة أو الحرية (2014). الوهم الكبير، أسرار البريكست (2021) تحدث فيه عن تجربته في مفاوضات البريكست.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الاتحاد الأوروبی میشال بارنییه الأوروبی عام من أجل

إقرأ أيضاً:

بحوث المحاصيل الحقلية يشارك في ورشة عمل بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي

شارك معهد بحوث المحاصيل الحقلية التابع لمركز البحوث الزراعية في ورشة عمل بعنوان "استدامة الاقتصاد وتعزيز الهياكل الديناميكية"، بالتعاون مع برنامج بريما والممول من الاتحاد الأوروبي.

 جاءت الورشة تحت رعاية علاء فاروق، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، وبإشراف الدكتور عادل عبدالعظيم، رئيس مركز البحوث الزراعية.

قام الفريق البحثي لمشروع "استدامة الاقتصادات وتعزيز الهياكل الديناميكية"، الممول من برنامج بريما - الجزء الأول، بالتعاون مع عدد من المعاهد البحثية من دول إيطاليا، إسبانيا، اليونان، المغرب، تونس، والأردن. 

مثل معهد بحوث المحاصيل الحقلية، التابع لمركز البحوث الزراعية في جمهورية مصر العربية، وشارك في الورشة أيضاً اتحاد الغرف التجارية المصرية، واتحاد جمعيات الأعمال المصرية الأوروبية، وشركة هيلث تك المصرية.

حضر ورشة العمل كل من:

الدكتور علاء الدين محمود خليل، مدير معهد بحوث المحاصيل الحقلية.الدكتور محمد الشناوي، رئيس جامعة الجلالة ونائب المدير التنفيذي لمشروعات بريما.السيد مارتينو ميللي، مدير الوكالة الإيطالية للتعاون التنموي.الدكتور علاء عز، السكرتير العام لاتحاد الغرف التجارية المصرية واتحاد جمعيات الأعمال المصرية الأوروبية.الدكتور عمرو هلال، المدير التنفيذي لشركة هيلث تك.الدكتور أحمد القط، المنسق العام للمشروع.

قال الدكتور أحمد القط، المنسق العام للمشروع، إن هذه الورشة تمثل بداية لمبادرة مهمة يمولها الاتحاد الأوروبي في إطار برنامج بريما، بهدف تعزيز مرونة سلسلة توريد الحبوب في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. 

وأضاف أن مشروع سيدز سيقوم بإنشاء أربعة معامل حيوية في مصر، المغرب، الأردن، وتونس، لإشراك المجتمعات المحلية والمزارعين والشركات وصانعي السياسات وغيرهم من أصحاب المصلحة بشكل فعال. 

الهدف هو التطوير التعاوني للتعلم من أفضل الممارسات وإصدار التوصيات لإنشاء حلول مبتكرة لأسواق الحبوب المحلية القادرة على تحمل الصدمات الخارجية، التي قد تنشأ عن التدخلات السياسية أو الاقتصادية أو القانونية.

يسعى مشروع سيدز إلى تعزيز مرونة سلسلة توريد الحبوب في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من خلال إدخال المعايير والممارسات والسياسات التي تسهل الإنتاج والتجارة والاستثمار. 

ويهدف المشروع إلى إحياء زراعة الحبوب الأكثر مقاومة لتغير المناخ وذات القيمة الغذائية العالية، وتنفيذ تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتكنولوجيا البيانات الرقمية، مما سيساهم في تحسين سلاسل التوريد وجعلها أكثر كفاءة، إلى جانب إنشاء نظام توصيات لمساعدة المزارعين على التكيف مع الصدمات المناخية.

وفي سياق محدد، يهدف المشروع إلى تطوير الحلول والتوصيات على المستويات الكلية والمتوسطة والجزئية، مع التركيز على تشجيع استخدام الحبوب القديمة وتعزيز العلاقة بين المزارعين والمستهلكين. 

كما يسعى المشروع إلى ربط مختلف أصحاب المصانع في إمدادات الحبوب وسلسلة القيمة، لتعزيز التعاون بشكل أسرع وأكثر كفاءة.

ومن جانبه، أكد الدكتور علاء خليل، مدير معهد بحوث المحاصيل الحقلية، على أهمية مشاركة مركز البحوث الزراعية في مثل هذه المشاريع التي تهدف إلى تعزيز سلاسل الإمداد والقيمة في المحاصيل الاستراتيجية في دول حوض البحر الأبيض المتوسط وشمال أفريقيا.

مقالات مشابهة

  • بحوث المحاصيل الحقلية يشارك في ورشة عمل بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي
  • ‏وزير خارجية الإمارات يؤكد خلال استقباله منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي دعم كافة الجهود للتوصل إلى وقف لإطلاق النار
  • الأمم المتحدة تحذر: لائحة الاتحاد الأوروبي لحماية البالغين قد تنتهك حقوق ذوي الإعاقة
  • وزير المالية: فرص كبيرة لتعميق التعاون مع الاتحاد الأوروبي
  • وزير المالية: نتطلع إلى زيادة استثمارات دول الاتحاد الأوروبي في مصر
  • هكذا وصف الاتحاد الأوروبي نظام مادورو بعد الانتخابات الأخيرة
  • ألمانيا.. تحذيرات من حدوث انهيارات جليدية بجبال الألب
  • مع تفاقم الأزمات.. هل ستعود بريطانيا إلى الاتحاد الأوروبي؟
  • فتح تدعو الاتحاد الأوروبي إلى تبني بيان مدريد وتطبيقه
  • انخفاض عائدات الصادرات الأمريكية من الغاز إلى الاتحاد الأوروبي