مشهد نفطي معقد في الخليج ... توتر مكتوم
تاريخ النشر: 11th, August 2023 GMT
مشهد نفطي معقد في الخليج ... توتر مكتوم
الولايات المتحدة تتحرك لحماية ناقلات النفط والسفن من الهجمات الإيرانية.
مقابل الحشد الأميركي في مواجة إيران فإن المخاطر الجيوسياسية ترتفع وتيرتها في منطقة الخليج من وقت لآخر.
إنتاج السعودية من النفط يبلغ 9 ملايين برميل حاليا، وهو أقل بكثير من طاقتها القصوى البالغة 12 مليون برميل يوميًا.
بموازاة الخلاف الحاد المرشح للتصعيد في ظل رفض كويتي سعودي الاعتراف بأي حقوق لإيران في حقل الدرة، دخلت الولايات المتحدة على خط ملف نفط الخليج.
* * *
بدا المشهد النفطي في منطقة الخليج وكأنه أكثر تعقيدا منه في أي وقت مضي مع ظهور تشابكات وأزمات جديدة على الأرض. وزاد منسوب التوتر داخل تلك المنطقة الحيوية لأسواق الطاقة في العالم.
فقد عادت الخلافات وبقوة حول حقل الدرة للغاز الذي تؤكد كل من السعودية والكويت أنه يقع ضمن المياه البحرية الإقليمية ولهما وحدهما كامل الحقوق السيادية لاستغلال الثروات في تلك المنطقة، في حين تؤكد إيران أحقيتها في الحقل المعروف لديها باسم "آرش".
وخلال الأيام الماضية صدرت تصريحات حادة من عواصم الدول الثلاث كل يؤكد أحقيته في التنقيب في حقل الدرة الذي يقدر احتياطي الغاز القابل للاستخراج منه بنحو 200 مليار متر مكعب، وهي كميات تقدر بمليارات الدولارات.
وكان من الملاحظ أن التصريحات الأكثر حدة صدرت من العاصمة طهران على لسان عدة مسؤولين آخرهم وزير النفط الإيراني جواد أوجي، الذي أكد قبل أيام أن بلاده "لن تتنازل قيد أنملة عن حقها في الاستخراج من حقل آرش" المتنازع عليه مع الكويت والسعودية.
بموازاة ذلك الخلاف الحاد المرشح للتصعيد في ظل رفض كويتي سعودي الاعتراف بأي حقوق لإيران في حقل الدرة، دخلت الولايات المتحدة على خط ملف نفط الخليج لكن من باب الأمن وحديثها عن اتخاذ خطوات للحيلولة دون سطو القوات الإيرانية على ناقلات النفط المارة عبر مضيق هرمز ومصادرة الناقلات العملاقة المتجهة لأسواق العالم.
حيث أعلن الأسطول الأميركي الخامس، أمس الاثنين، عن وصول أكثر من ثلاثة آلاف بحار أميركي إلى الشرق الأوسط في إطار خطة لتعزيز الوجود العسكري في المنطقة، وردع إيران عن احتجاز السفن التجارية وناقلات النفط العابرة لمضيق هرمز خلال الفترة المقبلة.
تحرك الولايات المتحدة لحماية ناقلات النفط والسفن جاء على خلفية مخاوف متزايدة من إقدام طهران على ارتكاب خطوات انتقامية ضد سفن النفط المتجهة للولايات المتحدة وأوروبا وغيرهما من دول العالم المستورد للنفط الخليجي والعراقي.
وهو ما قد يشعل أسعار النفط في الأسواق الدولية، ويخلط الأوراق داخل أميركا ويعيد الارتباك للمشهد الاقتصادي الأميركي ويرفع معدلات التضخم ويعيد سياسة التشدد النقدي ورفع سعر الفائدة مرة أخرى، وهو ما قد يؤثر سلبا على نتائج الانتخابات الرئاسية المقبلة وفرص الديمقراطيين للفوز بها.
في مقابل الحشد الأميركي فإن المخاطر الجيوسياسية ترتفع وتيرتها في منطقة الخليج من وقت لآخر خاصة وأن الحرس الثوري الإيراني والبحرية الإيرانية حذرتا أكثر من مرة أطرافا خارجية منها واشنطن من مصادرة وتفريغ أي حمولة ناقلة تحمل النفط الإيراني أو إيقاف أي سفينة تحمل وقودا آتيا من طهران.
سبق هذا التصعيد اتهام البحرية الأميركية إيران قبل نحو شهر بمحاولة الاستيلاء على ناقلتي نفط في خليج عمان قرب مضيق هرمز، وإحباط قواتها العملية، والتأكيد على التحرش المستمر بالناقلات حيث احتجزت إيران 5 سفن تجارية على الأقل خلال العامين الماضيين، كما اعترضت عدة سفن أخرى.
لا يتوقف الأمر في الخليج عند ملفي خلافات حقل الدرة والتهديدات الإيرانية لشحنات النفط المارة، فهناك توقعات بتراجع أسعار النفط في الأسواق الدولية في العام الحالي 2023 وفق تقديرات إدارة معلومات الطاقة الأميركية، وهو ما يؤثر سلبا على إيرادات دول الخليج واحتمال عودة العجز لبعض الموازنات العامة.
وهناك صحوة لعمليات إنتاج النفط الصخري في العالم خاصة في الولايات المتحدة مع خفض كلفة الحفر والتنقيب والاستخراج، وهو ما يرفع الطلب على النفط الأميركي ويجعله في منافسة مع نفط الدول الأخرى، ويزيد القدرة الإنتاجية لشركات الطاقة في الولايات المتحدة.
وإنتاج السعودية اليومي من النفط بات يبلغ 9 ملايين برميل حاليا، وهو أقل بكثير من طاقتها القصوى البالغة 12 مليون برميل يوميًا، في ظل تمديد التخفيضات الطوعية للإمدادات حفاظا على تماسك سعر النفط الخام.
والأسعار تراجعت خلال الشهور الماضية، وهو ما أثر سلبا على واحدة من أكبر شركات الطاقة في العالم وهي شركة أرامكو السعودية التي تراجع صافي دخلها بنسبة 38% ليبلغ 112.81 مليار ريال (30.08 مليار دولار) في الربع الثاني من عام 2023، مقابل 181.64 مليار ريال (48.44 مليار دولار) للربع ذاته من عام 2022، بسبب تراجع الأسعار والإنتاج، وهو ما قد يؤثر سلبا على موارد السعودية، ثالث أكبر دولة منتجة للنفط في العالم والأولى عربيا.
*مصطفى عبد السلام كاتب صحفي اقتصادي
المصدر | العربي الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: إيران الخليج أميركا النفط أسعار النفط العلاقات الأميركية السعودية الولایات المتحدة حقل الدرة فی العالم سلبا على نفط فی وهو ما
إقرأ أيضاً:
كاليفورنيا تنفصل عن الولايات المتحدة.. هل تندلع حرب أهلية؟
تناول تقرير لموقع "نيوز ري" الروسي إمكانية انفصال ولاية كاليفورنيا عن الولايات المتحدة مع الانطلاق في جمع التوقيعات لتحقيق هذه الغاية.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن الحكومة المحلية وافقت على العريضة ذات الصلة التي يجب أن تجمع أكثر من نصف مليون توقيع للمضي قدما في اجراءات الانفصال.
وقد أعرب الناشطون عن ثقتهم في نجاح هذه المبادرة معلنين عن معارضتهم للقيادة الجديدة للولايات المتحدة.
ما المعروف عن انسحاب كاليفورنيا من الولايات المتحدة؟
في 27 كانون الثاني/ يناير، أعلنت وزيرة خارجية ولاية كاليفورنيا شيرلي ويبر عن موافقة الولاية على التماس الانفصال عن الولايات المتحدة. في الوقت الراهن، أصبح قرار التصويت لصالح البقاء أو الانفصال عن الدولة بيد سكان كاليفورنيا.
ومن أجل القيام بذلك ينبغي تأمين توقيع 546.651 مواطن على الوثيقة. ستستمر عملية التصويت الى حدود 22 تموز/ يوليو 2025. وفي حالة جمع التوقيعات اللازمة، سيتم إجراء استفتاء حول مستقبل كاليفورنيا في سنة 2028.
وأطلق على هذه المبادرة اسم "كالكسيت" في إشارة إلى "بريكست". وستنطلق عملية الانفصال في حال صوّت لصالحها ما لا يقل عن 55 بالمئة من الناخبين، مع مشاركة لا تقل عن 50 بالمئة.
وتعليقا على ذلك، كتبت صحيفة نيويورك بوست" أن حدوث ذلك بمثابة تصويت بسحب الثقة من الولايات المتحدة الأمريكية وتجسيد لإرادة شعب كاليفورنيا في أن تصبح ولايته دولة مستقلة". وقال أحد سكان كاليفورنيا الداعمين للمبادرة: "ولايتنا تدفع ضرائب تفوق حجم المساعدات الفيدرالية التي تتلقاها بـ 83 مليار دولار. نحن ندعم الولايات الأخرى. لماذا لا ننفصل؟".
لماذا تريد كاليفورنيا الانفصال عن الولايات المتحدة؟
تعد كاليفورنيا الولاية الأكثر كثافة سكانية على الساحل الغربي للولايات المتحدة.
ووفقا لتقرير "آفاق الاقتصاد العالمي" الذي أعده صندوق النقد الدولي، احتل اقتصاد كاليفورنيا في نهاية سنة 2023 المرتبة الخامسة ضمن أكبر اقتصاد في العالم، متفوقًا على الاقتصاد البريطاني والهندي.
ويدعم غالبية سكان الولاية الحزب الديمقراطي. وفي الانتخابات الرئاسية الأخيرة المنعقدة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، دعم السكان المرشحة عن الحزب الديمقراطي ونائب الرئيس السابقة كامالا هاريس. وقد أثار نشطاء كالكسيت قضية انفصال كاليفورنيا عن الولايات المتحدة في سنة 2016 على إثر فوز ترامب.
ومع ذلك، أظهرت استطلاعات الرأي أن 14 بالمئة فقط من الناخبين المسجلين يؤيدون المبادرة. ويعتقد زعيم حركة كالكسيت ماركوس رويز إيفانز أن حظوظ الحركة في النجاح ارتفعت.
ونقل الموقع عن الخبير السياسي ورئيس الحركة الروسية المناهضة للعولمة ألكسندر إيونوف أن العملية التي أطلقت في كاليفورنيا ذات طابع سياسي.
ويرى إيونوف، أن "الديمقراطيين يحاولون الانتقام من ما يسمى بالجمهوريين الجدد بقيادة ترامب بسبب الانهيار الكامل لسياسة بايدن الداخلية".
لماذا يكره سكان كاليفورنيا ترامب؟
يجاهر الناشطون في ولاية كاليفورنيا بمشاعرهم العدائية تجاه الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة، ويشاركهم في ذلك أغلب للسياسيين في الولاية الذين يعارضونه بشكل علني.
ومن جانبه، تعهد حاكم ولاية كاليفورنيا جافين نيوسم، وهو ديمقراطي، بحماية الحقوق المدنية الأساسية للسكان المحليين من الجمهوريين.
وأشارت منظمة كالماترز إلى أنه خلال فترة ولايته الرئاسية الأولى، رفعت قيادات كاليفورنيا دعاوى قضائية ضد ترامب بمعدل واحدة كل 12 يوما.
وفي المجمل، رفعت الولاية 123 دعوى قضائية ضد الرئيس، بحيث تعارض السلطات قضية حظر الإجهاض التي يروج لها الجمهوريون، وخطاب ترامب القاسي تجاه المهاجرين، فضلاً عن السياسات البيئية للإدارة الجديدة، إلى جانب إعلان الرئيس عن خطط لزيادة إنتاج النفط، وإصداره أمرا تنفيذيا بانسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ.
وحسب تقارير إعلامية، تستعد حكومة ولاية كاليفورنيا بالفعل لرفع دعاوى قضائية جديدة ضد الزعيم الأمريكي.
وحسب إيونوف، فإن ترامب الذي أعلن عن خطط لتوسيع الأراضي الأمريكية لتشمل غرينلاند وكندا، سيحارب بشدة أي مشاعر انفصالية.
وتابع إيونوف: "حتى في عهد الديمقراطيين، عملت وكالات الاستخبارات الأمريكية عن كثب مع الكاليفورنيين وغيرهم من المؤيدين لاستقلال الولايات والأقاليم الفردية. وبعد كل حدث يتم استدعائهم للاستجواب ويقوم مكتب التحقيقات الفيدرالي بعمليات تفتيش في مكاتب المنظمات".
هل تنفصل كاليفورنيا عن الولايات المتحدة؟
ذكر الموقع أن القانون الأمريكي يفتقر إلى القوانين التي تنظم عملية انفصال الولاية، وفي سنة 1869، بعد الحرب الأهلية الأمريكية، قضت المحكمة العليا بأن قانون القبول نهائي ولا يمكن مراجعته أو إلغاؤه إلا "بالثورة، أو بموافقة الولايات".
وحيال هذا الشأن، يرى أستاذ قسم العلوم السياسية في الجامعة المالية التابعة للحكومة الروسية جيفورج ميرزايان أن نجاح مبادرة كالكسيت لا يصب على الإطلاق في مصلحة المؤسسة الحاكمة الأمريكية "فالجمهوريون الذين تولوا السلطة لا يريدون خسارة أغنى ولاية والأمر سيان بالنسبة للديمقراطيين نظرا لأن كاليفورنيا، إلى جانب نيويورك، تشكّلان أكبر قاعدة انتخابية للديمقراطيين في الولايات المتحدة. وعليه من الصعب على الديمقراطيين احتلال البيت الأبيض بعد ذلك". وأشار ميرزايان إلى أن "الميزان الانتخابي سوف يتأرجح بشكل خطير لصالح الجمهوريين".
وحسب إيونوف فإن هناك حجر عثرة يعطل طموحات أنصار كالكسيت وهو وجود حركة نشطة في شمال كاليفورنيا تدعو إلى الانفصال وإنشاء ولاية جيفرسون جديدة غير موجودة حاليًا، من شأنها توحيد كاليفورنيا وجزء من ولاية أوريغون.
وذكر الموقع أن السلطات الروسية تراقب الأحداث الجارية في الولايات المتحدة. وفي هذا الصدد، وصف رئيس لجنة العلاقات الدولية في مجلس الاتحاد الروسي غريغوري كاراسين ما يحدث ومطالبات الولايات المتحدة بالأراضي الأجنبية بـ "السخافات".
هل تندلع حرب أهلية في الولايات المتحدة بسبب كاليفورنيا؟
وفي ربيع سنة 2024، أجرت مؤسسة راسموسن ريبورتس استطلاعا للرأي لمعرفة عدد الأميركيين الذين يحتملون وقوع حرب أهلية جديدة في البلاد.
وأجري الاستطلاع بعد إصدار فيلم "حرب أهلية"، الذي تجسد أحداثه اتحاد ولايتي كاليفورنيا وتكساس وإعلانهما التمرد ضد رئيس ديكتاتوري أدت سياساته إلى تقسيم المجتمع.
وأظهر الاستطلاع أن 41 بالمئة من المشاركين مقتنعون بأن صراعا أهليا جديدا سوف يندلع في الولايات المتحدة خلال السنوات الخمس المقبلة، في حين أرجح 16 بالمئة حدوث هذا السيناريو.
وبحسب الخبير السياسي مالك دوداكوف فإن هذه الولايات حاولت في العديد من المناسبات الضغط على الحكومة الفيدرالية وابتزازها بالانفصال عن البلاد.
وقال دوداكوف: "بالنسبة لأي احتمال نظري لانهيار الولايات المتحدة، فهذا لا يمكن أن يحدث إلا في حالة حدوث حرب أهلية أو صراع نووي وما إلى ذلك. وعليه، لا ينبغي توقع أي نوع من الانفصال السلمي، على الأقل في المستقبل القريب أو على المدى المتوسط".
وعلى النقيض من ذلك يرجح إيونوف احتمال اندلاع حرب أهلية في الولايات المتحدة مشيرا إلى أن "هناك العديد من الطوائف الدينية المختلفة والمؤثرة في الولايات المتحدة. يمكن استغلال هذا العامل لإخراج الناس إلى الشوارع بسرعة. هناك ديناميكيات خطيرة للغاية في ولايات مثل تكساس وكاليفورنيا وهاواي والأراضي المرتبطة ببورتوريكو".
ويرى إيونوف أن كاليفورنيا بمثابة قنبلة موقوتة. وعدم حدوث الانفصال اليوم لا يعني تجنبه في المستقبل القريب، مبينا أن حملة ترامب قسّمت المجتمع الأمريكي إلى نصفين، وأصبح المزاج السياسي المحلي يسوده التشاؤم.