هل الولايات المتحدة جادة بالانسحاب الكامل من العراق؟
تاريخ النشر: 10th, September 2024 GMT
بغداد- أصبح انسحاب قوات التحالف الدولي من العراق قاب قوسين أو أدنى بعدما أعلنت مصادر لوكالة رويترز أن المفاوضين الأميركيين والعراقيين اتفقوا على الانسحاب على مرحلتين، الأولى في سبتمبر/أيلول 2025، والثانية أواخر عام 2026.
وأشارت المصادر ذاتها إلى أنه "تم الاتفاق بشكل كبير على الخطة، وتنتظر موافقة نهائية من البلدين وتحديد موعد للإعلان عنها".
وغزت الولايات المتحدة العراق في 2003 وأطاحت بنظام الرئيس الراحل صدام حسين قبل الانسحاب في 2011، لكنها عادت على رأس التحالف في 2014 لمحاربة تنظيم الدولة.
كواليسوإلى جانب واشنطن، تشارك دول أخرى في هذا التحالف بمئات الجنود منها ألمانيا وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا. وبموجب الخطة، ستغادر جميع القوات قاعدة عين الأسد الجوية في محافظة الأنبار غربي العراق وتقلل من وجودها في بغداد على نحو كبير بحلول سبتمبر/أيلول 2025.
ومن المتوقع أن تبقى قوات أميركية وأخرى من التحالف في أربيل بإقليم كردستان قرابة عام إضافي حتى نهاية 2026، وذلك لترتيب العمليات الجارية ضد تنظيم الدولة في سوريا.
لتوضيح كواليس الاتفاق الأميركي العراقي، أكد الخبير العسكري صفاء الأعسم أن العراق حسم موقفه بخروج القوات الأجنبية خلال عامين دون أي تمديد لها، متحدثا عن رفض بغداد طلبا أميركيا بالتمديد.
وقال -للجزيرة نت- إن العراق قادر على سد الفراغ العسكري بحال خروج القوات الأجنبية والقضاء على عناصر تنظيم الدولة ومواجهة التهديدات الخارجية إذا تم تسليحه وتجهيزه استخباريا، و"هذا لن يتم إلا بوجود جدية أميركية بإنهاء وجود قواتها على أرض العراق".
وحسب الأعسم، فما سيتبقى من قوات التحالف هم المدربون والمستشارون والمشرفون والخبراء على اعتبار أن العلاقة الثنائية ستبقى مستمرة، موضحا أن بنود الاتفاق بين بغداد وواشنطن بدأت في منتصف عام 2014 بعد دخول التنظيم إلى مناطق من العراق.
وأضاف أن جزئية خروج القوات الأجنبية ضمن الاتفاق أشارت إلى ضرورة إبلاغ تلك القوات بالرغبة في ذلك قبل عام من الخروج الفعلي لها.
وضع معقدولفت الأعسم إلى أنه تم خلال زيارة وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي، في أغسطس/آب 2023 إلى واشنطن، الاتفاق على خروج تلك القوات بشكل كامل في يونيو/حزيران 2025، لكن في زيارته الثانية، في يوليو/تموز الماضي، أبلغ الجانب الأميركي نظيره العراقي بأن بدء الانسحاب سيكون في سنة 2025 وسيتم الانسحاب الكامل منتصف عام 2026.
ووفق الخبير العسكري، طالب الجانب الأميركي العراق بمنحه مدة إضافية، لأن "فترة العامين غير كافية لخروج جميع القوات"، لكن الوفد العراقي رفض هذا الطلب وأصر على استكمال الانسحاب خلال سنتين.
لكن هل تغامر الولايات المتحدة بترك الساحة العراقية لإيران والمحور الروسي؟برأي الخبير بالشأن الأمني عدنان الكناني، فإن وضع العراق معقد وتحول إلى ساحة صراع بين روسيا والصين من جهة والولايات المتحدة وإسرائيل من جهة أخرى، مؤكدا أن العراق "قادر على الدفاع عن أرضه ولديه اطلاع كامل بمن كان سببا في ما وصل إليه البلد من دمار".
وفي حديثه للجزيرة نت، قال الكناني إن العراق -وقبل دخول القوات الأميركية عام 2003- كان مسيطرا على أجوائه وحدوده، بالتالي فإن وجودها كان السبب في تحول الأرض العراقية إلى ساحة للصراعات الدولية، قائلا إن "التحالف الدولي لم يمنع تركيا من احتلال أجزاء من العراق كما لم يمنع من تكرار القصف على مناطق داخل إقليم كردستان بذرائع مختلفة".
وباعتقاده، فإن وجود القوات الأجنبية هو السبب الرئيسي في جميع مشاكل العراق اقتصاديا وأمنيا وخدماتيا وسياسيا، لافتا إلى أن "الشعب العراقي يخشى كل شيء وأي خطوة غير واضحة الأهداف والنوايا بسبب سلب الإرادات وسيطرة جهات ليست مؤهلة للحكم، بل تفرض قوتها بالسلاح على الشعب".
وتابع الكناني أن دولا عديدة لديها مطامع بالعراق، ولا تريد أن تكون هنالك سيطرة لخصومها على بعض مناطقه أو موارده، وأكد أن بغداد أصبحت "كمغارة علي بابا المفتوحة، وكل الأطراف سواء كانت أميركا أو إيران أو روسيا وتركيا تريد تحقيق أكبر قدر من المكاسب"، حسب تعبيره.
مصالحمن جانبه، أكد الباحث بالشأن السياسي أيسر الحسون أن مصالح اقتصادية وجغرافية وسياسية تجعل من خروج القوات الأميركية بشكل شامل من العراق أمرا مستحيلا. وعدّ الحديث عن إخراج القوات الأميركية والتحالف الدولي "أكذوبة" فلا يمكن ذلك -برأيه- لوجود مصالح اقتصادية وإستراتيجية لواشنطن في بغداد.
وبيّن -للجزيرة نت- أن الولايات المتحدة تعمل وفق خطة ذكية للضغط على العراق من خلال إطلاق سراح عناصر تنظيم المعتقلين في سجون قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وفي مخيم الهول في شمال سوريا، إضافة إلى لعب ورقة جيش "جبهة النصرة" من خلال زجه على حدود العراق وسوريا.
ووفق الحسون، هناك مفاوضات فعلية بين العراق وأميركا من خلال لجان عليا اتفقت على خروج المجموعة الأولى من قوات التحالف في سبتمبر/أيلول 2025 والثانية في الشهر نفسه من العام 2026، مستدركا بالقول إن "واشنطن لن تفرط بالعراق ولا تريد ذهابه إلى محور إيران وروسيا والصين".
من جهته، تساءل الإعلامي العراقي عباس اللامي عن مدى جدية الجانب الأميركي في السعي للخروج من العراق.
وقال للجزيرة نت إن اتفاقية الإطار الإستراتيجي التي وُقعت عام 2008 بين بغداد وواشنطن ألزمت الإدارة الأميركية بالانسحاب من العراق خلال موعد محدد، "لكن هذا لم يحصل"، موضحا أن البرلمان صوت على إخراج القوات الأجنبية عام 2020 ولم تلتزم تلك القوات برغبة السلطة التشريعية العراقية.
وحسب اللامي، فإن الحزب الديمقراطي الأميركي -وخلال فترة الانتخابات الرئاسية- يسعى لإيصال رسائل للناخب حول رغبتهم بالخروج من العراق وطي تلك الصفحة، قائلا إن "الوجود الأميركي بالعراق لم يعد مرحبا به خصوصا بعد الدعم الأميركي للكيان الصهيوني في الحرب على غزة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الولایات المتحدة القوات الأجنبیة خروج القوات للجزیرة نت من العراق
إقرأ أيضاً:
ما علاقته بالموازنة؟.. مخاوف سياسية من التعداد السكاني في العراق - عاجل
بغداد اليوم- بغداد
أكد الباحث في الشؤون الاستراتيجية محمد التميمي، اليوم الخميس (21 تشرين الثاني 2024)، أن نتائج التعداد السكاني الشامل في العراق قد تفجر أزمات سياسية مختلفة خلال المرحلة المقبلة.
وقال التميمي في حديث لـ"بغداد اليوم"، إن "الهدف الأساسي من التعداد السكاني هو اقتصادي وتنموي، لكن نتائج هذا التعداد قد تدفع نحو أزمات سياسية مختلفة لاسيما فيما يتعلق بعدد أعضاء مجلس النواب وكذلك مجالس المحافظات، والعمل بعكس ذلك ربما يحتاج الى تعديل دستوري وهذا الامر صعب جداً وسيواجه خلافات وتحفظات سياسية كبيرة".
وأضاف ان "التعداد السكاني قد يدفع الى خلافات سياسية بخصوص الموازنات في المحافظات، خاصة الجنوبية والوسط، وكذلك ما بين حكومة الإقليم وحكومة المركز، فأكيد هذا التعداد سيدفع الى زيادة النمو السكاني بجميع المدن وهذا يدفع الى زيادة تخصيصاتها المالية، وهنا الدولة قد تواجه ازمة مالية متعلقة بتوفير السيولة لتمويل تلك الموازنات خلال السنوات القليلة المقبلة".
وانطلقت يوم أمس الأربعاء، عملية التعداد العام للسكان في العراق، حيث شمل جميع المحافظات بما في ذلك إقليم كردستان، ويهدف إلى توفير بيانات دقيقة وشاملة عن عدد السكان، توزيعهم الجغرافي، ومستويات المعيشة، حيث أعلنت الحكومة فرض حظر تجوال خلال يومي الأربعاء والخميس.