مواصلة اقتحام مدن ومخيمات الضفة الغربية والتنكيل بالفلسطينيين

غارات إسرائيلية على سوريا تودي بحياة 14 شخصًا

سوريا: إسرائيل تسعى لمزيد من التصعيد في المنطقة

المفاوضات تصل إلى "طريق مسدود" بسبب التعنت الإسرائيلي

ليبرمان لنتنياهو: فشلت في الأمن وحولت أولادنا إلى دروع واقية لك

لافروف: الشرق الأوسط أصبح على شفا حرب إقليمية كبرى

روسيا: السلام في الشرق الأوسط مستحيل دون حل القضية الفلسطينية

الرؤية- غرفة الأخبار

تتواصل استفزازات حكومة الاحتلال الإسرائيلي برئاسة بنيامين نتنياهو لجر منطقة الشرق الأوسط إلى حرب إقليمية كبرى، عبر مواصلة حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة وتنفيذ عملية عسكرية موسعة في الضفة الغربية، واستهداف الأراضي اللبنانية والأراضي السورية.

ويرى زعيم حزب "إسرائيل بيتنا"، أفيغدور ليبرمان، أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو فشل في تحقيق الأمن، مضيفا: "نتنياهو حوّل أولادنا إلى دروع واقية له ولائتلافه الحكومي، وهذا ليس ائتلافا يمينيا، إنه ائتلاف العار ومواطنونا يستحقون قيادة مختلفة".

ويواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي اقتحام مدن ومخيمات الضفة الغربية المحتلة واعتقال العشرات من الفلسطينيين وتدمير البنية الأساسية واغتيال أفراد المقاومة الفلسطينية.

وبالأمس، أفادت وسائل إعلام رسمية سورية بأن إسرائيل شنت غارات على منطقة واقعة في الوسط الغربي لسوريا، راح ضحيتها 14 شخصا على الأقل.

وقالت وزارة الخارجية السورية إن تمادي إسرائيل في اعتداءاتها على سوريا ودول أخرى "يدل على السعي المحموم لمزيد من التصعيد في المنطقة"، بينما دعت إيران إلى "إجراءات رادعة وجادة" لمواجهة الجرائم الإسرائيلية.

بدوره، قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، إن الشرق الأوسط أصبح على شفا حرب إقليمية كبرى، إذا لم يتم تسوية ملفاته جميعا

جاء ذلك خلال الحوار الاستراتيجي بين دول مجلس التعاون الخليجي وروسيا على المستوى الوزاري، حيث تابع لافروف مخاطبا نظرائه من دول الخليج: "لقد أصبح الشرق الأوسط على شفا حرب إقليمية كبرى، وروسيا تعمل مع جميع الأطراف للحيلولة دون ذلك، وعدم قدرة المجتمع الدولي على وقف القتال في قطاع غزة، ووقف القتل الجماعي للسكان أدى إلى تدهور حاد في الوضع السياسي والعسكري بجميع أنحاء المنطقة: من حدود لبنان وإسرائيل إلى البحر الأحمر".

وأشار لافروف إلى أن المواجهة وصلت إلى مستوى خطير جديد بين إسرائيل ولبنان، ليصبح الشرق الأوسط مرة أخرى على شفا حرب إقليمية كبرى، مؤكدا: "من مسؤوليتنا المشتركة منع حدوث ذلك".

وأكد لافروف في كلمته أمام الاجتماع أن "السلام في الشرق الأوسط مستحيل دون حل القضية الفلسطينية".

وتابع لافروف أن المجتمع الدولي "فشل في وقف العدوان والقتل الجماعي في غزة" وشدد على أن العنف الحالي ضد الفلسطينيين "غير مسبوق، ولم تشهده أي من الحروب العربية الإسرائيلية"، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت السبب في عرقلة كل قرارات الشرعية الدولية لوقف إطلاق النار في غزة، بينما تبذل روسيا ومجلس التعاون الخليجي كل الجهود من أجل التوصل لوقف إطلاق النار وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على أساس قرارات الشرعية الدولية.

وعلى مستوى المفاوضات، قال موقع أكسيوس الأمريكي، إن الرئيس جو بايدن يعقد اجتماعا مع فريقه للأمن القومي لمناقشة "الطريق المسدود" الذي وصلت إليه مفاوضات الرهائن.

ونقل الموقع عن مصدر مطلع أن مستشاري بايدن طلبوا من مصر وقطر زيادة الضغط على حماس للتراجع عن مطالبها، كما أنهم أجروا محادثات مع مسؤولين قطريين ومصريين وأوضحوا لهم أن مطالب حماس "مبالغ فيها".

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

كلمات دلالية: الشرق الأوسط

إقرأ أيضاً:

أي شرق نريد؟

الدكتور إياد البرغوثي*

ذروة الأهداف التي وضعها نتنياهو للحرب الاسرائيلية الدائرة الآن على غزة ولبنان، إنشاء "شرق أوسط جديد". قبل مئة وثمانية أعوام أنشأ (لنا) أسلاف نتنياهو سايكس وبيكو "شرق أوسط" كان جديدا في حينه، قسم العالم العربي، ووضع أسس قيام "اسرائيل"، وخلق الدولة العربية "الوطنية" متطلبا لذلك، حيث أكتملت عملية ذلك التجديد في العام 1948 بقيامها فعليا.

لكن الذي اعتقدناه بأن انشاء إسرائيل كان ذروة عملية "تجديد" المنطقة أو اكتمالها، تبين لنا فيما بعد أنه ما هو إلا "قص الشريط" لعملية تجديد لا تنتهي، فأخذت اسرائيل منذ لحظة انشائها بتغيير الخارطة الجيواستراتيجة والديموغرافية للمنطقة، فاحتلت مزيدا من الأراضي الفلسطينية والعربية وصل ذروته في العام 1967، وضاعفت من جهودها في تهجير الفلسطينيين و"استحضار" يهود مكانهم، وبدأت بعملية "تطبيع" حثيثة مع الدول "الوطنية" العربية.

ومع كل ما جرى واثنائه، لم يتوقف الحديث (والسعي) حول انشاء شرق أوسط جديد، منذ بدأ بذلك برنارد لويس في سبعينات القرن الماضي، مرورا بشمعون بيرس وكتابه "الشرق الأوسط الجديد" في العام 1992، وغونداليزا رايس في العام 2006 الى نتنياهو هذه الأيام.

من البديهي أن يكون الغرب وإسرائيل (الامبريالية والصهيونية) الأكثر سعيا وإلحاحا ودراية بأهمية "التجديد" المستمر للشرق الأوسط، فهما اكثر من "يستخدمه" ويسيء ذلك الاستخدام، ويحمله أكثر من طاقته. وهما التي ترتبط اهدافهما ارتباطا وثيقا بعملية التجديد تلك وباستمرارها وديمومتها، لضمان "استخدام" اكثر سهولة وأكثر نجاعة. التجديد في حالة الشرق الأوسط مرتبط بالاستخدام لا اكثر.

ماذا يعني تجديد الشرق الأوسط؟.

ارتبط الحديث عن الشرق الأوسط الجديد بالغرب وباسرائيل، فالقاء نظرة سريعة على الكلمات والدراسات والأفعال المرتبطة بذلك، تشير (غربيا) الى الحرص على تعميق تبعية المنطقة للغرب. أما اسرائيليا فيعني السعي الى مزيد من التوسع، وضرورة "تكبير" الدولة الصغيرة كما صرح الرئيس ترامب، وزيادة نفوذ اسرائيل في المنطقة وهيمنتها عليها. لقد تلازم الحديث عن تجديد الشرق الأوسط مع كل حروب اسرائيل التي هدفت الى إضعاف العرب وإنهاكهم ودفعهم نحو اختيار التطبيع الذي لم يعن سوى المزيد من الضعف والتبعية.

لا يبذل المسؤولون الاسرائيليون أي جهد لإخفاء اهدافهم في توسيع "حدود" اسرائيل وتجسيد قيادتها للمنطقة. فقبل إعلان نتنياهو مؤخرا عن سعيه لتغيير خارطة الشرق الأوسط، كان شمعون بيرس قد قال بصريح العبارة أن "العرب قد جربوا قيادة مصر للمنطقة لمدة نصف قرن، فليجربوا قيادة اسرائيل".

"الشرق الأوسط الجديد" في ذهن اصحابه، يعني جغرافيا جديدة، وديموغرافيا جديدة، وعلاقات دولية جديدة، وسياسات جديدة، ومسَلمات جديدة، وثقافة سائدة جديدة، ومناهج تعليمية جديدة. انه إعادة ترتيب للمنطقة تكون فيها اسرائيل الوحيدة المرشحة للتوسع، في حين تنقسم الدول العربية الموجودة، وتظهر دول جديدة، ويتم نقل (تهجير) شعوب أو أجزاء منها من مكان الى آخر، ويجري العبث بالتركيبة الثقافية والاثنية لبعض الشعوب، ويُعمل على تغيير وعيها بذاتها وباسرائيل وببعضها البعض وبتاريخها ومعتقداتها وقيمها ورموزها. كل ذلك من أجل تسيد اسرائيل للمشهد، واعتبارها مركز الاقليم ورابط علاقاته وبوابته الى العالم. انه باختصار تدشين فعلي "للامبراطورية" الاسرائيلية في المنطقة.

هنا أجد من الضروري التذكير بكلام كنت قد كتبته قبل اربعة أعوام في مقدمة كتابي "تحرير الشرق.. نحو إمبراطورية شرقية ثقافية" وهو.... "ما زال أمام مثقفي شعوب المنطقة وشبابها متسع من الوقت للعمل على خلق (الامبراطورية) (الشرقية) المفترضة، خاصة اذا ما أدرك هؤلاء، واكثرهم بالتأكيد يدرك، أنه إن لم يقم بذلك، فإن اسرائيل ستعمل- وهي تعمل فعلا - على انشاء امبراطوريتها في المنطقة، تلك التي تزيد شعوبها الحاقا وتهميشا".

العرب و"الشرق الأوسط الجديد"

رغم ارتباط مشروع "الشرق الأوسط الجديد" بإضعاف العرب وتمزيق دولهم، إلا أنهم الأقل اكتراثا به في المنطقة. فالعالم العربي الرسمي بمجمله يبدو إما متجاهلا للموضوع أو متماهيا معه. ومن الواضح أن أحدا من العرب لا يجابه هذا المشروع باستثناء "قوتين" من خارج "الدولة"؛ ما بقي من نخبة مثقفة  قومية عربية، ترفضه من خلال التمسك بالوضع الحالي الذي هو في حقيقة الأمر، النسخة الأقدم من الشرق الأوسط الذي كان جديدا (سايكس بيكو)، أو قوى "المقاومة" في بعض البلدان، وهي الوحيدة التي تتصدى له وتقف في مواجهته.

بعد تآكل المشروع القومي العربي بعد العام 1967، ذلك الذي حدث أساسا بفعل التحرك الاسرائيلي الامبريالي لخلق "شرق أوسط جديد"، لم يبرز أي مشروع عربي يفكر بمستقبل المنطقة، ويتعامل معها كوحدة اقليمية واحدة، مما أفقد "الأمة" معظم "إن لم يكن كل" عناصر مناعتها.

فبعد عبد الناصر، لم يعد للعالم العربي قيادة ولا يبدو أنها ستكون في المستقبل المنظور. ومن سخرية القدر، أن دولا تدعي دور القيادة في العالم العربي الآن لم تكن في حياتها قومية، بل كانت مساهما أساسيا في إحباط المشروع القومي العربي الحقيقي من خلال "تحالفها" مع الامبريالية والصهيونية.

دخل العالم العربي بفعل دولته "الوطنية" ومآلاتها، ونخبه "الحديثة" وتوجهاتها، وعلاقتهما معا بالامبريالية والصهيونية في حالة موت سريري، بل اصبحت تسمية "العالم العربي" موضوعا للجدل، ولم يعد موضوع الأمن القومي العربي مطروحا، بل لم يعد هناك ما يبرر طرحه بعد أن فُتحت أبواب التطبيع مع إسرائيل على مصراعيها، وأصبح "العرب" جزءا من الحالة الصهيونية.

فيما يتعلق بالدولة العربية "الوطنية"، التي أقل ما يُقال فيها أنها نشأت في حالة "ملتبسة" وفي سياق مضاد للأمة إثر سايكس بيكو، ذهبت إلى اعتماد العزلة عن شقيقاتها "عقيدة" لها، وتنصلت من المشاركة "الايجابية" في أية قضية قومية تحررية بما فيها القضية الفلسطينية، باعتبارها "عبئا" لا مبرر له، أو لا علاقة لها به في أحسن الأحوال. ثم أخذت بالانعطاف الواضح والمعلن نحو "العدو"، الاستثناء هنا كان عند البعض في الفترة الناصرية.

لقد كان تأثير البترودولار الذي برز دوره مباشرة بعد هزيمة المشروع القومي في العام 1967، حاسما في رسم طريقٍ باتجاه واحد للدولة "الوطنية" نحو الامبريالية، وذلك من خلال دوره في القضاء على البرجوازية الوطنية في الدولة العربية، والابقاء على الكومبرادور والبرجوازية البيروقراطية ممثلة بأجهزة الدولة الإدارية لقيادة الدولة.

بغياب البرجوازية الوطنية، أو على الأقل بإضعافها، انتهت مقومات الدولة الوطنية الحقيقية، ولم يعد باستطاعة الدولة الموجودة أن تكون حاضنة لأي مشروع وطني نهضوي، فساهمت في تهميش الهويات الجامعة، وغيبت مفهوم الأمن القومي، ولعبت دورا حاسما في التأثير السلبي على نخبها خاصة الثقافية، في موقفها من الاستعمار والصهيونية ومشاريعهما في المنطقة.

أما بالنسبة للنخب المكونة أساسا من الجيش والمثقفين (الانتلجنسيا العسكرية والمدنية)، فقد ساهم البترودولار مباشرة، أو من خلال الدولة "الوطنية"، بأخذهما الى مكان آخر معاكس للمكان الطبيعي الذي كان يجب ان يكونا فيه. فالجيش الذي ينبغي أن يكون رمزا لوحدة "الأمة" واستقلالها وسيادتها وحافظ أمنها القومي، أصبح جزءا من الكومبرادور في شكل علاقته المباشرة و"المثيرة" مع الغرب ومع اسرائيل قبل التطبيع وبعده. الشيء الوحيد الذي يجعله مختلفا عن الكومبرادور التجاري هو اعتماده "البلطجة" في علاقاته مع السوق ومع الناس، بدل "الفهلوة" التي يعتمدها الكومبرادور المدني.

أما المثقفين المدنيين الذين لم تكن نسبة كبيرة منهم بمنآى عن تأثير البترودولار والدولة، فقد ذهب جزء منهم الى التنظير "للدولة" وأولويتها وانعزالها، وإلى "تتفيه" أي عمل وحدوي يفكر في "لملمة" عناصر القوة، ووصل بهم الأمر الى السعي لتبييض صفحة "العدو" وذلك بتحميل الذات عواقب "سوء" التصرف، ووجدوا أنفسهم في نهاية الأمر يصلون الى حيث كان لا بد أن يصلوا وهو الترويج للتطبيع والانخراط فيه. ربما لم يحدث في التاريخ أن "اقتنعت" نخبة "بعدوها" كما فعلت وتفعل بعض النخب العربية هذه الأيام.

من المهم هنا ايضا الإشارة الى "الخدمة" الكبيرة التي قدمتها مجموعة من المثقفين الحداثيين للمشروع الغربي الصهيوني والشرق الأوسط الجديد دون قصد على الأغلب وبشكل غير مباشر، إذ في خضم قيام هؤلاء بعملهم "الثوري" ضد الثقافة "الرجعية" التي يصنفون "الدين" كأحد أهم عناصرها، اقتربوا اكثر من "الدولة" (الرهينة والمرتهنة)، وساهموا في تفكيك المجتمع من خلال" تعففهم" في التعاطي مع "الإسلام" الذي اعتبروه "حاضنة" للتخلف فسهلوا تقديمه للامبريالية والصهيونية لاستخدامه ضد "الأمة" على شكل داعش احيانا ومشروع ابراهيمي احيانا أخرى.

إيران.. مشروع آخر لشرق مختلف

لا نحتاج لكثير من العناء للإقرار بأن ايران (وحلفائها) هي القوة "الأساسية" التي تقف أمام النسخة الامبريالية الصهيونية من مشروع الشرق الأوسط الجديد، ليس فقط لأن لديها تصورا مختلفا حول مستقبل المنطقة، بل لأنها الوحيدة التي تملك مشروعا متكاملا مضادا له.

المشروع الايراني مبني على مسألتين رسخهما الخميني منذ بداية الثورة الإسلامية؛ حتمية تحرير فلسطين على اعتبار أن اسرائيل "غدة سرطانية" غريبة في المنطقة، وضرورة انسحاب كل القوات والأساطيل والقواعد الأجنبية من المنطقة وتركها لأصحابها لتحديد شكل وجودهم وعلاقاتهم البينية. هو يعتبر اسرائيل والقواعد الأجنبية تهديدا مباشرا للأمن القومي الايراني. لذلك ينبغي أن نفهم أن تخلي ايران، أو بشكل أدق تخلي (الثورة الإسلامية في ايران) عن فلسطين هو تخليها عن مشروعها هي قبل أن يكون موقفا عقائديا أو اخلاقيا تضامنا مع الشعب الفلسطيني.

من المهم خاصة للنخب السياسية والثقافية العربية معرفة أن المشروع الايراني يتكيء على "ضلعين" هما الدولة والثورة. هذان الضلعان ليسا متعارضين لكنهما ليسا متماثلين تماما، والغرب في توجهاته نحو ايران يفترض وجود فجوة بين الدولة والثورة يسعى لتعميقها واسقاط الثورة من خلال ذلك.  انه يراهن من خلال الحصار والضغط على ايران تأليب الدولة على الثورة، وإظهار أن ما يعانيه الشعب الايراني والدولة الايرانية ما هو إلا بسبب التصرف "غير المسؤول" لها، وهو يعتبر أن "تخليص" الدولة من الثورة هو الطريق الأمثل لها للإنخراط في مشروعه للشرق الأوسط الجديد.

مما تقدم، يمكن الحكم على المشروع الايراني أنه مشروع شرقي تحرري، شرقي بمعنى أنه ليس مصمما للتموضع ضمن مصالح أي من القوى الكبرى خاصة الولايات المتحدة، هو مشروع ذاتي ايراني تماما. وهو مشروع تحرري بمعنى أن أهدافه المعلنة تتلخص في "تطهير" المنطقة (الشرق) أو (غرب آسيا) من كل القوى الأجنبية المتواجدة فيه والمتحكمة بمصيره. هذا هو ببساطة، والأمر لا يحتاج للذهاب كثيرا في "زواريب" الايديولوجيا و"مؤامرات" التاريخ.

العرب.. بين مشروعين

أصبح واضحا أن العرب، رسميون وغير رسميين، لا يملكوا أي مشروع ولا حتى أي تصور خاص لمستقبل المنطقة (الشرق)، وهم أساسا وبناء على ما تقدم، ليسوا في وضع يتيح لهم التفكير في أي مشروع كهذا لا الآن ولا في المستقبل المنظور، لذلك فإن دورهم ينحصر في أحسن الأحوال في اختيار كيفية التموضع مع ما هو مطروح أمامهم، رغم أن ذلك مشكوك فيه ايضا لأنهم على الأغلب لا يملكون حرية الاختيار، ويذهبوا صاغرين الى حيث تريد لهم القوى المتنفذة الذهاب.

إننا أمام مشروعين لإعادة صياغة مستقبل المنطقة لا ثالث لهما؛ مشروع الشرق الأوسط الجديد الأمريكي الاسرائيلي، يقابله المشروع الايراني. ونحن كذلك أمام عرب رسميين يمتثلون دون تردد للانخراط في المشروع الأول رغم إدراك بعضهم لخطورته المباشرة عليهم وعلى انظمتهم. ونخب (مثقفين بالأساس) بعضها غير مبال بحجة أنه لا يرى فرقا بين المشروعين، وبعضها يدعو الله للحفاظ على القديم (الموجود)، وما تبقى هو الذي وجد في المشروع المقابل ما يمكن أن يشكل أساسا لتجديد مختلف.

اذا ما استثنينا الجانب الرسمي الذي لا جدوى من النقاش معه كونه حسم موقعه "غرائزيا" الى جانب الشرق الأوسط (الصهيوني) الجديد، فإن الأكثر خطورة بين النخب هم اولئك الذين يتمترسون حول رأيهم بأن لا فرق بين المشروعين، كونهم يعرفون أن لا وجود لمشروع ثالث، ولا امكانية لوجوده، وهم بذلك إنما يسوقون المشروع الأول (الصهيوني) من باب "الحرص" على الذات وعلى "الاستقلال والسيادة".

هذا لا يعني أنه ليس من حق أحد أن يبدي "ملاحظاته" أو "تحفظاته" على المشروع "الايراني"، لكن التعامل العقلاني مع هذه التحفظات لا يكون بوضعه في خانة التساوي مع المشروع الصهيوني، بل بتقديره كمشروع تحرري للمنطقة والعمل على "تطويره" من خلال التفاعل والحوار بين كل المعنيين ليكون مشروعا "شرقيا" اكثر شمولا وجذرية واستثمارا لطاقات "الأمة"، كما تطمح شعوبها بكافة اثنياتهم وثقافاتهم (عربا وايرانيين وكرد وامازيغ...الخ) وطبقا لمصالحها في التحرر والاستقلال والسيادة والتنمية الحقيقية. مرة أخرى، إن لم تتوحد شعوب الشرق لتصنع "شرقها" على مقاسها، فإن اسرائيل جاهزة لتصنع لها ولهم "الشرق الأوسط الجديد" والقابل للتجديد دائما على المقاس الإسرائيلي.

*باحث وأكاديمي فلسطيني / رام الله

القدس المقدسية


© 2000 - 2024 البوابة (www.albawaba.com)

محرر البوابة

يتابع طاقم تحرير البوابة أحدث الأخبار العالمية والإقليمية على مدار الساعة بتغطية موضوعية وشاملة

الأحدثترند أي شرق نريد؟ صلاح ينتقد إدارة ليفربول.. ما السبب؟ شذى الأدهمي تهدد أصدقاء طليقها رامي الجابر: "لموا صاحبكم.. وتاريخكم المشرف كله عندي" بريانكا شوبرا تشارك لحظات عائلية خاصة رفقة زوحها نيك جوناس وابنتهما شاهد: ظهور السعودي عبد الحميد الأولى في الدوري الإيطالي Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا فريقنا حل مشكلة فنية اعمل معنا الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTube

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن

اشترك الآن

© 2000 - 2024 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter

مقالات مشابهة

  • نتنياهو: إسرائيل حققت إنجازات في 7 جبهات خلال فترة الحرب
  • بلينكن : محاولات حماس فتح جبهات متعددة تم احباطها
  • البنك العربي راعي مصرفي لمنتدى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات MENA ICT Forum 2024
  • مصادرتوضح لـCNN سبب زيارة المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط إلى السعودية
  • أي شرق نريد؟
  • جلسة لـ مجلس الأمن اليوم حول الوضع في الشرق الأوسط
  • الشرق الأوسط ومذكرة اعتقال نتنياهو على طاولة "مجموعة السبع"
  • مطالب وشروط نتنياهو أبعد من مجرّد صفقة لوقف الحرب
  • المخمل يعكس رشاقة نجوى كرم (صور)
  • «بوريل» يطالب المجتمع الدولي بالتحرك الفوري لإنهاء النزاع في الشرق الأوسط