عندما نحتفل بذكرى المولد النبوي الشريف على صاحبه وآله أفضل الصلاة وأتم التسليم، فإننا نعظم شعيرة هامة من شعائر الله، ونحتفل بذكرى عظيمة ومناسبة غالية على قلوب كل المسلمين، ذكرى في الحقيقة هي من تحيينا، ولسنا من نحييها، تحيي فينا ذكرى مولد خير من وطأ الثرى، ذكرى ولادة الرسول الخاتم، سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، الذكرى التي احتفل بها الله عز وجل في ??ربيع الأول عام الفيل والذي حاول فيه أبرهة الحبشي هدم الكعبة في إبريل من العام ??? للميلاد، عندما أضاء بمولده نور ما بين السموات والأرض، وأمر الخالق جل في علاه السماوات بأن تتزين وتبتهج بمولد محمد المصطفى، وأمر الملائكة بأن تبتهج وتحتفي فرحا وابتهاجا بمولد البشير النذير، والسراج المنير، وخير داع إلى الصراط المستقيم، تحيي فينا سيرتك العطرة يا سيدي يا رسول الله، ومواقفك العظيمة التي سطرتها في حياتك سلوكا وممارسة، هديا ونصحا وإرشادا، وتدريبا وتأهيلا وإعدادا، وعلما وعملا وجهادا، وتربية وبناء واستعدادا .
فما إن تحل علينا نسائم ربيعك المحمدي يا سيدي يا رسول الله، حتى يبدأ أحفاد الأنصار في يمن الحكمة والإيمان، بالتسابق على إظهار مظاهر الفرح والسرور بمولدك الأغر، من خلال أعمال الزينة الضوئية والقماشية، وإقامة الأمسيات والفعاليات والمجالس الإيمانية المحمدية المعبرة عن الفرح والسرور بقدوم مولد النور، حيث تكتسي كافة المدن والمديريات والقرى والعزل والأحياء والحارات في مختلف المحافظات اليمنية الحرة، حلل البهاء والجمال المحمدي بلونها الأخضر الزاهي، لتتحول معها إلى لوحة يمانية محمدية خضراء بديعة، ويظل الجميع كبارا وصغارا، رجالا ونساء في حالة فرح دائم، وانتظار وترقب ولهفة وشوق للمشاركة في الفعاليات المركزية التي تشهدها ساحات الرسول الأعظم في مختلف المحافظات والمدن في الثاني عشر من شهر ربيع الأول احتفاء بالمولد النبوي الشريف .
يرفعون رايات الولاء اليماني لسيد الأمم، ومنقذ البشرية، الرسول الكريم، صاحب الخلق العظيم، والمنهج القويم، صاحب الحوض المورود، والمقام المحمود، واللواء المعقود، صاحب الغرّة والتحجيل، النبي الخاتم المذكور في التوراة والإنجيل، المؤيّد بالأمين جبريل محمد خير الورى، خير الخلق منذ طفولته، وأطهر المطهرين في ريعان شبابه، وأنجب وأرشد وأوعى وأحكم البشرية في كهولته، وأزهد الناس في حياته، وأعدل القضاة في حكمه وقضائه، وأشجع وأرقى قائد في جهاده وحسن إدارته، شهد له الأعداء قبل الأصدقاء بصدقه وأمانته، يهتفون بصوت واحد ( لبيك يا رسول الله ) لبيك يا حبيب الله، رغم الظروف المعيشية الصعبة، والأوضاع الاقتصادية المتردية جراء استمرار العدوان والحصار الأمريكي السعودي الإماراتي، إلا أن حبهم لرسول الله يجعلهم يتجاوزون معاناتهم ويقفزون عليها، لإحياء هذه المناسبة الدينية العظيمة، التي يؤكدون من خلالها عمق ارتباطهم برسول الله ومحبتهم الصادقة له، وسيرهم على هديه، وتأسيهم به، لا عوائق تعيقهم دون الاحتفال بهذه المناسبة، يتحركون بكل صدق وإخلاص وتفان من أجل إنجاح الفعاليات المركزية وتلك التي تسبقها، بكل طمأنينة وراحة بال .
هاهم أحفاد الأنصار يجددون العهد للرسول الأعظم سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم بالسير على خطاه، والمضي في دربه، دونما كلل أو ملل، يقارعون جاهلية وطواغيت اليوم، كما قارعهم عليه الصلاة والسلام في حياته، يساندون غزة العزة، ويقفون بكل شجاعة وإقدام إلى جانب المقاومة الفلسطينية في معركة الحرية التي تخوضها ضد كيان العدو الصهيوني، ينصرون المظلوم كما نصرته يا سيدي يا رسول الله، يذودون عن الحمى، وينتصرون للمقدسات الإسلامية، وللكرامة العربية، وللحق العربي الفلسطيني في مواجهة طواغيت العصر الذين يشنون حرب إبادة شاملة بحق إخواننا في قطاع غزة والضفة .
جاهزون للتوجه عصر الأحد القادم صوب ساحات الرسول الأعظم في كافة المحافظات بكل زخم وعنفوان للمشاركة في إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف، ورسم أبهى وأزهى وأجمل لوحات الربيع اليماني المحمدي، وحاضرون في ساحات الوغى دفاعا عن الأرض والعرض والشرف والكرامة، وحاضرون في البحر والجو والبر دعما وإسنادا لإخواننا في فلسطين، نصرخ بالموت لأمريكا وإسرائيل، ونهتف من أعماق أعماقنا ( لبيك يا رسول الله ) ( لبيك يا غزة ) ( لبيك يا أقصى ) ( لبيك يا فلسطين )، حاضرون في كل الجبهات والميادين، وجاهزون بقوة الله وعونه وتأييده لكل الخيارات والاحتمالات، سنحتفل بمولد النور، وسنواصل دعمنا وإسنادنا لغزة، وسنواصل صمودنا وثباتنا في مواجهة تحالف البغي والعدوان، حتى يكتب الله لنا النصر .
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
المدينة التي تبكي بأكملها.! (2)
صادق سريع
هذه الرواية تصف الحال بدقة: “تسقط قطرات المطر كدموع أهل غزة، الأطفال تصرخ من شدة البرد، والبطون تتألم من الجوع، والخيام تتطاير من عواصف الريح، وهكذا وضع كل من في غزة خائفا، جائعا، بردانا، متعبا، ومنهكا”.
ما يريد القائل قوله: “إن غزة تقاتل المستعمرين القدامى والجدد نيابة عن العرب والمسلمين المتفرجين، بينما عجز العالم عن تدفئة طفل رضيع يرتجف من البرد تحت خيام غزة!”.
وهكذا قالت نازحة – في حالة غضب: “إن رجفة الطفل برداً في غــزّة، أشرف وأكرم من رجفة عبداً متخاذل أمام سيّده!”.
في الخيمة المقابلة، لم تتمكن طفلة من إيجاد رغيف تسد به رمق الجوع، فرسمت قرص الخبز، لكن هل الرسم يُشبع!؟ يا الله ما هذا البلاء.
طفلة أخرى طلبت من أمها حبة فاكهة تأكلها، فردت الأم بحسرة – حاولت أن تخفي ملامحها عن الأبنة الصغيرة: “سنأكلها فى الجنة”، فأخرجت طفلتها قلما مكسورا، وقالت لأمها بلهجة براءة الطفولة: “بدي أكتب على الورقة كل الفواكه، وأطلبها من ربنا لمن نروح الجنة”، لا حول ولا قوة إلا بالله..
في غزة فقط، الناس تنصح أولادها: “يا بابا متلعبوش، وتجروا كثير، عشان ما تجوعوا”.. وتباع وتشترى الخضروات والطحين بالجرام، وينام الناس بالشوارع في برد الشتاء، وتحت سعير نيران القذائف التي تسقط في كل مكان، وتقام ولائم العزاء بلا توقف بكل الأوقات في كل البيوت المدمرة والخيام الممزقة ونحيب بكاء المدينة بأكملها، كأنها تعيش أكبر مآتم التاريخ.
كل شيء في غزة يدعوك للبكاء، نازحة في شمال غزة حصلت على كيس خبز ؛ يا الله ما هذه الفرحة التي غيرت ملامح وجهها العابس مُنذ سنة !؟ كأنها حصلت على كنز ثمين بعد عام كامل!!
يقول قائل من غزة، عن قول أمه (وأمه امرأة لا تكذب) إنها قالت له: “ستفرج ذات يوم”.
وهكذا يستغيث أهل غزة، أيها العالم الأصم : “تجمدنا في الخيام؛ هل تسمعون صرخات الأطفال والنساء؟”.
ويخاطبون أمة محمد – عليه الصلاة والسلام: “من يحمل الهم عنا، ومن يقاسمنا الثِقل؟ سامحونا -يا معشر المسلمين- فلن نسامحكم ولن نغفر خذلناك وخيانتكم وصمتكم يوم الحساب”.
وأنا أقول: “تحدثوا – يا أمة الإسلام – أن غزْة تُباد، تحدثوا ليكون كلامكم شاهداً لكم لا عليكم يوم الحساب”.
سلاماً على غزة حتى يطمئن أهلها، وتبرد نارها، ويدفأ بردها، وتطيب جراحها، وينتصر رجالها، ويخرج غزاتها.
* المقال يعبِّر عن رأي الكاتب