في ظل حرب إعلامية خفية داخل إسرائيل، تُثير قضية تسريب وثائق حركة حماس إلى وسائل إعلام أجنبية جدلًا حادًا في الكنيست، مع تسارع وتيرة التنافس بين الأحزاب على السيطرة على رواية الحدث، حسبما ذكرت قناة «القاهرة الإخبارية».

وتستعرض صحيفة «يديعوت أحرنوت» قضية تسريب وثائق حركة حماس، مُسلِّطة الضوء على ما يبدو كمحاولات لتوجيه الرأي العام الإسرائيلي، واستخدام معلومات سرية كأداة سياسية.

ويُثير التقرير تساؤلًا جوهريًا: هل يتعلق الأمر بالأمن القومي الإسرائيلي أم بمحاولات سياسية لتأجيج الخلافات داخل إسرائيل؟

تسريبات لوثائق مزورة

استدعى عضو الكنيست مئير كوهين من حزب «يش عتيد»، رئيس لجنة الشؤون الخارجية والأمن يولي إدلشتين من حزب «الليكود»، لعقد اجتماع عاجل لمناقشة التسريبات المزعومة للوثائق المزورة، المتعلقة بحركة حماس التي انتشرت في وسائل إعلام دولية.

جاءت مطالبة عضو الكنيست كوهين في ظل بدء جيش الاحتلال الإسرائيلي تحقيقًا داخليًا، في نهاية الأسبوع الماضي، لتحديد المسؤولين عن تسريب وثائق سرية يُزعم أن حماس سرّبتها إلى وسائل إعلام عالمية، بهدف التأثير على الرأي العام الإسرائيلي حول صفقة تبادل الأسرى.

وفي رسالته إلى رئيس لجنة الشؤون الخارجية والأمن، أشار كوهين إلى أن الجيش الإسرائيلي قد بدأ تحقيقًا داخليًا بشأن تسريب وثائق تم الاستيلاء عليها في غزة إلى وسائل الإعلام الدولية، مُشددًا على أن بعض هذه الوثائق قد تكون مُزورة.

وأضاف «كوهين» في رسالته إلى رئيس لجنة الشؤون الخارجية والأمن أن هذه الوثائق نشرت في صحف عالمية، مثل «بيلد» الألمانية و«ذا جويش كرونيكل» البريطانية، ووصفها بأنها «استغلال ساخر وخطير للوثائق السرية»، مؤكدًا ضرورة أن تكشف اللجنة عن ملابسات التسريب لضمان عدم تكراره.

تسريب وثائق سرية

وطالب عضو الكنيست مئير كوهين من حزب «يش عتيد» بفتح تحقيق عاجل في تسريب وثائق سرية يُزعم أنها تمت الاستيلاء عليها من غزة، وذلك بموجب طلب قدمته لجنة الشؤون الخارجية والأمن، ويحمل توقيع ثلث أعضائها.

ويهدف التحقيق إلى الكشف عن مدى كفاءة نظام أمن المعلومات، والتحقق من احتمالية تورط جهات سياسية في التسريب بهدف التأثير على الرأي العام الإسرائيلي.

ويؤكد كوهين أن التسريب ليس حادثة عابرة، بل يشكل تهديدًا خطيرًا لأمن البلاد، خاصة في ظل الشكوك حول صحة تلك الوثائق.

وبموجب تحقيق جيش الاحتلال، كشفت صحيفة «ذا جويش كرونيكل» البريطانية زيف معلوماتها حول وثائق سرية زعمت أنها حصلت عليها من داخل حماس، بينما ادعت الصحيفة أنها تعكس تعليمات واستراتيجية زعيم الحركة يحيى السنوار، فيما أظهر التحقيق أن الوثائق ليست سوى اقتراحات من مسؤول متوسط الرتبة داخل الحركة، وليس لها علاقة بالسنوار أو أي قيادي رفيع في حماس.

وأثبت التحقيق أن الوثيقة التي نشرتها صحيفة «بيلد» الألمانية، والتي ادعت أنها وثيقة لحركة حماس، ليست سوى وثيقة مختلفة تمامًا، ولم تحتوي الوثيقة على الادعاءات التي أوردتها الصحيفة، والتي زعمت أن حركة حماس غير مهتمة بأي صفقة تبادل محتجزين. ويبدو أن الوثائق المسربة قد تم استغلالها بشكل غير صحيح بهدف التأثير على الرأي العام داخل إسرائيل.

وعبر مسؤول عسكري كبير في إسرائيل عن قلق شديد إزاء تسريب معلومات حساسة، مُؤكدًا على وجود أنظمة مُتخصصة داخل جيش الاحتلال ووكالات الاستخبارات مُختصة بالتأثير على ما وصفه بالـ«العدو».

وأضاف أن هذه الأنظمة لا تُستخدم للتأثير على الرأي العام الإسرائيلي، مشددًا على أن هذه الحملة تهدف إلى التأثير على الرأي العام داخل إسرائيل وليس «العدو»، وهو ما يُعتبر تجاوزًا خطيرًا يستدعي التحقيق ومحاسبة المسؤولين عن التسريب.

وتثير قضية تسريب وثائق سرية داخل جيش الاحتلال الإسرائيلي تساؤلات عديدة حول مدى صحتها ودوافع تسريبها، فهل هي محاولة للتأثير على الرأي العام الإسرائيلي أم جزء من صراع سياسي داخلي؟ وما هو دور وسائل الإعلام الأجنبية في هذه القضية؟ بينما يستمر جيش الاحتلال في تحقيقاته، تبقى هذه الأسئلة مفتوحة، مما يسلط الضوء على الأبعاد المعقدة لهذه القضية.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: السنوار حماس الاحتلال الإسرائيلي إسرائيل غزة قطاع غزة على الرأی العام الإسرائیلی تسریب وثائق سریة جیش الاحتلال داخل إسرائیل

إقرأ أيضاً:

السنوار يربك الاستخبارات الإسرائيلية باستخدام حيلة غير متوقعة.. «فص ملح وداب»

نجح زعيم حركة حماس، يحيى السنوار، في إرباك الاستخبارات الإسرائيلية التي لم تتمكن حتى الآن من تحديد موقعه أو تتبع تحركاته، حسبما أفاد تقرير لصحيفة «وول ستريت جورنال».

وأصبح السنوار بالنسبة للاستخبارات الإسرائيلية عبارة عن «فصح ملح وداب» في غزة، وبات من المستحيل الوصول إلى مكانه، بسبب الاسترايتيجية التي يتسخدمها في المراوغة. 

وأشارت الصحيفة إلى أن السنوار استخدم نظام اتصالات منخفض التقنية خلال فترة سجنه، ما ساعده على تجنب شبكة جمع المعلومات الاستخباراتية الإسرائيلية.

وتُرجّح الصحيفة أن هذا النظام هو السبب الرئيسي لنجاح السنوار في التملص من محاولات اغتياله، مما جعله هدفًا صعب المنال بالنسبة للاستخبارات الإسرائيلية.

السنوار يتلاعب بالاحتلال

وذكرت الصحيفة في تقريرها أن نظام الاتصالات منخفض التقنية، الذي طوره يحيى السنوار أثناء فترة سجنه، يُعد درعًا حاميًا له ضد شبكة جمع المعلومات الاستخباراتية الإسرائيلية، مما قد يكون أنقذه من محاولة اغتيال محتملة.

وأوضحت أن «السنوار ابتعد إلى حد كبير عن استخدام المكالمات الهاتفية والرسائل النصية وغيرها من أشكال الاتصالات الإلكترونية التي قد تُمكن إسرائيل من تعقبه، وهي أساليب أدت إلى مقتل نشطاء آخرين».

ونقلت الصحيفة عن مصادر عربية مطلعة قولها إن السنوار يعتمد على نظام معقد من الرسائل والرموز والملاحظات المكتوبة باليد لإدارة عمليات حماس، حتى من داخل الأنفاق تحت الأرض، وذلك لتجنب التعرض للتجسس من قبل إسرائيل.

وأشارت إلى أن طريقة السنوار قد أزعجت الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية التى كانت عازمة على العثور علي مهندس هجوم 7 أكتوبر الماضي، مؤكدة  أن قتل أو أسر يحيي السنوار سيمثل انتصارًا لإسرائيل ويمكن أن ينهي الحرب التى استمرت 11 شهرًا.

ورغم السيطرة العسكرية على قطاع غزة، فشلت الاستخبارات الإسرائيلية في تحديد مكان السنوار الذي اختفى عن الأنظار منذ بدء الحرب، بحسب «وول ستريت جورنال».

وأشارت الصحيفة إلى أن نظام الاتصال المشفر الذي يستخدمه السنوار يُصعّب على الجيش الإسرائيلي تحديد موقعه، مما يسمح له بالهروب من الغارات قبل وصولها إليه.

كيف يرسل السنوار رسائلة؟

تُكتب رسالة السنوار بخط يده، وتُحفظ على ورق رقيق، وتُنقل عبر سلسلة من الوسطاء، كل واحد منهم حلقة في سلسلة معقدة من السرية، وتُمرر الرسالة عبر أشخاص موثوقين من أعضاء حماس، ثم يتم تشفيرها بمجموعة من الرموز.

ويعتمد هذا التشفير على نظام مشفر، كان السنوار وغيره من أسرى حماس يستخدمونه خلال فترة اعتقالهم في السجون الإسرائيلية، لضمان وصول الرسالة إلى وجهتها أخيرًا.

وفي كل مرحلة من مراحل الرحلة، تواجه الرسالة خطرًا حقيقيًا من المصادرة أو الفقدان أو الكشف عن محتواها، مما يُظهر قدرة حماس على التواصل في حالة حرب وخلال أحلك الظروف.

وبعد ذلك، قد تُمرّر الرسالة إلى وسيط عربي دخل غزة، أو إلى أحد عناصر حماس، ليستخدموا الهواتف، أو وسائل اتصال أخرى، لإرسالها إلى قادة المنظمة المقصودين، أو إلى الوسطاء الأمريكيين في الخارج.

تكتيك معقد يلعبه السنوار لإيصال رسائله

ووفقًا للتقرير فإن وسائل اتصال السنوار أصبحت متحفظة وأكثر تعقيدًا بعد اغتيال أعضاء كبار آخرين في المنظمة، وبالأخص منذ اغتيال صالح العاروري في بيروت.

وتُصبح الاتصالات مع السنوار صعبة خلال مراحل التفاوض الحاسمة، ويُثير التقرير تساؤلات حول طبيعة هذا التأخير، «فهل هو تكتيك تفاوضي أم نتيجة لطريقة اتصاله المعقدة لتجنب المخابرات الإسرائيلية؟».

ورغم تعقيدات الاتصال، تمكن السنوار من إرسال تعزية لهنية عبر البريد بعد ساعات من وفاة ثلاثة من أبنائه في غارة جوية.

وكشفت إسرائيل قبل عقد من الزمن عن شبكة هواتف أرضية أنشأتها حماس في أنفاقها تحت الأرض، وحاول جيش الاحتلال اختراق هذه الشبكة في عام 2018 بعملية «حد السيف» التي فشلت، وفقًا لحماس.

وأثناء سجنه، طور السنوار رموزًا ولغة مشفرة للتواصل مع زملائه، وهي نفس الطريقة التي يستخدمها الآن لتجنب مراقبة الاستخبارات الإسرائيلية.

مقالات مشابهة

  • السنوار يربك الاستخبارات الإسرائيلية باستخدام حيلة غير متوقعة.. «فص ملح وداب»
  • الرسائل البدائية تنقذ حياة السنوار من الاغتيال
  • لولاه لكان ميتا.. كيف أفلت السنوار من القتل حتى الآن؟
  • القضاء يحيل رئيس هيئة النزاهة الى التحقيق “لتضليله الرأي العام”
  • حماس: السنوار سيوجه رسالة مباشرة قريباً
  • نظام اتصالات بدائي يحمي يحيى السنوار من الاستهداف الإسرائيلي
  • كيف يمكن أن تصل إسرائيل إلى يحيى السنوار؟
  • رسالة السنوار للسيد حسن نصر الله.. الأبعاد والدلالات
  • حبس وافد مصري زور وثائق تولى بها مدير التخطيط بوزارة العدل قبل 2021
  • مكتب النائب العام يأمر بحبس وافد مصري زوَر وثائق