شكلت إيران والحوثيون تحالفاً استراتيجياً يهدف إلى ترسيخ نفوذ طهران كقوة عسكرية ذات قدرات بحرية. وتخدم شراكة إيران مع الحوثيين أغراضاً متعددة، بما في ذلك تعزيز العمق الاستراتيجي لإيران في الصراعات الإقليمية وتوفير القدرة الانتقامية ضد أي استيلاء محتمل على ناقلات النفط الإيرانية.

جاء ذلك في تقرير أعدّه خمسة خبراء غربيين هم: "هايدي دينارد، بيلا كوشي، آنا مارتن جيل، كريستيان كوتس أولريشسن، جيم كرين"، ونشره معهد بيكر الأمريكي.

وذكر المعهد، في تقرير الخبراء، أنه "وفقاً للمحللين الإيرانيين، يعد دعم طهران للحوثيين جزءاً من استراتيجية إيران الكبرى لترسيخ نفسها كقوة عسكرية بحرية في المنطقة وخارجها من أجل حماية تدفق صادراتها النفطية في ظل العقوبات".

الموقع الاستراتيجي لمضيق باب المندب، مهم للغاية بالنسبة لطهران التي تسعى نحو التسليح النووي، في ظل التهديد الأمريكي والتهديدات الدولية، التي من شأنها ملاحقة ناقلات النفط الإيراني في البحر والمحيط ومصادرتها.

كشف تقرير الخبراء أنه "من خلال الموقع الاستراتيجي للحوثيين في مضيق باب المندب، تسعى إيران إلى اكتساب النفوذ في الصراعات الإقليمية، ومواجهة الضغوط الأمريكية في المنطقة، والالتفاف على العقوبات الأمريكية" من خلال إحكام قبضتها على المضيق عبر أذرعها في اليمن (الحوثيين). والغرض من ذلك حسب الخبراء هو "الانتقام إذا تم الاستيلاء على ناقلات النفط التابعة لها في البحر الأحمر أو المحيط الهندي أو مناطق أخرى".

ورغم أن الحوثيين يزعمون أن هجماتهم على السفن نصرة لفلسطين، إلا أن هناك تيارا خفيا من الانتهازية استغله الحوثيون منذ أواخر عام 2023، وفقا للتقرير.

"العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران من المرجح أن تكون دائمة".. هذا ما استنتجته طهران، وفقاً لتقرير الخبراء، وبالنظر "لهدف طهران المتمثل في الحفاظ على بنيتها التحتية النووية ومكانتها كدولة على عتبة نووية، فإن احتمالات التوصل إلى اتفاق جديد بين الولايات المتحدة وإيران تظل منخفضة، حتى مع انتخاب الرئيس الإيراني الجديد في يوليو 2024".

وأجمع الخمسة الخبراء على أن إيران "تتمتع بنفوذ هائل على الحوثيين، باعتبارها مستفيدة منهم"، مستندين في ذلك إلى أمثلة عديدة وفقاً للتقرير الذي يقول إن من بينها "لم تُستأنف هجمات الحوثيين ضد الأهداف المدنية والبنية التحتية في السعودية منذ الاتفاق الإيراني السعودي لاستعادة العلاقات الدبلوماسية في مارس 2023".

لا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل "تتمتع إيران بالنفوذ الأعلى لإجبار الحوثيين على تقليص عملياتهم في البحر الأحمر".

بالتزامن، استطاعت إيران، التي لا ترغب في بدء مواجهة شاملة مع إسرائيل، استخدام الحوثيين كوسيلة منخفضة المخاطر للتعبير عن دعمها لحماس، حسب النظرة التحليلية لهؤلاء الخبراء. علاوة على ذلك "اليمن بعيد جغرافيا عن إسرائيل بما فيه الكفاية بحيث لم تتمكن الصواريخ الحوثية التي قدمتها إيران من التسبب بأضرار خطيرة".

المصدر: وكالة خبر للأنباء

إقرأ أيضاً:

تقرير: التصعيد بين واشنطن وطهران يلوح في الأفق.. وأوروبا مطالبة بإيجاد مخرج

حذرت تقرير أعدته باحثتان ونشر في موقع  معهد "تشاتام هاوس" البريطاني، من أن الولايات المتحدة وإيران تسيران نحو تصعيد خطير، مشددتين على أن أوروبا "بإمكانها، بل ينبغي عليها، أن توجد مخرجا".

وقالت الدكتورة سانام وكيل، نائبة مدير "برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" في معهد "تشاتام هاوس"، والدكتورة أنيسة بصيري تبريزي، الزميلة المشاركة في البرنامج، إن أمام الدول الأوروبية الثلاث وهي فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة، وطهران خيارا واحدا فقط، وهو إعادة التواصل.

وأشارت الباحثتان في التقرير أن عدم القيام بإعادة التواصل بين الدول الأوروبية الثلاث وإيران "يُهدد بالتوجه نحو برنامج نووي مُسلّح، أو تصعيد عسكري، أو كليهما".


وأوضحت الباحثتان أن العام 2025 سيشهد انتهاء صلاحية الاتفاق النووي الإيراني المعروف باسم "خطة العمل الشاملة المشتركة" الموقع عام 2015، وهو ما قد يؤدي إلى فقدان أدوات الضغط القليلة المتبقية على طهران، مثل إعادة فرض العقوبات.

وأضاف التقرير أنه "في غياب الاتفاق أو بديل له، قد تقرر طهران المضي قدمًا في برنامجها النووي، خاصة بعد تراجع قدراتها الرادعة خلال العام الماضي".

وأشارت إلى أن "محور المقاومة" الذي تقوده إيران، بما في ذلك حماس وحزب الله، تعرض لانتكاسات كبيرة في صراعه مع "إسرائيل"، كما أن نظام الأسد في سوريا، الحليف التقليدي لطهران، قد انهار، ما يجعل إيران أكثر عرضة للضغوط.

من جانب آخر، لفتت الباحثتان إلى أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب "رفعت مستوى المخاطر، حيث فرضت عقوبات اقتصادية صارمة في أسابيعها الأولى"، مشيرتين إلى أن "إسرائيل تضغط بشدة على واشنطن لدعم ضربات عسكرية مباشرة ضد البرنامج النووي الإيراني".

وفي ظل هذه التطورات، أشارت الباحثتان إلى أن صانعي القرار الإيرانيين يناقشون الآن "ضرورة تسليح البرنامج النووي"، رغم تأكيدات المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي بأن "البرنامج سيظل سلميا".

وبحسب التقرير، فإن عام 2025 سيكون عاما مفصليا، حيث قد تجد إيران نفسها أمام خيارين: تسريع عملية التسلح النووي، أو مواجهة هجمات عسكرية ضد منشآتها، ما سيؤدي إلى تصعيد غير مسبوق في المنطقة.

وقالت الباحثتان إن "هذه السيناريوهات هي ما سعت الدول الأوروبية الثلاث والاتحاد الأوروبي إلى تجنبه منذ عام 2003، عندما بدأوا في لعب دور الوسيط بين واشنطن وطهران"، موضحتان أن "الدول الأوروبية ظلت ملتزمة بالاتفاق النووي حتى بعد انسحاب ترامب منه عام 2018، لكنها لم تتمكن من الحفاظ على امتثال إيران له بعد عام 2019".

وأشارت الباحثتان إلى أن العلاقات الأوروبية-الإيرانية تدهورت بشكل كبير، خاصة بعد دعم طهران للحرب الروسية في أوكرانيا، مما زاد من حدة التوترات بين الطرفين.


وفي ظل هذه التطورات، شدد التقرير على أن "إعادة التواصل بين إيران وأوروبا هو الخيار الأفضل المتاح"، معتبرا أن طهران ترى في المفاوضات المباشرة مع واشنطن "استسلاما لسياسة الضغط الأقصى"، لكنها في الوقت ذاته لا ترغب في التصعيد العسكري، وتسعى لتخفيف العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.

وأشارت الباحثتان إلى أن مجموعة الدول الأوروبية الثلاث عقدت بالفعل اجتماعات عدة مع مسؤولين إيرانيين لمناقشة إمكانية استئناف المفاوضات، مشددتين على أن "على أوروبا التحرك بسرعة لوضع جدول زمني واضح للتوصل إلى اتفاق جديد قبل انتهاء المهلة النهائية لإعادة فرض العقوبات".

واختتم التقرير بتحذير صريح، حيث أكدت الباحثتان أن "التقاعس الأوروبي قد يؤدي إلى وضع كارثي، يتمثل في تصعيد نووي أو عسكري من شأنه أن يجعل البيئة الأمنية العالمية أكثر هشاشة واضطرابا".

مقالات مشابهة

  • الملف النووي الإيراني: أي سيناريوهات
  • «قضاء أبوظبي» تعزز كفاءة الخبرة والوساطة في المنازعات
  • خبراء أمميون: الإجراءات الأميركية بحق طلاب مناهضين لإسرائيل غير متكافئة
  • تقرير: التصعيد بين واشنطن وطهران يلوح في الأفق.. وأوروبا مطالبة بإيجاد مخرج
  • إيران: برنامجنا النووي سلمي ولن نقبل أي مطالب طرحت سابقاً ورفضناها
  • واشنطن: على إيران إثبات تخليها عن برنامجها النووي
  • آخر استعدادات منتخب الإمارات لمواجهة نظيره الإيراني
  • كيف تلقت إيران رسالة ترامب من الهجمات الأميركية على الحوثيين؟
  • في تصريح صادم.. الرئيس الإيراني: طهران تمر بأزمة لا يسمح بالعيش فيها بعد الآن
  • وعيد وإدانة ورفض.. هكذا ردت إيران على "ضرب الحوثيين"