أكد البيان الختامي للمجلس الوزاري الخليجي ال161 اليوم الاثنين وقوف مجلس التعاون لدول الخريج العربية إلى جانب الشعب الفلسطيني الشقيق في ظل التطورات الراهنة في قطاع غزة ومحيطها.

ودان المجلس استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة واستهداف المدنيين الفلسطينيين وتهجيرهم قسريا مطالبا بالايقاف الفوري والدائم لإطلاق النار والعمليات العسكرية الإسرائيلية وإنهاء الحصار المفروض على القطاع ورفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني وضمان تأمين وصول كافة المساعدات الإنسانية والإغاثية والاحتياجات الأساسية لسكان غزة.

وحمل المجلس الوزاري الاحتلال الاسرائيلي المسؤولية القانونية أمام المجتمع الدولي عن انتهاكاتها واعتداءاتها المستمرة التي طالت المدنيين الأبرياء واعتبارها جرائم حرب وفق القانون الدولي الإنساني وأسفرت عن قتل آلاف المدنيين في قطاع غزة معظمهم من النساء والأطفال في انتهاك للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.

كما طالب المجلس المجتمع الدولي باتخاذ الإجراءات اللازمة ضمن القانون الدولي للرد على ممارسات حكومة الاحتلال الإسرائيلي غير القانونية وسياسة العقاب الجماعي التي تنتهجها ضد سكان غزة العزل والشعب الفلسطيني كافة معربا عن رفضه لأي مبررات وذرائع لوصف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بأنه دفاع عن النفس.

ورحب المجلس بمضامين البيان المشترك الصادر بتاريخ 8 أغسطس 2024 عن دولة قطر ومصر والولايات المتحدة الأمريكية بشأن ضرورة اتمام التوصل إلى إيقاف لإطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن والمعتقلين في غزة والدعوة لاستئناف المفاوضات بتاريخ 15 أغسطس 2024 مؤكدا دعم مجلس التعاون الكامل للجهود المتواصلة في سبيل إتمام التوصل لإيقاف إطلاق النار والمعالجة العاجلة للأوضاع الإنسانية المتدهورة في غزة.

ودان المجلس الوزاري تصريحات رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بتاريخ 3 سبتمبر 2024 بشأن محور (فيلاديلفيا) والمحاولات العبثية لتبرير الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة للقوانين والأعراف الدولية مؤكدا تضامن دول المجلس ووقوفها إلى جانب جمهورية مصر العربية في مواجهة المزاعم الإسرائيلية.

وحذر من عواقب هذه التصريحات الاستفزازية وما لها من تبعات في تقويض جهود الوساطة لقطر ومصر والولايات المتحدة الأمريكية للتوصل إلى إيقاف لإطلاق النار في قطاع غزة وتبادل الأسرى والمحتجزين.

وأكد أهمية الاستعداد بخطة متكاملة لعودة السلطة الفلسطينية لغزة عند انتهاء الحرب هناك في القطاع والتأكيد على رفض مجلس التعاون لفكرة فصل غزة عن الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وأي أطروحات عن مستقبل غزة مشيرا الى أنها يجب ان تكون في سياق العمل على حل شامل يضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وضرورة اعتماد نهج شمولي نحو مسار موثوق به لتنفيذ حل الدولتين وفقا للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني والمعايير المتفق عليها بما في ذلك قرارات الأمم المتحدة ومبادرة السلام العربية.

كما رحب المجلس الوزاري بإعلان المملكة المتحدة بتاريخ 3 سبتمبر 2024 تعليق رخص تصدير الأسلحة للاحتلال الإسرائيلي منها عتاد يستخدم في الحرب الحالية على قطاع غزة مشيرا إلى أن الإعلان يتماشى مع قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية الداعية لإيقاف فوري لإطلاق النار وحماية المدنيين ودعم الجهود الجارية لإنهاء الحرب في قطاع غزة.

وأكد أهمية استمرار اللجنة الوزارية برئاسة المملكة العربية السعودية التي شكلتها القمة العربية والإسلامية المشتركة الاستثنائية في جهودها للعمل على وقف العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني والتحرك على المستوى الدولي لمساندة جهود دولة فلسطين في نيل اعتراف مزيد من دول العالم ودعمها للحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة وعقد مؤتمر دولي للسلام.

ودعا مجلس الأمن لاتخاذ قرار ملزم تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة يضمن امتثال قوات الاحتلال الاسرائيلي للايقاف الفوري لإطلاق النار والإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني وتهجيره قسرا وإدخال المساعدات الإنسانية وإعادة الحياة إلى طبيعتها في قطاع غزة مطالبا مجلس الأمن بتنفيذ قراراته السابقة الخاصة بالصراع العربي الإسرائيلي.

وأكد المجلس على مركزية القضية الفلسطينية وعلى دعمه لسيادة الشعب الفلسطيني على جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ يونيو 1967 داعيا كافة الدول إلى استكمال إجراءات اعترافها بدولة فلسطين واتخاذ إجراء جماعي عاجل لتحقيق حل دائم يضمن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وضمان عودة اللاجئين وفق مبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية.

وشدد على أهمية زيادة دعم المجتمع الدولي لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في ظل الظروف الإنسانية الحرجة مؤكدا أهمية استمرار الوكالة في أداء مهامها بما يضمن توفير المتطلبات الأساسية للفلسطينيين للتخفيف من آثار الأزمة الإنسانية التي تشهدها فلسطين المحتلة وإنقاذ الشعب الفلسطيني من معاناة العوز والإبادة والمأساة الإنسانية.

ودان المجلس الوزاري مصادقة الكنيست الإسرائيلي بتاريخ 18 يوليو 2024 على قرار يرفض إقامة دولة فلسطينية مما يمثل تحديا صارخا لقرارات الشرعية الدولية واستخفافا بالجهود التي يبذلها المجتمع الدولي لإعادة إحياء عملية السلام في الشرق الأوسط وحل الدولتين.

كما دان مصادقة الكنيست الإسرائيلي بتاريخ 24 يوليو 2024 على مشروع قانون يقضي بتصنيف وكالة (أونروا) منظمة إرهابية مشددا على ضرورة وقوف المجتمع الدولي بحزم في مواجهة المخططات الإسرائيلية الرامية لتصفية الوكالة وحرمان ملايين الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية والأردن وسوريا ولبنان من خدماتها الحيوية.

ودان كذلك قرار المجلس الوزاري الأمني الإسرائيلي في 29 يونيو 2024 توسيع الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة واستمرار إسرائيل بناء الوحدات الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة وطرد الفلسطينيين من منازلهم معربا عن رفضه أي توجه لضم المستوطنات في الضفة الغربية إلى إسرائيل في مخالفة صريحة لميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.

وأكد المجلس الوزاري على أن حقل الدرة يقع بأكمله في المناطق البحرية لدولة الكويت وأن ملكية الثروات الطبيعية في المنطقة المغمورة المقسومة المحاذية للمنطقة المقسومة السعودية – الكويتية بما فيها حقل الدرة بكامله هي ملكية مشتركة بين المملكة العربية السعودية ودولة الكويت فقط ولهما وحدهما كامل الحقوق لاستغلال الثروات الطبيعية في تلك المنطقة وفقا لأحكام القانون الدولي واستنادا إلى الاتفاقيات المبرمة والنافذة بينهما مؤكدا رفضه القاطع لأي ادعاءات بوجود حقوق لأي طرف آخر في هذا الحقل أو المنطقة المغمورة المحاذية للمنطقة المقسومة بحدودها المعينة بين المملكة العربية السعودية ودولة الكويت.

ورحب المجلس باستضافة دولة الكويت لمؤتمر (دوشانبي) الدولي الخاص بتعزيز التعاون في مجال مكافحة الارهاب وبناء آليات مرنة لأمن الحدود والمقرر عقده من 4 الى 5 من نوفمبر 2024.

وأكد مواقفه وقراراته الثابتة بشأن العلاقات مع إيران مشددا على ضرورة التزامها بالأسس والمبادئ الأساسية المبنية على ميثاق الأمم المتحدة ومواثيق القانون الدولي ومبادئ حسن الجوار واحترام سيادة الدول وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وحل الخلافات بالطرق السلمية وعدم استخدام القوة أو التهديد بها ونبذ الطائفية.

وعبر المجلس عن القلق البالغ جراء التطورات الأخيرة شديدة الخطورة للتصعيد العسكري في منطقة الشرق الأوسط وتأثيرها السلبي على الأمن الإقليمي واستقراره مشددا على أهمية خفض التصعيد وبشكل فوري للمحافظة على أمن واستقرار المنطقة وضرورة بذل كافة الأطراف جهودا مشتركة واتخاذ نهج الدبلوماسية كسبيل فعال لتسوية النزاعات والتحلي بأقصى درجات ضبط النفس وتجنيب المنطقة وشعوبها مخاطر الحروب.

وفيما يخص اليمن أكد المجلس الوزاري الدعم الكامل لمجلس القيادة الرئاسي برئاسة الدكتور رشاد محمد العليمي والكيانات لمساندة له لتحقيق الأمن والاستقرار في اليمن والتوصل إلى حل سياسي شامل وفقا للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل وقرار مجلس الأمن (2216) بما يحفظ لليمن سيادته واستقلاله ووحدته وسلامة أراضيه.

ورحب المجلس باستمرار الجهود المخلصة التي تبذلها المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان والاتصالات القائمة مع كافة الأطراف اليمنية لإحياء العملية السياسية بما يؤدي إلى تحقيق حل سياسي شامل ومستدام في اليمن وضرورة وقف إطلاق النار وأهمية انخراط الحوثيين بإيجابية مع الجهود الدولية والأممية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية والتعاطي بجدية مع مبادرات وجهود السلام لتخفيف المعاناة عن أبناء الشعب اليمني.

وأعرب المجلس الوزاري عن القلق البالغ إزاء استمرار تطورات الأحداث في منطقة البحر الأحمر وخليج عدن والتشديد على أهمية خفض التصعيد للمحافظة على أمن واستقرار منطقة البحر الأحمر وخليج عدن واحترام حق الملاحة البحرية فيها وفقا لأحكام القانون الدولي واتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982.

وفيما يخص العراق أكد المجلس الوزاري على مواقفه وقراراته الثابتة تجاه العراق ودعم الجهود القائمة لتحقيق الأمن والاستقرار فيه مشددا على أهمية الحفاظ على سلامة ووحدة أراضيه وسيادته الكاملة وهويته العربية ونسيجه الاجتماعي ووحدته الوطنية ومساندته لمواجهة الجماعات الإرهابية والميليشيات المسلحة تكريسا لسيادة الدولة وإنفاذ القانون.

وأشاد بالشراكة الإيجابية بين مجلس التعاون والعراق مؤكدا المضي قدما في إنجاز مشروع الربط الكهربائي لربط العراق بشبكة الكهرباء في دول مجلس التعاون لتحقيق قدر أكبر من التكامل والترابط بين العراق ودول المجلس بما يحقق مصالحهما المشتركة ويمهد الطريق لمزيد من التعاون في المستقبل.

ودعا المجلس العراق لاستئناف اجتماعات الفرق الفنية القانونية المعنية بترسيم الحدود لما بعد العلامة الحدودية رقم (162) كما دعاه للاستجابة لطلب دولة الكويت باستئناف اجتماعات اللجنة الكويتية – العراقية المشتركة لتنظيم الملاحة البحرية في (خور عبدالله).

وشدد المجلس على أهمية احترام العراق لسيادة الكويت ووحدة أراضيها والالتزام بالتعهدات والاتفاقيات الثنائية والدولية وكافة قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة وخاصة قرار مجلس الأمن رقم 833 (1993) بشأن ترسيم الحدود الكويتية – العراقية البرية والبحرية داعيا العراق إلى العمل الجاد لاستكمال ترسيم الحدود البحرية بين البلدين لما بعد العلامة البحرية 162.

وأكد المجلس الوزاري على دعم قرار مجلس الأمن رقم 2732 (2024) وعلى أهمية ضمان استمرار متابعة مجلس الأمن لتطورات ومستجدات ملف الأسرى والمفقودين الإنساني وملف الممتلكات الكويتية بما في ذلك الأرشيف الوطني والتمسك بمظلة مجلس الأمن وذلك على النحو الوارد في قرار مجلس الأمن رقم 2107 (2013) الذي حدد إطار رفع التقارير ذات الصلة بملفات دولة الكويت إلى مجلس الأمن دون غيره من أجهزة الأمم المتحدة ومواصلة آلية كتابة التقارير الدورية المعنية بذات المسألة على اعتبار أن ذلك الأمر قد ساهم في إحراز التطورات الإيجابية الملموسة في هذا الشأن.

وفيما يخص سوريا أكد المجلس الوزاري على مواقفه الثابتة تجاه الحفاظ على وحدة أراضي سوريا واحترام استقلالها وسيادتها على أراضيها ورفض التدخلات الإقليمية في شؤونها الداخلية ودعم جهود الأمم المتحدة للتوصل إلى حل سياسي هناك بما ينسجم مع قرار مجلس الأمن رقم (2254) ودعم جهود المبعوث الخاص لسوريا غير بيدرسون ودعم الجهود المبذولة لرعاية اللاجئين والنازحين السوريين والعمل على عودتهم الطوعية والآمنة إلى سوريا وفقا للمعايير الدولية ورفض أي محاولات لإحداث تغييرات ديموغرافية في سوريا.

أما فيما يخص لبنان فقد أكد المجلس الوزاري مواقف مجلس التعاون الثابتة مع الشعب اللبناني وعن دعمه المستمر لسيادة لبنان وأمنه واستقراره وللقوات المسلحة اللبنانية التي تحمي حدوده وتقاوم تهديدات المجموعات المتطرفة والإرهابية.

كما أكد أهمية تنفيذ إصلاحات سياسية واقتصادية هيكلية شاملة تضمن تغلب لبنان على أزمته السياسية والاقتصادية وعدم تحوله إلى نقطة انطلاق للارهابيين أو تهريب المخدرات أو الأنشطة الإجرامية الأخرى التي تهدد أمن واستقرار المنطقة.

وعن السودان فقد أكد المجلس الوزاري مواقف وقرارات مجلس التعاون الخليجي الثابتة بشأن أهمية الحفاظ على سيادة وأمن السودان واستقراره ووحدة أراضيه ومساندته في مواجهة تطورات وتداعيات الأزمة الحالية.

وشدد على ضرورة التهدئة وتغليب لغة الحوار وتوحيد الصف والعودة إلى مسار العملية السياسية بما يفضي إلى سلطة مدنية ورفع المعاناة عن الشعب السوداني الشقيق والحفاظ على تماسك مؤسسات الدولة الوطنية ومنع انهيارها والحيلولة دون تفاقم الصراع والمواجهات بين الأطراف السودانية.

كما حث المجلس الحكومة السودانية وقوات الدعم السريع على الانخراط الجاد والفعال مع مبادرات تسوية الأزمة ومنها (منبر جدة) ودول الجوار وغيرها.

وأشار المجلس إلى أهمية التزام طرفي الصراع في السودان بإنهائه في ضوء ما تم الاتفاق عليه في (إعلان جدة) الموقع في 11 مايو 2023 بشأن الالتزام بحماية المدنيين والإعلان الصادر في 20 مايو 2023 بشأن الاتفاق على وقف إطلاق النار قصير الأمد والترتيبات الإنسانية في إطار القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان.

وفيما يخص ليبيا أكد المجلس الوزاري على موقف مجلس التعاون الداعم لدولة ليبيا الشقيقة والحل السياسي الليبي – الليبي وقرارات مجلس الأمن مجددا الحرص على الحفاظ على مصالح الشعب الليبي وعلى تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية هناك وضمان سيادتها واستقلالها ووحدة أراضيها ووقف التدخل في شؤونها الداخلية وخروج كافة القوات الأجنبية والمقاتلين الأجانب والمرتزقة من الأراضي الليبية ودعم جهود الأمم المتحدة للتوصل إلى حل سياسي وإجراء الانتخابات وتوحيد مؤسسات الدولة لتحقيق ما يتطلع إليه الشعب الليبي.

ورحب المجلس بالبيان الصادر للاجتماع الثاني لأعضاء مجلسي النواب والدولة الليبيين بتاريخ 18 يوليو 2024 الذي عقد في مصر وأكد على ضرورة إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية وتشكيل حكومة جديدة واحدة ودعوة المجتمع الدولي لدعم التوافق الوطني.

ودعا الأطراف كافة في ليبيا إلى تغليب الحكمة والعقل واعتماد الحوار السياسي لحل الخلافات بما يحفظ لدولة ليبيا مصالحها العليا ويحقق لشعبها تطلعاته بالتنمية والازدهار لافتا إلى موقف دول المجلس الداعم لدولة ليبيا وللمسار السياسي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بما يحفظ أمنها واستقرارها وسيادتها.

وعن أفغانستان فقد أكد المجلس الوزاري أهمية استعادة الأمن والاستقرار في أفغانستان بما يحقق تطلعات الشعب الأفغاني ويعود بالنفع على الأمن والسلم الإقليمي والدولي وأهمية ضمان حق المرأة في التعليم والعمل وحماية الأقليات وضمان عدم استخدام الأراضي الأفغانية من قبل أي جماعات إرهابية أو استغلال الأراضي الأفغانية لتصدير المخدرات.

أما فيما يخص الصومال فقد شدد المجلس الوزاري على وقوف دول مجلس التعاون مع الصومال في كل ما من شأنه أن يدعم أمنه واستقراره وسيادته ووحدة أراضيه بما يحقق العيش الكريم لشعبه.

ورحب بقرار مجلس الأمن رقم (2748) الصادر في 15 أغسطس 2024 الذي أكد على الاحترام الكامل لسيادة الصومال وسلامته الإقليمية واستقلاله السياسي ووحدته وعلى الحاجة إلى اتباع نهج شامل يعزز أساسيات السلام والاستقرار بما يتماشى مع الأولويات التي حددتها حكومة الصومال.

وفيما يخص الأزمة بين روسيا وأكرانيا فقد أكد المجلس الوزاري على أن موقف مجلس التعاون من الأزمة الروسية الأوكرانية مبني على مبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة والحفاظ على النظام الدولي القائم على احترام سيادة الدول وسلامة أراضيها واستقلالها السياسي وعدم التدخل في شؤونها الداخلية وعدم استخدام القوة أو التهديد بها.

كما أكد دعمه لجهود الوساطة والمبادرات التي قامت بها دول المجلس ومساعيها الحميدة للاسهام في الوصول إلى حل سياسي للأزمة بين روسيا وأوكرانيا ودعمه للجهود الدولية والإقليمية لحل الأزمة.

وأشاد بنجاح جهود وساطة دولة الإمارات العربية المتحدة بين روسيا وأوكرانيا والتي أدت إلى إتمام عملية تبادل أسرى حرب شملت 1788 أسيرا من كلا الجانبين.

كما أشاد بنجاح وساطة دولة قطر في لم شمل الأطفال الأوكرانيين والروس مع أسرهم منوها بجهود دول المجلس ونجاحها في التوسط في تبادل الأسرى بين الطرفين وانطلاقا من التزامها بالمبادئ الإنسانية والتضامن الدولي في بناء السلام والاستقرار.

من جهة أخرى رحب المجلس الوزاري بنتائج الاجتماع الوزاري السابع للحوار الاستراتيجي بين وزراء خارجية دول مجلس التعاون ووزير خارجية روسيا واستكمال تنفيذ خطة العمل المشترك للفترة 2023 – 2028.

كما رحب بنتائج الاجتماع الوزاري بين وزراء خارجية دول مجلس التعاون ووزير خارجية الهند وإقرار خطة العمل المشترك 2024 – 2028 مؤكدا أهمية تعزيز التنسيق والتشاور في جميع المجالات.

ورحب كذلك بنتائج الاجتماع الوزاري بين وزراء خارجية دول مجلس التعاون ووزير خارجية البرازيل وتوقيع مذكرة تفاهم للحوار الاستراتيجي بين مجلس التعاون والبرازيل.

واطلع المجلس الوزاري على مسيرة التكامل الاقتصادي والتنموي بين دول مجلس التعاون وعلى توصيات وتقارير اللجان الوزارية المختصة في الأمانة العامة إذ اعتمد دليل التعليم المدمج بدول مجلس التعاون كدليل استرشادي لخطة العمل المستقبلية للجنة وزراء الشباب والرياضة بدول مجلس التعاون للفترة من 2025 – 2030).

كما اعتمد عددا من الأدلة الاسترشادية في مجال العمل البلدي الخليجي المشترك وتمديد المرحلة الاسترشادية لكود البناء الخليجي لمدة 3 سنوات إضافية ابتداء من شهر ديسمبر 2024.

المصدر كونا الوسومإيران المجلس الوزاري الخليجي فلسطين مجلس التعاون

المصدر: كويت نيوز

كلمات دلالية: إيران المجلس الوزاري الخليجي فلسطين مجلس التعاون المملکة العربیة السعودیة القانون الدولی الإنسانی أکد المجلس الوزاری على الأمن والاستقرار دول مجلس التعاون الشعب الفلسطینی المجتمع الدولی الأمم المتحدة ووحدة أراضیه لإطلاق النار إلى حل سیاسی دولة الکویت دولة فلسطین فی قطاع غزة الحفاظ على دول المجلس وفیما یخص على ضرورة على أهمیة مشددا على بما فی

إقرأ أيضاً:

القضاء الجنائي الدولي أو الولادة من الخاصرة.. من يعطل العدالة ويدوسها؟

عود على بدء

في دروسه في كلية الحقوق في جامعة القاهرة في 1959 ـ 1960 يستعرض الدكتور محمد نجيب حسني خطوات ولادة ما نسميه القانون الجنائي الدولي بدءا من نهاية الحرب العالمية الثانية (دار النهضة العربية "دروس في القانون الجنائي الدولي")، مركزا على المادتين الأولى والثانية من ميثاق الأمم المتحدة باعتبار مهمة هذه الهيئة الدولية الأولى الحفاظ على السلم والأمن، والثانية الامتناع عن التهديد باستخدام القوة ضد السلامة الإقليمية أو الاستقلال السياسي لأية دولة. مذكرا بأن الجهاز الذي يشرف على ذلك، وفق المادة 43 من الميثاق هو مجلس الأمن.

في 11 ديسمبر 1946، أقرت الجمعية العامة مبادئ القانون الدولي لمحكمة نورنبرغ في تحديد الصفة الجرمية أي (الجرائم ضد السلام، جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية). وفي 9 ديسمبر 1948، صدرت اتفاقية مكافحة الإبادة الجماعية وعلينا انتظار 28 نوفمبر 1953 لإدخال جريمة العدوان باعتبارها أخطر جريمة ضد السلم والأمن الدوليين.

تكفلت "لجنة القانون الدولي" في 1950 بصياغة المبادئ التي يقوم عليها القانون الجنائي الدولي الوليد بتعريف الحقبة له كالتالي:

ـ المسؤولية الدولية للأفراد
ـ سيادة القانون الدولي على القانون الوطني
ـ سقوط الحصانة في الجريمة الدولية
ـ سيادة القانون على أوامر السلطة الوطنية ورئيسها
ـ الحق في محاكمة عادلة
ـ تحديد الجرائم الدولية
ـ مسؤولية الشريك في الجريمة الدولية.

كما لاحظ ألبرت آينشتاين مبكرا، تجنبت الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية عن سابق إصرار وتصميم، اعتبار الحرب في حد ذاتها جريمة، وتجنبت أن تتمتع محكمة نورنبرغ بالصفات الدنيا لاستقلال القضاء الجنائي الدولي. فمحكمة نورنبرغ تتمتع بكل الصفات التي تنزع عنها الاستقلالية: هي محكمة استثنائية المسيرة، عسكرية البزة، انتقائية الهدف، محكمة حصرية الانتساب بدول انتصرت في الحرب، كشرط أساسي في بنيتها ووظيفتها.

منطق "عدالة" القوة سيبقى فوق قوة "العدالة" ما دامت "المنظومة العالمية" سائدة على عالمنا، ولهذا وضعنا لهذه المراجعة التاريخية السريعة عنوان "القضاء" Juridiction وليس العدالة الجنائية الدولية، التي تبقى طموحا بشريا غير منجز، ولكي يكون من أهداف نضالنا الحقوقي والقانوني التجاوز الفعلي، لهذه المنظومة التي تسمي كل من يناهض توحشها معسكرا للشر.لذا وبكل بساطة، كان اعتبارها نقطة الانطلاق لبناء ما نسميه "القضاء الجنائي الدولي" تأصيلا لخطيئة أصلية أنجبت وطورت هذا المفهوم في خاصرة الأقوى لا في رحم السيرورة التاريخية لإنجاب عدالة دولية تتمتع باستقلال القضاء عن السلطة التنفيذية العليا المتمثلة في مجلس الأمن والسلطة "التشريعية" المكونة من جميع أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة.

ويتضح ذلك بجلاء في المواد 39 ـ 43 من ميثاق الأمم المتحدة حيث وحده مجلس الأمن من يقرر "ما إذا كان قد وقع تهديد للسلم أو إخلال به أو كان ما وقع عملاً من أعمال العدوان" (مادة 39)، هو الذي "يدعو المتنازعين للأخذ بما يراه ضرورياً أو مستحسناً من تدابير مؤقتة" (مادة 40)، هو الذي "يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير التي لا تتطلب استخدام القوات المسلحة لتنفيذ قراراته، وله أن يطلب إلى أعضاء "الأمم المتحدة" تطبيق هذه التدابير، ويجوز أن يكون من بينها وقف الصلات الاقتصادية والمواصلات الحديدية والبحرية والجوية والبريدية والبرقية واللاسلكية وغيرها من وسائل المواصلات وقفا جزئياً أو كليا وقطع العلاقات الدبلوماسية" (مادة 41)، وهو أيضا من يقرر أن التدابير المنصوص عليها في المادة 41 لا تفي بالغرض أو ثبت أنها لم تف به، وجواز أن يتخذ بطريق القوات الجوية والبحرية والبرية من الأعمال ما يلزم لحفظ السلم والأمن الدولي أو لإعادته إلى نصابه (المادة 42). أما باقي الدول الأعضاء في الأمم المتحدة فعليهم التعهد في سبيل المساهمة في حفظ السلم والأمن الدولي، بأن يضعوا تحت تصرف مجلس الأمن، بناء على طلبه، وطبقاً لاتفاق أو اتفاقات خاصة، ما يلزم من القوات المسلحة والمساعدات والتسهيلات الضرورية لحفظ السلم والأمن الدولي" (المادة 43).

في اللغة الطبية يمكن ترجمة هذه الأحجية بالقول: مجلس الأمن هو الذي يعطي التشخيص للعلة، ثم يقرر مراحل العلاج، ثم يصل بمداولاته إلى مطالبة الجميع بالقيام بواجبهم لتطبيق الخطة العلاجية التي قررها. أي أن محكمة العدل الدولية في التحليل الأخير، لا يتعدى دورها تقديم تشخيصها الخاص والتعبير عنه، دون أية صلاحيات تسمح لها بالتدخل فيما يسمى "إقامة العدل"L'administration de la Justice  أو المحاسبة Accountability، فهي ليست سلطة قضائية بأي تعريف معاصر للكلمة، لأن القرار النهائي يبقى بيد مجلس الأمن.

وعندما نقول مجلس الأمن، لا نتحدث عن الدول المنتخبة غير الدائمة العضوية، بل عن خمسة أعضاء يتمتع كل واحد منهم بسلطة عليا اسمها سلطة "الفيتو"، هذه السلطة توقف أي مشروع قرار يخالف سياساتها وقراءتها لأي صراع مسلح أو نزاع داخلي أو إقليمي أو دولي.

"الشرعية الدولية" ومجلس الأمن!!

كما يذكر جيمس أ بول في كتابه "في الثعالب والدجاج": "سعى الأعضاء الخمسة دائمًا إلى إبقاء المجلس خارج أي نظام قانوني، وبما يتجاوز أي قيود قد تقيد أيديهم أو تحدد إجراءاتهم مسبقاً. كانت حكومة الولايات المتحدة، التي تشير في كثير من الأحيان إلى "سيادة القانون" وأهمية احترام القانون الدولي، حازمة بشكل خاص في الإصرار على أن المجلس يضع القانون ولكنه غير ملزم بالقانون. كتب جون فوستر دالاس، وهو محامٍ ورجل دولة أمريكي مؤثر، في عام 1950 أن "مجلس الأمن ليس هيئةً تطبق القانون المتفق عليه فقط. إنه قانون في حد ذاته". ومضى دالاس ليقول: "لم يتم وضع مبادئ قانونية لتوجيهه. يمكنه أن يقرر وفقًا لما يعتقد أنه مناسب ".

تثبت ممارسات المجلس رأي دالاس، على الرغم من أنها قد تبدو في ظاهرها غير ذلك. "المجلس يتحدث باستمرار بصوت القانون. يقوم بانتظام بسن القانون، وتفسير القانون، وتطبيق القانون" كما يقول خوسيه ألفاريز José Alvarez. تشير نقاشات المجلس وقراراته أحياناً إلى قواعد القانون الدولي، وأهمية القانون الدولي، وضرورة احترام القانون الدولي. كما يعقد المجلس مناقشات دورية حول "سيادة القانون". في التسعينيات من القرن الماضي أنشأ المجلس عدداً من المؤسسات القانونية الدولية مثل المحاكم الجنائية المتخصصة، ومؤسسات ad hoc  في المكان والموضوع للقضاء الجنائي الدولي استهدفت نزاعات معينة مثل يوغسلافيا السابقة ورواندا وسيراليون...

وقد شكلت هذه المحاكم فرصة استثنائية لتحرير القانون الجنائي الدولي، ولو بشكل جزئي، من سيطرة مجلس الأمن، خاصة منها المحكمة الجنائية الخاصة بيوغسلافيا السابقة، التي أسهمت في تأصيل فكرة قيام محكمة جنائية دولية ولكن أيضا ضرورة عولمة القضاء الجنائي الدولي وتعزيز دور الاختصاص الجنائي العالمي في القضاء الوطني والإقليمي. وجاء اجتماع روما في 1998 ليشكل نقطة انطلاق جدية لولادة محكمة جنائية دولية.

في هذا المؤتمر الكبير الذي جمع أهم الخبرات القانونية الجنائية لاحت فرصة أمل بولادة جسم قضائي جنائي مستقل، يخرج عن وصاية مجلس الأمن. وما زلنا كجزء من التحالف الدولي لإنشاء المحكمة الجنائية الدولية نتذكر تلك الأيام الأخيرة السوداء التي وضعت العالم من جديد أمام الأسئلة الأساسية في نشوء محكمة جنائية دولية تشكل نقطة ارتكاز جديدة للعدالة الجنائية الدولية:

ففي الأيام الأخيرة من مؤتمر روما الدبلوماسي في العام 1998، اعترف واضعو الميثاق بالسماح لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بالتدخل بشكل إيجابي وسلبي في ممارسة اختصاص المحكمة. في الأساس، وتم منح مجلس الأمن السلطة التقديرية:

(1)  ـ لإحالة الحالات إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية للتحقيق.
(2)  ـ لمطالبة المحكمة بعدم البدء أو المضي قدمًا في التحقيق أو الملاحقة القضائية لمدة اثني عشر شهرًا قابلة للتجديد.

هذه الطريقة التي تم بها تنظيم العلاقة المصممة بين مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية أثارت مخاوف قوية بين العديد من الدول الأطراف في المحكمة الجنائية الدولية، وما زالت موضوعًا مثارًا لضرورة الإصلاح المؤسسي لهذه العلاقة.

لم يمنع رفض ثلاث دول أعضاء في مجلس الأمن الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية، من أن يكون لمجلس الأمن دورًا رئيسًا في سياسات المحكمة من خلال "حقه" في فتح دعاوى قضائية كبرى وإيقاف أخرى. وعندما باشرت المحكمة الجنائية الدولية ولايتها في عام 2002، طالبت الولايات المتحدة المجلس بمنح حصانة شاملة تحول دون إحالة أفراد حفظ السلام الذين ينحدرون من دول ليست أطرافاً في المحكمة (الولايات المتحدة ليست طرفاً كذلك روسيا والصين)، وقد اشتكت الولايات المتحدة من أن المحكمة الجديدة ستخضع المواطنين الأمريكيين للعدالة الدولية "ذات الدوافع السياسية". وهددت واشنطن باستخدام حق النقض (الفيتو) لمنع جميع بعثات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة إذا لم يصوت مجلس الأمن على حمايتها من أية محاكمة محتملة. وافق مجلس الأمن على طلب الابتزاز هذا واعتمد قراراً في يوليو/تموز 2002، يمنح حصانة شاملة لمدة اثني عشر شهراً (القرار 1422/2002). شعر العديد من أعضاء المجلس بالإهانة من التهديد الأمريكي، الأمر الذي لم يمنع صدور القرار بالإجماع.

استخدمت الولايات المتحدة مرة أخرى تهديدها بسلطة "الفيتو" وجددت بنجاح ترتيب الحصانة بعد عام. إلا أن فضائح تعذيب الإدارة الأمريكية للمعتقلين في العراق وخليج غوانتانامو وأفغانستان، والتسليم الأمريكي السري للسجناء، وغيرها من الجرائم التي ارتكبتها الولايات المتحدة تجاه معايير العدالة الدولية أضعفت موقف واشنطن. تراجعت الولايات المتحدة، وتخلت عن الأمر بالكامل في عام 2007.

كان لتفعيل الاختصاص الجنائي العالمي وملاحقة وزير الدفاع الأمريكي رامسفيلد في بلدين أوربيين بتهمة ترخيص التعذيب، دورا هاما في إدخال المواثيق الدولية لحقوق الإنسان طرفا في موضوع الملاحقة القضائية والمحاسبة. إلا أن المحكمة الجنائية الدولية بقيت أضعف من ميثاق روما، ولم تتجرأ على الخوض في أي معركة، مباشرة أو غير مباشرة مع مجلس الأمن. إلى أن وقعت المواجهة الأولى في قبول عضوية دولة فلسطين بعد ست سنوات من الممانعة، والثانية في فتح ملف جرائم الحرب في أفغانستان الذي كان سببا للمواجهة المفتوحة بين الرئيس الأمريكي السابق والمحكمة الجنائية الدولية.

استخدمت الولايات المتحدة مرة أخرى تهديدها بسلطة "الفيتو" وجددت بنجاح ترتيب الحصانة بعد عام. إلا أن فضائح تعذيب الإدارة الأمريكية للمعتقلين في العراق وخليج غوانتانامو وأفغانستان، والتسليم الأمريكي السري للسجناء، وغيرها من الجرائم التي ارتكبتها الولايات المتحدة تجاه معايير العدالة الدولية أضعفت موقف واشنطن. تراجعت الولايات المتحدة، وتخلت عن الأمر بالكامل في عام 2007.أصدر دونالد ترامب في يونيو/ حزيران 2020، أمرًا تنفيذيًا يسمح للولايات المتحدة بحجز أصول من أسماهم "محكمة الكونجورو" من موظفي المحكمة الجنائية الدولية، ومنعهم وعائلاتهم من الدرجة الأولى من دخول البلاد. وفي سبتمبر/ أيلول 2020، قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو؛ سيتم فرض عقوبات على فاتو بنسودا (المدعية العامة وقتئذ) وعلى مسؤول كبير آخر في المحكمة الجنائية الدولية، فاكيسو موتشوتشوكو بموجب الأمر، مضيفًا أن أولئك الذين "يدعمون هؤلاء الأفراد ماليًا معرضون أيضًا للعقوبات".

وصلت الرسالة، وتحدد سقف المحكمة الجنائية الدولية، وصار من الضروري أن يعرف "المدعي العام" السقف المسموح له به. وعبأت بريطانيا لاختيار مدعي عام جديد للمحكمة الجنائية الدولية يعرف جيدًا الخطوط الحمراء في وظيفته! ولكنه أيضا يعرف أن هذه الهيئة القضائية مهمة وضرورية في مرحلة تراجع العولمة وولادة عالم متعدد الأقطاب كانت الحرب الروسية الأوكرانية أولى تعبيراته الحادة.

 باختصار، لم يحدث أي إصلاح أو تغيير في دور مجلس الأمن كمالك للقرار النهائي في تحديد مسارات "إقامة العدل" على الصعيد الدولي. ورغم كل الحديث عن القانون، فإن لغة قرارات المجلس تتبع أنماط التشريع الشكلية. تحتوي جميع قراراته على مقدمات مطولة مليئة بأسباب اتخاذ الإجراءات والإشارات إلى إجراء سابق من المجلس بشأن نفس الموضوع، لإعطاء مظهر سطحي لقرارات صادرة عن محكمة. في الواقع، لا توجد فعلياً إشارات إلى سوابق في القانون الدولي أو العرف بل حتى سوابق في عمل المجلس خارج الحالة المحددة وموضوع النزاع. لا يعترف سادة المجلس بالقوة المسبوقة، ناهيك عن أية سلطة قانونية خارجية. لم يجد مجلس الأمن أبداً أنه من الضروري تحديد" قاعدة قانونية" دقيقة لقراراته"، واختار بدلاً من ذلك "نهجاً أوسع لسلطاته القانونية". فهو لا يتصرف كما لو كان ملزماً بالقانون - حتى بقانون إنشائه. وتبذل الدول الخمس قصارى جهدها لتجنب القيود القانونية على أفعالها، وقد نجحت تقريباً في القيام بذلك. على هذا النحو، يقوض المجلس نظام القانون الدولي العرفي ومسلمات ميثاق روما ويخلق بين الأمم والعامة حالة عدم ثقة بالقانون.

تبعية محكمة العدل الدولية لأوليغارشية مجلس الأمن

باعتباره صاحب القرار في تشخيص العلة الجنائية، فهو بحاجة إلى مراعاة الحد الأدنى لآراء واستشارات محكمة العدل الدولية، الجهاز القضائي الرئيس للأمم المتحدة. باعتبار هذه المحكمة مخولة بالفصل في الخلافات الدولية، التي ترفعها إليها الدول، ويتداخل اختصاصها بشكل كبير مع مجلس الأمن. في الواقع، يقترح الميثاق أن على أطراف النزاعات النظر في حلها بالوسائل القانونية، ويقترح كذلك أن القضايا المناسبة يجب أن يحيلها الأطراف إلى المحكمة، قبل اللجوء إلى المجلس (مادة 33).

كما يقترح الميثاق أن يشجع المجلس الأطراف على أخذ نزاعاتهم إلى المحكمة (مادة 36). أخيراً، ينص الميثاق على أن يطلب مجلس الأمن رأياً استشارياً من المحكمة حول الإشكاليات القانونية التي تنشأ في عمل المجلس (مادة 96). من الناحية المثالية، إذن، يجب أن تعمل المؤسستان معاً كأقران، يكملان ويعززان بعضهما البعض. أما في واقع الأمر، فإن العلاقة مختلفة تماماً. كان المجلس، بقيادة الدول الخمس دائمة العضوية، غيوراً جداً على صلاحياته لدرجة أنه قلل من أهمية المحكمة، وحافظ دائماً على السيادة للمجلس في تشكيل القانون الدولي. رفض المجلس إعطاء دور للمحكمة كشريك في صنع السلام، وسعى للضغط عليها والتأثير عليها بعدة طرق. ومما أدى إلى تفاقم العلاقة الصعبة، أن الدول الخمس دائمة العضوية جعلت ميزانية المحكمة أدنى بكثير من احتياجاتها.

باختصار، يقدم لنا مجلس الأمن مجموعة مقلقة من اجتزاء القانون الدولي، تجنب هذا القانون، وخرق القانون. لا يمكن للمجلس أن يعمل على الإطلاق إذا لم يقنع العالم بأنه يتصرف إلى حد كبير في إطار القانون والاتساق القانوني. ومع ذلك، فمن الناحية العملية، بموجب قاعدة الدول الخمس دائمة العضوية، فإنه يرفض عملية الشرعية المتسقة التي تُعتبر ضرورية للحوكمة الشرعية الشاملة. مع النطاق الهائل من النشاط اليوم والمطالبة الواسعة بالسلطة، يبدو مجلس الأمن أكثر شذوذاً واستبداداً باعتباره "قانوناً في حد ذاته". أي حجر العثرة الأساسي في تقدم العدالة الجنائية الدولية، وبقاء قانون "القوة" فوق قوة "القانون".

نهاية حقبة!

سجلت حروب التحرير الوطنية من الاستعمار الغربي أكبر اختراق في المنظومة العالمية عبر قرارات صدرت عن الجمعية العامة اعتبرت الحق في تقرير المصير حقا ثابتا لكل شعوب الأرض. وجاء العهد الخاص بالحقوق السياسية والمدنية والعهد الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ليثبتا في المادة الأولى المشتركة فيهما هذا الحق:

1 ـ لجميع الشعوب حق تقرير مصيرها بنفسها، وهى بمقتضى هذا الحق حرة في تقرير مركزها السياسي وحرة في السعي لتحقيق نمائها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي.

2 ـ لجميع الشعوب، سعيا وراء أهدافها الخاصة، التصرف الحر بثرواتها ومواردها الطبيعية دونما إخلال بأية التزامات منبثقة عن مقتضيات التعاون الاقتصادي الدولي القائم على مبدأ المنفعة المتبادلة وعن القانون الدولي. ولا يجوز في أية حال حرمان أي شعب من أسباب عيشه الخاصة.

3 ـ على الدول الأطراف في هذا العهد، بما فيها الدول التي تقع على عاتقها مسئولية إدارة الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي والأقاليم المشمولة بالوصاية أن تعمل على تحقيق حق تقرير المصير وأن تحترم هذا الحق، وفقا لأحكام ميثاق الأمم المتحدة.

هل أصبحت الشرعة الدولية لحقوق الإنسان بعد دخول العهدين الدوليين حيز التنفيذ، جزءا لا يتجزأ من القانون الجنائي الدولي في عملية الانتقال من إعلان أخلاقي غير ملزم (الإعلان العالمي لحقوق الإنسان) إلى وثائق ملزمة لكل من صدّق عليها؟ وهل صار بالإمكان فعلا مواجهة عنجهية القوة بقوة العدالة، خاصة وأن الثمانينيات شهدت ولادة أول اتفاقية دولية لمناهضة التعذيب تقر بواجب كل الدول الموقعة عليها، في ملاحقة ومحاسبة من يرتكب انتهاكات جسيمة تنال سلامة النفس والجسد؟

هنا يطرح السؤال الأكثر مرارة: هل يمكن لمن يمسك بالمفاتيح الأهم للسيطرة والهيمنة أن يقبل بأي قانون ينتزع منه امتيازاته باسم العدالة والسلم وحقوق الإنسان؟

لم نكن من السذاجة لنعتقد بأن الولايات المتحدة الأمريكية يمكن أن تقبل أو تخضع لنواظم تمس بهيمنتها العولمية من أجل عيون حقوق الإنسان أو الديمقراطية أو أي شعار أو مبادئ لا تخدم مصالحها بالمعنى المباشر. وقد شهدت بأم عيني مختلف أشكال المقاومة الأمريكية لأي خروج من هذه الهيمنة من سراييفو والكوسوفو إلى العراق وأفغانستان وفلسطين، باسم الدفاع عن الديمقراطية هنا والقضاء على الدكتاتورية أو الإرهاب هناك. الولايات المتحدة لم تصدّق حتى اليوم على كل ما يتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بل وقفت بصفاقة ضد كل قرار أو ميثاق يتعلق بالتمييز العنصري ونزع الاستعمار وحق التنمية أو حقوق المهاجرين. وهي مع الحكومة الإسرائيلية، أول كيانين موقعين على اتفاقية مناهضة التعذيب صدر فيهما قرارات تسمح بممارسة التعذيب.

لم ترفض الولايات المتحدة فقط ميثاق روما للمحكمة الجنائية الدولية بل وقعت أكثر من 63 اتفاقية ثنائية مع دول عضو في المحكمة الجنائية تمنع فيها هذه الدول من القيام بأي ملاحقة قضائية لمن يحمل الجنسية الأمريكية. وقد جمدت وأوقفت منذ إعلانها "الحرب على الإرهاب" أي تقدم يهدف لإصلاح الأمم المتحدة. واعتبرت العقوبات الأحادية الجانب سلاح حرب مع أية دولة تختلف مع سياساتها. في حين كانت المصدر الأول للسلاح والمال لدول معتدية، اليوم، الجميع يعرف ويرى أنه دون الدعم العسكري والمالي والدبلوماسي المباشر للأبارتايد الإسرائيلي، لم يكن بوسع الاحتلال الصهيوني الاستمرار في الإبادة الجماعية لشعب فلسطين. ومع كل هذا يستقبل بنيامين نتنياهو استقبال الأبطال في الكونغرس الأمريكي. كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأكثر صراحة في التعبير عن السياسة الأمريكية التي لم يتغير فيها شئ يذكر عندما قرر إعلان القدس عاصمة أبدية لإسرائيل والجولان جزء لا يتجزأ منها واعتبر كل قرارات الأمم المتحدة فاشلة ولا قيمة لها. وعشنا وسمعنا معظم أقواله على لسان بايدن- بلينكن بشكل مقزز.

لقد وضعت المواجهة المفتوحة التي خاضتها جنوب إفريقيا في محكمة العدل الدولية، كل النقاط على الحروف: إلى أي حد يمكن من داخل المنظومة القضائية الدولية الحالية فتح آفاق مستقبلية للمقاضاة عبر "الاتفاقيات الدولية" التي تشكل جزءا لا يتجزأ من منظومة المحاسبة خارج مجلس الأمن، (عبر ما يسمى احترام هذه الاتفاقيات من الدول الموقعة والمصدقة عليها)؟ فقد بينت بوضوح المعسكر الطامح لتعزيز وتقوية القانون الجنائي الدولي وذاك الذي لم يتوقف عن ضربها؟ وما زالت أرداف المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية ترتجف عند الحديث عن المحاسبة في كل ما يتعلق بآخر نظام أبارتايد على سطح البسيطة، فلن تنال هذه المحكمة ثقة أية ضحية من ضحايا الإبادة الجماعية التي نعيشها منذ قرابة العام.

خلاصة الأمر، أن منطق "عدالة" القوة سيبقى فوق قوة "العدالة" ما دامت "المنظومة العالمية" سائدة على عالمنا، ولهذا وضعنا لهذه المراجعة التاريخية السريعة عنوان "القضاء" Juridiction  وليس العدالة الجنائية الدولية، التي تبقى طموحا بشريا غير منجز، ولكي يكون من أهداف نضالنا الحقوقي والقانوني التجاوز الفعلي، لهذه المنظومة التي تسمي كل من يناهض توحشها معسكرا للشر.

*مفكر وناشط حقوقي

مقالات مشابهة

  • مجلس الأمن الدولي يعقد جلسة بشأن فلسطين
  • أمين التعاون الخليجي يؤكد ضرورة توحيد جهود دول المجلس لمكافحة خطر المخدرات
  • انطلاق ورشة “إعداد الإستراتيجية الخليجية لمكافحة المخدرات 2025 – 2028” في أبوظبي
  • مجلس الأمن القومي: ركيزة استراتيجية لحماية المصالح الوطنية.
  • بوفد يترأسه عبد الله آل حامد.. “الوطني للإعلام” يشارك في معرض ومؤتمر البث الفضائي الدولي بأمستردام
  • بوفد يترأسه عبد الله بن محمد آل حامد.. “الوطني للإعلام” يشارك في معرض ومؤتمر البث الفضائي الدولي بأمستردام
  • أنور قرقاش: الإمارات ستبقى إلى جانب الشعب الفلسطيني وحقه في تقرير مصيره
  • ‏⁧قرقاش:‬⁩ الإمارات إلى جانب الشعب الفلسطيني وحقوقه.. ولا حل إلا بالدولتين
  • القضاء الجنائي الدولي أو الولادة من الخاصرة.. من يعطل العدالة ويدوسها؟
  • مجلس التعاون الخليجي يرحب بالبيان الصادر عن اجتماع مدريد بشأن القضية الفلسطينية