يمانيون:
2025-04-26@04:53:57 GMT

إِنَّا أرسلنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا

تاريخ النشر: 10th, September 2024 GMT

إِنَّا أرسلنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا

فاطمة الراشدي

لم يخلق الله الأرض هذه من فراغ أَو لعدم هدف، ولم يخلق كُـلّ هؤلاء البشر والحيوانات بكل أنواعها للأكل والنوم فقط، بل خلق كُـلّ شيء على الأرض وفق قوانين وسنن حدّدها هو بنفسه؛ ليمشي كُـلّ كائن حي عليها.

خلق آدم وأمره بالعبادة هو وزوجه فوسوس لهما إبليس بأن اعصيا وكُلا مما حُرم عليكما، فأخرجهم الله من الجنة ليهبطوا في الأرض فيعملوا بعد أن كانوا في جنة النعيم؛ لأَنَّ الله سبحانه وتعالى حاكم عادل لا يتهاون أمام أمر في معصيته، أَيْـضاً لا يرض بالظلم لعباده فعندما رآهم بدأوا بالانحراف بعبادة الأصنام والتقرب بها إلى الله، صنعوها هم بأنفسهم، يسجدون لها ويقدسونها ويتوسلون بها لتقضي حوائجهم، فقدموا لها القرابين الثمينة من حلي وذهب بل وصل بهم الحال لذبح أبنائهم فداء لأصنامهم وآلهتهم المزعومة.

يأسرون الفقير فيجعلونه عبدًا لهم، يُرزقون بالبنات فيدفنوّهن خوفًا من العار، يفرقون بين الأبيض والأسود والغني والفقير والعربي والأعجمي؛ فأصبحوا أناساً منقسمين وطبقات مختلفة يسودها الفساد والفجور وكلّ شيء غير عادل وغير مرض لله كانوا يفعلونه.

ولأن الله عظيم جبار لا يرض بالظلم لعباده، كان يبعث في كُـلّ أُمَّـة نبيًّا ليكون لهم نذيرًا، قال تعالى: «إِنَّا أرسلنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا، وَإِنْ مِنْ أُمَّـة إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ»؛ حتى لا يكون لهم غدًا حجّـة أن لم يبعث الله لنا إمامًا ليهدينا ويعلمنا، أرسل لهم الأنبياء والرسل بالحق، وما من نبي إلا ودعا قومه سنين طويلة بلا ملل أَو كلل؛ فلا يؤمن إلا القليل منهم بينما الكثير ظل متمسكًا بمعتقداته وعبادته للأصنام بقولهم إنا وجدنا آباءنا عاكفون عليها؛ ليستمر الجهل في الأمم وبين أوساط الناس، ليبلغ الكفر ذروته فيزداد الكهن والفجور بين الناس.

وُصُـولاً لقريش قبيلة خاتم الأنبياء والرسل، فبعث الله لهم محمدًا يهديهم ويزكيهم ويكون لهم بشيرًا ونذيرًا، حَيثُ يقول تعالى في بعثته للنبي محمد صلوات الله عليه وعلى آله وسلم: «وَمَا أرسلنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَٰكِنَّ أكثر النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ».

لقد بعث الله محمدًا للناس ليخرجهم من الظلمات إلى النور ويهديهم إلى الصراط الحق ليرجعهم إلى الله سبحانه وتعالى.

بعث لهم محمدًا ليكون إمامًا ونبيًّا وهاديًّا بالحق.

بعثه سبحانه وتعالى ليقول لهم أن لا إله إلا الله فاعبدوه دون سواه.

بعث لهم محمدًا لينذرهم من عذاب يوم غد الذي سيصيبهم إن استمروا في كفرهم وطغيانهم؛ فما زادهم ذلك إلا طغيانًا وعنجهية كبيرة، فما من أحد يؤمن بمحمد إلا وقتلوه بعد أن يعذبوه بشتى أنواع العذاب، بل وصل بهم الحال لمحاولة قتل النبي -صلوات الله عليه وعلى آله- مرات عديدة، وما تدل أفعالهم هذه إلا على تحجر عقولهم وتخلفهم الذي يقبعون فيه، وعلى كبر جهلهم رغم كُـلّ تلك الحقائق والدلائل التي طُرحت لهم.

فما كان المانع من عدم إيمانهم بمحمد؟!

هل طلب منهم المال؟

أم طلب أن يعطوه الملك عليهم والجاه؟

لا شيء، بل إن الناس في ذلك الوقت ظلوا متمسكين بعاداتهم وتقاليدهم المزعومة في العبادات والطقوس التي يقومون بها، فكان من الصعب عليهم أن يتخلوا عن عادات عبادية توارثوها عن أجدادهم وآبائهم وُصُـولاً لهم، خَاصَّة كبار الأعيان وأصحاب الشأن منهم، الذين ظنوا أن إيمانهم برسالة محمد ستفقدهم هيبتهم ومكانتهم بين الناس بل سيخسرون كَثيراً من الأموال التي تنهال عليهم من كُـلّ جانب كقرابين لآلهتهم، فما كان منهم سوى الكفر والتكذيب لرسالة النبي محمد “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ” أَيْـضاً تكبرهم كان سبب كفرهم بقولهم: (كيف يبعث الله لنا نبيًّا منا بشرًا يأكل ويشرب مثلنا؟!)، فكان هذا السبب من ضمن عدم إيمانهم بالرسالة، حَيثُ قال تعالى: ﴿وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إذ جَاءَهُمُ الْهُدَىٰ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا﴾، وقال تعالى: ﴿وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الآخرة وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَٰذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إذَا لَخَاسِرُونَ﴾.

اختلقوا الحجج والأسباب وأقنعوا بها أنفسهم قبل عامة الناس كيف لبشر أن يكون نبياً؟!

فاستمروا في كفرهم وجهلهم وتعنتهم، فلم يؤمنوا ولا تركوا الناس ليؤمنوا إلا من رحم الله وهداه، من آمن فقد نجي من عذاب الآخرة، ومن لم يؤمن فقد خسر الدنيا والآخرة، وما على الرسول إلا البلاغ المبين: ﴿وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ، وَمَا أرسلنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا﴾.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: ب ال ح ق محمد ا

إقرأ أيضاً:

ظلم الناس وأكل حقوقهم.. خطيب المسجد النبوي يحذر من الإفلاس يوم القيامة

أوصى إمام وخطيب المسجد النبوي، الشيخ الدكتور حسين آل الشيخ، المسلمين بتقوى الله تعالى، والمسارعة إلى مرضاته، مستشهدًا بقوله تعالى: (وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ).

ماذا يحدث يوم القيامة للظالم ؟ خطيب المسجد النبوي: مُفلس وخسارته كبيرةخطيب المسجد النبوي: هذه الكلمة هي الفيصل بين أهل الشرك والإيمان

وقال الشيخ الدكتور حسين آل الشيخ: "أن من التوفيق الأعظم، والسداد الأتم، أن يحرص العبد على حفظ طاعاته لربه عز وجل، فيكون حريصًا أشد الحرص على حفظ طاعته، يجاهد نفسه على السلامة من حقوق الخلق، ويجاهدها على البعد التام عن الوقوع في ظلم المخلوقين، بأي نوع من أنواع الظلم القولية والفعلية، يقول تعالى: (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ)".

وأوضح الدكتور حسين آل الشيخ،، أن من أعظم البوار، وأشد الخسارة، ترك العنان للنفس في ظلمها للآخرين وانتهاك حقوقهم، قال صلى الله عليه وسلم: (اتَّقُوا الظلم، فإنَّ الظُّلْمَ ظُلُماتٌ يَومَ القيامة)، مبينًا أن أعظم ما يجب على المسلم حفظ حسناته، وصيانة دينه والحفاظ عليه، مستشهدًا بقوله تعالى: (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَسِينَ).

وأكّد آل الشيخ، أن الإفلاس الحقيقي والخسارة الكبرى، أن توفّق للخيرات والمسارعة للطاعات، وتأتي يوم القيامة حاملًا حقوق الناس متلبسًا بظلمهم فتلك البلية العظمى والخسارة الكبرى، مستشهدًا بقوله -صلى الله عليه وسلم-: (أَتَدْرُونَ من المُفْلِسُ؟ قالوا : المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال صلى الله عليه وسلم: إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام، وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسَفَكَ دَمَ هذا، وضَرَبَ هذا، فيُعطى هذا من حسناته، وهذا مِن حَسَناتِهِ، فَإِن فَنِيَتْ حَسَناتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار ) رواه مسلم.

ودعا إمام وخطيب المسجد النبوي المسلمين إلى المبادرة بأداء حقوق العباد، والتحلل منهم، وكف اللسان عن شتم الخلق، وقذفهم، وغيبتهم، والطعن في أعراضهم، محذرًا من الظلم والاعتداء على الخلق، وأكل أموالهم، والتهاون في إرجاعها، مستشهدًا بقوله تعالى: (وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا).

وختم الخطبة، مبينًا أن الواجب على كل مسلم أن يجتهد في براءة ذمته من حقوق الخلق، فقد ورد في الحديث الصحيح أن الجهاد في سبيل الله يكفر الخطايا إلا الدين، وأن التساهل به يورد العبد الموارد المهلكة في الدنيا والآخرة، مستشهدًا بقوله صلى الله عليه وسلم: (من أخذ أموال الناس يُريد أداءها أدى الله عنه، ومَن أخذَ يُرِيدُ إتلافها أتْلَفَهُ الله) رواه البخاري.

طباعة شارك المسجد النبوي خطيب المسجد النبوي الإفلاس الحقيقي يوم القيامة حقوق العباد

مقالات مشابهة

  • ما تم نهبه فقط من بنك السوداني ٨٢٠ مليون دولار نقدا، و٥ طن ذهب
  • الدكتور أيمن أبو عمر: الوطن نعمة تستوجب الشكر.. وحبه نابع من الإيمان
  • خطيب الجامع الأزهر: الأمانة قيمة عظيمة يجب الحفاظ عليها وعدم التفريط فيها
  • خطيب المسجد الحرام: عاملوا الناس بما ترون لا بما تسمعون واتقوا شر ظنون أنفسكم
  • ظلم الناس وأكل حقوقهم.. خطيب المسجد النبوي يحذر من الإفلاس يوم القيامة
  • رمز لخدمة الناس والقرب منهم.. حذاء البابا فرنسيس يروي حكاية عظيمة
  • محمد مهنا: الزهد الحقيقي لا يعني ترك العمل أو الانعزال أو الفقر
  • الخداع تحت غطاء الصداقة وخيمة الثقة !
  • كيف أتعلم القناعة والرضا بقضاء الله؟ أمين الفتوي يوضح
  • أمين الإفتاء يوضح معنى مدد وحكم طلبه من الناس