كيف خلق حطام تيتانيك بيئة جديدة لم يعرفها البشر من قبل تحت الماء؟
تاريخ النشر: 9th, September 2024 GMT
112 عاما مرت على غرق السفينة الشهيرة “أر إم أس تيتانيك”، التي تقبع حاليا في ظلام دامس في قاع المحيط الأطلسي، منذ أن غرقت بعد اصطدامها بجبل جليدي في ليلة باردة مظلمة بلا قمر في أبريل 1912.
وبسرعة غرقت السفينة الضخمة التي يبلغ طولها 883 قدما (269 مترا)، مما أدى إلى تناثر الحطام ليسقط في عمق بلغ 12.500 قدم (3.
ورغم الزيارات التي تقوم بها الغواصات والرحلات الاستكشافية ومحاولات استخراج بعض القطع الأثرية من السفينة، إلا أن حطام تيتانيك ظل مستقرا في الأعماق المظلمة بهدوء لتبدأ عملية تحلل بطيئة لبقاياه.
كشفت الصور المأخوذة من رحلة استكشافية حديثة إلى حطام سفينة تيتانيك على بعد حوالي 400 ميل (640 كيلومترا) جنوب شرق ساحل نيوفاوندلاند عن آثار هذا التدهور لحطام السفينة.
أصبحت صور مقدمة السفينة، التي كانت مميزة بسياج حديدي (درابزين) بارزة وتظهر في الأفق وسط الظلام، أيقونية منذ اكتشاف الحطام في عام 1985. ولكن في عام 2022، أظهرت عمليات مسح الحطام أن الدرابزين بدأ في الالتواء، وفي آخر زيارة إلى الحطام في عام 2024، سقط الآن جزء كبير منه.
يعد هذا مؤشرا واضحا للغاية حول كيفية تأثير البيئة القاسية في أعماق المحيط وتفكيك ما تبقى من السفينة الأكثر شهرة في العالم. ويتسبب ضغط المحيط فوق الحطام والتيارات المائية في قاع البحر والبكتيريا الآكلة للحديد في انهيار الهيكل.
لكن مع هذا فإن حطام السفينة له تأثير مدهش على بيئة المحيط المحيطة به.
تحت ضغط كبيرأثناء غرقها، انشطرت السفينة إلى قسمين رئيسيين، المقدمة والمؤخرة، واستقرتا في القاع وبينهما مسافة 2000 قدم (600 متر). غرق قسم المؤخرة مباشرة في الأسفل، بينما غرقت المقدمة بشكل تدريجي.
تناثرت أجزاء من الحطام والتجهيزات والممتلكات والفحم على مسافة أكثر من 1.3 ميل (2 كم) بداية من خلف المؤخرة إلى ما بعد موقع مقدمة السفينة. تم العثور على معظم الحطام متجمعا حول قسم المؤخرة، وهو عبارة عن شبكة ملتوية من الفولاذ، بينما ظل القوس الأمامي للمقدمة سليما إلى حد كبير. وذلك لأنه عندما اصطدمت السفينة بالجبل الجليدي، مزق الاصطدام جزءًا مثبتًا من الهيكل، مما سمح بتدفق ما يقدر بنحو 43.000 طن من المياه إلى مقدمة السفينة.
عندما انفصلت مؤخرة السفينة، كان لا يزال يحتوي على حجرات مملوءة بالهواء ولم يصل إليها الماء، وأثناء دوران المؤخرة نحو قاع البحر، تسبب ضغط المياه المتزايد بسرعة في انهيار الهيكل المحيط بهذه الجيوب الهوائية، مما أدى إلى تناثر المعادن والتماثيل وزجاجات الشمبانيا وممتلكات الركاب وسقوطها في القاع.
في قاع البحر، تتحمل سفينة تيتانيك ضغطا مائيا يصل إلى حوالي 40 ميجا باسكال، وهو أكبر بحوالي 390 مرة من الضغط الموجود على السطح. ولكن نظرا لعدم وجود جيوب هوائية في السفينة، فمن غير المرجح حدوث المزيد من الانهيارات الداخلية الكارثية.
لكن وزن السفينة الضخمة نفسها يلعب الآن دورا في زوالها. عندما يستقر 52.000 طن من الفولاذ في قاع المحيط، فإنه يشكل قوة ضاغطة تؤدي إلى حدوث التواءات عبر الهيكل الفولاذي مما يمزق السفينة. شوهدت تصدعات وشقوق كبيرة تظهر في الألواح الفولاذية للهيكل خلال مهمات الغطس المتعاقبة لرؤية هيكل السفينة، وكانت مناطق السطح تنهار إلى الداخل.
Charles Pellegrinoمع ضعف الهياكل المعدنية بسبب التآكل، تنهار أسطح السفينة تيتانيكيقول جيرهارد سيفرت، عالم الآثار البحرية في المياه العميقة، الذي قاد عام 2022 رحلة استكشافية لالتقاط عمليات مسح عالية الدقة لحطام تيتانيك باستخدام رسم خرائط أعماق البحار، “إن الصورة الظلية المميزة للحطام ستتغير تدريجيا عاما بعد عام – وهذا ليس في صالحها”.
ويوضح أن سقوط جزء الدرابزين، الذي كان لا يزال قائما في عام 2022 عندما شاهدت الحطام مع ماجلان، أو انهيار السقف في حمام القبطان قبل سنوات، “قد يكون بمثابة أمثلة (على ما سيحدث لاحقا)”.
يضيف سيفرت أن التآكل يؤدي إلى “إضعاف” هيكل السفينة تدريجيا، حيث تصبح الألواح الفولاذية والعوارض والعناصر الحاملة الأخرى “أكثر رقة وضعفا”.
تلتهمها البكتيريامثل أي هيكل حديدي أو فولاذي، فإن تيتانيك تصدأ. ولكن تحت 2.4 ميل (3.8 كيلومتر) من مياه البحر، تختلف تلك العملية عن ما يحدث على الأرض، فوجود الأكسجين على الأرض يؤدي مع الماء إلى تفاعل كيميائي لإنتاج أكسيد الحديد. لكن بالنسبة للتيتانيك في الماء يكون سبب معظم التآكل هو البكتيريا.
الحطام مغطى بغشاء حيوي يشبه بطانية حية من البكتيريا والفطريات البحرية والميكروبات الأخرى، التي تتغذى على الحطام نفسه.
في البداية، كانت المواد العضوية في السفينة مثل المفروشات والوسائد والمناشف والأثاث توفر مصدرا غنيا بالمواد المغذية للميكروبات التي تنجرف في أعماق المحيط، مما يؤدي إلى استقرارها.
وبمرور الوقت، سيطرت أيضا ميكروبات أخرى أكثر تطرفا على الحطام، ربما تكون قد ظهرت من تحت قاع البحر عندما انجرف الحطام إليه، أو انجرفت من الفتحات الحرارية المائية البعيدة في سلسلة التلال الوسطى للمحيط الأطلسي نحو الحطام.
تعمل البكتيريا المتنوعة المسببة لأكسدة الحديد الموجود في السفينة، إلى جانب البكتيريا الأخرى التي تنتج الحمض، على تآكل الأسطح المعدنية. كما تم العثور على ميكروبات أخرى على الحطام، تعيش على الصدأ الذي ينتجه الآخرون.
لاحظ زوار الحطام أنه أصبح مغطى بـ “الصدأ”، وهي تشكيلات تشبه الجليد تتدلى من الهيكل المكون من المعدن المؤكسد. أصبحت هناك بيئة حية ضمن هذه التكوينات عبارة عن مجموعة من الكائنات الحية الدقيقة المتعاونة والمتنافسة. عندما قام العلماء بكسر إحدى هذه الصدفات الملتصقة بالحطام، في عام 1991، أثناء رحلة الأكاديمي مستيسلاف كيلديش إلى الحطام، تمكنوا من إعادتها إلى السطح في حاوية مغلقة.
Anthony El-Khouriالصدأ عبارة عن نظام بيئي معقد من أكسيد الحديد والميكروبات التي تؤدي إلى تآكل الحديد ولكنها تستهلك أيضًا الصدأ نفسهومن بين الميكروبات التي اكتشفها الباحثون نوع من البكتيريا كان جديدا تماما على العلم عندما تم اكتشافه على حطام السفينة. تحمل البكتيريا المسماة هالوموناس تيتانيكا Halomonas titanicae، جينات تسمح لها بتكسير الحديد.
كما تسللت البكتيريا المختزلة للكبريت إلى مناطق خالية من الأكسجين، مثل الشقوق المجهرية التي تنشأ عندما ينحني الهيكل. وتنتج هذه البكتيريا الكبريت، الذي يتحول إلى حمض الكبريتيك في مياه البحر ثم يتسبب في تآكل معدن السفينة، مما يؤدي إلى إطلاق الحديد في الماء لتستهلكه الميكروبات الأخرى.
ويعتقد العلماء أن مؤخرة السفينة تعرضت لمستويات أكبر من الضرر مع سقوط السفينة، مما تسبب في تدهورها أسرع بأربعين عاما من قسم القوس الأمامي.
“هذا هو السبب وراء تحلل مقدمة السفينة تيتانيك بشكل أكبر من الجزء الخلفي، الذي تحطم بشكل أكبر، وتفسير لماذا يتقدم التحلل إلى الأمام نحو منطقة المقدمة، التي هي أكثر سلامة نسبيا”، بحسب شرح أنتوني الخوري، عالم الأحياء الدقيقة في كلية شرق فلوريدا الحكومية والذي كان يعمل مع المخرج السينمائي الكندي ومستكشف أعماق المحيطات جيمس كاميرون، لفهم كيف تسهم الميكروبات في تحلل تيتانيك.
ويوضح الخوري أنه لهذا يبدو أن قسم المؤخرة يذوب في قاع البحر (لم تعد معالمه واضحة مثل المقدمة) لأنه تضرر بشكل كبير على المستوى العام، باستثناء المحركات الترددية، والذيل المروحي، والدفة، والمراوح، والتي كانت أكثر سلامة ومرونة، وبالتالي ظلت قابلة للتعرف عليها إلى حد ما”.
من بين السمات الغريبة التي اكتشفها المخرج والمستكشف كاميرون داخل الحمامات التركية في تيتانيك أثناء رحلته الاستكشافية إلى الحطام عام 2005، تكوين خيوط معقدة ولكنها دقيقة من الصدأ أطلق عليها اسم “زهور الصدأ”.
وباستخدام مركبة يتم التحكم فيها عن بعد، اكتشف الخوري وكاميرون أن الأخشاب في المنتجع الصحي كانت محفوظة بشكل غير عادي لأن الحمامات كانت عميقة داخل السفينة وبالتالي كانت خالية من الأكسجين. وقد منعت هذه البيئة الخالية من الأكسجين البكتيريا والميكروبات الأخرى التي قد تتسبب في تدهور الخشب المصنوع من أشجار الساج والماهوغني، من التعايش والتكاثر هناك.
ولكن بدلا من البكتيريا كانت الحمامات مغطاة بشكل غريب ومتفرع من الصدأ ينمو بارتفاع حتى 1.5 متر من أرضية الحمامات باتجاه الأعلى. ومن الغريب أن “زهور الصدأ” هذه بدت وكأنها تشير إلى نفس الاتجاه، أي أنها تتبع الخطوط الجيومغناطيسية.
وقد وجد الخوري وكاميرون وزملاؤهما أدلة تشير إلى أنها تشكلت من مستعمرات من البكتيريا المنتجة للصدأ والبكتيريا “المغناطيسية” التي تعيش على الحطام. تحتوي هذه الميكروبات غير العادية على بلورات نانوية من الحديد تسمح لها بالتوافق مع المجالات المغناطيسية.
وبينما تقوم هذه المستعمرات من البكتيريا بأكل فولاذ تيتانيك، فإنها تترك وراءها آثارا من الصدأ “تزدهر” عموديا على طول خطوط المجال المغناطيسي للأرض، كما يقول الخوري.
وجبة حديدية ضخمةلقد خلقت الكمية الهائلة من المعدن الغني بالحديد الذي جاءت به سفينة تيتانيك إلى قاع المحيط نظاما بيئيا غير عادي حولها. فمع تآكلها، تذوب جزيئات الحديد في المياه المحيطة، فتصبح غنية بعنصر غذائي نادر ولكنه حيوي في أعماق المحيط.
ويقول الخوري: “على الرغم من أن الحديد هو العنصر الأكثر شيوعا على الأرض بشكل عام، فإن الحديد الذائب في الماء هو العنصر الغذائي الأكثر ندرة في المحيط، وندرته هي السبب في عدم نجاح أي نظام بيئي بحري”.
وغالبا ما تشكل الفتحات الحرارية البركانية في الأعماق مصدرا رئيسيا للحديد في المحيط، ويمكن أن تساعد في دعم مجموعة متنوعة من أشكال الحياة، حيث تلعب البكتيريا دورا مهما في جعل الحديد متاحا للكائنات الحية الأخرى القريبة.
ويقول الخوري: “يعد حطام سفينة تيتانيك بشكل أساسي مثل واحة حديدية عظيمة على قاع البحر، وهي عبارة عن كتلة من الحديد تزن 46 ألف طن على شكل سفينة فاخرة سابقة”.
ويضيف “توفر هذه الواحة عنصرا غذائيا مرغوبا فيه، مما يسهل وجود شعاب مرجانية نابضة بالحياة في أعماق المحيط يسكنها نجم البحر وشقائق النعمان والإسفنج الزجاجي والشعاب المرجانية القاعية وخيار البحر. وبالطبع مستعمرات البكتيريا الحديدية”.
وجد الخوري وزملاؤه أن هذه البكتيريا المرتبطة بالحديد لا تأكل الحديد على متن السفينة تيتانيك فحسب، بل إنها “قادرة أيضا على تنفسه” بدلا من الأكسجين.
ويشرح هذا بقوله إنه “نظام بيئي رائع” بعيدا عن الشمس، وله آثار على نوع الكائنات المتطرفة التي قد نكتشفها داخل أوروبا والمحيطات الكونية الأخرى خارج الأرض يوما ما.
يؤثر حديد تيتانيك أيضا على قاع البحر. تنتشر تدفقات الصدأ من الحطام بمعدل 4 بوصات (10 سم) سنويا وتمتد حتى 6 بوصات (15 سم) في الرواسب. تتركز تدفقات الحديد هذه بشكل خاص حول هيكل المؤخرة.
في المجمل، يقدر العلماء أن السفينة تيتانيك تفقد ما بين 0.13 إلى 0.2 طن من الحديد من تكويناتها الصدئة كل يوم. وقد دفع هذا البعض إلى تقدير أن الحديد في مقدمة السفينة قد يذوب تماما في غضون 280 إلى 420 عاما.
Getty Imagesيتسرب الصدأ الناتج عن تآكل الحديد عبر قاع البحر حول تيتانيك، لكن الأشياء المصنوعة من البرونز والنحاس مازالت سليمة في قاع المحيطولكن هناك عوامل أخرى قد تسرع من تدمير الحطام. فكما أن التيارات السطحية القوية قادرة على حمل القوارب والسباحين واقتيادهم بعيدا عن مسارهم، فإن أعماق المحيطات تتعرض أيضا لعملية جرف للأشياء تقوم بها التيارات تحت الماء. ورغم أنها ليست بنفس قوة التيارات الموجودة على السطح، فإن تيارات الأعماق يوجد بها أيضا كميات كبيرة من المياه.
ويمكن أن تكون مدفوعة بالرياح على السطح والتي تؤثر على اتجاه عمود الماء تحت السطح، كما تؤثر على المد والجزر في المياه العميقة أو الاختلافات في كثافة المياه الناجمة عن درجة الحرارة والملوحة، والمعروفة باسم التيارات الحرارية الملحية. كما يمكن للأحداث النادرة المعروفة باسم العواصف القاعية، التي تحدث في قاع المحيط لكنها تكون مرتبطة بالدوامات على السطح، أن تسبب تيارات قوية ومتقطعة يمكن أن تجرف المواد الموجودة على قاع البحر.
وبفضل الأبحاث حول أنماط الرواسب في قاع البحر حول تيتانيك، بالإضافة إلى حركة الحبار حول الحطام، كان هناك رؤى واضحة حول تأثير ضربات التيارات البحرية في القاع على السفينة.
من المعروف أن جزءا من حطام تيتانيك يقع بالقرب من جزء في قاع البحر يتأثر بتيار من المياه الباردة المتدفقة جنوبا والمعروفة باسم التيار الغربي.
إن تدفق هذا “التيار السفلي” يخلق كثبانا مهاجرة، وتموجات، وأنماطا على شكل أشرطة طولية في الرواسب والطين. وترتبط معظم التكوينات التي لاحظوها على قاع البحر بتيارات مختلفة القوة من ضعيفة إلى معتدلة نسبيا.
وتشير تموجات الرمال على طول الحافة الشرقية لحقل حطام تيتانيك أيضا إلى وجود تيار غربي يتدفق في القاع، بينما يقول العلماء إن التيارات داخل موقع الحطام الرئيسي تتجه من الشمال الغربي إلى الجنوب الغربي، ربما بسبب تغيير قطع الحطام الأكبر حجم لاتجاهها.
وحول جنوب قسم القوس، تبدو التيارات متغيرة بشكل خاص، حيث تتراوح من الشمال الشرقي إلى الشمال الغربي إلى الجنوب الغربي.
وعلى الرغم من أن أيا من هذه التيارات لا يعتبر قويا بشكل خاص، إلا أنها لا تزال قادرة على خلق اضطرابات من شأنها أن تتسبب في تفكك الحطام خاصة مع حالة الضعف التي يعاني منها.
ويقول سيفرت: “حتى التيارات التي تولدها الغواصات يمكن أن تتسبب في انهيار الهياكل الضعيفة”. “على الرغم من أن قوة التيارات قد تؤدي إلى إزالة بعض الصدأ، مما سيؤخر التآكل في مثل هذه المناطق”.
هناك أيضا فرصة أن تؤدي الرمال والرواسب التي تثيرها هذه التيارات في النهاية إلى دفن حطام تيتانيك سليما قبل أن يتفكك تماما.
ولكن قبل ذلك قد تختفي بعض الأقسام الأكثر شهرة من الحطام، تماما مثل الانهيار الأخير لقضيب قوس المقدمة الذي يمكن التعرف عليه على الفور، والذي جعل المخرج كاميرون يحرص في فيلمه الشهير تيتانيك عام 1997، أن يجعل أبطال الفيلم جاك وروز، يقفان خلفه في مقدمة السفينة في المشهد الشهير وكانت الأغنية في الخلفية.
يقول الخوري: “أرى أن المناطق الأكثر شهرة في الحطام، مثل البنية الفوقية أو بهو الدرج الكبير، وغرفة ماركوني، ومقر الضباط، سوف تختفي عام 2100، مما يجعل الهبوط تحت الماء على متن تيتانيك أكثر صعوبة”.
ويضيف أن “طبقة الفولاذ الرقيقة سوف تختفي في وقت مبكر، مثل السور والقمرات على سطح السفينة. ولكن حتى بهذا المعدل من التحلل، فإن الحطام سيحتاج إلى عدة قرون ليختفي تماما”.
يمكن أن تظل القطع الكبيرة من الفولاذ المدفونة في الرواسب لوقت أطول، لأنها تحظى بحماية من التأثير السيء للميكروبات التي تتغذى على المعادن، وقد تستمر هناك لعدة مئات من السنين، وفقا لتقديرات الخوري.
ولكن ماذا سيكون المصير النهائي الذي ينتظر حطام السفينة الأكثر شهرة في العالم، والتي هي عبارة الأن عن بقعة من أكسيد الحديد على قاع البحر، مرصعة بالبلاط والمراحيض والتجهيزات النحاسية؟
يقول الخوري: “ستبقى الأشياء المصنوعة من البورسلين، مثل البلاط النابض بالحياة في الحمامات التركية، والتي تتكون من السيليكا المحروقة، إلى الأبد تقريبا”.
ستكون نصبا تذكاريا متواضعا إلى حد ما لأحد أكثر الأمثلة المأساوية على الغطرسة والخطأ البشري. ولكن ربما تكون أيضا نهاية هادئة مؤلمة لسفينة أصيبت بالكثير من الحزن.
المصدر: جريدة الحقيقة
كلمات دلالية: السفینة تیتانیک فی أعماق المحیط سفینة تیتانیک على قاع البحر فی قاع المحیط حطام السفینة حطام تیتانیک من البکتیریا فی قاع البحر الأکثر شهرة من الأکسجین على الحطام على السطح فی القاع عبارة عن یمکن أن فی عام
إقرأ أيضاً:
لماذا نصيب الذكر ضعف الأنثى في الميراث؟.. لـ5 أسباب لا يعرفها كثيرون
لعل السؤال عن لماذا نصيب الذكر ضعف الأنثى في الميراث ؟ يعد أحد المسائل التي تحير الكثيرون ، بل قد يفسرها البعض خطأ كصورة من صور تمييز الرجل عن المرأة ، لذا منعًا للبس ينبغي الوقوف على حقيقة لماذا نصيب الذكر ضعف الأنثى في الميراث ؟.
ماذا يحدث لمن يقرأ سورة الإخلاص 50 مرة؟.. عجائب لا يعرفها كثيرون دعاء للميت بعد صلاة الفجر.. 7 كلمات تجعله من الضاحكين المستبشرين بالجنة لماذا نصيب الذكر ضعف الأنثى في الميراثقال الدكتور السيد عبد الباري، من علماء الأزهر الشريف، إن الله سبحانه وتعالى قد جعل للذكر مثل حظ الأنثيين في الميراث وذلك وفقًا لموازنة دقيقة في الشريعة الإسلامية.
وأوضح “ عبد الباري ” في إجابته عن سؤال : لماذا نصيب الذكر ضعف الأنثى في الميراث ؟، أن قوله تعالى ( يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ ۚ) الآية 11 من سورة النساء، ليس دليلاً على تفاوت القيمة بين الذكر والأنثى.
وأضاف: بل هو تعبير عن توازن في الحقوق والواجبات، منوهًا بأن القرابة في الشريعة لها مكانة عالية، وقد منح الإسلام لكل من الأب والابن حقوقًا، ولكن الاختلاف يظهر في تقسيم الإرث بناءً على طبيعة المسؤوليات التي تتحملها كل فئة.
وأشار إلى أن الرجل قد يتسلم أكثر من المرأة في بعض الحالات في الميراث، لكن ذلك ليس تقليلاً من قيمة الأنثى، وإنما قد يكون الذكر مكلفًا بنفقات أكبر في الحياة، سواء على عائلته أو على والديه.
وتابع: بينما تكون المرأة معفاة من الكثير من الأعباء المالية، وهو ما يجعلها تحصل على نصيب أقل في بعض الحالات، مشيرًا إلى أن في الشريعة الإسلامية، تُعتبر حقوق المرأة كاملة في جميع المواقف من مهر ونفقة وحقوق مالية.
وأفاد بأنه عندما نقرر أن الرجل هو الذي يتحمل عبء النفقة على زوجته وأولاده وأحيانًا على والديه، فإن نصيبه من الميراث يكون في بعض الأحيان أكثر من نصيب المرأة، لأنه أيضًا مكلف بأعباء مالية أكبر.
وأكد أن هذا التوازن في الشريعة لا يتناقض مع العصر الحديث أو التغيرات الاجتماعية، وأنه من المهم فهم طبيعة الأدوار المختلفة التي قد يتقلدها الرجل والمرأة في الحياة اليومية، وما يترتب عليها من حقوق وواجبات.
ونبه إلى أن المسألة ليست مسألة تفضيل بين الرجل والمرأة، بل هي مسألة توازن بين الحقوق والواجبات بناءً على الأعباء التي يُطلب من كل منهما تحملها.
كيف يقسم الميراثورد أنه ينبغي الانتباه إلى الحقوق التي تسبق تقسيم الميراث، و يُقصد بهذا النَّوع من الحقوق؛ الحقوق التي تكون للآخرين والمُتعلِّقة بالتَّركة، والتي يجب إخراجها من التَّركة وإعطاؤها لهم قبل البدء بتوزيع الإرث على الورثة، وهذه الحقوق لها أنواعٌ عدّة وهي:
الدُّيون التي تعلَّقت بأعيانٍ من التَّركة قبل الوفاة: وهذا النوع من الحقوق يتعلَّق بالدُّيون المُتعلِّقة بعينٍ من الأعيان التي يمتلكُها المُتوفَّى، وقد تَعلَّق الدَّيْن بها في حال حياته؛ ومثالٌ عليها "الرَّهن"؛ فإن رهن الشخص عيناً لدى المُرتهِن مقابل دينٍ له عليه ثمَّ مات؛ فعندها يكون دين المُرتهِن مُقدَّمٌ على كلِّ حقوق الورثة، بل إنَّه مُقدَّمٌ أيضاً على تجهيز الميِّت وتكفينه. ومثالٌ آخر على هذا النوع من الحقوق؛ أنّه لو اشترى المُتوفَّى شيئاً حال حياته ولم يدفع ثمنه ولم يَقبض المبيع، فعندها يكون حقُّ البائع في استيفاء ثمن المبيع مُقدَّمٌ على بقيَّة الحقوق الأخرى. كما أنَّ حقَّ الزَّكاة التي وَجبت على المُتوفَّى ولم يقم بإخرجها حال حياته تَلحقُ بهذا النوع من الحقوق؛ فيكون استيفاؤها بعد موته من ماله الذي تركه مُقدَّمٌ على بقيَّة الحقوق الأخرى المُتعلِّقة بالتَّركة.
تجهيز الميّت: فبعد استيفاء النوع الأوّل من الحقوق، يأتي حقُّ تجهيز الميِّت، ويُقدَّم على غيره من الحقوق؛ من ديونٍ وإنفاذٍ للوصيَّة وحقٍّ للورثة، وسبب ذلك هو أنَّ تجهيز الميِّت يُعدُّ واحداً من الأمور التي تتعلَّقُ بكرامة الإنسان والتي لا بدَّ منها لدفن الميِّت.
ويدخل في التَّجهيز كلُّ ما يتمُّ إنفاقه على الميِّت منذ لحظة وفاته وحتى لحظة دفنه مثل: الكفن، وأجرة المُغسِّل، وأجرة حافر القبر، بدون الإسراف في ذلك، وبما يُقدِّره الشرع. ولا بدَّ من الإشارة هنا إلى أنَّ تجهيز كلُّ من تجب على الميِّت نفقته يُلحق أيضاً بهذه النقطة؛ فلو ماتت زوجته أو أبنه الصغير قبل موته ولو بدقائق، فعندها يتمُّ تجهيزهما من مال المُتوفَّى أيضاً، وإن كان الميت فقيراً، فيكون تجهيزه على من تجب نفقته عليه حال حياته، وإن تعذَّر ذلك يُصار إلى بيت مال المسلمين، وإن تعذَّر ذلك أيضاً يُصار إلى أغنياء المسلمين.
الدُّيون المُتعلِّقة في ذمَّة الميِّت: وهذه الدُّيون تختلف عن الدُّيون في النقطة الأولى والتي تعلّقت بعينٍ من أعيان الميت، فهذه الدُّيون تعلَّقت بذمَّة الميِّت لا بعينٍ من أعيانه، ولذا تُسمَّى أيضاً بالدُّيون المُطلقة أو الدُّيون المُرسلة لعدم تَعلُّقها بعينٍ من الأعيان، ويكون وقت استيفائها بعد تجهيز الميِّت، وتُقدَّم على الوصيَّة وحقِّ الورثة، وهذه الدُّيون قد تتضمَّن ديون في حقِّ الله -تعالى-؛ مثل: الكفَّارات، والنُّذور، والزَّكاة، أو قد تكون ديوناً من حقِّ العباد؛ مثل: القروض وأجرة الدَّار وغيرها، هذا ويُقدَّم الدّين المُتعلِّق بحقِّ الله -تعالى- على الدّين المُتعلِّق بحقِّ العباد.
الوصيَّة من ثُلث ما تبقَّى من المال: فهذا الحقُّ يَسبقه الدُّيون واستيفاؤها بالإجماع، ولكنَّه يُقدَّم على حقِّ الورثة، ودليل ذلك قوله -تعالى-: (مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ)، وهي تحضُّ الورثة على تقديم إنفاذ الوصيَّة على حقوقهم في التَّركة؛ كي لا يتساهلوا فيها لأنَّها محضُ تبرُّعٍ من المُوصي وقد يَرون فيها مُزاحمةً لحقوقهم في الميراث فيتركوها.
وتجدر الإشارة إلى أنَّ بعض الفقهاء قام بتقديم حقِّ تجهيز الميِّت على الحقوق كلِّها؛ ثمَّ ألحقها بالدُّيون المُتعلِّقة بالأعيان، وتليها الدُّيون المُطلقة والمتعلِّقة بذمَّة الميِّت، ثمَّ أخيراً إنفاذ الوصيِّة.
البدء بإعطاء أصحاب الفروض أنصبتهميُقصد بأصحاب الفُروض: الأشخاص الذين يَرثون نصيباً مقدَّراً في الشَّرع؛ أي أنَّ نصيبهم ثبت بدليلٍ قطعيٍّ من الكتاب أو السُّنة أو الإجماع. ويُطلق على نصيبهم أسماءً عدَّةً منها: الفرض، الحصِّة، السَّهم، والنَّصيب. ويبلغ عدد الفروض التي قُدِّرت في كتاب الله تعالى ستَّة فروض: النِّصف، والرُّبع، والثُّمن، والثُّلثان، والثُّلث، والسُّدس.
ويُقسّم أصحاب الفروض إلى قسمين: القسم الأوَّل: أصحاب فروضٍ نَسَبيَّة؛ وهم الوارثون الذين يستحقُّون نصيبهم من الإرث بسببِ نسبهم وقُربهم من الميِّت، ويبلُغ عددهم عشرة من الأقارب وهم: الأب، والأم، والجدُّ الصَّحيح، والجدَّة الصَّحيحة، والبنات، وبنات الابن وإن نزل، والأخت الشَّقيقة، والأخت لأب، والأخ لأم، والأخت لأم. القسم الثاني: أصحاب الفروض السَّببيَّة؛ وهم الذين استحقُّوا سهامهم بسبب العلاقة الزَّوجيَّة، وهم اثنان فقط: الزَّوج والزَّوجة. فمن كان من هؤلاء القسمين من أصحاب الفروض وارثًا وغير مَحجوبٍ ولا محروم؛ فعندها يتمُّ إعطاؤهم فروضهم أولاً من التَّركة قبل غيرهم من بقيَّة الورثة والوارثين بغير الفرض، ودليل ذلك قول الرَّسول محمد -صلَّى الله عليه وسلَّم-: (أَلْحِقُوا الفَرائِضَ بأَهْلِها، فَما بَقِيَ فَهو لأوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ).
ويبلُغ عدد أصحاب الفروض مُجتمعين اثنا عشر وارثاً؛ منهم أربعة رجال وهم: الزَّوج، والأخ لأم، والأب، والجد. وثمان نساءٍ وهنَّ: الزَّوجة، والأخت لأم، والأم، والجدَّة، والبنت، وبنت الابن، والأخت الشَّقيقة، والأخت لأب. ولكلٍّ من هؤلاء الورثة حالات متنوِّعة تتعلَّق بمقدار فروضهم من التَّركة، وهي:
الزَّوجة: ولها حالتان؛ فهي إمَّا أن ترث الثُّمن في حال وجود فرعٍ وارثٍ لزوجها، ذكراً كان أم أنثى؛ والفرع الوارث الذَّكر يشتمل على الابن، وابن الابن وإن نزل، والفرع الوارث المؤنَّث يشتمل على البنت، وبنت الابن وإن نزل أبوها، وسواءً كان هذا الفرع الوارث من الزَّوجة نفسها أو من زوجةٍ أخرى له، وأمَّا إن لم يوجد الفرع الوارث منها أو من غيرها فعندها ترث الرُّبع، ودليل ذلك قوله -تعالى-: (وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم).
الزَّوج: وله حالتان أيضا، ففي حال وجود الفرع الوارث لزوجته، ذكراً كان أم أنثى، منه أو من غيره، فعندها يرث الرُّبع، أمَّا في حال عدم توافر الفرع الوارث للزَّوجة فعندها يرث النِّصف، ودليل ذلك قوله -تعالى-: (وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ).
البنت: وتتعدَّد حالات ميراث البنت لعدّة أحوال؛ حيث إنَّها ترث النِّصف إذا انفردت، والثُّلثان بالمُشاركة إن تعدَّدن؛ أي في حال وجود بنتان أو أكثر، وهذا يشمل أختها الشَّقيقة، وأختها لأب إن كان الميِّت الأب، أو أختها لأم إن كانت الميِّتة الأم، وذلك بشرط عدم وجود أخ ذكر يُعصِّبها، ويشمل ذلك الأخ الشَّقيق لها، أو الأخ لأب إن كان المُتوفَّى الأب، أو الأخ لأم إن كانت المُتوفِّية الأم. ومعنى التَّعصيب هنا أن تتحول البنت من صاحبة فرض ترث بفرضها المُقدَّر إلى أن ترث تَعصيباً مع أخيها كلُّ ما يتبقَّى من التَّركة بعد أخذ أصحاب الفروض فروضهم، ودليل ذلك قوله -تعالى-: (يُوصِيكُمُ اللَّـهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ).
بنت الابن: وترث النِّصف إذا انفردت، والثُّلثين بالمشاركة في حال وجود أكثر من بنت لابن؛ سواءً كانت شقيقتها، أو أختها لأبيها، أو بنت عمِّها التي في نفس درجتها، فهؤلاء جيمعُهنُّ يُشاركن بنت الابن في الثُّلثين في حال تواجدن معها، وذلك بشرط عدم وجود المُعصِّب لها؛ ويشمل ذلك الأخ سواءً الأخ الشَّقيق أو الأخ لأب، كما يشمل أيضاً ابن عمّها الذي يكون في نفس درجتها، كما يُشترط أيضاً عدم وجود الحاجب لها؛ أي الشَّخص الذي يَحجبها من الميراث ويكون أولى به منها؛ ويشمل ذلك الابن، وابن الابن في حال كان أقرب منها درجة. ويُشترط أيضاً عدم وجود فرع وارث مؤنَّث يكون أعلى منها؛ وهذا يشمل البنت، وبنت الابن في حال كانت أقرب منها درجة. وأمَّا إن تواجدت بنت واحدة معها أو بنت ابن واحدة أعلى منها وقد ورثوا النِّصف فرضاً؛ فعندها ترث بنت الابن السُّدس بشرط عدم وجود المُعصِّب لها، ودليل هذه الحالة الأخيرة قول ابن مسعود -رضي الله عنه- فيها: (أقْضِي فِيهَا بما قَضَى النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لِلاِبْنَةِ النِّصْفُ، ولِابْنَةِ ابْنٍ السُّدُسُ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ، وما بَقِيَ فَلِلْأُخْتِ).
الأخت الشَّقيقة: وترث النِّصف إذا انفردت، والثُّلثين بالمُشاركة في حال وجود أكثر من أخت شقيقة، وذلك بشرط عدم وجود المُعصِّب لها؛ وهو أخوها الشَّقيق، كما يُشترط أيضاً عدم وجود الأصل الوارث من الذُّكور؛ ويشمل هذا كلّاً من الأب، والجد وإن علا، ويُشترط أيضاً عدم وجود الفرع الوارث المؤنَّث، ودليل ذلك قوله -تعالى-: (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّـهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِن كَانُوا إِخْوَةً رِّجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ).
الأخت لأب: ترث النِّصف إذا انفردت، والثُّلثان بالمُشاركة في حال وجود أكثر من أخت لأب، وهذا يشمل أختها الشَّقيقة أو أختها لأبيها، وذلك بشرط عدم وجود المُعصِّب لها؛ وهذا يشمل إخوة الميِّت لأب سواءً كان ذلك شقيقها أو أخيها لأب، كما يُشترط أيضاً عدم وجود كلاًّ من: الأصل الوارث من الذُّكور، و الفرع الوارث مُطلقاً، والأخ الشَّقيق فأكثر، والأخت الشقيقة فأكثر، ودليل ذلك قوله -تعالى-: (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّـهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِن كَانُوا إِخْوَةً رِّجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ). وأمَّا إن وجدت أخت شقيقة واحدة وقد وَرثت النِّصف فرضاً؛ فعندها ترث الأخت لأب السُّدس بشرط عدم وجود مُعصِّب لها، ودليل هذه الحالة؛ أنَّ الله -سبحانه وتعالى- أعطى حصَّة الثُّلثين للأخوات في حال كنَّ اثنتين أو أكثر من ذلك، سواءً كنَّ شقيقات أَم أخوات لأب، فإذا وُجدت أخت شقيقة واحدة فعندها تأخذ النِّصف، وإن وُجد معها أخت لأب أو أكثر من ذلك فعندها تأخذ السُّدس تكملة الثُّلثين، وهو مقدار نصيب الأخوات.
الأم: لميراث الأمِّ ثلاثُ حالات: الحالة الأولى لميراث الأم: أنَّها ترث الثُّلث بشرط توافر ثلاثة أمور: عدم وجود الفرع الوارث مُطلقاً، سواءً كان ذكراً أم أنثى، وبغض النَّظر عن عددهم، وعدم وُجود جمع من الإخوة أو الأخوات؛ ويُقصد بالجَمع اثنين فأكثر من الإخوة أو اثنتين فأكثر من الأخوات، وأيَّاً كانت صِفتهم: سواءً كانوا أشقّاء، أو لأب، أو لأم، وسواءً كانوا يستحقُّون الإرث، أم أنَّهم حُجبوا من قِبل غيرهم، كما ويُشترط أخيراً لهذه الحالة ألَّا تكون المسألة إحدى العُمريَّتين. الحالة الثّانية لميراث الأم: أن ترث السُّدس وذلك في حال وُجد الفرع الوارث مُطلقاً، أو وُجد جمعٌ من الإخوة أو الأخوات. الحالة الثالثة لميراث الأم: أن ترث ثُلث الباقي في مسألتين خاصَّتين يُطلق عليهما العُمريَّتين؛ وصورة المسألة الأولى: أن يَتواجد زوج وأب وأم؛ فهنا تأخذ الأم ثُلث الباقي بعد أن يَأخذ الزوج فرضه، وصورة المسألة الثانية: أن يتواجد فيها زوجة أو أكثر من زوجة، وأم وأب؛ فعندها تأخذ الأم ثُلث الباقي بعد أن تأخذ الزَّوجة فرضها، ودليل ذلك قوله -تعالى-: (وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ).
الإخوة والأخوات لأم: ولهم حالتان؛ الأولى أن يرث الواحد منهم -أخاً كان أم أختاً- السُّدس في حال انفراده، والثانية في حال كانوا اثنين فأكثر -إخوةً أو أخوات أو أخاً وأختاً-؛ فعندها يَشتركون في الثُّلث وبالتَّسوية بين الذَّكر والأنثى، وكِلتا الحالتين يُشترط لها عدم وجود الفرع الوارث مُطلقاً، ذكراً كان أم أنثى، وعلَّة ذلك أنَّ تواجد الفرع الوراث يَحجب الإخوة والأخوات لأم حَجب حرمان. كما ويشترط عدم وجود الأصل الوارث المذكَّر، لأنَّ الأصل الوارث المذَّكر يقوم أيضاً بحجب الإخوة والأخوات لأم حجب حرمان، فبتواجدهم لا يرثون مُطلقاً. ودليل ذلك قوله -تعالى-: (وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ فَإِن كَانُوا أَكْثَرَ مِن ذَٰلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ).
الأب: ودليل ميراث الأب قوله -تعالى-: (وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ)، ولميراث الأب ثلاثُ حالات: الأولى: أن يرث السُّدس فرضاً، وهذا يكون في حال وجود الفرع الذّكر. الثانية: أن يرث السُّدس فرضاً والباقي تعصيباً بعد أخذ أصحاب الفروض فُروضهم، ويكون هذا في حال تواجد الفرع الوارث المؤنَّث، وإن لم يتبقَّ شيءٌ من التَّركة بعد أخذ أصحاب الفروض فروضهم فعندها يَقتصر إرثه على السُّدس. الثالثة: أن يرث بالتَّعصيب فقط؛ أي أن يأخذ باقي التَّركة بعد أخذ أصحاب الفُروض فُروضهم، ويكون هذا في حال انعدام الفرع الوارث نهائياً، وإن لم يتواجد صاحب فرض غيره، فعندها يَنفرد وحده بالتَّركة. وتجدر الإشارة إلى أنَّ الأب يُعدُّ حاجباً لجميع الإخوة والأخوات أشقاءً كانوا أو لأبٍ أو لأم.
الجدُّ الصَّحيح: ويُقصد بالجدِّ الصَّحيح الجدُّ الذي يكون من جهة الأب وإن علا، والجدُّ الصَّحيح يأخذ مكان الأب في حال عدم تواجده، أمَّا إن وُجد الأب فيَحجب الجد، كما يَحجبه كذلك الجدُّ الصَّحيح الأقرب للميِّت منه، ودليل ميراث الجد وأنَّه يحلُّ محلَّ الأب إن لم يُوجد الأب قوله -تعالى-: (مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ)؛ إذ إنَّ الله -تعالى- أطلق تَسمية الأب على الجد، ممَّا يدلُّ على أنَّه يقوم مَقامه. وتجدر الإشارة إلى أنَّ ميراث الجدِّ يُخالف ميراث الأبِّ في عدَّة أمور؛ منها المسألتان العُمريَّتان، فإن وُجد فيها الجدُّ بدلاً من الأب؛ فعندها لا ترث الأم ثُلث الباقي كما لو وُجد الأب بل ترث ثُلث جميع التَّركة. كما أنَّ الإخوة الأشقاء أو لأب يتمُّ حجبهم من قبل الأبِّ باتفاق العلماء، على خلاف الجدِّ؛ حيث اختلف العلماء في حَجبه لهم، فأبو حنيفة قال: إنَّه يَحجبهم أيضاً مثلُه مثل الأب، بينما قال الجمهور: إنَّ الجدَّ لا يَحجب الإخوة الأشقَّاء أو لأب بل يَرثون معه، أمَّا الإخوة لأم فيَحجبهم الجدُّ بالإجماع، وأخيراً يختلف الجد عن الأب في أنَّ الأب لا يُحجب حَجب حرمان مُطلقاً، بينما يتمُّ حجب الجدِّ حجب حرمان من قِبل الأب.
الجدة الصحيحة: ويُقصد بها الجدَّة التي تَفرَّع عنها فرع وراث، والجدَّة الصَّحيحة ترث السُّدس بشرط عدم وجود الأم أو جدَّة أقرب منها، إذ في حال توافرهم مع الجدَّة الصَّحيحة يتمُّ حجبها من قِبلهم فلا ترث مُطلقاً، ويستدلّ أهل العلم بما ورد عن بريدة عن أبيه -رضي الله عنها-: (أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ جعلَ للجدَّةِ السُّدسَ إذا لم يَكُن دونَها أمٌّ).
الانتقال بعد أصحاب الفروض إلى العصباتتُعرَّف العَصَبَة على أنَّها: الذَّكر من أقارب الميَّت والذي لم تتوسَّط في نِسبته إلى الميِّت أيُّ أنثى، ليكون بذلك عصبة المرء أبيه وأبناؤه وقرابته لأبيه، وأُطلق عليهم عَصبة لإحاطتهم بقريبهم ودفاعهم عنه. وفي علم الميراث يتم إطلاق مُصطلح العَصبة على من لم يُفرض له سهمٌ مقدَّر، بحيث يأخذ ما تبقَّى من التَّركة في حال وجود أصحاب الفُروض أو بعد أخذهم لفروضهم، وفي حال عدم تواجد أصحاب الفروض يَستأثر أصحاب العصبة بالتَّركة لوحدهم، وأمَّا إن لم يتبقَ من التَّركة شيء بعد أخذ أصحاب الفروض فروضهم؛ فعندها لا يرثون مُطلقاً، ومعنى هذا أنَّ مرتبة العَصبات تلي مَرتبة أصحاب الفُروض.
ومن أنواع العَصبات العَصبة النَّسبيَّة والتي تمَّ تعريفها كما تقدَّم، وأقارب الميت من الذكور ممَّن لم تتوسَّط بينهم وبين الميت أنثى، مثل الابن والأب والأخ والعم، والبنت تتعصَّب مع أخيها، والأخت تتعصَّب مع البنت. وقد ورد دليل توريثهم في كتاب الله في قوله -تعالى-: (يُوصِيكُمُ اللَّـهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْن)، وقوله -تعالى-: (وَإِن كَانُوا إِخْوَةً رِّجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ).
وتنقسم العصبة النَّسبية إلى أنواعٍ ثلاثةٍ: عصبةٌ بالنَّفس: وتشتمل على كلِّ ذكرٍ قريبٍ للميِّت لا تتوسَّط في نِسبته إليه أنثى، وهؤلاء أربعُ جهات: جهة البُنوَّة التي تشمل الابن وابن الابن وإن نزل، وجهة الأبوَّة وهي جزء أبي الميت، وتشمل: الأخ الشَّقيق، والأخ لأب، وابن الأخ الشَّقيق، وابن الأخ لأب، وجهة الأخوَّة وهي جزء أبي الميت، وتشمل: الأخ الشَّقيق، الأخ لأب، ابن الأخ الشَّقيق، وابن الأخ لأب، وأخيراً جهة العُمومة، وتشمل على جزء جدِّ الميِّت من عمٍ شقيق، ثمَّ عمٍ لأب، ثم ابن العمِّ الشَّقيق، ثمَّ ابن العم لأب وإن نزلت درجته، ثمَّ عمُّ أبيه الشَّقيق أو لأب. وتجدر الإشارة إلى أنَّ جهة البنوَّة تُقدَّم أولاً، ثمَّ تليها جهة الأبوَّة، ثمَّ جهة الأخوَّة، ثمَّ أخيراً تأتي جهة العُمومة. وفي حال تعدَّدت العصبات واتّحدت الجهة؛ فيُقدَّم الأقرب منهم درجة، وأمَّا إن اتّحدوا في الجهة والدَّرجة يُقدَّم عندها الأقوى قرابةً؛ أي من تكون قرابته لأبوين، ثمَّ يَلحقه القريب من جهة الأب فقط، وبناءً على ذلك يتمُّ تقديم الأخ الشَّقيق على الأخ لأب. وأمَّا إن تعدَّدت العصبات واتّحدت الجهة والدَّرجة والقرابة؛ فعندها يستحقُّ جميعهم الميراث بلا أفضلية لأحدهم على الآخر.
عصبة بالغير: وهنَّ النِّساء اللاتي يتعصَّبن بالغير؛ أي أنَّهن يُصبحن عصبةً بالغير لا بأنفسهنَّ، وهنَّ أربع نساء: البنت الصُّلبية، وبنت الابن في حال عدم وجود بنت صُلبية، والأخت الشَّقيقة، والأخت لأب في حال عدم وجود الأخت الشَّقيقة. فهؤلاء يتمُّ تعصيبُهنَّ من قبل إخوتهنَّ الذين يكونون في نفس قُوتهنَّ، باستثناء بنت الابن التي يتمُّ تعصيبها أيضاً -بالإضافة إلى إخوتهنَّ- من أبناء عُمومتهنَّ وأبناء إخوتهنَّ، وأبناء عمِّهنَّ في حال احتجن له في التَّوريث.
عصبة مع الغير: وهي الأنثى التي تُصبح عصبةً مع أنثى غيرها، وهذا يشتمل على كلٍّ من الأخت الشَّقيقة أو لأب والتي تُعصَّب مع البنت الصُّلبية ومع بنت الابن، وسواءً كانت واحدةً أم أكثر من ذلك. وتجدر الإشارة إلى أنَّ العصبة مع الغير تَختلف عن العصبة بالغير؛ حيث إنَّ العصبة بالغير تكون مع عاصبٍ بنفسه مثل الابن، أمَّا العصبة مع الغير فلا يكون فيها عاصبٌ بنفسه.
ذوو الأرحاميُقصد بذوي الأرحام أقرباء المُتوفَّى ممَّن ليسوا بأصحاب فرض ولا هم من ذوي العصبات النَّسبيَّة؛ فكلُّ قريبٍ للميِّت ليس بصاحب فرضٍ وليس عصبة يكون من ذوي أرحامه، وقد تعدّدت آراء الفقهاء في حُكم توريثهم؛ فمنهم من قال بتوريثهم وهم: الحنفيّة والحنابلة، بينما قال المالكيَّة والشَّافعية بعدم توريثهم؛ فعندهم إن مات شخصٌ وليس له أقارب أصحاب فرائض ولا عصبات يُردُّ ماله إلى بيت مال المسلمين ولا يُورَّث ذوو رحمه وإن وُجِدوا، وأمَّا إن لم يَنتظم بيت مال المسلمين فعندها فقط يتمُّ توريثهم استثناءً.
وأصل الخلاف في توريث ذوو الأرحام كان بدؤه في عهد الصَّحابة؛ حيث ذهب كلٌّ من زيد بن ثابت وابن عباس -رضي الله عنهم- إلى القول بعدم توريثهم، ووضع ما يتبقَّى من التَّركة في بيت مال المسلمين، وفي الطرف المقابل ذهب الكثير من الصَّحابة إلى توريثهم ومنهم: ابن عمر، وابن مسعود، والتّابعيين من مثل: عطاء ومجاهد، ولاحقاً الإمام أبو حنيفة والإمام أحمد، وجمهور الفقهاء، والمتأخِّرين من فقهاء المالكيَّة والشافعيّة وذلك بعد أن فسد بيت مال المسلمين.
وذوو الأرحام أصنافٌ أربعة، وتجدر الإشارة إلى أنَّ وجود صنفٍ من الأصناف الأولى يَحجب بقيَّة الأصناف الأدنى منه من ذوو الرَّحم؛ فإن وُجد الصنف الأول يَرث ولا يَرث الباقون وإن وجدوا. ويتمُّ ترتيب استحقاق ذوو الأرحام للميراث عند من قال بتوريثهم من العلماء على النَّحو الآتي:
ذوو الأرحام الذين يَنتمون إلى الميِّت: وهذا يَشمل الفُروع؛ مثل أولاد البنات، وأولاد بنات البنين مهما نزلت درجتهم.
ذوو الأرحام الذين يَنتمي الميِّت إليهم: وهم الأصول؛ مثل الجد غير الصَّحيح، والجدَّات غير الصَّحيحات، مهما علت درجتهم.
ذوو الأرحام الذين يَنتمون إلى أبوي الميِّت: وهؤلاء فُروع أبويه؛ مثل أولاد الأخوات، وبنات الإخوة، وأولاد الإخوة لأم، مهما نزلت درجتهم.
ذوو الأرحام الذين يَنتمون إلى أجداد الميِّت: وهؤلاء هم فُروع الأجداد؛ مثل العُمومة والخُؤولة، بغض النَّظر من أيِّ جهةٍ كانوا.