موقع 24:
2024-09-17@05:05:07 GMT

سلطان الثقافة.. يرسم خارطة الثقافة العربية

تاريخ النشر: 9th, September 2024 GMT

سلطان الثقافة.. يرسم خارطة الثقافة العربية

افتتح صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، المعهد الثقافي العربي في مدينة ميلانو الإيطالية.فلطالما انتزعت الإمارات الإعجاب وأبهرت الجميع ونالت الاستحسان، وتتوالى الإنجازات لكي تأخذ الاستحقاق لتكون حاضنة للفعاليات الثقافية، وهو استحقاق يجعلها قادرة على رسم خارطة الطريق للأمة العربية، ومركزاً للإشعاع والحضارة، لكونها بلدًا آمنًا وواحة للسلام وللتعايش، ونموذجًا ناجحًا للنمو والتقدم في المجالات الحيوية كلّها.

في الوقت ذاته، ألقى حاكم الشارقة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي كلمة بمناسبة افتتاح المعهد العربي الثقافي، أكتفي- هنا- بتحليل بعض العوامل الأساسيّة التي يُمكنها أن تساعدنا في إدراك الرهانات الحضاريّة المهمة التي ينطوي عليها هذا الخطاب الملهم، وأهمها محاولة استرجاع الذاكرة التاريخية، لتمكين المواطن العربي من عناصر القوَّة، ونشر إرثه وهويته الإنسانية والحضارية؛ لأنه يعدُّ مطلبًا ملحًّا يغذِّي الذائقة العربية ويرتقي بها.وما أبطال التاريخ إلا رجال اغتنموا الفرص وانتهزوها؛ لأنهم كانوا ثاقبي النظر، ويمتلكون رؤية تستجلي المستقبل.كما لا يغيب عن فطنة المتابع لهذا الخطاب التاريخي الذي عبر فيه سموه عن سعادته البالغة خلال بحثه بين المعاجم والقواميس العربية عن وجود أصول هذه اللغة من حيث نشأتها ومرجعها، وكشف أنه  في بداية العمل على 5 مجلدات للقاموس اللاتيني، وأمل "أن يصدر هذا القاموس ليبين فيه القاموس العربي إلى اللاتيني وحتى تبرز الكلمة، وهذا مشروع كبير يثبت أن اللغة العربية هي لغة رب العالمين لآدم وهذه اللغة هي التي وجه بها رب العالمين جدنا آدم ليعمر هذه الأرض".ولا عجب أن تكون اللغة العربية هي لغة رب العالمين لآدم؛ لإن هذه اللغة حملت كل القيّم الحضارية التي أضافها في الفكر الإنساني من حيث احترام العقل وإشاعة التنوير والعمران؛ وكنا أمة "اقرأ" و"القلم" و"الراسخون في العلم".ويؤكد الشيخ سلطان القاسمي إنّ إشاعة التنوير بمشروعات النهضة للغتنا العربية لا تأتي إلا عن طريق إحياء أدوار اللغة العربية في مجتمعاتنا ونشرها وتفعيلها عالميًا، كما سيتحقق لنا الارتقاء بمكونات الثقافة العربية.اللّغة العربيّة هي الهويّة التي تحدد موقع الإنسان العربي من نفسه، ورؤيته لهذا العالم، بخاصة في المرحلة الدقيقة التي يمرّ بها الراهن العربي، حيث جرّد الإسلام من كلّ القيّم العربية والحضارية التي كرّسها في الفكر الإنساني في حقبة خلت، ولهذا نادى سموه بأن نعمر الأرض ولا نخربها، بل نمد يدنا للتعاون في المجالات الإنسانية وليس في المجالات التخريبية، ونحمي هذه الثقافة أكانت عربية أو إيطالية أو لاتينية أو أي ثقافة نحافظ عليها من العبث"
كما قدم سموه في كلمته الرؤية التاريخية الرصينة والهدف الأصيل من البحث العلمي والمسار الثقافي، حيث جدد من أهمية الثقافة بوصفها الهوية التي تحدد موقع البشر من أنفسهم ومن العالم، كما يعدّ المظهر العام الذي يتسم به شعبٌ من الشعوب سواء من العقائد والقيم واللغة والمبادئ، والسلوك والمقدّسات والقوانين.
العلامة الفارقة للمجتمعات المدنية تتمثل في مدى سريان الوعي - نتيجة الثقافة- لهذا المجتمع، فتصور المستقبل أو الربط بين المستقبل والحاضر أو التعاطي مع التراث والماضي هو حتمًا مهمة صعبة، فمشروعات النهضة لا تتأتى إلا بالرهان على" الثقافة الأصيلة" البعيدة من كلّ تيار حزبي أو جماعة أو طائفة، الثقافة الحقيقة-لا المزيفة- التى تنشط الوعي وتشكّله، فالحياة دون نشاط فكري وبحث علمي فاعل وحصاد من المناقشات المثمرة فهو مستنقع آسن لحياة راكدة لا تتجدد.
وثمة رسالة ذات مغزى حينما قال سموه "ومن هنا نحتج ونعلي صوتنا لا للعبث لا للعبث لنحمي لغتنا وعقائدنا وثقافتنا، فهذه الخطوات مطلوبة لكل إنسان يريد أن يعيش على هذه الأرض في سلام".
لا شكّ في أنّ مؤشراً حقيقياً من مؤشرات التحضّر والسلام هي الثقافة الحرة والمتعايشة لكونها عنصراً أساسيّاً يقع في صلب أي مشروع جديّ للتنمية الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، والعالم بحاجة إلى ثقافة إيجابية تؤمن بالتسامح وتطرح حلولًا عملية للتعايش ومبادرات حضارية للتحديات الفكرية التي تواجهها، بالتعاون مع قادة الفكر وأقطابه، وبذلك تصبح هذه الفعاليات مصدر إلهام وابتكار، واستثمار أمثل للأفكار المبدعة والملهمة، إنتاج فعل ثقافي قادر على مواجهة التحديات، وتحريك الماء الراكد للواقع الثقافي العالمي وبناء جسور للتواصل الثقافي بين العرب والغرب، وتقديم تصوراتهم وآرائهم للتطوير والتغيير، ومواجهة التحديات المحدقة في منظومة الثقافة، حيث أقحمت قيم زائفة ودخيلة على تاريخ أمتنا الإنسانية وتراثها الحضاري والفكري.
إن الاقتراب من تحليل الكلمة التي ألقاها تجلعنا نستجلي بهدوءٍ وموضوعيّةٍ الخلفيَّاتِ الثقافيّة الناظمة لهذا الفكر العميق والملهم، والرؤية الثاقبة.. كما قال سموه : "إذا كانت العروبة تغرق فزورق إنقاذها الثقافة".

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: الهجوم الإيراني على إسرائيل رفح أحداث السودان غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الشارقة ة التی

إقرأ أيضاً:

الدكتور سلطان القاسمي يكتب: حقيقة تاريخ عُمان.....(2)

الدكتور: سلطان بن محمد القاسمي

وصل الأزد بقيادة مالك بن فهم إلى عُمان، وكانوا قادمين من مأرب بعد أن أجلاهم السيل العرم.
لقد ذكر الله تعالى قصتهم في سورة سبأ، حيث قال الله سبحانه وتعالى:
﴿ لَقَد كَانَ لِسَبَإ فِي مَسكَنِهِم ءَايَةۖ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٖ وَشِمَالۖ كُلُواْ مِن رِّزقِ رَبِّكُم وَٱشكُرُواْ لَهُۥۚ بَلدَة طَيِّبَة وَرَبٌّ غَفُور ﴿15﴾ فَأَعرَضُواْ فَأَرسَلنَا عَلَيهِم سَيلَ ٱلعَرِمِ وَبَدَّلنَٰهُم بِجَنَّتَيهِم جَنَّتَينِ ذَوَاتَي أُكُلٍ ‌خَمۡطٖ وَأَثلٖ وَشَيءٖ مِّن سِدر قَلِيل ﴿16﴾ ذَلِكَ جَزَينَٰهُم بِمَا كَفَرُواْۖ وَهَل نُجَٰزِيٓ إِلَّا ٱلكَفُورَ ﴿17﴾ وَجَعَلنَا بَينَهُم وَبَينَ ٱلقُرَى ٱلَّتِي بَٰرَكنَا فِيهَا قُرٗى ظَٰهِرَةٗ وَقَدَّرنَا فِيهَا ٱلسَّيرَۖ سِيرُواْ فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا ءَامِنِينَ ﴿18﴾ فَقَالُواْ رَبَّنَا بَٰعِد بَينَ أَسفَارِنَا وَظَلَمُوٓاْ أَنفُسَهُم فَجَعَلنَٰهُم أَحَادِيثَ وَمَزَّقنَٰهُم كُلَّ مُمَزَّقٍۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰت لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُور ﴿19)﴾ (سورة سبأ، الآيات 15-19)
جاء في السورة: السيل العرم: سيل شديد لا يطاق.
كان معظم المؤرخين يذكرون أن تصدع السد كان من بداية التقويم الميلادي، وما تلاه من السنين، ما عدا أحمد حسين شرف الدين في كتابه «اليمن عبر التاريخ»، حيث ذكر أن تصدع السد كان نحو سنة 115 قبل الميلاد.
عندما وقع السيل العرم تفرقت الأزد في أنحاء شتى من أرض الجزيرة العربية، أما مالك بن فهم بن تيم الله بن أسد بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة الأزدي، فقد توجه إلى أرض عُمان.
ذكر سلمة بن مسلم العوتبي في مخطوطة كتاب الأنساب قائلاً:
«وتقدّم مالك بن فهم الأزدي في قبائل الأزد ومن معه من أحياء قضاعة إلى أرض عُمان، فدخلوها في عسكرهم، في قبائل من قومهم من قضاعة، من الخيل والرجال والعدة والعدد، فوجد بعُمان الفرس من جهة الملك دارا بن دارا بن بهمن بن إسفنديار، وهم يومئذ أهلها وسكانها، والمتقدّم عليهم المرزبان، عامل ملك فارس».
إن ادعاء التملك لعمان من قبل الحكام الفرس لاقى أصداء في الأسطورة العمانية، كما جاء في كتاب كشف الغمة، الذي يحكي قصة الحرب بين الأزديين والحكام الفرس في عُمان، ومن المعتقد أن تاريخ بداية الحكم الفارسي في عُمان، وحتى طبيعته، هو أمر وهمي للغاية.
وقع سلمة بن مسلم العوتبي في خطأ عظيم، حيث ذكر أن أهل عُمان وسكانها من الفرس، وتبعه، مع الأسف، مؤرخو عُمان. ولتصحيح ذلك الخطأ نذكر ما يلي:
أولاً: إن سكان عُمان هم من الحميريين الذين اتخذوا ظفار عاصمة لهم.
ثانياً: إن قوم عاد دخلوا عُمان مع النبي هود عليه السلام، ومن ثمّ من لحق بهم ممن ارتحل من ساحل المهرة، والبدو من الصحراء.
ثالثاً: إن هناك ملوكاً عرباً قد حكموا عُمان من الملك «باد» ومن بعده الملك «ماكان».
جاء ذكر الملك الفارسي «دارا بن دارا»، وهو الملك «داريوس» بن «داريوس»، الذي حكم فارس ما بين سنة 335 إلى 330 قبل الميلاد، وبذلك يكون وقوع السيل العرم في ذلك التاريخ، (سنة 335 - 330 قبل الميلاد).
عندما وصل مالك بن فهم إلى عُمان اعتزل بمن معه من جانب قلهات من شط عُمان، ليكون أمنع لهم، وترك العيال والأثقال، وترك معهم عسكراً لحمايتهم، وسار ببقية العسكر حتى نزل بناحية الجوف، فعسكر عسكره، وضرب مضاربه بالصحراء هناك، والجوف تشمل إزكي وأعمالها، ونزوى وأعمالها، وبهلا وتوابعها إلى الجبل الأخضر شمالاً.
فرّ من إزكي ملك عُمان، وهو لا بد أن يكون من أحفاد الملك «ماكان»، إلى الساحل الغربي من عُمان، ومن هناك بعثوا لملك فارس «داريوس» يطلبون منه المدد، وكانت الرسالة كما يلي:
من مزون إلى «داريوس» ملك فارس، وكان مع ملك عُمان حكومته وجيشه في الساحل الغربي لعمان.
ففي القواميس العربية: مزن: فرّ من عدوه، ومزون: الفارون من أعدائهم. كذلك في القاموس الفارسي، لغة نامة: مزون: الفارون من أعدائهم.
قام المزون (أي الفارون من أعدائهم) بالتعاون مع الفرس لاستعادة ملكهم، فنزلوا بصحراء سلوت قريباً من نزوى، وتقابل الجيشان، وما هي إلّا عدة أيامٍ من النزال حتى انهزم المزون ومن معهم من الفرس، واستقروا في الإقليم الغربي لعمان.
في نهاية سنة 331 قبل الميلاد، وصل الإسكندر الأكبر إلى جنوب شرقي الموصل، وتقابل مع «داريوس» الثالث في معركة هزم فيها «داريوس» الثالث. أخذ الإسكندر الأكبر يطارد القوات الفارسية، حينها هرب الملك داريوس الثالث، ومعه ضباطه إلى الجبال، حيث قام ضباطه وقتلوه، فاستولى الإسكندر الأكبر على فارس.
في فارس، توفي الإسكندر الأكبر في قصر نبوخذ نصر، على ضفاف نهر الفرات، في شهر يونيو سنة 323 قبل الميلاد، فتقاسم إرثه قُوّاده: «أنتيغونس» «Antigonus» حكم مقدونيا، و«بطليموس» «Ptolemy» حكم مصر، و«سلوقس نيكاتور» «Seleucus Nicator»، ويقال له الأول، وهو مؤسس سلالة «سلوقس»، وقد حكم فارس وسوريا، والساحل الغربي من عُمان.
علم «سلوقس» الأول أن عُمان تملك ميناء دبا التجاري على بحر عُمان، وأن البضائع تأتي إليه من ميناء السند، عند مصب نهر السند في بحر العرب.
كانت تجارة الصين تأتي من طريق الحرير، وينقل جزء منها عبر نهر السند حيث يمر طريق الحرير إلى شمال منابع نهر السند، ثم يستمر غرباً ماراً بمقاطعة كرمان ومن هناك يتجه غرباً.
قام «سلوقس» الأول باحتلال ميناء دبا، ومن ثمَّ قام باحتلال ميناء السند وما حوله، لتأمين مرور التجارة.
قام العمانيون بهجمات متعددة على مدينة دبا لاستردادها، حيث تمّ اكتشاف أعدادٍ من رؤوس السهام منتشرة حول دبا، وكانت تلك الرؤوس تصنع في مدينة مليحة.
استبدلت فارس بعد احتلال العمانيين ميناء دبا طريقاً آخر من كرمان يمر بطريق الحرير.
أخذت التجارة تمر من كرمان إلى شاميل إلى ساحل فارس على الخليج العربي.
ثم أعقب «سلوقس» الأول، «سلوقس» الثاني، وبعده «سلوقس» الثالث.
في سنة 250 قبل الميلاد استطاع الفرثيون، أو الأشكانيون، وهم شعب من أصول فارسية، استقر قديماً في خراسان، طرد عائلة «سلوقس» الثالث من فارس، وبقيت سلالة «سلوقس»، تحكم سوريا.
بعد تلك الفترة وهي سنة 250 قبل الميلاد، تمّ اكتشاف بعض الآثار الفرثية الأشكانية في مليحة بإمارة الشارقة ما يدل على أن الفرثيين الأشكانيين قد حكموا الساحل الغربي لعمان.
لكن ذلك الاحتلال لم يستمر، حيث استطاعت عُمان طرد الفرثيين الفرس من الساحل الغربي لعمان.
في ما يلي إثبات سيطرة عُمان على الساحل الغربي لعمان، وبذلك تكون عُمان قد تحررت من الاحتلال الفارسي.
من أهم المكتشفات التي عُثر عليها في مليحة بإمارة الشارقة، لوح قبر من الحجر الجيري، يبلغ سمكه 16 سم، وبطول 87 سم، وعرض 52 سم، كان قد استخدم كشاهد لهذا القبر، وقد احتوى على نقش جنائزي، يتكون من خمسة أسطر بنصوص عربية جنوبية في القسم المركزي، بينما تم كتابة نص بنفس اللغة على الحافة المحيطة، ويترجم النص كالتالي:
«نصب تذكاري وقبر عامود بن جر بن علي، مستشار ملك عُمان الذي بنى عليه ابنه عامود بن عامود بن جر مستشار لملك عُمان»، وقد كتب النص بخط حميري.
ويشير النص إلى أن عاموداً بنى القبر لوالده، وأن الاثنين كانا في خدمة ملك عُمان. وهذه أول إشارة تاريخية لدينا إلى وجود مملكة عُمان في سنة 215 – 214 قبل الميلاد في مليحة والساحل الغربي لعمان.

مقالات مشابهة

  • وائل الجشي لـ24: "البعد المفتوح" مساهمة نوعية في الثقافة العربية
  • موسيقى وكتابة إبداعية في ورش الأسبوع الثقافي للموهوبين بالإسماعيلية
  • حاكم الشارقة يفتتح جامعة الذيد
  • برنامج موهبتي.. ينير المجمع الثقافي بالمواهب الشابة
  • رئيس المجلس العربي للمياه: ‏التحديات التي نواجهها هائلة ولكنها ليست مستعصية على الحل
  • الدكتور سلطان القاسمي يكتب: حقيقة تاريخ عُمان.....(2)
  • «عين الثور» في الزهور خارطة طريق للنحل
  • الشارقة تستضيف عرضاً كورياً لتعزيز التواصل الثقافي
  • بيلاروس تتعرض للترويس الثقافي.. مدارس البلاد تستبدل اللغة البيلاروسية بالروسية
  • كيف وضع العلامة الشوكاني خارطة طريق للاجتهاد العلمي؟