لجريدة عمان:
2024-09-17@04:56:03 GMT

صلالة تعيد التعريف الأسطوري للخريف

تاريخ النشر: 9th, September 2024 GMT

صلالة تعيد التعريف الأسطوري للخريف

كان عليّ أن أجد المعادل المكاني مع صديقي الشاعر سيف الرحبي وهو يتأمل المدن البريطانية بوصفها متحفا شعريا كبيرا في كتابه الشيق «صالة استقبال الضواري» بينما أقف على جبال صلالة محاطا بالنرجس البري والزعتر والحندقوق والنعناع والأعشاب التي تستظل بالنخلة الاستوائية النارجيل، وهي تغدق بثمرها على أهل عُمان كشجرة فريدة في الإقليم برمته.

ثمة نخلة عُمانية أخرى تنافس عمتنا النخلة برطبها وتغدق بثمرتها المختلفة.

الرحبي العماني يكتب بغريزة الشاعر عن المدن البريطانية، وأنا القادم من لندن أكتب بحس الصحفي عن جوهرة عُمان، مدينة منحت رئتاي ما يجعل الطب عاجزا عن تقديمه للإنسان، فلا أخلص من الطبيعة عندما يكون الإنسان رؤوما بها. ذلك ما يفعله العمانيون.

هذه البراري الرائعة أكثر من كل ما يمكن أن يتخيله أي مسافر إلى الدول العربية. فهي جميلة بشكل مذهل، والمناظر الطبيعية متوجة بدراما مكانية تجعل من التاريخ يفتح بواباته على وسعها. والناس ودودون بشكل لا يصدق. كذلك هم متحمسون لـ«رؤية عُمان 2040» ويفخرون بمشاركة تفاصيلها مع زوار سلطنة عُمان.

في مدينة أرض اللبان المحمية وفق مصنفات اليونسكو، يتوج الخريف بحلة لم يجدها على مر الأزمان عندما يرتدي حلة خضراء ويعيد التعريف الأسطوري له، عندما يرتبط بصلالة، فخريف صلالة هو زمن مستقطع من الفصول الأربعة يمتلك من الحيوية ما يجعل المرء يعيش وقتا باهرا لا يجده بأي مدن العالم.

فعلى مدار أشهر يوليو وأغسطس وسبتمبر في كل عام، تغدق الرياح الموسمية المتقلبة في المحيط الهندي لتغسل وجه بحر عمان وتهطل زخات خفيفة من المطر.

هذه المدينة الواقعة في محافظة ظفار جنوب سلطنة عُمان مليئة بالمنحدرات المغطاة بالأعشاب والأشجار الضخمة والأنهار المتدفقة، ومع ذلك فهي لا تبعد سوى بضعة كيلومترات عن الصحراء! كيف لك أن تتخيل ذلك من دون أن تتجول في منحدرات صلالة؟

في موسم الخريف، وهو ماركة مناخية مسجلة باسم صلالة وحدها من دون مدن العالم، تكون السماء ملبدة بالغيوم ولا يمكن رؤية الشمس عادةً طوال الموسم. فيصبح ارتقاء الجبال وكأنك في أرجوحة من الغيوم. ألا يكفي ذلك ليحطم التعريف التاريخي للخريف بأنه فصلًا يبعث على الخمول والوحدة، بينما هو في صلالة المدينة التي تبعث على الإلهام عبارة عن بساط أخضر مغسول بنثيث المطر المنعش.

ثمة أسطورة تقول إن صلالة قلب شجرة اللبان كانت تحرسها آلهة القمر، فتلك الأشجار العطرية الثمينة المتوجة بسحرها كانت تمد مدن العالم القديم برمتها باللبان المقدس. وهكذا كانت تحميها الآلهة وبقيت، فلا أحد يجرؤ على سرقة ثمارها. تحولت الأسطورة على مرّ السنين إلى تقليد اجتماعي يُجمع أهل عُمان عليه، عليك أن تطمئن ولا تفكر أن تتعرض للسرقة.

أشجار اللبان لا ترتفع عاليا مع ذلك تتطلب عملية استخراج عطرها الساحر مهارة عالية، حيث يقوم المزارعون بشق صغير في أغصانها كي تنهمر «الدموع» وتتحول إلى اللون الأبيض وتتصلب تحت حرارة الشمس قبل أن يتم قطفها من الشجرة.

عطر اللبان يحضر في كل مدن العالم مع أعياد الميلاد، فولادة السيد المسيح تعني بالضرورة البخور والزيت العطري، ذلك هو اللبان القادم من أرض عُمان ليعطر ولادة المسيح. فقصة عيد الميلاد هي قصة اللبان في جانبها الآخر.

كانت المنطقة التي تشكل أقصى جنوب عُمان تُعرف باسم أرض اللبان الذي يعد أحد أشهر المنتجات الطبيعية وأكثرها قيمة منذ العصور القديمة، ويمكن استنشاق رائحته العطرية بشكل لا يمكن أن تحسه مع أرقى ماركات العطور العالمية في كل مكان، حيث تنتشر رائحته في المنازل والمساجد والأسواق وحتى في المباني المكتبية الحديثة ومداخل الفنادق.

لم أزر صلالة بعين السائح، بل كنت أعيش تحت وطأة الشغف الصحفي، وهو ما يدفعني إلى اقتباس وصف مارتن هيسب الصحفي البريطاني المهووس بالرحلات حول العالم، الذي وصف صلالة بأنها واحدة من أكثر الأماكن المسكونة بالدهشة التي زارها على الإطلاق.

بطريقة ما، أنت على دراية بهذا الجانب الذي يعود إلى زمن سحيق من المناظر الطبيعية بينما تترنح وتقفز على طول المسارات التي تمر عبر الوديان، وهي وديان الأنهار أو المنحدرات التي كان الإنسان وحيواناته الأليفة يتنقلون فيها صعودًا وهبوطًا منذ ما قبل العصر الجليدي.

مع كل من التقيت بهم من الأوروبيين في صلالة، بدأ واضحًا أنهم يدركون حقيقة مفادها أن صلالة تمتلك خصوصية نادرة لا يمكن أن تجدها في أي مدينة أخرى، لذلك زادت الرحلات الجماعية إليها كما أن مطار صلالة الإقليمي الصغير على وشك أن يحل محله مبنى مطار ضخم أكبر من مطار ستانستيد في بريطانيا.

أراهن، كما يراهن غيري من الصحفيين الذين زاروا المنطقة أن صلالة سوف تصبح خلال أعوام وجهة أخرى لأشعة الشمس في فصل الشتاء، بينما سيبقى الخريف في هذه المدينة متوجا بتعريفه الحصري كماركة مناخية مسجلة باسم صلالة.

كرم نعمة كاتب عراقي مقيم في لندن

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: مدن العالم

إقرأ أيضاً:

الجيزة تعيد الانضباط بمحيط سوق البطران في الهرم

رفعت محافظة الجيزة 900 حالة إشغال وتعدي على الطريق العام، بمناطق اللبيني والأربعين وزغلول وفيصل، فضلا عن إزالة باعة جائلين ومفترشين للطريق العام بمحيط سوق البطران، وإزالة الأوتاد والحواجز الحديدية ووسائل حجز الركنات، وفتح الطريق أمام حركة المرور.

ووجه المهندس عادل النجار محافظ الجيزة، رؤساء الأحياء والمراكز، بعدم السماح بوجود الإشغالات والتعديات للمحال والمنشآت التجارية على الطريق العام، لتسهيل حركة سير المواطنين.

وتابع محافظ الجيزة جهود حي الهرم، في تنفيذ حملة مكبرة لرفع الإشغالات وإزالة التعديات من الطريق العام، لتحقيق الانضباط بشوارع اللبيني بالهرم والأربعين وزغلول وأمام سوق البطران.

رفع الباعة المفترشين للطريق العام

واطلع محافظ الجيزة على نتائج الحملات التي أسفرت عن فتح شارع الجمهورية، بعد رفع تعديات 900 حالة تعدي وإشغالات الباعة الجائلين والمفترشين للطريق العام، والمنشآت التجارية، وإزالة الحواجز الحديدية، الأمر الذي كان يتسبب في الإعاقة الشديدة لحركة سير المواطنين والمركبات.

منع التعديات والمتابعة الدورية للشارع

كما شهدت الحملة رفع الباعة المفترشين للطريق العام والجائلين وعربات الكارو أمام سوق البطران وبمحيطه لتسهيل حركة سير المواطنين بعد تلقي شكاوي عديدة لما يتسبب به تلك الإشغالات من إعاقة مرورية.

وشدد محافظ الجيزة على رئيس حي الهرم، بالتعاون مع شرطة المرافق، ومواصلة جهود منع التعديات ولضبط المخالفات والمتابعة الدورية للشارع لضمان عدم عودة المخالفات حيث جاءت الحملات في استجابة سريعة لشكاوي المواطنين الواردة .

وجرى إيداع جميع المضبوطات بمستودع الإشغالات بحي الهرم، بمتابعة طه عبد الصادق رئيس الحي، مع اتخاذ كل الإجراءات القانونية اللازمة.

مقالات مشابهة

  • تدريب موظفي مطار صلالة على أحدث تقنيات التحكم والأتمتة الصناعية
  • التعريف بالبرنامج الوطني للاقتصاد الرقمي ضمن جولات "النقل والاتصالات" في المحافظات
  • شاهد بالصور.. تفاصيل الزواج الأسطوري لرجل أعمال سوداني بالقاهرة.. تكلفة الزواج بلغت 300 ألف دولار والفنان المصري حمادة هلال والسلطانة أبرز المطربين الذين تغنوا في الفرح
  • الجيزة تعيد الانضباط بمحيط سوق البطران في الهرم
  • في اليوم الدولي للديمقراطية.. أميرة البيطار: القليل منا يعرف ماهو التعريف السليم لها
  • انطلاق "مرحبا ظفار" لترويج المزارات السياحية بالمحافظة
  • 10 علامات من السماء: المعجزات التي شهدها العالم يوم ميلاد النبي
  • المحكمة الإدارية تعيد مرشحا إلى سباق الانتخابات الرئاسية التونسية
  • النصر يكرم قائده رونالدو على رقمه الأسطوري
  • شبيب البلوشي يتوج بسباق صلالة للدراجات الجبلية