نيران الانشقاق الداخلى تحرق قلب إثيوبيا والسبب ببساطة هو غرور آبى أحمد الذى خيل له أنه بإمكانه السيطرة على دول القرن الإفريقى الذى يعانى من تقلبات سريعة ومتطورة، حيث شهد خلال العقود الماضية انفصال السودان عن جنوب السودان وانفصال إريتريا عن إثيوبيا، والأوضاع الراهنة تهدد بالعديد من التغيرات المتلاحقة.
وخلال الساعات الماضية لقى 100 جندى إثيوبى حتفهم على أيدى قوات «الفانو» التابعة لقومية الأمهرة، التى تعد ثانى أكبر عرقية قومية فى البلاد والتى فرضت سيطرتها على الحدود بين إثيوبيا والصومال، كما فر 300 جندى آخرون من قوات حرس الحدود الإثيوبية إلى السودان هربا من الموت وأسرت قوات الفانو 80 جنديا آخرون فى تطورات مثيرة ومتلاحقة تكشف التناحرات الداخلية فى بداية لانهيار الجيش الإثيوبى.
إثيوبيا تغرق فى دوامة الصراعات والانشقاقات والفرقة ويوجد بالدولة نحو 100 لغة، وتنقسم إلى أربع مجموعات لغوية رئيسية هى «السامية - الكوشية - الأومية» وتتبع الأسرة الأفروآسيوية، وتنتمى الرابعة إلى الأسرة النيلية.
وتضم إثيوبيا العديد من القوميات والعرقيات وهى الأورومو والتى تمثل 34% من عدد السكان ويتحدثون اللغة الأورومية ويعملون فى الزراعة والري، وينتمى إليها رئيس الوزراء آبى أحمد، ويعد أول رئيس وزراء يحكم إثيوبيا من عرقية أورومو.
وتأتى الأمهرة فى المرتبة الثانية لأكبر مجموعة عرقية فى إثيوبيا بنسبة 27% من عدد السكان ويتحدثون اللغة الأمهرية والتى تعد اللغة الرسمية للبلاد.
وتسيطر قومية التيجراى على شمال البلاد وتمثل 6,1% من الشعب الإثيوبي، ومثلت الجبهة الشعبية لتحرير تيجراى أقوى أطراف الائتلاف الحاكم فى إثيوبيا لعدة سنوات حتى كبت نفوذها آبى أحمد بعد عام 2018.
وتشكل القومية الصومالية نفس النسبة من عدد سكان إثيوبيا 6,1% وينتشرون فى أنحاء البلاد وغالبيتهم العظمى تتمركز فى منطقة أوغادين.
وهناك قوميات وعرقيات أخرى تعيش فى إثيوبيا بنسب أصغر ومتفاوتة من عدد السكان مثل الغوراغ والولبياتا وعفار وهادييا وغاموا وغيرها.
اشتعال الصراعات الإثيوبية - الإثيوبية ينذر بتقلبات سريعة خاصة وأن إثيوبيا لا تتمتع بعلاقات طيبة مع جيرانها فى القرن الإفريقى.
ولدى إثيوبيا مشاكل حدودية مع السودان على الفشقة ومع إريتريا على منطقة بادمي، ومع الصومال على منطقة الأوجدين.. وهناك مشاكل حدودية أخرى داخل القرن الإفريقى تؤجج الصراع فى المنطقة الملتهبة ما بين إريتريا وجيبوتى على رأس ضميره، بالإضافة إلى الصراع البحرى بين الصومال وكينيا.
باختصار.. تركيبة الدولة الإثيوبية عبارة عن حكومة مركزية ضعيفة تتحد مع ميليشيات داخل الدولة ضد ميليشيات أخرى، بصورة تبرهن على ضعف الدولة التى لا تملك قرارات سيادية على مواطنيها وحدودها.
أطماع إثيوبيا يكشفها آبى أحمد فى أحد خطاباته التى ألقاها مؤخرا أن إثيوبيا لابد أن يكون لها منفذ سيادى على البحر الأحمر بالقوة أو بالاتفاق، مضيفا أنه يتمنى أن تكون دول القرن الإفريقى دولة واحدة فى إشارة واضحة إلى نيته فى احتلال دول القرن الإفريقى كونه الدولة الأكبر والأقوى -من وجهه نظره- فى المنطقة.
الأمر الذى أثار المخاوف من قبل هذه الدول تجاه أطماع رئيس الوزراء الإثيوبى فلجأت إلى الاتحاد مع مصر والتعاون معها ضد مخططات إثيوبيا.. لذا ذهبت مصر إلى هناك لأمرين أولهما مواجهة التوغل الإسرائيلى فى القرن الإفريقي، وثانيهما المحافظة على أمنها القومى وحماية مقدرات شعبها والحفاظ على حقه فى الحياة.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: باختصار انفصال السودان جنوب السودان القرن الإفریقى آبى أحمد من عدد
إقرأ أيضاً:
بطراز أوروبي.. ما قصة القصور المهجورة بهذه البلدة في الهند؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يمر الطريق السريع المغبر الذي يؤدي إلى سيدهبور، في ولاية غوجارات بغرب الهند، عبر مناظر طبيعية قاحلة، متجاوزًا المطاعم على الطرقات وقطعان الإبل، من دون أن يلمّح كثيرًا لما تخبئه هذه البلدة التاريخية.
في قلب سيدهبور، يمتد شارع تصطف على جانبيه قصور فاخرة تتكونّ من ثلاثة وأربعة طوابق، تُعرف باسم "Haveli"، وتزهو بألوان باهتة من درجات قوس القزح، بدءًا من الأزرق الفيروزي والوردي الفاتح وصولا إلى الأخضر الفستقي.
ويُعرف هذا الشارع محليًا باسم "Paris Galli" أو "شارع باريس"، حيث ينقل الزوار إلى مدينة أوروبية بطرازها المعماري النيوكلاسيكي الفاخر ومزيجها المتناغم من فنون الآرت ديكو، والأساليب الهندية الهجينة.
وتبعد سيدهبور أقل من ثلاث ساعات بالسيارة عن عاصمة ولاية غوجارات، أحمد آباد، لكنها لا تزال بعيدة عن أنظار المسافرين وعشاق العمارة.
ويبدو الحي المحيط بشارع "Paris Galli" مهجورًا إلى حد كبير، باستثناء بعض المارة الذين كانوا يرتدون غطاء الرأس الملوّن المميز والقبعات الذهبية والبيضاء التي يرتديها أفراد فرقة البهرة الداودية، وهي طائفة شيعية مسلمة استقرت لأول مرة في هذا الجزء من غرب الهند في القرن الحادي عشر.
ويُعرف البهرة بأنهم مجتمع تجاري مترابط نشأ في مصر، ثم تنقّل عبر شمال إفريقيا والشرق الأوسط وجنوب آسيا للتجارة في التوابل، والأحجار الكريمة، والعطور.
بعد ذلك، انتقل مقر الطائفة من اليمن إلى سيدهبور، حيث استعرض أتباعها ازدهارهم وثروتهم من خلال بناء مئات المنازل الفاخرة في النصف الأول من القرن العشرين. وأُطلق على هذه التجمّعات السكنية اسم "Bohrawads"، وسعى أصحاب هذه القصور للتفوق على بعضهم البعض عبر تعليق الثريات الفخمة، واستخدام الزجاج البلجيكي، وقطع الأثاث القديمة، أو من خلال إقامة الولائم الفاخرة.
ذكر المعماري زوياب كادي المولود في سيدهبور أنه قد تكون الروابط التجارية الوثيقة للمجتمع مع أوروبا قد أثّرت على الحس المعماري. وكان مهراجا المنطقة حينذاك، سياجيراو غايكواد الثالث، معروفًا بحبه للعمارة الأوروبية. وقد وضع قواعد تخطيط صارمة مستوحاة من المخطِط الحضري الاسكتلندي باتريك غيديس (الذي عاش في الهند بين عامي 1914 و1924)، ما أدى إلى تشكيل شوارع ذات طابع معماري موحّد بشكل لافت.
وقال كادي إن البهرة قدموا مساعدتهم للمجتمعات الأخرى خلال مجاعة وقعت في أوائل القرن العشرين، وبمثابة ردّ للجميل، "قام مهراجا ولاية بارودا بإهدائهم قطعة أرض، حيث كانوا يواجهون أزمة سكن".
وأضاف: "على هذه الأرض، بدأوا في بناء هذه المباني الرائعة، التي كان يجب أن تلتزم بقواعد تخطيط المدن الصارمة".
تقع هذه القصور الطويلة والضيقة بشكل رئيسي في منطقة نجامبورا، حيث يتواجد شارع "Paris Galli"، وهي مصنوعة غالبا من الخشب، بالإضافة إلى الجص والطوب. وتتميز التصاميم بأسطح الجملون، وأعمدة وزخارف، وأبواب منحوتة، ونوافذ مزخرفة ومتدلية تبرز من واجهة كل قصر.