الواثق البرير

خلص تقرير اللجنة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق في السودان إلى أن طرفي الحرب القوات المسلحة والمتحالفين معها، وقوات الدعم السريع والمتحالفين معها؛ ارتكبوا انتهاكات واسعة ضد المدنيين السودانيين وفق القانون الدولي الإنساني ترتقي لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، بناءً على ذلك قدم التقرير جملة توصيات هي دعم جهود وقف القتال، وجلب الطرفين إلى طاولة المفاوضات، والحث على التوصل لاتفاق سلام، ونشر قوة مستقلة ومحايدة لحماية المدنيين، وتوسيع نطاق منع الأسلحة، وزيادة دعم اللاجئين، وتمكين النساء والشباب من المشاركة في المفاوضات أو مبادرات سلام، وعدم الإفلات من العقاب، وتوسيع اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، وتبني نهج للعدالة الانتقالية عبر حوار شامل ومشاورات حقيقية وإنشاء آلية قضائية دولية منفصلة وجبر الضرر وتعويض الضحايا.

حول هذه التوصيات أقول: 

استطالت معاناة الشعب السوداني خلال الـ 17 شهرا المتواصلة من الحرب، تشرد فيها الملايين داخل وخارج السودان فيما يعاني 25 مليوناً من السودانيين من درجات متفاوتة من الجوع، ومات كثيرون بالفعل، وسط انتشار الأوبئة والأمراض والاعتقالات والتضييق. أننا نرحب بأي جهود تضـع حداً لهذه المعاناة والمأساة الإنسانية الأخطر على مستوى العالم. وثق التقرير للانتهاكات الفظيعة التي ارتكبت، وكشف عن الفظائع والجرائم البشعة التي وقعت على الشعب السوداني جراء هذه الحرب، مما أعطى قضية الانتهاكات اهتماما متزايداً، ووضعها في إطارها الحقوقي والأخلاقي بعيداً عن الاستغلال السياسي والدعاية الحربية والانحياز لإدانة انتهاكات طرف دون الآخر. التوصية بنشر قوات دولية محايدة لحماية المدنيين يجب التعامل معها بحذر شديد لجهة أن هذه القوات، وفي ظل رفضها من أحد طرفي الحرب، يمكن أن تتحول إلى طرف ثالث في الحرب الحالية؛ الأمر الذي سيفاقم الصراع المسلح، هذا مع تأكيدنا على أن حماية المدنيين ووقف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان تمثل أولوية قصوى، تتطلب تعهدات واضحة من طرفي الحـرب والالتزام بإيصال المساعدات الإنسانية، والعودة إلى طاولة المفاوضات لوقف الحرب، فليس هناك وصفة سحرية لحماية المدنيين وسط استمرار الاقتتال بمختلف أنواع الأسلحة والقصف العشوائي. إن الطريقة الأمثل التي يمكن أن يتم عبرها وقف الانتهاكات هو وقف وإنهاء القتال الدائر عبر عملية سياسية شاملة يشارك فيها جميع السودانيين عدا الإسلامويين الذين أشعلوا هذه الحرب ويعملون على استمرارها. ظل موقف حزب الأمة القومي على الدوام داعماً للتدخل الدولي الحميد ومحذرا من التدويل الخبيث للقضية السودانية، والذي يجعل من السودان ساحة لصراع المحاور الإقليمية وتنافس النفوذ الدولي. إننا نؤكد ضرورة التدخل الحميد القائم على وساطة تسهل الوصول إلى اتفاق سلام، وتراقب تنفيذه، وتنسق وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين بالسرعة المطلوبة، وتعمل على حماية المدنيين بالحد من العنف وانتشار الأسلحة، ودعم إغاثة وعودة النازحين واللاجئين، ومراقبة أوضاع حقوق الإنسان والحد من الانتهاكات، ودعم استعادة وتعزيز الحكم المدني الديمقراطي، ودعم برامج التنمية وإعادة الإعمار بموجب القانون الإنساني الدولي دون المساس بالسيادة الوطنية والتدخل في الشؤون الداخلية للدول كمبادئ أساسية حاكمة. ما ذهب إليه تقرير لجنة تقصي الحقائق حول أن الإفلات من العقاب هو أحد الأسباب الرئيسة لعقود من الانتهاكات المستمرة هو كبد الحقيقة، لكن توسيع ولاية المحكمة الجنائية الدولية سيكون له تعقيدات سياسية، وقد يدفع جنرالات الحرب للتمسك باستمرارها ورهن مصير البلاد كلها بمصيرهم، عطفاً على أن عدم تنفيذ قرارات المحكمة الجنائية الدولية التي لم تتمكن بعد مضي قرابة عقدين من الزمان من القبض على المتهمين في جرائم دارفور على رأسهم الرئيس المعزول يشير إلى تطاول هذا المسار، لذلك فإن مسار إنشاء آلية قضائية لمحاكم هجين من شأنه أن يوفق ما بين تحقيق العدالة وعدم الإفلات من العقاب واستعادة الاستقرار، وهو مقترح تقدم به سابقا رئيس حزب الأمة القومي الراحل الإمام الصادق المهدي لتحقيق مقاصد العدالة وإنصاف الضحايا، وفي ذات الوقت يفتح الباب أمام المستقبل الوطني. في ذات الاتجاه، فإننا ندعم بقوة مقترح وضع مقاربة شاملة للعدالة الانتقالية بناء على حوار شامل ومشاورات حقيقية، ولا بد أن تنطلق هذه المقاربة من مبادئ وأسس الحقيقة والمصالحة والإنصاف وعدم الإفلات من العقاب وعدم تكرار الجرائم وجبر الضرر وتعويض الضحايا وفق آليات الدعم النفسي والمادي. تمديد أجل البعثة مهم للغاية وسط استمرار القتال والانتهاكات مع مواصلة الطرفين في القتال وفشل مفاوضات سويسرا في التوصل لإطلاق نار؛ بسبب رفض مشاركة الجيش فيها. خلاصة القول؛ لا مخرج من هذه الأزمة المعقدة بكل أبعادها الإنسانية والحقوقية والسياسية إلا عبر حل سياسي شامل يخاطب جذور الصراع وقضايا اليوم التالي للحرب، وبمشاركة القوى المدنية والقوى العسكرية في عملية سلام عادل وشامل تضمن خروج العسكريين من السياسة والاقتصاد، وتؤسس لجيش مهني قومي واحد، وترسخ لعملية إصلاح سياسي وإصلاح مؤسسي، وتحقق العدالة وتضمن كفالة حقوق الإنسان، وتعزز المواطنة المتساوية وإدارة التنوع، وبلا شك فإن دور المجتمع الإقليمي والدولي مطلوب وضروري في الضغط على المتحاربين لوقف الحرب، وإغاثة الشعب السوداني وحماية المدنيين، ودعم جهود وحدة الصوت المدني الديمقراطي. الوسومالواثق البرير

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الواثق البرير الإفلات من العقاب

إقرأ أيضاً:

باحث سياسي: المقاومة اللبنانية مازالت تمتلك قدرات عسكرية تسمح لها باستكمال الحرب

قال الدكتور زكريا حمدان، الباحث السياسي اللبناني، إن المقاومة اللبنانية ما زالت تمتلك القدرات العسكرية التي تسمح لها باستكمال الحرب، لافتًا إلى أن إسرائيل ما زال لديها أهدافا تريد استكمالها في هذه المرحلة، بشكل شبيه جدًا لنفس الشكل الذي بدأه في بداية الحرب.

وأضاف حمدان، خلال تصريحاته عبر فضائية "إكسترا نيوز"، أن لبنان لم يصرح حتى الآن عن الجهة التي قامت بإطلاق الصواريخ، لكن في هذه الحالة أحمل المسؤولية الأساسية للسلطة أن تكشف عن الجهة؛ لأن وقف إطلاق النار كان مطروحا بطريقة البعض لم يفهمها، بأنها كانت بهدف وقف الحرب على لبنان، وليس استكمال إسرائيل لما تقوم به دون أن يرد لبنان.

أمين الأمم المتحدة: دعم لبنان ضرورة لاستقرار المنطقةمصر تتحرك لوقف التصعيد في لبنان: دعم كامل وإدانة للقصف الإسرائيليجيش الاحتلال الإسرائيلي يشن غارة جوية على جنوب لبنانأخبار التوك شو| تحذير عاجل من الأرصاد.. تطورات أوضاع لبنان.. مفاجأة في أسعار الذهبماكرون: الغارات الإسرائيلية على لبنان أفعال أحادية وتمثل خرقا لوقف إطلاق النارالاتفاق اللبناني الداخلي

أوضح الباحث السياسي اللبناني، أن الاتفاق اللبناني الداخلي بضمانة الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، والعلاقة الجيدة بين رئيس الجمهورية والمقاومة، هناك طلبات بأن يكون هناك ضابط إيقاع من أجل استيعاب ما يحدث، وعدم الانجراف نحو حرب جديدة.

وتابع: يبدو أن الإسرائيلي يريد أن يحرج الجميع في لبنان، ويذهب باتجاه الحرب، هذا ما يبدو على المخطط، لكن على الجميع أن يعلم بأن المقاومة لا زالت تمتلك القدرات لاستكمال الحرب، والآن المقاومة لا تريد الحرب لأن هناك اتفاقا داخليا بأن هناك دولا ضامنة لوقف الحرب.

مقالات مشابهة

  • متحدث الحكومة السودانية: الدعم السريع يستخدم المدنيين العزل دروعا بشرية
  • الحكومة السودانية: الدعم السريع يستخدم المدنيين العزل دروعا بشرية ويستهدف المواطنين
  • حملة دولية لمنع تهريب وبيع الآثار السودانية
  • الحكومة السودانية تتعهد بحماية المدنيين والتصدي لأي انتهاكات فردية ضدهم
  • باحث سياسي: المقاومة اللبنانية تمتلك قدرات عسكرية تسمح لها باستكمال الحرب
  • باحث سياسي: المقاومة اللبنانية مازالت تمتلك قدرات عسكرية تسمح لها باستكمال الحرب
  • الأوضاع الإنسانية في غزة تتفاقم وسط محاولات دبلوماسية لإحياء وقف إطلاق النار
  • الخارجية الفلسطينية تطالب بالتحقيق في جرائم الاحتلال بحق العاملين في المجالات الإنسانية
  • التقصي في جرائم الحرب وعدم الإفلات من العقاب
  • البستاني: لجنة الاقتصاد ستتعاون مع سعيد الى أقصى حدود