تونس- استفاق التونسيون اليوم على خبر إقالة جميع الولاة وتعيين وُلاة جدد بدلهم من قبل الرئيس قيس سعيد، قبل أقل من شهر واحد على موعد الانتخابات الرئاسية، في خطوة يراها البعض استبطانًا للبقاء في السلطة من قبله، وسط مناخ انتخابي تصفه المعارضة بـ"المتعفن".

وقد أعلنت صفحة الرئاسة التونسية في وقت متأخر من مساء أمس عن تعيين 24 محافظا جديدا، بينما كان الشيء المفاجئ هو إقالة بعض الولاة الذين كانوا يساندون سعيد قلبا وقالبا ويمثلون أعمدة حكمه، على غرار والي بن عروس عز الدين شلبي، الذي يتهمه البعض بالقرب من الرئيس دون أن تكون له القدرة والكفاءة على التسيير الإداري.

وتأتي هذه الإقالات والتعيينات الجديدة على صعيد الولاة الذين يمتلكون صلاحيات واسعة في محافظاتهم بعد أيام قليلة من إقالة حكومة أحمد الحشاني بأكملها وتعيين رئيس الحكومة الجديد كمال المدوري صاحب الخبرة في الشؤون الاجتماعية، ومعه 21 وزيرا جديدا.

ولم تقدم رئاسة الجمهورية التونسية توضيحات رسمية بشأن ملابسات أي إقالة سواء على المستوى الحكومي أو الإداري، وبينما يرى أنصار الرئيس سعيد أن التعيينات الجديدة هدفها "إضفاء النجاعة"، فإن المعارضة تعتبرها "خطوة لتجديد البيعة" للرئيس سعيد.

الاستفادة من الولاة

يقول القيادي في حزب التيار الديمقراطي المعارض هشام العجبوني إن تعيين هؤلاء الولاة الجدد قبل شهر واحد من تاريخ الانتخابات الرئاسية المفترض إجراؤها يوم السادس من أكتوبر/تشرين الأول المقبل قد تكون رسالة من الرئيس أنه "سيستمر على رأس السلطة".

ويضيف العجبوني للجزيرة نت أن سعيد يمكن أن يستفيد من كل هذه التعيينات على رأس الولايات، بالنظر إلى وزن الوالي في جهته، غيرَ مستبعِد أن يكون هناك جزء من عمل الولاة الجدد بالإشراف على الانتخابات وحشد الناخبين والتعبئة لمصلحة الرئيس سعيد.

ويرى أن إقالة حكومة بأكملها وتعيين أخرى أو إقالة جميع الولاة وتعيينهم ببدلاء جدد يصب في  الخانة نفسها والتوجه نفسه، وهو التنصل من المسؤولية من قبل الرئيس وإلصاق الفشل بالمسؤولين السابقين، دون أن يكون هناك تقييم موضوعي لأدائهم.

ويقول إن تعيين الولاة الجدد جاء بعد أكثر من عام ونصف شهدت فيه 9 ولايات شغورًا على مستوى ولاتها، فيما شهدت ولايات أخرى أوضاعا متردية، على غرار ولاية صفاقس (جنوب) التي عاشت على وقع توترات بين المواطنين ومهاجرين أفارقة.

وتأتي هذه التعيينات وفق العجبوني "في سياق انتخابي متعفن" بسبب عدم حياد هيئة الانتخابات ورفضها قرار المحكمة الإدارية بإرجاع 3 مرشحين للانتخابات الرئاسية، ووجود "هرسلة" قضائية وتضييقات ضد مرشحين، ومنع جمعيات من مراقبة الانتخابات ومحاصرة الإعلام.

عدم الاستقرار

ويقول زعيم جبهة الخلاص المعارضة نجيب الشابي إن التعيينات الجديدة للولاة بعد أيام قليلة من تعيين حكومة جديدة تعكس "حالة عدم استقرار" دأب عليها نظام الحكم الفردي الشعبوي للرئيس الحالي، منذ إعلانه التدابير الاستثنائية في 25 يوليو/تموز 2021.

ويضيف الشابي للجزيرة نت أن "منظومة الحكم الحالية لم تعرف أي استقرارا بعد تلك المحطة، لا على مستوى وزارات الداخلية أو الدفاع أو الخارجية أو غيرها من الوزارات، ولا على مستوى الولاة أو المعتمدين أو العمد"، معتبرًا ذلك خاصية لنظام الحكم الفردي.

ويرى أن إقالة جميع الولاة بجرة قلم شملت شخصيات كانت مقربة من منظومة الحكم، وكانوا يعتبرون من أعمدتها، على غرار عز الدين شلبي والي بن عروس (شمال)، وسمير عبد اللاوي  والي بنزرت (شمال)، وعبد الحليم حمدي والي سيدي بوزيد (جنوب).

ويؤكد الشابي أن جميع الإجراءات التي اتخذها الرئيس سعيد من إقالات وتعيينات سابقة لم تؤد إلى أي نتيجة أو إنجاز يذكر، ما عدا ضرب الحريات الصحفية والسياسية، وملاحقة المرشحين للانتخابات الرئاسية من قبل هيئة الانتخابات، على حد تعبيره.

ويقول زعيم جبهة الخلاص التي تضم أحزابا معارضة للرئيس سعيد -أبرزها حركة النهضة– إن جميع المؤشرات التي تعيشها البلاد خلال هذه الفترة الانتخابية توحي بأن الانتخابات الرئاسية التي ستُجرى مطلع الشهر المقبل محطة لتجديد البيعة للرئيس سعيد.

في المقابل يرى أنصار الرئيس قيس سعيد أن التعديلات والتعيينات التي يقوم بها هدفها "إضفاء النجاعة على العمل الحكومي لخدمة مصلحة الشعب"، حيث كان الرئيس سعيد قد أشار في خطابات سابقة له إلى أن تلك التعديلات تأتي تفاديًا لتعطل دواليب الدولة.

ويسعى الرئيس قيس سعيد الذي صعد للحكم في أكتوبر/تشرين الأول 2019 لتجديد ولايته التي تمتد 5 سنوات، حيث لم يتبق معه في السباق الانتخابي سوى الأمين العام لحركة الشعب زهير المغزاوي، ورئيس حركة "عازمون" العياشي زمال الموقوف حاليا بسجن بمحافظة جندوبة (شمال غرب) على ذمة قضايا تتعلق بشبهة تزوير تزكيات ناخبين.

ويقول الفريق القانوني للمرشح زمال إنه يواجه تهمًا مفبركة هدفها ثنيه عن مواصلة حملته الانتخابية وإقصاؤه من السباق الانتخابي، مرجحين أن يقوم بحملته الانتخابية كمرشح رسمي من داخل السجن.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الرئیس سعید من قبل

إقرأ أيضاً:

أسابيع قليلة قبل الانتخابات.. آلاف التونسيين يخرجون إلى الشارع ويرفعون شعار إرحل في وجه قيس سعيد

أخبارنا المغربية - عبدالاله بوسحابة

أفادت تقارير إعلامية أن العاصمة تونس، عاشت أمس الجمعة، على وقع احتجاجات حاشدة، شارك فيها آلاف المتظاهرين، رفعوا شعارات قوية ضد الرئيس الحالي "قيس سعيد"، طالبوه من خلالها بضرورة وفق ما وصفوه بـ"الانتكاسة الشديدة في الحريات والحقوق".

 وكالة "رويترز" للأنباء التي أوردت الخبر، أكدت أن المظاهرات التي شهدتها تونس، أمس الجمعة، تعد الأكبر والأقوى من نوعه منذ العام الماضي، مشيرة إلى أن المحتجين طالبوا بالإفراج الفوري عن السياسيين والصحفيين المسجونين بسبب مواقفهم المعارضة، وكذا حماية المرشحين للانتخابات الرئاسية المقبلة من الترهيب الذي يمارس عليهم "قيد سعيد"، الذي شدد قبضته على السلطة، وبدأ الحكم بمراسيم عام 2021، في خطوة وصفتها المعارضة بالانقلاب.

في سياق متصل، أوضحت المصادر ذاتها أن هذه المظاهرات دعت إليها الشبكة التونسية للحقوق والحريات، التي تضم أحزابا يسارية واجتماعية ومنظمات من المجتمع المدني، مشيرة إلى أن المشاركين في المسيرة رفعو شعارات عدة تطالب بعودة الديمقراطية، والتصدي لما وصفوه بـ "انحراف السلطات"، قبل أن يدعو إلى وقف استهداف السياسيين والحقوقيين والإعلاميين.

من جانبها، أشارت وسائل إعلام تونسية إلى أن احتجاجات الجمعة، عرفت مشاركة حاشدة، موضحة أن غالبية المتظاهرين كانوا من الشباب والنساء، رددوا شعارات من قبيل "قيس سعيّد دكتاتور" و "حريّات حريّات دولة البوليس انتهت" و"ارحل ارحل سعيّد".

كما احتج المتظاهرون أيضا وفق ذات المصادر، على احتكار وسيطرة الرئيس التونسي على كل سلطات البلاد منذ يوليوز 2021، قبل أن يعبروا عن تخوفهم الكبير من تسخير هذه السيطرة على السلطات من أجل العودة إلى كرسي الحكم من خلال الانتخابات الرئاسية المقررة في 16 من أكتوبر المقبل، سيما بعد أن عمدت هيئة الانتخابات إلى إقصاء 3 مرشحين، رغم حسم المحكمة الإدارية في شرعية ملفات ترشحهم.

مقالات مشابهة

  • الرئيس التونسي يدعو لبناء اقتصاد الوطني في بيانه الانتخابي
  • الرئيس التونسي يصدر بيانه الانتخابي ويهاجم معارضيه
  • الكرملين: لم ولن نتدخل في الانتخابات الرئاسية الأمريكية
  • كامالا هاريس تتلقى ضربة قاضية ستمنع فوزها في الانتخابات الرئاسية.
  • أسابيع قليلة قبل الانتخابات.. آلاف التونسيين يخرجون إلى الشارع ويرفعون شعار إرحل في وجه قيس سعيد
  • الانتخابات الرئاسية بين الشارع التونسي وقيس سعيد
  • أي ولاية أمريكية متأرجحة قد تحسم الانتخابات الرئاسية؟
  • المحكمة الإدارية تعيد مرشحا إلى سباق الانتخابات الرئاسية التونسية
  • حتى الفائز اعترض على نتائجها.. هل الانتخابات الرئاسية الجزائرية ضحية لـالمؤامرة؟
  • هل الانتخابات الرئاسية الجزائرية ضحية لـالمؤامرة؟