الفساد أينما وجد في الدنيا هو مؤشر بداية انهيار الأمم، وفناء الحضارات؛ لأنه يسرق قوت الآخرين ويزيد من معاناة أفراد المجتمع ويذهب بفرص العمل ويقضي على التطور الحضاري والازدهار الاقتصادي ويصيب الأمن في مقتل والاستقرار الذي تراهن عليه الدول، ويضعف الشفافية وينال من العدالة ويحرم سواد المجتمع من العيش الكريم ويخل بالمساواة بين الناس، ويجعل من الأنظمة أكثر هشاشة ويحرمها من تطبيق القانون ويعبث بالقيم وتجاوز التشريعات ويكون هو الموجهة لغاياته.
الفساد أعظم أمراض العصر وآفته التي يكاد أن يسلّم البعض إنه لا علاج لها؛ فالحكومات لا تستطيع مراقبة سلوك كل فرد من سكانها فهذا أمر بالغ الأهمية، لكنها تستطيع محاصرته وتجفيفه، لذلك تجد عديدًا من الدول بها من الموارد والممكنات ما يجعلها قادرة على توفير العيش الكريم لأبنائها، لكنها لسوء إدارة مواردها لا تستطيع بلوغ غاياتها نظرًا لحالة الفساد التي تنخر في مجتمعاتها، وتعبث بمقدراتها، خطورة الفساد وبطء معالجته يفرض ثقافة غريبة بين متعاطيه، ويوجه موارد الدول إلى مسارات إما خارجية أو تخدم فئة قليلة من المتعطشين لجمع الأموال في الداخل، وتأخر علاجه واجتثاثه من جذوره يفاقم المشكلة حتى نصل إلى مرحلة أقرب فيها إلى التسليم بالواقع.
إن الحكومة اليوم أمام تحدٍ كبير كسائر حكومات المنطقة في هذا الأمر، الذي لن تنجح فيه لوحدها ما لم يعضدها أفراد المجتمع الذي يؤمن أن الحياة لا تستقيم إلا بتطهيره من هذه الآفة والقضاء عليها، أولها: تغليظ العقوبات على المتجاوزين، ومراجعة تلك العقوبات، ومراقبة أصحاب المواقع الحساسة التي يمكن أن تنتج مثل هذه الظواهر، وتكثيف الرقابة على مفاصل مهمة، والاستمرار في كشف المتحايلين وأصحاب المسارات الخفية والخلفية، وتعزيز الإجراءات، وتطوير أدوات الرقابة، والردع الذي يؤدي إلى استقامة الأمور.
ونظرا لتوقع توسع دائرة هذه الظاهرة في قادم الأيام وتزايد عدم استقرار الأوضاع المالية لبعض الأفراد من الداخل والخارج فإن الأمور من المرجح أن تتزايد بشكل أكبر، وتتضاعف.
لذلك المهمة صعبة على الجميع، لكن أمام نتائجها الوخيمة الكارثية لابد من تكاتف كل الجهود في برنامج يجنبنا هدر الموارد وتعزيز هيبة القانون وفرض العدالة والمساواة، وتطوير الخطوات الاستباقية التي تستطيع أن تمنع مثل تلك المحاولات. حفاظًا على مقدرات الدول والشعوب وأجيالها وترسيخًا لقيم عالية في المجتمع.
سالم الجهوري كاتب صحفي عماني
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
الإمارات في صدارة الدول ذات المعدلات المنخفضة بمرض السل
أكدت وزارة الصحة ووقاية المجتمع، أن الإمارات تعد من الدول ذات المعدلات المنخفضة بمرض الدرن "السل"، وذلك نتيجة الإستراتيجيات والبرامج الوقائية الفعّالة التي تنفذها الوزارة بالتعاون مع الجهات الصحية بالدولة، للحد من انتشار هذا المرض والسيطرة عليه، مثل توحيد طرق الترصد وتطوير نظام متابعة فعّال، وتوفير أدوية السل بصورة مستمرة، والعمل على بناء قدرات العاملين في أنشطة البرنامج، بالإضافة إلى التطعيم الوقائي للأطفال عند الولادة، وتطبيق برنامج الكشف المبكر عن السل الرئوي.
وتحتفل الدول والمنظمات الصحية سنوياً باليوم العالمي للسل في 24 مارس (آذار) من كل عام، والذي يأتي هذا العام تحت شعار "نعم! يمكننا القضاء على السل .. الالتزام، الاستثمار، التنفيذ"، الذي يعكس الأمل والمسؤولية في مواجهة هذا المرض.
وشاركت دولة الإمارات في إقرار الإستراتيجية الإقليمية على مستوى شرق المتوسط للقضاء على السل، كما تواصل دعم الجهود الدولية في العمل والبحث العلمي وإيجاد الحلول وأفضل الوسائل والأدوية المبتكرة، ويتضمن ذلك تسريع اعتماد الفحوصات التشخيصية السريعة والعلاجات الحديثة، بالإضافة إلى استخدام التكنولوجيا الرقمية لتحسين نظام الرعاية الصحية، لإنهاء مرض السل بحلول عام 2030، وذلك في إطار تحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة واستراتيجية منظمة الصحة العالمية بشأن دحر المرض.
وعلى الرغم من التحديات في المكافحة عالمياً، فإن الإمارات تُثبت التزامها بتعزيز نظام صحي مبتكر ومستدام يهدف إلى رفاه المجتمع وجودة حياته.
مبادرات وقائيةوقال الدكتور حسين عبد الرحمن الرند، الوكيل المساعد لقطاع الصحة العامة، إن الوزارة أطلقت مبادرات وقائية شاملة للحد من انتشار السل والسيطرة عليه بالتعاون مع شركائها الإستراتيجيين، وتنوعت هذه المبادرات من تحسين مراقبة السل وإرساء نظم ترصد وتقصي فاعلة، إلى ضمان توفر مستمر للأدوية، وتمكين الكوادر الطبية من خلال التدريب المتخصص، كما تضمنت إجراء الفحوصات الاستباقية للكشف المبكر عن المرض للمتقدمين للإقامة قبل الدخول للدولة وبعد الوصول.
وأشارت الدكتورة ندى المرزوقي، مديرة إدارة الصحة العامة والوقاية، إلى أن الوزارة دأبت على تنظيم العديد من الأنشطة والبرامج الصحية وتفعيل الشراكة المجتمعية، بما يساهم في تعزيز نشر التوعية بين مختلف فئات المجتمع حول مرض السل، من حيث سبل الوقاية وأهمية التشخيص المبكر وتجنب الإصابة والمضاعفات المحتملة.
وأوضحت أن من بين هذه الأنشطة، إضاءة المعالم الرئيسية في الدولة باللون الأحمر، وعقد المحاضرات التوعوية التفاعلية التي تستهدف شرائح مختلفة من المجتمع حول الوقاية من مرض السل بعدة لغات منها اللغة العربية والإنجليزية والأوردو، وكذلك الرسائل التثقيفية على منصات التواصل الاجتماعي المختلفة، مع الاستمرار في تطوير الإستراتيجيات التي تساهم في نشر الوعي المجتمعي بالأمراض السارية، وصولاً إلى إرساء بيئة صحية مستدامة ينعم فيها أفراد المجتمع بالصحة والرفاه وجودة الحياة.