جريدة الرؤية العمانية:
2025-01-31@01:23:17 GMT

رعد العملاق

تاريخ النشر: 9th, September 2024 GMT

رعد العملاق

 

 

جابر حسين العماني

jaber.alomani14@gmail.com

 

عندما كُنَّا صغارًا كانت تغرس في نفوسنا مفاهيم القوة والشجاعة والغيرة والحمية العربية الأصيلة التي تهيئنا للدفاع عن أنفسنا وأوطاننا ومقدساتنا أينما كنَّا، ومن تلك المفاهيم التي كانت تبث في نفوسنا هي كيف نكون أقوياء؟ وكيف نكون أصحاب رسالة وغيرة وقيم ودفاع عن المظلومين في العالم؟

كنا نشاهد عبر الإعلام العربي الأفلام والرسوم المتحركة المختلفة والمتنوعة، والتي كان أحدها فيلم رعد العملاق، الفيلم الذي كان في بداية كل حلقة منه يعرض شعرا حماسيا يبعث في نفوسنا روح القوة والبطولة والشجاعة وهو كالاتي: "رعد العملاق // جاء جاء ليحمنا// يحمي الدار والسماء // من كل الأشرار// رعد القوي // رعد الشجاع // يضرب الأعداء // أسرع من الشهاب // أقوى من الألغام // ينصر الإنسان // يساعد الصديق // صديق الأحرار // عدو الأشرار".

كان أغلب الإعلام العربي يهيئ النفوس للدفاع عن المظلومين والمستضعفين في العالم، وكان الطفل العربي يشاهد تلك الأدوار والمشاهد الجميلة حاملا في نفسه رسالة عظيمة ومسؤولية أعظم، وهي كيف يجعل من نفسه جنديا عملاقا لنصرة الحق والوقوف مع المظلومين والمحرومين في العالم؟

لكن يا ترى هل لا زال الإعلام العربي مُربيًا للأجيال الحاضرة على تلك المشاهد المشجعة والمحفزة على القوة والشهامة والبسالة والشجاعة بهدف الدفاع عن الإنسان وعرضه ومقدساته؟ أم تغيرت أجندة الإعلام إلى عكس ذلك؟

اليوم عندما نتأمل الإعلام العربي نرى بعضه بات يؤمن بالثقافة الغربية التي باتت تؤرق المجتمعات العربية والإسلامية وتحولها إلى مجتمعات ضعيفة ومهزوزة من الداخل، فهناك من القنوات العربية التي حذفت معاني القوة والبسالة والشجاعة من قنواتها، كحذف الجهاد في سبيل الله، واستبدال الجهاد والقوة والدفاع عن المقاسات بالحديث عن النسوية والمثلية والماسونية والصهيونية والرأسمالية، وإحياء الليالي الصاخبة بالاحتفالات الماجنة التي يرفضها الشرفاء في العالم البشري.

اليوم عندما يُسيطر الغرب بأدواته الإعلامية المضللة على كثير من الأفكار العربية الأصيلة، صار البعض لا يهتم أن يكون كرعد العملاق في نصرة المظلومين والمحرومين في العالم، وما نراه اليوم في غزة وفلسطين وكثير من بقاع العالم خير مثال يمكن لنا ذكره، فهناك من الأطفال والشيوخ والنساء الذين يقتلون في كل يوم، وهناك من لا زال يئن ويحن، مطالبا من الدول العربية والإسلامية وعلمائها النجدة والاغاثة، ولا من مجيب إلا من رحم ربي من شرفاء وأحرار العالم.

ليس علينا بالضرورة أن نكون كرعد العملاق؛ فتلك شخصية وهمية بثها الإعلام في رسوم متحركة أريد منها تحريك الضمائر، ولكن علينا أن نكون كقدواتنا الحقيقية، وهم: الأنبياء المخلصين، والخلفاء الراشدين، الذين كانوا لا ينامون ليلهم ونهارهم إذا سمعوا أن هناك مظلوم، أو محروم، لذا ينبغي على كل مسلم ومسلمة نصرة الحق أينما كان موقعه ومكانه، فالإنسان بفطرته يعلم أن الظلم في دنياه قبيح وينبغي اجتنابه، وهذا إن دل على شي فإنما يدل على أهمية نصرة المظلوم والدفاع عنه، وليس هناك أفضل وأجمل من أن ينصر الإنسان العربي اخوانه وأخواته في غزة الأبية وفلسطين الزكية بل وفي كل بقعة من بقاع العالم تشكو من الظلم والهوان والاستبداد.

قال الله تعالى: "وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأبْصَارُ" (إبراهيم: 45).

وقال أمير المؤمنين ومولى الموحدين وسيد البلغاء صاحب كتاب نهج البلاغة الإمام علي بن أبي طالب: "إِذَا رَأَيْتَ مَظْلُومًا فَأَعِنْهُ عَلَى اَلظَّالِمِ"، وقال: "قُولاَ بِالْحَقِّ، وَاِعْمَلاَ لِلْأَجْرِ، وَكُونَا لِلظَّالِمِ خَصْمًا وَلِلْمَظْلُومِ عَوْنًا".

إنَّ مسؤوليتنا العربية والإسلامية اليوم تجاه ما يجري من ظلم في غزة الأبية، وفي كثير من بقاع العالم هي مسؤولية عظيمة يجب أن يتحملها الجميع، وذلك من خلال الدعم المادي والمعنوي، لكسر الحصار المفروض على الأحبة هناك، بكل الوسائل والإمكانيات المتاحة، ولا يكون ذلك إلا من خلال تفعيل الجوانب الداعمة والناصرة للقضية الإنسانية كتفعيل الجانب السياسي، وابراز الإعلام النزيه؛ وذلك من خلال تفعيل البرامج الهادفة لنشر المبادئ الصحيحة لتربية أجيالنا القادمة، وتكثيف جهود الاغاثة، والدعاء للمظلومين في الصلوات والخلوات، وطلب النصر والثبات من الله تعالى للمجاهدين والمرابطين، وكما قال المُناضل الفلسطيني الكبير أبو عبيدة: "إنه لجهاد.. نصرٌ أو استشهاد".

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

المستقبل الاقتصادى للعلاقات العربية الأمريكية بعد صعود ترامب (٩- ١٠)

تناولنا فى المقالات السابقة أن عودة ترامب تعلن عن تبعثر أوراق الاقتصاد العالمى خاصة فى الدول العربية، بسبب السياسات الخاصة المرتبطة بالولايات المتحدة الأمريكية. والتى انخرطت فى صراعات مدتها 231 عاماً من أصل 248 عاماً من وجودها، واستناداً إلى شعار ترامب «أمريكا أولاً»، فإن توجهاته تعكس هذا الشعار، وابتزازه كثيراً من الدول العربية وعلى رأسها السعودية التى طلب أن تستثمر حالياً بتريليون دولار، وفى هذه السلسلة من المقالات سوف نتناول تأثير ذلك على الدول العربية بصورة منفردة، وفى هذا المقال سوف نتناول الأثر الاقتصادى على دولتى الصومال واليمن، فخطاب التنصيب لترامب يؤكد أننا سنشهد تركيزاً على تعزيز المصالح الأمريكية، وهذا النهج قد يحمل مخاطر تصعيد التوترات مع خصوم الولايات المتحدة خاصة الصين، ويجعل مستقبل السياسة العالمية أكثر تعقيداً. ولكن يبدو أن السياسة الأمريكية ربما ستشهد تحولاً حيال الإقليم الانفصالى من أرض الصومال الذى أعلن استقلاله بشكل منفرد عام 1991، وتشير تقارير بشأن قيام الرئيس ترامب بالاعتراف باستقلال أرض الصومال، تلك الأرض التى تقع فى منطقة القرن الأفريقى، وتعد من أهم المناطق الاستراتيجية فى العالم، حيث تشرف على خليج عدن ومضيق باب المندب، والذى يمر جزء كبير من نفط العالم عبره، لذا تلعب أرض الصومال دوراً مهماً فى الأمن العالمى والاقتصادى، وقد عملت أرض الصومال على تحديث ميناء بريرة وافتتاح مطار دولى، لذا تسعى أمريكا إلى تعزيز مصالحها فى منطقة القرن الأفريقى ومواجهة النفوذ الصينى المتصاعد، الذى يرتكز على القيام بمشاريع تنموية، وضخ استثمارات فى إطار مبادرة «الحزام والطريق». ولذلك ترى أمريكا أن التعاون مع حكومة أرض الصومال سيمكنها من الوصول إلى مطار وميناء بربرة، الذى من شأنه حماية المصالح الاقتصادية والأمنية الأمريكية، وموازنة الاستثمارات الصينية فى المنطقة، ولكن ربما تشهد السياسة الأمريكية الحالية تحولات فى منطقة القرن الأفريقى، وهو ما يتطلب محاولة اختبار هل سيتم الإبقاء على سياسة صومال واحد، والتى ستؤثر بشكل سلبى فى استقرار المنطقة، عبر تشجيع الحركات الانفصالية فى القارة الإفريقية.
وفى المقابل من باب المندب يقبع اليمن التعيس، ويتمثل الوضع المثالى لليمن السعيد بدولة تنعم بالسلام وتتقدم نحو التنمية الاقتصادية، دون أن تشكل تهديداً للمنطقة. وقد حافظت الدبلوماسية الأمريكية على الهدنة، ووضعت حداً لجميع هجمات الحوثيين ضد دول الخليج خلال الفترة الماضية، بعد أن سقط 400 ألف قتيل بسبب النزاع. ما يجعل من الضرورى السعى إلى تسوية سياسية شاملة نحو التنمية والسلام. ومعالجة أزمة البحر الأحمر. فوفق الإحصائيات أكثر من 20 ألف سفينة تمر عبر البحر الأحمر سنوياً، بما يعادل 14%من حجم الشحن العالمى. ومن هنا، تشكل هذه الأزمة تحدياً خطيراً للأمن البحرى الدولى. لذلك من الضرورى اعتماد نهج واقعى وحذر للتعافى الاقتصادى، ويتطلب تحقيق ذلك إرادة سياسية من كل الأطراف، وفى ظل سعى الولايات المتحدة الأمريكية إلى تعزيز سيطرتها على الممرات البحرية، التى تعد أولوية لاستراتيجيتها فى الشرق الأوسط، مع عدم إغفال المنافسة مع الصين. وما نود أن نشير إليه أن العالم اليوم مختلف عن العالم الذى تركه ترامب فى يناير عام 2021، لأنه يواجه مشهداً عالمياً يتميز بعدد من النقاط المشتعلة بكثافة، والتى أكدها ترامب خلال خطاب التنصيب. وللحديث بقية إن شاء الله.

رئيس المنتدى الإستراتيجى للتنمية والسلام 

مقالات مشابهة

  • أمين عام البرلمان العربي يشارك في الاجتماع الـ 45 لجمعية الأمناء العامين للبرلمانات العربية
  • المنتدى السعودي للإعلام يطلق مبادرة “جسور الإعلام” التي تجمع Netflix وSony وShondaland بالمواهب السعودية
  • «العربي الناصري»: الإعلام الإسرائيلي فشل في تشويه موقف مصر تجاه القضية الفلسطينية
  • إعلامي أمريكي بالرياض: المملكة ليست التي كنا نقرأ عنها بالأخبار إنها مختلفة تمامًا .. فيديو
  • رئيس البرلمان العربي بثمن دور ليبيا في دعم القضايا العربية
  • وزير الإعلام يفتتح "الملتقى العربي الأول للسياحة والاستثمار" بالبريمي.. الأحد
  • المستقبل الاقتصادى للعلاقات العربية الأمريكية بعد صعود ترامب (٩- ١٠)
  • التوحيد العربي: لإحترام حرية الإعلام والتعبير
  • الثورة الرأسمالية التي تحتاجها إفريقيا
  • العربية للتنمية الإدارية تنظم الملتقى العربي الرابع حول التطوير المؤسسي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة