مقال في غارديان: الهند تشهد صعودا بطيئا للفاشية
تاريخ النشر: 9th, September 2024 GMT
انتقد المؤرخ الهندي موكول كيسافان النزعة الاستعلائية السائدة في بلاده والقائمة على اعتقاد الأغلبية الهندوسية بتفوقها على الأقليات، خصوصا المسلمين، وتوقع صعودا بطيئا للفاشية في الهند.
وفي تعريفه للفاشية في مقال له بصحيفة "غارديان"، قال إنها "سلاح دمار شامل" يطيح بملامح أي دولة، ويضر بصورتها العامة.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2تقرير: سفير أميركا بأفغانستان زوّر فحص كورونا وانتهك قوانين السفرlist 2 of 2هآرتس: نتنياهو يماطل بصفقة الأسرى ليمنحها هدية لا تقدر بثمن لترامبend of listوالفاشية في نظره مصطلح يحمل في طياته معنى تاريخيا محددا بحيث قد يبدو استخدامه في أوقات وأماكن أخرى "مفرطا وغير دقيق".
وينسحب هذا التعريف على حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم في الهند، والذي يصفه كيسافان بأنه الذراع السياسي لمليشيا راشتريا سوايامسيفاك سانغ الهندوسية، التي تأسست عام 1925، في الوقت الذي بدأ فيه الزعيم النازي أدولف هتلر يتلمس توجهاته السياسية في ألمانيا "المنهزمة والغاضبة" في أعقاب الحرب العالمية الأولى.
ومليشيا راشتريا سوايامسيفاك سانغ هي حركة قومية تؤمن بأن الهند دولة للهندوس وحدهم دون غيرهم، وفي حين أن هناك أوجه شبه عديدة بينها وبين المنظمات الفاشية شبه العسكرية التي سبقت الحرب بعقود -وفق كاتب المقال- فإن كلا منها تُعد، في جوهرها، ذات نزعة قومية عرقية وحشية تهدف إلى حشد أغلبية عرقية أو دينية للمساس بحقوق الأقليات.
ولفت المؤرخ في مقاله إلى أن الناس باتوا على دراية بحجم العنف والتمييز الموجه ضد الأقليات الدينية في الهند، خاصة المسلمين، خلال هذا العقد الأخير من حكم الأغلبية.
وقال إن عمليات الإعدام الغوغائي دون محاكمة المرتبطة بتجارة الماشية، وأعمال الشغب، وهدم منازل المسلمين، وتجريم العلاقات الغرامية بين النساء الهندوسيات والرجال المسلمين، أضحت من سمات حكم حزب بهاراتيا جاناتا بزعامة رئيس الوزراء ناريندرا مودي.
استلهم تجربة النازية
وألمح الكاتب إلى أن الحزب الحاكم في الهند استلهم تجربة النظام النازي الألماني في تعامله مع الأقليات، والتي تعود إلى ثلاثينيات القرن الماضي، واتخذها طريقا قصيرا لتحقيق مآربه.
واستشهد المؤرخ بكتاب نشره إم إس غولوالكار، كبير منظري حركة راشتريا سوايامسيفاك سانغ، في مارس/آذار 1939 تحت عنوان "نحن، أو أمتنا المحددة"، والذي تضمن مخطط منظمته لإقامة دولة هندوسية.
وفي إحدى فقرات الكتاب، يقول غولوالكار "إن افتخار الألمان بقوميتهم أصبح موضوع الساعة اليوم. وللحفاظ على نقاء أمتها وثقافتها، صدمت ألمانيا العالم بتطهير البلاد من الأعراق السامية المتمثلة في اليهود، لتتجلى الكرامة الوطنية في أسمى معانيها".
استحالة اندماج الأعراقوأضاف منظر القومية الهندوسية في كتابه أن "ألمانيا أظهرت أيضا مدى استحالة اندماج الأعراق والثقافات -التي تعود تبايناتها إلى جذور نشأتها- في كيان واحد موحد، وهو درس جيد لنا في هندوستان لنتعلمه ونستفيد منه".
وبحسب مقال الغارديان، فقد أخذ حزب بهاراتيا جاناتا هذا الدرس على محمل الجد، مما حدا بقادته وكوادره المحلية إلى وصف المسلمين -بشكل مباشر أو غير مباشر- بأنهم نمل أبيض (أرضة)، فشككوا في مواقع المساجد التي تعود إلى العصور الوسطى، وانخرطوا في عملية منسقة لتهميش المسلمين وحرمانهم من أي دور سياسي، حتى إنه من بين مئات المشرعين المنتخبين من الحزب الحاكم، لا يوجد مسلمون.
إن الدرس الذي تعلمه أتباع الأغلبية الحديثة من النازية هو أن شيطنة الأقلية بشكل منظم هي أسرع طريقة لتحويل الأغلبية الاسمية إلى "عملاق مظلوم سياسيا".
واعتبر المؤرخ الهندي نجاح هتلر في تحويل الأقلية (اليهود) الأكثر اندماجا في أوروبا إلى طبقة دنيا يمكن التضحية بها في أقل من 20 عاما، بأنها السابقة "الأكثر تطرفا" من جانب الأغلبية السائدة.
ويعتقد كيسافان أن الأغلبية المعاصرة في دول جنوب آسيا تنزع نحو الفاشية بحركة بطيئة، معتبرا الهند دولة ذات نظام ديمقراطي معيب لكنه متجذر، وإن إعادة صياغتها لتكون أمة هندوسية متفوقة أمر قد يستغرق وقتا طويلا، "ولعل الانتخابات العامة الأخيرة دليل على أن ذلك قد لا يتحقق أبدا".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات ترجمات بهاراتیا جاناتا فی الهند
إقرأ أيضاً:
بطراز أوروبي.. ما قصة القصور المهجورة بهذه البلدة في الهند؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يمر الطريق السريع المغبر الذي يؤدي إلى سيدهبور، في ولاية غوجارات بغرب الهند، عبر مناظر طبيعية قاحلة، متجاوزًا المطاعم على الطرقات وقطعان الإبل، من دون أن يلمّح كثيرًا لما تخبئه هذه البلدة التاريخية.
في قلب سيدهبور، يمتد شارع تصطف على جانبيه قصور فاخرة تتكونّ من ثلاثة وأربعة طوابق، تُعرف باسم "Haveli"، وتزهو بألوان باهتة من درجات قوس القزح، بدءًا من الأزرق الفيروزي والوردي الفاتح وصولا إلى الأخضر الفستقي.
ويُعرف هذا الشارع محليًا باسم "Paris Galli" أو "شارع باريس"، حيث ينقل الزوار إلى مدينة أوروبية بطرازها المعماري النيوكلاسيكي الفاخر ومزيجها المتناغم من فنون الآرت ديكو، والأساليب الهندية الهجينة.
وتبعد سيدهبور أقل من ثلاث ساعات بالسيارة عن عاصمة ولاية غوجارات، أحمد آباد، لكنها لا تزال بعيدة عن أنظار المسافرين وعشاق العمارة.
ويبدو الحي المحيط بشارع "Paris Galli" مهجورًا إلى حد كبير، باستثناء بعض المارة الذين كانوا يرتدون غطاء الرأس الملوّن المميز والقبعات الذهبية والبيضاء التي يرتديها أفراد فرقة البهرة الداودية، وهي طائفة شيعية مسلمة استقرت لأول مرة في هذا الجزء من غرب الهند في القرن الحادي عشر.
ويُعرف البهرة بأنهم مجتمع تجاري مترابط نشأ في مصر، ثم تنقّل عبر شمال إفريقيا والشرق الأوسط وجنوب آسيا للتجارة في التوابل، والأحجار الكريمة، والعطور.
بعد ذلك، انتقل مقر الطائفة من اليمن إلى سيدهبور، حيث استعرض أتباعها ازدهارهم وثروتهم من خلال بناء مئات المنازل الفاخرة في النصف الأول من القرن العشرين. وأُطلق على هذه التجمّعات السكنية اسم "Bohrawads"، وسعى أصحاب هذه القصور للتفوق على بعضهم البعض عبر تعليق الثريات الفخمة، واستخدام الزجاج البلجيكي، وقطع الأثاث القديمة، أو من خلال إقامة الولائم الفاخرة.
ذكر المعماري زوياب كادي المولود في سيدهبور أنه قد تكون الروابط التجارية الوثيقة للمجتمع مع أوروبا قد أثّرت على الحس المعماري. وكان مهراجا المنطقة حينذاك، سياجيراو غايكواد الثالث، معروفًا بحبه للعمارة الأوروبية. وقد وضع قواعد تخطيط صارمة مستوحاة من المخطِط الحضري الاسكتلندي باتريك غيديس (الذي عاش في الهند بين عامي 1914 و1924)، ما أدى إلى تشكيل شوارع ذات طابع معماري موحّد بشكل لافت.
وقال كادي إن البهرة قدموا مساعدتهم للمجتمعات الأخرى خلال مجاعة وقعت في أوائل القرن العشرين، وبمثابة ردّ للجميل، "قام مهراجا ولاية بارودا بإهدائهم قطعة أرض، حيث كانوا يواجهون أزمة سكن".
وأضاف: "على هذه الأرض، بدأوا في بناء هذه المباني الرائعة، التي كان يجب أن تلتزم بقواعد تخطيط المدن الصارمة".
تقع هذه القصور الطويلة والضيقة بشكل رئيسي في منطقة نجامبورا، حيث يتواجد شارع "Paris Galli"، وهي مصنوعة غالبا من الخشب، بالإضافة إلى الجص والطوب. وتتميز التصاميم بأسطح الجملون، وأعمدة وزخارف، وأبواب منحوتة، ونوافذ مزخرفة ومتدلية تبرز من واجهة كل قصر.