الحرة:
2025-05-01@13:43:48 GMT

لماذا تضاعفت الخرافات بشأن الحضارة الفرعونية في مصر؟

تاريخ النشر: 9th, September 2024 GMT

لماذا تضاعفت الخرافات بشأن الحضارة الفرعونية في مصر؟

من تمثال فرعوني تحدى قصف الحلفاء في الحرب العالميّة الثانية، إلى استخدام الكهرباء وأشعّة ليزر، وصولاً إلى غزو كوكب المريخ قبل آلاف السنين، تحصد منشورات محمّلة بمبالغات وأخبار خياليّة عن الحضارة المصريّة القديمة وأمجادها عشرات آلاف المشاركات على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، في ظاهرة يصفها علماء اجتماع بأنّها "آليّة دفاعيّة" لمجتمعات تُبالغ في تمجيد الماضي تعويضا عن تراجع مكانتها في الحاضر.

وعلى مدى السنوات الماضية، ظهرت على مواقع التواصل الاجتماعي منشورات كثيرة غير صحيحة عن الحضارة المصريّة القديمة، أصدرت خدمة تقصّي صحّة الأخبار في وكالة فرانس برس تقارير فنّدت الكثير منها، على غرار منشورات تزعم أنّ أحجار الهرم الأكبر صُنعت يدويا، أو أن مصر القديمة عرفت المصابيح الكهربائيّة منذ القدم، أو - أغربها على الإطلاق - وصول المصريين القدماء إلى كوكب المريخ قبل آلاف السنوات.

ويقول أستاذ علم الاجتماع السياسي المصري سعيد صادق لوكالة فرانس برس "حين تفقد الدول مكانتها الإقليمية أو الدولية، تُبالغ شعوبها في الحديث عن الماضي (..) إنها آلية دفاعية تُعوّض عن السؤال: أين نحن الآن"؟

وتعيش مصر، التي يناهز عدد سكانها 106 ملايين نسمة، يقبع ثلثهم تحت خطّ الفقر، أزمة اقتصادية بين الأسوأ في تاريخها، بعدما سجّل معدل التضخم مستوى قياسيا مدفوعا بتراجع قيمة العملة المحلية ونقص العملة الأجنبية في بلد يستورد معظم حاجاته الغذائية.

ويُضاف إلى ذلك تراجع دور مصر الإقليمي في العقود الماضية، لا سيّما بعد العام 2011 وتوالي الاضطرابات السياسيّة والأزمات الاقتصاديّة.

وشهدت الحضارة المصرية القديمة تطوّرا علميا كبيرا ما زالت آثار البناء والتخطيط العمراني، إضافة إلى النقوش شاهدة عليه إلى اليوم، لكنّ مروّجي الأخبار المضلّلة لا يكتفون بعرض هذه الحقائق، بل ينشرون أخبارا غير حقيقية عن التاريخ القديم.

ويقول سعيد صادق "رغم أن الحضارة المصرية كانت حضارة مميزة بالفعل، إلا أن من يروجون لهذه المبالغات يبحثون عن مكانة لهم تحت الشمس، وسلاحهم المبالغة في الحديث عن الماضي".

وخلال السنوات الماضية، ظهر منشور على مواقع التواصل ادّعى أصحابه أن تمثالا للملك المصريّ، أمنحتب الثاني، كان الناجي الوحيد من بين كلّ مقتنيات ومعروضات متحف برلين بعد قصف الحلفاء له إبّان الحرب العالمية الثانية.

وتنسب المنشورات لضابط أميركي في قوات الحلفاء قوله "من صنع هذا التمثال ليسوا بشرا عاديين". لكن هذه القصّة ليست سوى من خيال مروّجيها، بحسب ما أكدت مديرة متحف برلين أوليفيا زرون لوكالة فرانس برس.

وقالت "هذا التمثال لم يكن الناجي الوحيد. نجت يومذاك (من قصف الحلفاء) قطع أثريّة مصريّة وقطع أثريّة غير مصريّة، والقطع التي تضرّرت كانت من بينها قطع مصريّة وأخرى غير مصريّة... القطع ذات الحجم الكبير نجت كلّها تقريبا".

ومن المنشورات التي تنسب إنجازات علميّة وهمية للمصريين القدماء ادّعاء وجود نقش أثري لمصباح كهربائيّ صمّمه المصريون القدماء واستخدموه قبل توماس إديسون بآلاف السنين. لكن ما يظهر في النقش حقيقة ليس مصباحا كهربائيا بل نقش رمزيّ يجسّد نظرية خلق الكون في المعتقدات المصريّة القديمة، بحسب خبراء آثار وتاريخ استطلعت آراءهم وكالة فرانس برس.

وفي السياق نفسه، ظهرت منشورات تدّعي أن المصريين القدماء استخدموا أشعة ليزر أو تقنيات متطوّرة للحفر على الغرانيت، لكن هذا الادّعاء ليس سوى "خرافة"، بحسب علماء الآثار والتاريخ.

وتمّ التداول على نطاق واسع بتقرير مصوّر باللغة العربيّة يتحدّث عن وصول الفراعنة إلى المريخ، يستند الى أقوال "خبراء". لكن هؤلاء "الخبراء" ليسوا سوى هواة معروفين بأفكارهم الغريبة. أما الخبير الحقيقي الوحيد الذي ورد اسمه في التقرير - عالم الآثار المصريّ زاهي حوّاس - فقد نفى لوكالة فرانس برس صحّة ما نُسب إليه من معلومات "خرافية".

ويرى زاهي حوّاس أنّ الهدف الأساسي لمروّجي هذه الأخبار "تحقيق نسب مشاهدة عالية" حتى إن كان ذلك "على حساب العلم والحقيقة".

وتحصد هذه الأخبار عشرات آلاف المشاركات ومئات آلاف التعليقات، لا سيّما في مصر.

وتعليقا عيها، يقول المؤرّخ المصريّ عاصم الدسوقي لوكالة فرانس برس "حين يصدّق الناس المنشورات المليئة بالمبالغات والأكاذيب عن تاريخ بلادهم، فهذا يعبّر عن أزمة هويّة حقيقيّة".

ومن المزاعم الخرافيّة المتداولة أيضا منذ سنوات، منشورات تدّعي أن المرأة في مصر القديمة كانت هي المسؤولة عن توزيع الميراث، وهو ما ينفيه الخبراء، أو أن أقدم قبر في التاريخ هو قبر أوزيريس. لكن أوزيريس ليست سوى شخصية أسطورية غير موجودة تاريخيا.

ويقول عاصم الدسوقي، وهو أستاذ التاريخ المعاصر والحديث في جامعة عين شمس، "نحن لا نعرف من المصدر الأساسي لنشر هذه القصص المختلقة عن الحضارة المصرية على وسائل التواصل، لكنّ (...) ما يساعد في نشرها هو غياب العلم وانتشار الجهل".

ويقول سعيد صادق "هذه طبيعة إنسانية، وتحدث في كلّ المجتمعات التي كانت لها حضارة أو مكانة دولية ثم بات حاضرها أسوأ، وهذه الآليّة الدفاعية تجعل هؤلاء الأشخاص يشعرون بالتوازن".

ويتابع "حين يكون إحساس الشخص الداخلي أن حاضره بات أسوأ، يصبح غير سعيد، ويصبح ترويج الخرافات والبحث في الماضي والمبالغة فيه، وسيلة للشعور بأنه أفضل من الناحية النفسية".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: لوکالة فرانس برس الحضارة المصری ة القدیمة مصری ة فی مصر

إقرأ أيضاً:

بغداد القديمة: تراث يقاوم الإهمال وسط جنون العقارات

1 مايو، 2025

بغداد/المسلة: يشهد العراق ارتفاعاً ملحوظاً في أسعار العقارات في الأحياء القديمة ببغداد، مما يثير تساؤلات حول أسباب هذا الصعود غير المبرر.

وتحتضن أحياء مثل العوّادين، الشواكة، باب الشيخ، الفضل، سوق حنون، الكرخ القديمة، والأعظمية تراثاً معمارياً يعكس ذاكرة المدينة، لكنها تعاني من هجمة تجارة العقارات.

وتسجل أسعار العقارات في هذه المناطق ارتفاعات غير مسبوقة، حيث قفزت بنسب تتراوح بين 15% و30% خلال السنوات الأخيرة، بل إن سعر المتر الواحد قد يتجاوز 15 مليون دينار عراقي (نحو 11 ألف دولار) في بعض المواقع الاستراتيجية.

ويقود هذا الارتفاع سماسرة وشركات عقارية غير معروفة، يُشتبه باستغلالها حاجة العائلات المحلية عبر عمليات شراء ممنهجة.

وأسهمت الهجرة الكبيرة، الناجمة عن التدهور الأمني في العقود الماضية، في إفراغ هذه الأحياء من سكانها الأصليين، مما مهد الطريق لتغيير تركيبتها السكانية.

ووضعت أمانة بغداد الدراسات والخطط في الحفاظ على السمات التاريخية والتراثية لسوق الاضروملي التي أنشيء في مطلع القـــرن الماضي في مركز الكرخ , فضلا عن تطوير وإعادة تأهيل الاسواق الشعبية القديمة ذات الطابع التراثي .

وفي إطار استعداداتها لاستحقاق بغداد كعاصمة السياحة العربية لعام 2025، كشفت أمانة بغداد  عن تفاصيل خطتها التي تتضمن تأهيل وتطوير المواقع التراثية والثقافية، بالإضافة إلى إعادة فتح المعالم التاريخية مثل زقورة عقرقوف والباب الوسطاني.

وأشار النائب حسين عرب إلى وجود “سراق حقيقيين” يسعون لتخريب تراث بغداد، داعياً رئيس الوزراء إلى حماية هذه المناطق.

ويدعو حسن، أحد السكان المحليين، الى استراتيجية حكومية واضحة للحفاظ على الطابع الاجتماعي والثقافي للعاصمة.

وانطلقت حملة إعمار كبرى من شارع المتنبي، لإعادة تأهيل المناطق التراثية.

وأوضح مستشار رئيس الحكومة مظهر محمد صالح أن الأبنية المهملة بدأت تحظى باهتمام متزايد، بهدف تحويلها إلى مراكز سياحية.

وأسهمت جهود أمانة العاصمة في إعادة الحياة لشارع السراي المحاذي للمتنبي، مع ترميم مبانٍ تعود للعهد العثماني .

ويواجه هذا التحول تحديات كبيرة، إذ يخشى سكان من استغلال التراث لأغراض تجارية، بينما يستمر تدهور العمارة التاريخية. وأفادت إحصائيات حديثة أن مليون شخص يعيشون في عشوائيات بغداد، مما يبرز الحاجة إلى مشاريع سكنية ميسورة التكلفة، مثل مشروع بسماية، الذي استؤنف العمل به في يناير 2023.

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

مقالات مشابهة

  • البابا وإسرائيل وأكذوبة الحضارة اليهودية ـ المسيحية
  • “مستقبل وطن” بالجيزة: عمال مصر بناة المستقبل وصناع الحضارة والتنمية
  • د.نجلاء شمس تكتب: بسواعدهم تُبنى الحضارات
  • دراسة أثرية: القدماء المصريين أول من اعترف بحقوق العمال
  • بغداد القديمة: تراث يقاوم الإهمال وسط جنون العقارات
  • عضو الأمانة المركزية للشعب الجمهوري: عمال مصر بناة المستقبل وصناع الحضارة والتنمية
  • 9 قتلى غالبيتهم دروز في اشتباكات قرب دمشق  
  • لماذا تحسنت نظرة أسواق المال والمستثمرين للاقتصاد المصري؟ وزير المالية يوضح الأسباب
  • مستوحى من المعابد الفرعونية.. تفاصيل الجناح المصري المُشارك في معرض سوق السفر العربي
  • كندا: مارك كارني يتقدم في الانتخابات التشريعية ويؤكد "علاقتنا القديمة مع أمريكا انتهت"