الجيش السوداني يتكبد 5 آلاف قتيل وخسائر تتجاوز 10 مليارات دولار والصحة العالمية تتحدث عن 20 الف قتيل
تاريخ النشر: 9th, September 2024 GMT
كشف ضابط عسكري سابق في الجيش السوداني عن تقديرات صادمة لخسائر القوات المسلحة منذ بداية النزاع مع قوات الدعم السريع في أبريل 2023. وأشار الضابط إلى أن عدد القتلى في صفوف الجيش يتجاوز 5 آلاف ضابط وجندي، بينما وقع نحو 3 آلاف آخرين في الأسر بجحسب صحيفة الراكوبة على موقعها الإلكتروني.
وأضاف الموقع أن الإنفاق على المجهود الحربي، بما في ذلك التكاليف المباشرة وغير المباشرة، بلغ نحو 10 مليارات دولار.
أرجع الضابط الخسائر الكبيرة إلى عدة عوامل رئيسية تشمل ضعف الأداء الاستخباراتي، تعدد مراكز القرار داخل الجيش، واستراتيجية قوات الدعم السريع الاستنزافية. وأوضح أن الأرقام الفعلية للخسائر قد تكون أعلى من المعلن بسبب التعتيم على البيانات المتعلقة بالقتلى. وأشار إلى مقتل أكثر من 50 ضابطاً في الأيام الثلاثة الماضية في مناطق متفرقة مثل أم درمان، الخرطوم، والفاشر.
انتقد الضابط الاستراتيجية العسكرية للجيش، التي بدأت بالهجوم ثم تحولت إلى الدفاع، ثم القنص والهجمات المباغتة، واعتبرها غير فعالة. وأكد أن الهجمات الجوية المدعومة من دولة مجاورة أدت إلى أضرار كبيرة في البنية التحتية المدنية وتسببت في قتل عدد كبير من المدنيين دون إلحاق أضرار تذكر بقوات الدعم السريع. وقد قلل تدمير قاعدة مروي، التي كانت تحتضن معظم الطائرات الحربية، من قدرة الجيش الجوية.
كشفت تسريبات لمكالمات بين قيادات الجيش عن مشاكل استخباراتية وإدارية، بما في ذلك تعدد مراكز القرار وسيطرة جناح الإخوان العسكري على العمليات. وأظهرت التسريبات أيضاً حالات عصيان من الضباط في مناطق مثل أم درمان وشندي، وتفويض كامل لكتائب البراء في إدارة الهجمات الجوية، مما أثار استياء كبيراً بين الضباط المهنيين.
وأكد موقع "الراكوبة" عن ضابط آخر أن سيطرة ضباط موالين لقوات الدعم السريع على مراكز استخباراتية حساسة، إلى جانب الدمار الذي لحق بوحدات التحكم الاتصالي، ساهمت في فشل الجانب الاستخباراتي. وأشار إلى أن قوات الدعم السريع استفادت من استراتيجية "الاستنزاف البطيء" في مناطق سنار والفاشر، بعد استخدامها بنجاح في الخرطوم.
الصحة العالمية: 20 ألف قتيل في الأزمة الحاليةمن جانبه، أعلن تيدروس أدهانوم غيبريسوس، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، عن حصيلة مروعة لقتلى الحرب السودانية التي تستمر منذ أكثر من 16 شهراً، حيث بلغت الأرقام الرسمية أكثر من 20 ألف قتيل. وجاءت التصريحات خلال مؤتمر صحفي في بورتسودان، حيث عبر عن قلقه من أن العدد الفعلي قد يكون أعلى بكثير.
أثارت تصريحات تيدروس جدلاً واسعاً، حيث شكك الطبيب والإعلامي هيثم مكاوي في دقة الأرقام، مشيراً إلى تقارير سابقة تحدثت عن مقتل 15 ألف شخص في مدينة الجنينة فقط. يعكس التباين في الإحصائيات أزمة إنسانية ضخمة، حيث قدرت تقارير سابقة عدد القتلى بما يتجاوز 30 ألف شخص، بينما قدرت لجنة الإنقاذ الدولية عدد القتلى بـ 150 ألفاً.
في ظل الأزمة، دُمرت البنية التحتية ونظام الرعاية الصحية في السودان، وأجبرت الحرب أكثر من 13 مليون شخص على النزوح. وقد زادت الفيضانات الموسمية وأوبئة مثل الكوليرا من تفاقم الأزمة، حيث سجلت وزارة الصحة السودانية وفاة 165 شخصاً بسبب الكوليرا وإصابة حوالي 4200 آخرين.
من الجدير بالذكر أن منظمة الصحة العالمية دعت إلى دعم دولي عاجل للسودان، محذرة من أن الوضع الحالي يتطلب وقف إطلاق النار الفوري والتوصل إلى حل سلمي.
شارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية السودان: انهيار سد أربعات بولاية البحر الأحمر يسفر عن مقتل العشرات وتدمير 20 قرية بالكامل الحرب تطاردهم والمجاعة تنتظرهم: معاناة اللاجئين السودانيين في تشاد تتفاقم تفشي وباء الكوليرا في السودان يودي بحياة 22 شخصًا ويصيب أكثر من 300 محمد شياع السوداني عسكرية أزمة قتل الأمم المتحدة قوات الدعم السريع - السودانالمصدر: euronews
كلمات دلالية: غزة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إسرائيل ضحايا قصف فرنسا غزة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إسرائيل ضحايا قصف فرنسا محمد شياع السوداني عسكرية أزمة قتل الأمم المتحدة قوات الدعم السريع السودان غزة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إسرائيل ضحايا قصف فرنسا سوريا مرضى انتخابات ميشال بارنييه فساد عبد المجيد تبون السياسة الأوروبية قوات الدعم السریع الصحة العالمیة للقوات المسلحة یعرض الآن Next أکثر من
إقرأ أيضاً:
هل تلعب تركيا مع الطرفين في الحرب الأهلية السودانية ؟
ترجمة: أحمد شافعي -
كشف تقرير حديث نشرته صحيفة واشنطن بوست الأمريكية عن تورط شركات تصنيع أسلحة تركية في بيع أسلحة لكل من القوات المسلحة السودانية، وربما لقوات الدعم السريع المتمردة التي تتهمها الولايات المتحدة بارتكاب إبادة جماعية وانتهاكات لحقوق الإنسان طوال الحرب الأهلية السودانية.
يقدم التقرير تفاصيل عن قيام شركة «بايكار» التركية الرائدة في تصنيع الأسلحة التي يملكها سلجوق بيرقدار صهر الرئيس رجب طيب أردوغان، ببيع أسلحة هجومية إلى نظام الصناعات الدفاعية السوداني، وهو وكالة المشتريات العسكرية السودانية. ويبدو أن شحنات بايكار إلى القوات المسلحة السودانية تنتهك العقوبات الأمريكية والأوروبية القائمة.
بلغت قيمة الصفقة بين شركة بايكار والقوات المسلحة السودانية مائة وعشرين مليون دولار، ونتج عنها بيع ست طائرات مسيرة من طراز TB2، وثلاث محطات تحكم أرضية، وستمائة رأس حربي في عام 2023. ومن المثير للاهتمام أن عملية البيع تمت في السادس عشر من نوفمبر لعام 2023، أي بعد خمسة أشهر من فرض وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على نظام الصناعات الدفاعية السوداني.
إضافة إلى ذلك، كشف تقرير صحيفة واشنطن بوست عن تورط شركة «أركا للدفاع»، وهي شركة تركية أخرى لتصنيع الأسلحة، في اتصالات مكثفة مع الغوني حمدان دقلو موسى، وهو شخصية بارزة في قوات الدعم السريع، ومسؤول المشتريات الرئيسي فيها، وشقيق قائدها. غير أنه ليس من الواضح بعد ما إذا كانت شركة أركا قد باعت أسلحة لقوات الدعم السريع، فقد نفت الشركة هذا الاحتمال.
حرب السودان الأهلية
اندلعت الحرب الأهلية السودانية في أبريل 2023 إثر تصاعد توترات بين فصيلين متنافسين هما القوات المسلحة السودانية بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع شبه العسكرية بقيادة الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي). كان الجنرالان الكبيران في البلاد حليفين أول الأمر في انقلاب عام 2021 الذي أطاح بالحكومة الانتقالية السودانية الناشئة المؤيدة للديمقراطية عقب الإطاحة بعمر البشير عام 2019. غير أنهما اختلفا حول كيفية دمج القوات شبه العسكرية في الجيش النظامي.
وتصاعدت الحرب في السودان وتحولت إلى كارثة إنسانية كبرى. وقد انتهت بعثة تقصي حقائق تابعة للأمم المتحدة في سبتمبر 2024 إلى أن كلا الجانبين ارتكبا «مجموعة مروعة من انتهاكات حقوق الإنسان والجرائم الدولية»، منها الاغتصاب الجماعي والاعتقالات التعسفية والتعذيب. ويحتاج نصف الشعب السوداني إلى مساعدات إنسانية، إذ يواجه خمسة وعشرون مليون نسمة انعدامًا حادًا في الأمن الغذائي، في حين أن الولايات المتحدة تقدر أن الحرب أودت بحياة مائة وخمسين ألف شخص.
استمرت الحرب لمدة عامين، وذلك جزئيًا بسبب تدخل قوى خارجية. ففي حين أن مصر والمملكة العربية السعودية هما الداعمان الرئيسيان للقوات المسلحة السودانية، فإن الكثيرين يعزون النجاحات الأخيرة التي حققتها القوات المسلحة السودانية في ساحة المعركة إلى التزويد السري بالطائرات الإيرانية المسيرة. وفي الوقت نفسه، أصبحت الإمارات داعمًا رئيسيًا لقوات الدعم السريع، وهي خطوة بررتها باتهام القوات المسلحة السودانية بالانتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين. وقد خلص تقرير لمرصد الصراع السوداني «بشكل شبه مؤكد» إلى أنه فيما بين يونيو 2023 ومايو 2024، انتقلت اثنتان وثلاثون رحلة جوية بشحنات من الإمارات إلى قوات الدعم السريع، التي اتهمتها إدارة بايدن بارتكاب إبادة جماعية.
من دوافع تورط القوى العربية والأفريقية في حرب السودان السعي إلى الوصول إلى البحر الأحمر الاستراتيجي والسيطرة عليه. ففي فبراير 2025، أعلن وزيرا الخارجية الروسي والسوداني التوصل إلى اتفاق يسمح لروسيا بإنشاء قاعدة بحرية في بورسودان.
لا يخفى على أحد أن أردوغان قد عمل على توسيع العلاقات العسكرية والدبلوماسية التركية في منطقة القرن الإفريقي. إذ تكمن المصلحة، بالنسبة لتركيا، في ترويج نفسها بوصفها قوة كبرى. وفي ديسمبر 2024، اتصل أردوغان بقائد الجيش السوداني، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وعرض عليه «التدخل لحل النزاعات بين السودان والإمارات».
كما أن تركيا قد عززت حضورها في القارة الإفريقية من خلال ترسيخ وجود عسكري في الصومال وتوقيع اتفاقية للتنقيب عن اليورانيوم مع حكومة النيجر. وفي حالة الصومال، استثمرت أنقرة استثمارًا كثيفًا، إذ عرضت التدريب والمساعدة على الجيش الصومالي، وحصلت على حقوق التنقيب عن الهيدروكربون، وأقامت علاقة ودية مع دولة لها موقع استراتيجي على ممرات الشحن الحيوية في القرن الإفريقي. وفي حالة النيجر، يبدو أن أنقرة تستكشف خيارات الحصول على اليورانيوم سعيًا إلى إنشاء قدرات نووية. فلطالما حلم الرئيس أردوغان بأن تصبح تركيا مستقلة عن الغرب من حيث التزاماتها بالتحالف ومن حيث احتياجاتها من المشتريات العسكرية.
يشير تورط أنقرة في السودان إلى أن سياستها الخارجية تفتقر إلى أي قيم، وعزمها على تجاهل العقوبات التي تستهدف ردع استمرار إراقة الدماء. ولا ينبغي أن يكون أي من هذا مدهشا. فأردوغان يلعب على كلا الجانبين في الصراع الأوكراني. إذ يتظاهر، من ناحية، بالوفاء بمسؤوليات تركيا بوصفها عضوًا في حلف الناتو، فيغلق المضائق التركية أمام السفن الروسية. ومن ناحية أخرى، سمح للنظام المصرفي التركي بتحويل الأموال الروسية غير المشروعة التابعة لرجال بوتين من الأثرياء، وسمح للشركات التركية ببيع سلع مزدوجة الاستخدام للجيش الروسي، موفرًا بذلك دعمًا حيويًا لجهود بوتين الحربية غير القانونية.
وفي عام 2012، أسست مجموعة من الجنرالات العسكريين الأتراك، بقيادة عدنان تانريفيردي، المطرودين من الجيش التركي بسبب ميولهم الإسلامية في عام 1997، أول شركة عسكرية خاصة في تركيا، وهي شركة (بي إم سي) سادات. وتانريفيردي هو أحد المقربين لإردوجان. ومنذ تأسيس (بي إم سي) سادات، قدمت الشركة الأمن والتدريب العسكريين للمنظمات ذات التوجهات الإسلامية في ليبيا وأذربيجان وغرب أفريقيا وسوريا والعراق. وتتضمن مهمتها المعلنة الرغبة في تشكيل تحالف من الدول الإسلامية يحتل مكانه بين القوى العظمى في العالم.
وينبغي أن تنتبه الولايات المتحدة وأوروبا لهذا الأمر. فهناك إجماع متزايد في الغرب على أنه من أجل مواجهة التهديدات الروسية التوسعية تجاه أوروبا، فلا بد من منح تركيا مقعدًا على الطاولة، على أن يتضمن ذلك إعادة إطلاق عملية انضمام أنقرة المتعثرة إلى الاتحاد الأوروبي. وثمة قناعة لدى رئيس وزراء بولندا والأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) بأن أوروبا، التي تضم تركيا بقدراتها العسكرية الهائلة، هي وحدها القادرة على مواجهة التحديات الأمنية الوجودية التي يفرضها العدوان الروسي. لكن السؤال هو: ما الذي يجعلهما يعتقدان أن تركيا سوف تكون دعما لأوروبا ؟
سنان سيدي زميل أول غير مقيم في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات (FDD)، حيث يشارك في (برنامج تركيا) التابع لها وفي (مركز القوة العسكرية والسياسية) (CMPP).
صوفيا إيبلي متدربة في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، وطالبة في كلية الخدمة الخارجية بجامعة جورج تاون.
عن ذي ناشونال إنتريست