كتب / د. سعيد سالم الحرباجي:
كنت كتبت مقالاً بتاريخ عشرين يوليو الماضي عن هذه الشخصية ، الفذة العجيبة ، الفريدة .
هذه الشخصية المحورية التي جمعت قلوب كل الأحرار ، والشرفاء ، والمخلصين من أبناء جنوبنا الحبيب وصاغتهم – جميعاً – في بوتقة واحدة ، يرفعون شعاراً واحداً ( نريد دولة النظام والقانون ، وتحقيق العدالة الاجتماعية) .
اليوم أعود مرة ثانية لأكتب عن بطلنا الغالي ، إبن أبين البار .
إنَّ الله سبحانه وتعالى إذا أراد شيئاً سخر له أسبابه ، ومسبباته ، فيحركها جل جلاله وفقاً ونواميس الكون ليحقق أمراً كان مقضيا.
وربما كانت شخصية علي عشال سبباً من تلك الأسباب ..
فها هو علي عشال يضع النقطة الأولى بداية السطر، وهاهي القوى الحية ، والفاعلة في المجتمع تدعو إلى توحيد الصف الجنوبي الجنوبي ، وطي صفحة بغيضة من صفحات تاريخ الجنوب الحديث ، والشروع في كتابة عقداً جديداً لأبنائه يجعلون – من خلاله – مصلحة الوطن العلياء فوق كل الاعتبارات ، وتذوب فيه كل الدعوات النتنة …
( المناطقية ، والجهوية ، والطائفية ، والحزبية ) .
ذلك ما تجلى بوضوح في فعالية الأمس والتي أقيمت في عاصمة محافظة أبين ( زنجبار )..
حيث احتشدت تلك الجموع الغفيرة من مختلف محافظات الجمهورية وهم ينشدون العدالة الاجتماعية ، وتطبيق القانون ، وتحقيق السلام ، ورفض التهميش ، والمشاركة الفاعلة في القرار السياسي ، والاستفادة القصوى من موارد المحافظات الجنوبية لخدمة أبنائها .
وهذا ما جسدته شعارات المليونية الثانية ، والكلمات التي ألقيت ، والأشعار التي قيلت ، والمداخلات التي قدمت ، والأغاني التي أنشدت، والأهازيج التي ترنم بها المشاركون .
فكلها جميعاً هدفت إلى تجسيد كل تلك المعاني الراقية التي تحفظ للجنوبيين وحدة صفهم ، وجمع كلمتهم ، وتحديد هدفهم .
إنها للحظات تاريخية فارقة في حياة الجنوبيين وفرصة ذهبية سانحة …ينبغي على الشعب الجنوبي التقاطها ، واستثمارها ، واهتبالها للخروج من دوامة العنف ، ونوبات الصراع .
كلنا ننشد حقوقنا كجنوبيين ، وكلنا نحلم بأن ندير شؤون حياتنا بكوادرنا ، وكلنا نحلم بأن نستثمر مواردنا بما من شأنه أن يعود بالنفع على مستقبل أجيالنا ….
فكانت قضية عشال هي سفينة النجاة -لنا جميعاً – لنحقق هذا الحلم الذي نتغنى به لعقود من الزمن .
جربنا سياسة الإقصاء منذ فجر الاستقلال ، وجربنا سياسة النفس الواحد ، والحزب الواحد ، واللون الواحد …فكانت النتيجة دوامات العنف التي لا يزال جرحها يثعب حتى اللحظة ….وآن الاوآن لطي هذه الصفحة النكدة والشروع في تجسيد عملية تصالح وتسامح حقيقية .
لقد عودتنا أبين أنها السباقة لصياغة التاريخ الجديد ، والمبادرة لكتابة عناوين مراحل المستقبل …
وها هو فجر أغر يطل علينا من زنجبار عاصمة
محافظة أبين…يؤكد فيه الثوار – الذين أكتظت بهم هذه المدينة المكلومة – من جميع محافظات الجنوب – يؤكدون على ميلاد عهد جديد ، وبزوغ صبح وضَّاح ، وإشراقة يوم منير .
مليونية عشال الثانية كانت أبلغ رسالة ، وأوجز رد للقوى المتربصة بتمزيغ الصف الجنوبي ، وتعكير صفو التلاحم المجتمعي ، وٱشعال فتنة الصراعات المناطقية .
فألف تحية لكل من ساهم ، وشارك ، وأعد ، ورتب ، وجهز ، وهيأ لهذه الفعالية الرائعة ، الراقية .
والشكر موصول لكافة أبناء قبيلة الجعادنة …
وأخص بالذكر أسرة المختطف علي عشال الذين يواجهون ضغوطات نفسية لا توصف نتيجة غيابه ، ومصيره المجهول .
محفظ الله جنوبنا الحبيب من كل مكروه ..
والحرية للمختطف علي عشال ، وكافة المخفيين قسرياً.
المصدر: شمسان بوست
كلمات دلالية: علی عشال
إقرأ أيضاً: