نظّم المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية (مسارات)، في مقره بالبيرة، وعبر "زوم"، اليوم الإثنين، ورشة حوارية كرست لعرض ومناقشة مسودة تقرير إستراتيجي بعنوان "سيناريوهات العدوان وإدارة الحكم في غزة "، وذلك بمشاركة عشرات الشخصيات السياسية والأكاديمية والمجتمعية من داخل فلسطين وخارجها.

وتحدث خلال الورشة كل من هاني المصري، المدير العام لمركز مسارات، وعضوا الفريق البحثي للتقرير الإستراتيجي د. عبد الرحمن التميمي، المدير العام لمجموعة الهيدرولوجيين الفلسطينيين، وجهاد حرب، مدير مركز ثبات للبحوث واستطلاعات الرأي، فيما أدار الورشة خليل شاهين، مدير البرامج في مركز مسارات.

وأوضح المصري، أن التقرير يتضمن ستة سيناريوهات رئيسية محتملة، مع إمكانية نشوء مسارات لسيناريوهات فرعية لبعضها، بما تتضمنه من مزايا وعيوب، ومواقف اللاعبين الأساسيين كالأطراف الداخلية الفلسطينية والأطراف الإسرائيلية والإقليمية والدولية، وتأثيرها في كل سيناريو، وإمكانية تطبيقه أو تحقيقه، مع الأخذ بالاعتبار قدرة كل سيناريو على وقف العدوان الإسرائيلي بشكل شامل ودائم، واستعادة الحياة في قطاع غزة واستمراريتها، وفرض الأمن وتعزيز السلم الأهلي، والحيلولة دون تشكل حالة من الفوضى تدفع باتجاهها دولة الاحتلال، إضافة إلى ضمان وحدة وتكامل النظم السياسية والإدارية والاقتصادية بين الضفة الغربية وقطاع غزة في إطار نظام سياسي موحد، وبناء أوسع دعم عربي وإقليمي ودولي لخيارات الفلسطينيين.

وتضمن التقرير ستة سيناريوهات هي:

السيناريو الأول: إعادة الحكم العسكري الإسرائيلي لجزء أو لجميع قطاع غزة. ويشمل إعادة الحكومة الإسرائيلية احتلالها لجزء أو جميع قطاع غزة، وقيامها بإدارة شؤون قطاع غزة من قبل الإدارة العسكرية، أو إعادة إنشاء "الإدارة المدنية" التي كانت قبل العام 1994 في قطاع غزة.

السيناريو الثاني: تشكيل حكومة/ إدارة محلية من شخصيات محلية مع وجود حاكم عسكري/ إداري إسرائيلي. ويشمل قبول بعض الشخصيات في قطاع غزة تولي إدارة الحكم بعد احتلال القطاع أو جزء منه، فيما يتولى ضابط في جيش الاحتلال توجيه هذه الحكومة، حيث يستعيد هذا السيناريو المحاولات الإسرائيلية القديمة المتعلقة بروابط القرى بداية سنوات الثمانينيات من القرن الماضي، أو نموذج جيش لحد الذي أُنشئ في الجنوب اللبناني.

السيناريو الثالث: إدارة خارجية أو دولية لقطاع غزة. وقد يتضمن هذا السيناريو مسارات فرعية بحسب التصورات المتداولة المتباينة لشكل إدارة قطاع غزة، سواء من خلال قوة عربية بإشراف الولايات المتحدة، أو قوة عربية – دولية، وكذلك من حيث طبيعة علاقة السلطة الفلسطينية التي ترفض حكومة نتنياهو أي دور لها، في حين تتراوح تصورات أخرى ما بين إعطاء دور لسلطة "متجددة" في إدارة القطاع، أو تشكيل إدارة محلية تنسق مع السلطة، أو إرجاء تمكين السلطة من إدارة القطاع إلى ما بعد فترة انتقالية قد تمتد لفترة تتراوح بين 3-5 سنوات، وتكون فيها صلاحيات الإدارة والأمن منوطة بأطراف عربية ودولية.

السيناريو الرابع: استمرار العمل بلجنة العمل الحكومي التابعة لحركة حماس ، أو حكومة بقيادة الحركة بالتحالف مع فصائل فلسطينية بقطاع غزة. ويتمثل هذا السيناريو في إنشاء حكومة محلية في قطاع غزة تتولى إدارة الحكم وإعادة تفعيل المؤسسات الحكومية في القطاع ومساعدة المواطنين على استعادة حياتهم بعد الدمار الهائل الذي خلفه الاحتلال الإسرائيلي. ويعتمد إنشاء هذه الحكومة على استمرار قدرة حركة حماس على الحكم وسيطرتها على قطاع غزة.

السيناريو الخامس: استلام السلطة الفلسطينية إدارة الحكم. ويتمثل باستلام السلطة الفلسطينية إدارة الحكم بعد الحرب من طرف واحد من دون وجود توافق فلسطيني داخلي على استلام السلطة الفلسطينية الحكم.

السيناريو السادس: إنشاء حكومة إنقاذ/ وفاق وطني بموجب اتفاق وطني. ويقتضي هذا السيناريو تشكيل حكومة إنقاذ/ طوارئ وطنية يتم الاتفاق على شكلها (تكنوقراط/ سياسية/ مختلطة/ شخصيات عامة) وبنيتها وصلاحياتها وطنيا. ويتماشى هذا السيناريو مع ما ورد في "إعلان بكين" الذي نص على تشكيل حكومة وفاق وطني مؤقتة، إلى جانب الاتفاق على تفعيل وانتظام الإطار القيادي المؤقت الموحد للشراكة في صنع القرار السياسي، إلى حين تشكيل مجلس وطني جديد.

ويخلص التقرير إلى أن تشكيل حكومة وفاق وطني مؤقتة في الضفة والقطاع هو السيناريو المفضل، الذي يتطلب العمل لبناء مقومات تحقيقه كخيار وطني للكل الفلسطيني. كما يعتبر أن "إعلان بكين" يشكل فرصة للمضي في بناء هذا الخيار الوطني، وهو ما يتطلب تضافر جهود القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني والأطر النسوية والشبابية والمستقلين، لتشكيل حالة ضاغطة لضمان تنفيذ هذا الإعلان أولًا وتطويره ثانيًا.

وحسب التقرير، تتمثل المهمة المركزية العاجلة للإطار القيادي وحكومة الوفاق الوطني في بلورة خطة إنقاذ وطني تستند إلى التوافق على إستراتيجية سياسية ونضالية شاملة، وخطة عمل وطنية خلال فترة انتقالية. أما المهمات ذات الأولوية للعمل الوطني، فهي تبدأ أولا بالتوصل إلى وقف إطلاق نار دائم، وما يعنيه ذلك من وقف نهائي لحرب الإبادة، وعودة النازحين قسرا إلى أماكن سكناهم، وتوفير مأوى ملائم لهم، وانسحاب قوات الاحتلال بشكل كامل، مع التوصل إلى صفقة تبادل أسرى جدية. ولتحقيق ذلك، لا بد من المبادرة إلى تشكيل مرجعية وطنية عليا تعكس إجماعا فلسطينيا داعما لعملية التفاوض الرامية للتوصل إلى اتفاق ينهي العدوان بشكل شامل وكامل.

كما يقترح التقرير عددا من المهمات الأخرى ذات الأولوية، ومنها الشروع الفوري في تنفيذ برنامج إغاثي عاجل يضمن توفير المساعدات الإنسانية لجميع مناطق قطاع غزة وتوزيعها بشكل عادل، ويعيد إحياء مقومات الحياة في قطاعات الصحة والتعليم، وتنفيذ خطة إنعاش اقتصادي عاجل لإعادة إحياء قطاعات الاقتصاد والتجارة والخدمات، وإحباط أي مخططات لإشاعة الفوضى في قطاع غزة، أو تشجيع بروز تشكيلات إدارية متعاونة مع الاحتلال، والحفاظ على الأمن والسلم الأهلي، وكذلك العمل لعقد مؤتمر دولي عاجل لتمويل إعادة إعمار وبناء قطاع غزة، وضمان رفع الحصار عنه.

ويحذر التقرير من إعادة تكرار التجارب السابقة الفاشلة لإعادة بناء الوحدة الوطنية، وهو ما يستدعي مبادرة كل القوى والتيارات والحراكات الشعبية الحريصة على الوحدة الوطنية إلى توحيد جهودها في سبيل بناء تيار وطني وشعبي في الوطن والشتات قادر على شق مسار إعادة بناء الوحدة الوطنية، ووقف العدوان وإحباط مخططات الإبادة والتهجير في الضفة والقطاع، واستعادة مكانة القضية الفلسطينية في النضال من أجل التحرر الوطني والديمقراطي.

المصدر : مسارات

المصدر: وكالة سوا الإخبارية

إقرأ أيضاً:

خطوات إسرائيلية لتشكيل إدارة عسكرية وتثبيت السيطرة على قطاع غزة

سلطت صحف إسرائيلية الضوء على خطوات الجيش في قطاع غزة، وما تتضمنه من تشكيل "إدارة عسكرية"، وتثبيت سيطرة دائمة على القطاع، بعد مرور 413 يوما على حرب الإبادة الوحشية.

وقالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية: "من تحت الرادار فإن إسرائيل تثبت سيطرة دائمة في القطاع، وتحقق على الأرض خطة لإقامة حكم عسكري في غزة".

وأشارت الصحيفة إلى أنه في الأيام الأخيرة تعمل الأجهزة الأمنية بشكل فاعل مع شركات خارجية، للعناية بكل مواضيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة تحت إشراف إسرائيلي، مضيفة أن "الحديث يدور عن انتقال من خطط كانت على الورق إلى وقائع على الأرض".

وتابعت: "الجيش الإسرائيلي يعمق أيضا الاستيلاء على الأرض، ويوسع المحاور التي بحوزته ويقيم بمثابة بؤر عسكرية (..)، وعمليا إحلال حكم عسكري في القطاع".

وأكدت "يديعوت" أنه "في الأيام الأخيرة تجرى مداولات يقظة في الموضوع بين الجهات المختلفة، بينها وزير الدفاع، كبار رجالات جهاز الأمن ووزراء كبار للدفع قدما بالسياسة".



ونقلت الصحيفة عن مصادر مطلعة على التفاصيل، أن ثمة عدد من الشخصيات في قيادة المنطقة الجنوبية بالجيش الإسرائيلي، تدفع بهذا الاتجاه داخل المنظومة، وتخلق حوارا مع المستوى السياسي في هذا الموضوع.

وذكرت أن المحافل الاستيطانية تتحدث عن فترة زمنية تاريخية لتغيير الواقع على الأرض تجاه الفلسطينيين، وترغب في عدم انتظار دخول إدارة ترامب إلى البيت الأبيض، بل البدء منذ الآن لتخطيط وتنفيذ أعمال على الأرض، لتكون أول من تضع على الطاولة خططا تشكل أساسا لعمل الإدارة الجديدة.

وتابعت: "مع أنه لم يتخذ قرار سياسي بالنسبة لليوم التالي في قطاع غزة وأساسه إقامة حكم عسكري، إلا أن الحكومة منشغلة بذلك وتعمل مرحلة تلو المرحلة لتحقيق هذه الخطة".

ونوهت إلى مصادر قانونية تؤكد انعدام الوضوح في مسألة العمل في غزة بعد 13 شهرا من الحرب، بمعنى السيطرة المدنية في غزة تقود إلى مسؤولية إسرائيلية لتوفير احتياجات السكان من مساعدات إنسانية وكهرباء واتصالات وضرف صحي.

وفي سياق متصل، قالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" في مقال آخر، إن "إسرائيل تتقدم نحو إدارة عسكرية في غزة"، مبينة أن "المفهوم المتزايد في القيادة هو أن إدارة عسكرية في القطاع هي التي ستؤدي إلى النصر".



وشددت الصحيفة على أن "إسرائيل عالقة في مستنقع غزة"، موضحة أن "نتنياهو طلب من الجيش تجهيز خطة للتعامل مع السلطة الحاكمة لحماس في القطاع".

واستدركت: "منذ بداية الحرب تقول الولايات المتحدة لإسرائيل إنها بحاجة إلى خطة لما بعد الحرب، لكن نتنياهو كان يقول إنه لا جدوى من الحديث عن ذلك قبل هزيمة حماس عسكريا"، مضيفة أن "الجيش كان لديه إجابة واضحة إلى حد ما بشأن هزيمة نظام حماس، وكان يعتبر خطة اليوم التالي بمثابة مسألة سياسية".

ونقلت الصحيفة عن مصدر إسرائيلي أنه "لا يمكن استبعاد إمكانية أن نتنياهو يثير قضية الإدارة العسكرية للضغط على حماس، تمهيدا لاستئناف المفاوضات بشأن صفقة الأسرى في الأيام القادمة".

من جهتها، أفادت صحيفة "هآرتس" العبرية نقلا عن مصدر أمن أن "إسرائيل تواصل الترويج لدخول شركة أمنية مدنية إلى قطاع غزة، لصالح توزيع المساعدات".

وأضافت الصحيفة أن "هناك تقدم في المحادثات مع شركة أمنية مدنية لتوزيع المساعدات في غزة"، معتقدة أنه "من الممكن أن تبدأ العمل خلال 45 يوما من لحظة صدور القرار من قبل الحكومة الإسرائيلية، أولا في منطقة العطاطرة وبيت لاهيا شمال قطاع غزة كمرحلة تجريبية".

وشددت على أنه "لا توجد نية لإشراك الجيش في أي مرحلة باستثناء التنسيق"، منوهة إلى أنه بحال نجاح العملية فإنه سيتم نسخها إلى مناطق أخرى في القطاع.

مقالات مشابهة

  • في اليوم الـ 62 للعدوان .. غارات صهيونية على بيروت والبقاع وجنوب لبنان
  • ماذا بعد قرار «الجنائية الدولية» باعتقال نتنياهو وجالانت؟.. المحكمة: ارتكبا جرائم حرب في قطاع غزة.. خبراء: الحكم انتصار تاريخي للقضاء الدولي.. وتنفيذه مرتبط بجدية الـ 124 دولة
  • ماذا سيحدث حال اعتقال نتياهو؟..سيناريوهات ما بعد قرار الجنائية الدولية
  • خطوات إسرائيلية لتشكيل إدارة عسكرية وتثبيت السيطرة على قطاع غزة
  • قيادات من المكتب السياسي لأنصار الله وتحالف الأحزاب المناهضة للعدوان تزور ضريح الشهيد الرئيس الصماد
  • المونتير أحمد حافظ: اقرأ السيناريو قبل العمل والتفاهم مع المخرج المرحلة الأهم
  • متى بشاي: تقرير «موديز» عن الاقتصاد المصري شهادة ثقة في إدارة الاقتصاد الكلي
  • متى بشاي: تقرير موديز عن الاقتصاد المصري شهادة ثقة في إدارة الاقتصاد الكلي
  • العدو الصهيوني يقصف مخيما للاجئين بصور ويجدد غاراته على الضاحية في اليوم الـ 60 للعدوان على لبنان
  • “بوتين يلعب على مخاوفنا”.. وثائق مسربة في ألمانيا تكشف سيناريوهات الاستعداد لـ”مواجهة التهديدات”