سواليف:
2025-03-04@09:57:49 GMT

الإنتحار والفداء

تاريخ النشر: 9th, September 2024 GMT


#الإنتحار_والفداء
بقلم: د. #هاشم_غرايبه

مقال الإثنين: 9 / 9 / 2024
استغرق الفلاسفة منذ القدم في بحث العلاقة بين مفاهيم: الجسد والنفس والروح، واختلفوا الى أن أنزل الله رسالاته فقطع في أن الروح من أمره، ولا يمكن للبشر ادراك ماهيتها ولا فهم أي أمر متعلق بها.
لذلك فالمصدر الوحيد للمعرفة في هذا الأمر هو ما ورد في كتاب الله من إشارات متفرقة، فالجسد هو مادة تشغل مكانا محددا في الفراغ، لذلك فهو معروف بخواصه وقدراته، أما النفس فهي ذلك الشيء المعنوي المسيطر على الجوارح، وتشتمل النفس على العقل والقلب والفؤاد، وبالتالي هي تسيطر على كل أفعال وأقوال الإنسان، وهو الذي يؤاخذ الله به الإنسان، أما الروح فهى ذلك السر الإلهى الذي شاء الله أن يحجب معرفته عن البشر كليا، وما يعرفه عنها أنها ما يحول جسد كل الكائنات الحية من مركبات جامدة الى كائن حي ذي إرادة مستقلة وقدرات معينة، وإن سحبت منه الروح زالت الحيوية فمات، وعاد الجسد جمادا وتحللت مركباته الى مكوناتها الأولية الترابية.


بما أن الروح من أمر الله وحده، لذلك فهو من يقرر ايداعها الجسد أو سحبها منه، أي هو من يقرر ولادة الكائن الحي أو موته، وجعل لذلك نظاما منضبطا، يحكم جميع الكائنات الحية، حتى المفترسة منها، فهي لا تقتل طريدتها الا لسد الجوع، فلا تستغل تفوقها في القوة لقتل حيوان أضعف ظلما وعدوانا.
الكائن الوحيد الذي بإمكانه ذلك هو الإنسان، لأن الله كرمه بالعقل الذي يمكنه من التغلب على حيوان أقوى منه وأسرع، كما يمكنه أن يتجاوز فطرته طمعا أو ظلما فيقتل بشرا آخرين، ويمكنه أيضا قتل نفسه في حالات يائسة.
ولما كانت الكائنات جميعها منضبطة بما فطرت عليه، باستثناء الإنسان الذي تفرد من بينها بحرية الإرادة، لذلك أنزل الله عليه تشريعاته معززة للفطرة السليمة، فحرم على الناس قتلهم لبعضهم بغير الحق، وحدد هذا الحق في أمرين: أولهما دفاعا عن النفس ومن يعولهم المرء وما يملكه، وبالطبع فأهمُّ ما يملكه العقيدة الإيمانية.
والثاني الاقتصاص بقتل من قتل إنسانا عمدا وظلما، وهذه هي العقوبة الشرعية الوحيدة التي تجيز القتل، والحكمة من تغليظ العقوبة أن القتل أجبُّ للقتل: “وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ” [البقرة:179].
وبالطبع فإن تحريم القتل يشمل قتل النفس أي الانتحار، وذلك لأنه أيضا تعدٍّ على صلاحيات الخالق الذي بيده الموت والحياة.
من هنا لطالما ثار لغط عند القيام بعمليات فدائية، أي تلك الأعمال القتالية عالية الخطورة، بحيث تكون احتماليات مقتل من يقوم بها عالية، وفرص نجاته منها شبه معدومة، هل تعتبر أعمالا انتحارية أم فدائية.
يسود الاعتقاد بأن أول من لجأ الى تلك العمليات هم اليابانيون ومسماها (الكاميكاز)، وأشهرها ما كان يقوم به الطيار عندما يوقن أن فرصة نجاته معدومة، فيوجه طائرته الى هدف معاد بهدف إيقاع أكبر خسائر به نتيجة لاصطدامه به.
لكن الحقيقة أن أول أعمال فدائية عسكرية كانت تلك التي قام بها المسلمون في فجر الدعوة، وأشهرها كانت معركة مؤتة، والتي هي بالموازين البشرية مغامرة انتحارية، بسب قلة عدد المسلمين مقارنة بالعدو (70:1)، وبما لا يمكن معه إيصال أي مدد أو تزويد لهذه الفئة المنقطعة في عمق أرض العدو، أي أن فرصة نجاة أفراد هذه المجموعة منعدمة واقعيا.
لكن اعتمادهم كان على الله وحمايته، وهو ما أنجاههم وأعادهم سالمين باستثناء اثني عشر اختارهم شهداء عنده يرزقون، لكن عمليتهم هذه اعتبرت رسالة قوية استراتيجيا، إذ رفعت من هيبة المسلمين، وأثارت الذعر في نفوس الجبابرة، فكانت مقدمة لفتح بلاد الشام.
إذا فالفيصل في اعتبار العمل القتالي العالي المخاطرة، فدائيا يثاب فيه فاعله أجر الشهيد، هو أن يكون جهادا في سبيل الله.
من هنا تعتبر الأعمال القتالية ضد العدو أعمالا فدائية استشهادية، بسبب تفوقه العسكري الساحق، وامتلاكه الأسلحة المتطورة والفتاكة، وزيادة على ذلك فهو مسيّج بحماية دولية وإقليمية، لذلك من يصرع ثلاثة بسلاح يدوي بسيط، ما أمكنه ذلك لولا أن الله كان معه حين رمى، فصوب رميه وثبت جنان قلبه، أمام من واجهوه بأسلحتهم الأوتوماتيكية السريعة الطلقات.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: هاشم غرايبه

إقرأ أيضاً:

استشاري صحة نفسية يقدم نصيحة ذهبية للتعامل مع النفس اللوامة

أكد الدكتور أحمد هارون، المستشار النفسي، أن النفس المطمئنة، هي التي تمنح صاحبها الهدوء بعد قدرته على التحكم في شهواته ورغباته، مما يجعله في حالة من السكينة والتأمل في ملكوت الله.

الجمعية العربية للبحوث الاقتصادية تقدّم الدعم الفني والاستشاري للإيسيسكوهل كلمة «أنا» تدل على أزمة نفسية؟.. استشاري يجيباستشاري أمراض القلب يحذر من ممارسة الرياضة قبل الإفطار في رمضانخناقة أول أيام رمضان| الفطار عند مامتى ولا حماتى ..استشاري إتيكيت تجيب

أوضح خلال تقديم برنامجه «علمتني النفوس» المذاع على قناة «صدى البلد»، أن النفس الراضية تحمل التفاؤل، حيث يرضى صاحبها بكل ما مر به وما سيواجهه.

أشار هارون إلى أن'النفس اللوّامة هي التي تواجه الإنسان عند عودته إلى منزله أو جلوسه مع أصدقائه، حيث تدفعه إلى جلد الذات المستمر، مما قد يؤثر سلبًا على أدائه وتركيزه وذاكرته، وصولًا إلى الاحتراق النفسي.

النفس اللوامة 

وتابع هارون:" النفس اللوامة تجعل الإنسان دائم الانشغال بالماضي، ويخلق شعورًا مستمرًا بالذنب حتى بعد انتهاء المواقف، مما يؤثر على صحته النفسية ويحد من قدرته على المضي قدمًا.

كما تحدث عن 'النفس الملهمة'، واصفًا صاحبها بالشخص المسالم، النشط، والمليء بالأمل، والذي يسعى دائمًا لمساعدة الآخرين دون أن يكون مؤذيًا موضحًا أن هذا النوع من النفس لا يُكتسب بسهولة، بل يأتي بعد معاناة وتجارب صعبة.

واختتم الدكتور أحمد هارون حديثه بالتأكيد على أن 'النفس الكاملة' لا توجد إلا في شخص واحد فقط، وهو النبي محمد ﷺ.
 

مقالات مشابهة

  • استشاري صحة نفسية يقدم نصيحة ذهبية للتعامل مع النفس اللوامة
  • أنت أقوى.. أحمد هارون: النفس أخطر من الشيطان.. فيديو
  • شكل الكون وكائناته.. أسرار مذهلة يكشفها علي جمعة
  • بالفيديو.. هبة النجار: الصيام عبادة تهذب النفس وتحقق التقوى
  • بالفيديو.. الدكتور علي جمعة: الكون بأسره على هيئة كرة أعلاها العرش
  • هل كلمة «أنا» تدل على أزمة نفسية؟.. استشاري يجيب
  • أنت مين؟.. أحمد هارون يكشف مكونات النفس وأسرار التغيير الحقيقي
  • أحمد هارون يكشف مكونات النفس وأسرار التغيير الحقيقي
  • نائب رئيس جامعة الأزهر: العبادة غذاء روحي يهذب النفس ويربطها بالخالق
  • نائب رئيس جامعة الأزهر: العبادة غذاء روحي يهذب النفس ويربطها بالخالق| فيديو