كيف وصل ماهر الجازي إلى «الكرامة»؟
تاريخ النشر: 9th, September 2024 GMT
#سواليف
تسمع نساءٌ من #قبيلة_الحويطات يسكنّ في #الحسينية بمعان جنوبيّ الأردن صباح الأحد عن إصابة ثلاثة إسرائيليين بمسدس #سائق_شاحنة_أردني. تقول #أم_قدر زوجة سائق شاحنة من هناك: «الله يجعله من سَكَنة الفردوس. نيّاله، مين هذا اللي يحلّوا عشانه بكل مكان؟».
ظلت أم قدر تتابع الأخبار المتداولة عن اسم منفذي العملية وتدعو لهم بالرحمة حتى الساعة الثانية والنصف بعد الظهر، حين انتشرت صورة جواز سفر زوجها « #ماهر_ذياب_حسين_الجازي»، البالغ من العمر 39 عامًا، على أنه المنفذ #الشهيد.
لحظتها، دخلت في حالة من الصدمة. «ما جابلي سيرة بالمرّة»، تقول، «بعد وقت فكّرت مع حالي، إذا طلبها ونالها فأنا فخورة فيه».
مقالات ذات صلة الرشق: إن لم يتم الضغط على نتنياهو وإلزامه بما تم الاتفاق عليه فلن يرى أسرى الاحتلال النور 2024/09/09كان ماهر قد أوصل حمولة مياه معدنية معبأة قبل ثمانية أيام إلى #جسر_الملك_حسين، الذي يحمل اسم معبر الكرامة فلسطينيًا، وعاد إلى الحسينية بانتظار فحص حمولته وتفريغها عند الجانب الإسرائيلي.
في اليوم الذي سبق توجهه للجسر لاستلام الشاحنة، ذهب برفقة أخيه في رحلة بالبرّ إلى الصحراء الجنوبية، حيث اعتادا فرد الشباك لصيد طيور الفري والشحّوم وشويها قبل العودة للبيت.
مع غروب يوم السبت، وبحدود الساعة السادسة، غادر ماهر إلى المعبر مثل كل مرّة دون أن يلحظ أحد عليه شيئًا مختلفًا، لتكون تلك آخر مرة يغادر فيها إلى العمل.
قرابة الساعة العاشرة إلا خمس دقائق صباح الأحد، توجه مسعفو أحد المراكز الإسرائيلية الطبية لإنعاش ثلاثة من موظفي سلطة المعابر، أصيبوا برصاص سائق شاحنة أردني، ثم أعلن عن مقتلهم. كان واحد منهم قد عمل رئيسًا للعمال وتطوّع لسنوات في الحرس المدني، وتم تجنيده لفئة التنبيه بعد السابع من أكتوبر.
يشكل هذا المعبر أحد ثلاثة معابر برية بين الأردن و«إسرائيل»، ويستخدم بشكل رئيس لنقل البضائع والمسافرين، ويبعد عن مدينة أريحا شرقي الضفة الغربية قرابة خمسة كيلومترات.
زعم التحقيق الإسرائيلي الأولي للحادثة أن ماهر قاد الشاحنة من الجانب الأردني إلى منطقة تفتيش البضائع في محطة الشحن على الجانب الإسرائيلي، ونزل من الشاحنة وفتح النار على موظفي المعبر، قبل أن يتمكن حراس الأمن من قتله.
أغلقت «إسرائيل» المعبر، وكثفت التعزيزات الأمنية للمنطقة، وحطت طائرة عامودية مكان الحادثة لإجراء مسح واستبعاد وجود متعاونين آخرين.
اعتقلت قوات الاحتلال العشرات من سائقي الشاحنات الأردنيين الذين كانوا على الجانب الإسرائيلي، وأجبرتهم على النوم على بطونهم على الأرض، وضربهم الجنود بالأقدام وشتموهم، وأجبروا ثلاثة منهم على الأقل على خلع كامل ملابسهم بحسب أحد السائقين. استمر هذا الوضع لساعة ونصف جرى خلالها التحقيق معهم وسؤالهم حول هوية منفذ العملية ومجرياتها. وفي الأثناء، كانت جميع المعابر البرية بين الأردن وإسرائيل قد أغلقت، وهي الكرامة، معبر العبور الوحيد للفلسطينيين من الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية نحو الأردن، ومعبر وادي عربة أقصى جنوبيّ الأردن، ومعبر الشيخ حسين شماليّ الأردن.
صور للشهيد ماهر الجازي من أرشيف عائلته.
بدأ ماهر العملَ في الشحن عام 2022 ومنذ ذلك الحين وفي كل أسبوع، يخرج مرة أو مرتين في رحلة على شاحنة يملكها أحد أقاربه لنقل البضائع داخل الأردن ومنها معبر الكرامة، حيث فضّل على الدوام الوجهات القريبة مثل عمان وإربد والمعابر على الوجهات الخارجية مثل دول الخليج.
وفي الأيام التي لا تتوفر فيها حمولة شحن، يذهب للعمل في مزرعة بوادي عربة تزرعها العائلة بالبرسيم، ويحدّث إخوته عن مشاريعه المستقبلية بما فيها تربية المواشي. «تسمع سوالفه، تحس بده يعيش مية سنة»، يقول شقيقه شادي.
انتقل ماهر للعمل في الشحن بعد عشرين سنة من الخدمة العسكرية بدأها بعمر السابعة عشرة وأنهاها بعمر السابعة والثلاثين متقاعدًا برتبة وكيل أول. في البداية خدم سائقًا في الجيش العربي ثم انتقل للخدمة في الشرطة العسكرية الملكية، لم يُسجّل خلالها عليه أية مخالفات تُذكر. وبسبب حسن سيرته، أُرسل ضمن بعثة للعمل في أمن السفارة الأردنية في الولايات المتحدة لمدة ستة أشهر عام 2019، بحسب زوجته وعمّه.
كان العمل في الشحن وسيلته لتحسين راتبه التقاعدي الشهري البالغ 380 دينارًا الذي ينفقه على أولاده الستة، وهم أربع بنات وولدين، بعد أن طوّر من رخصته لقيادة عموم السيارات، إذ كان حريصًا على أن يُكملوا تعليمهم وأن ينضمّوا لتدريبات اللغة الإنجليزية والتايكوندو، بحسب زوجته.
مع بدء الحرب على غزة، تابع ماهر مثل بقية إخوانه مشاهد المجازر على نشرات الأخبار، وكان يردد «شكلها مهي مطوّلة، خربانة خربانة». لم يبدِ أي نيّة لتنفيذ عملية أو انتقام، ولم يتحدث كثيرًا ولا يذكر أهله أنه شارك في أي من المظاهرات التي خرجت من معان دعمًا لغزة، ولم يُعرف عنه بين أهل الحسينية أنه صاحب فورة غضب على المستوى الشخصي.
تأكدت العائلة من وسائل الإعلام أن ماهر منفذ العملية عندما رأت صورة جواز السفر المثبت عليه اسمه بعد أن جرى تداول أسماء أخرى، وتعرفت على صورة السلاح، وهو سلاح مرخص اشتراه آخر خدمته في الجيش، ومعه رخصة اقتناء، ويحتفظ به منذ سنوات.
قرابة الساعة الرابعة عصرًا، بدأ أفراد القبيلة في التجمع في بيت عزاء جهزته العائلة. يشير شقيقه شادي إلى بيت الشعر المنصوب قرب بيت العائلة ومن جاؤوا إليه: «بالنسبة إلي كأنهم جايين يهنوني. بدك تعرف كيف أنظر للمسألة، هاي شغلة بينه وبين الله أولًا، وثانيًا في 50 ألف شهيد في غزة، وكل لحظة يموت خمسين وستين طحنة وحدة، إحنا واحد. إذا هاي ما افتخر فيها، بإيش بدي أفتخر؟ وخليها تصل نتنياهو».
من بيت عزاء الشهيد في الحسينية في معان. تصوير عمّار الشقيري.
أجمع كل من قابلناهم من عائلة ماهر في الحسينية، على أنه لم يكن مدعومًا من أي جهةٍ ولم ينتمِ إلى أيديولوجيا محددة، وهو ما أكده بيان أصدرته قبيلة الحويطات صباح اليوم، قالت فيه إن ما قام به ابنها إنما هو «ردة فعل طبيعية لإنسان غيور على دينه ووطنه وعروبته تجاه الجرائم المتواصلة التي يقوم بها الاحتلال الغاصب ضد أبناء الشعب الفلسطيني وخاصة ما يجري في غزة من قتل وتشريد وإبادة».
في بيت الشعر، قدّم أكاديمي من قبيلة الحويطات لنا قائمة بأسماء شهداء القبيلة في فلسطين، المتطوعين منهم والمنتسبين للجيش العربي والمشاركين في حرب عام 1948، بوصف الشهيد سلسل أجداده، هارون الجازي، ومشهور حديثة الجازي، وامتدادًا لسيرة عائلية ترى في «إسرائيل» عدوًا.
لم تُشكّل هذه العملية مصدر اعتزاز عند الحويطات فحسب، حيث رحّب شيخ عشيرة بني صخر طراد الفايز بالعملية التي قال إنها تعبر عن الشعب الأردني والأمة العربية، ووزع أردنيون في عمان الحلويات احتفاءً بها، وشارك مئات المتظاهرين، أمام المسجد الحسيني في عمّان، في وقفة «زفة الشهيد الأردني البطل، من الكرامة إلى الكرامة»، في إشارة لمعركة ومعبر الكرامة.
طوال اليوم، تتابعت بيانات فصائل المقاومة المشيدة بالعملية، وكان آخرها مجموعة تغريدات للناطق باسم كتائب القسام، أبو عبيدة، التي خص فيها عملية ماهر الجازي وباركها، واصفًا منفذها بأنه أحد أبطال طوفان الأقصى الذي صلى عليه مجاهدو القسام صلاة الغائب من داخل عقدهم القتالية وكمائنهم وثغورهم في غزة.
في بيت عزاء النساء، عرضت امرأة هذه التغريدات لزوجة الشهيد، فتوقفت عن البكاء لتقول: «الله يعلّي مراتبه في الآخرة مثل ما علّى مراتبه في الدنيا».
تطالب العائلة بتسليم جثمان ماهر، إذ قال شيخ عشيرتهم، سلطان الجازي «نحن مع المقاومة، وشھيدنا هو شهيد الوطن، وعلى الاحتلال تسليم جثمانه»، وهو مطلب دعت له بعض الأحزاب الأردنية.
أعادت العملية إلى الذاكرة حوادث سابقة شهدها الجسر ذاته، مثل استشهاد القاضي الأردني رائد زعيتر عام 2014 على يد جنود إسرائيليين، وتعرّض سيارة السفير الإسرائيلي في عمّان لمحاولة تفجير بالقرب من الجسر عام 2010.
استغل المسؤولون الإسرائيليون العملية للدعوة لضبط الحدود الشرقية للكيان ووقف التهريب المتكرر بين كل فترة وأخرى. وكان وزير خارجية الاحتلال قد حذّر في آب الماضي من تهريب الأسلحة المتطورة من الأردن إلى الضفة الغربية.
وفي أعقاب العملية، دعا الوزير السابق في حكومة الحرب الإسرائيلية بيني غانتس لتعزيز خط الدفاع على الجدار الشرقي لـ«إسرائيل» عند غور الأردن، خصوصًا وأن الحدود تشهد عمليات إطلاق النار من الأراضي الأردنية باتجاه البلدات الإسرائيلية القريبة من الحدود، بحسب شكاوى توجه بها رؤساء بلدات ومستوطنات إسرائيلية إلى وزراء وأعضاء في الكنيست الإسرائيلي.
تدرس الحكومة الإسرائيلية ضمن موازنتها للعام 2025 إمكانية تخصيص مبالغ مالية لتأمين الحدود الشرقية وبناء جدار مع الأردن لمنع عمليات التسلل وتهريب الأسلحة، والتي بلغ عددها عام 2022 وحده حوالي 570 قطعة سلاح أحبط الجيش الإسرائيلي تهريبها.
ورغم التزام الأردن باتفاقية وادي عربة رسميًا منذ 1994، إلا أن هذه الحدود ظلت تشهد عمليات تسلل وتنفيذ عمليات وتهريب أسلحة منذ سنوات، آخرها حادثة تهريب النائب عماد العدوان لأسلحة في سيارته من المعبر نفسه.
على المستوى الرسمي، أعلنت وزارة الداخلية الأردنية مساء الأحد أن نتائج التحقيق الأولية تشير إلى أن الحادث هو عمل فردي، وأن التحقيقات مستمرة للوصول الى كافة التفاصيل. كما أضافت إن التنسيق بين الجهات المعنية لاستلام جثمان المنفذ جارٍ ليصار الى دفنه في الأردن، وأكدت الإفراج عن السائقين الأردنيين الذين تم التحقيق معهم وعودة حوالي 100 شاحنة إلى المملكة، مشددة على «رفض وإدانة العنف واستهداف المدنيين لأي سبب كان». فيما أعلن الأمن العام إعادة فتح جسر الملك حسين اليوم أمام حركة السفر عند الساعة العاشرة صباحًا وإغلاقه أمام حركة الشحن، قبل أن يعلن عن إغلاقه مجددًا وحتى إشعار آخر.
تنظر عائلة الشهيد ماهر الجازي لعملية ابنهم واستشهاده بعين الفخر وعلى أنه حدث سيظلون يتذكرونه رغم عدم معرفتهم بدوافعه، لكن الجملة التي تكررت أكثر من مرة على لسان أهله وأقاربه هي أن «دم ماهر مش أغلى ولا أهم من دم أطفال غزة».
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف قبيلة الحويطات الحسينية سائق شاحنة أردني الشهيد جسر الملك حسين ماهر الجازی على أن صباح ا
إقرأ أيضاً:
بعد الاشتباكات العنيفة..الشرع: ماهر الأسد وقوى أجنبية وراء العنف في الساحل
أكد الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع، أن القتل الجماعي للعلويين، طائفة الرئيس السابق بشار الأسد، تشكل تهديداً لجهوده للم شمل البلاد التي مزقتها الحرب، وتعهد بمعاقبة المسؤولين عنها حتى لو كانوا "أقرب الناس" إليه.
وفي أول مقابلة مع وكالة أنباء عالمية بعد أربعة أيام من الاشتباكات العنيفة بين عناصر من الطائفة العلوية وقوات أمن الحكومة الإسلامية السنية الجديدة، حمّل الشرع جماعات موالية للأسد يدعمها أجانب مسؤولية الأحداث الدامية لكنه أقر بقتل انتقامي في أعقاب ذلك.وقال الشرع: "سوريا نحن أكدنا أنها دولة قانون. القانون سيأخذ مجراه على الجميع". وأضاف "نحن بالأساس خرجنا في وجه هذا النظام وما وصلنا إلى دمشق إلا نصرة للناس المظلومين... لا نقبل أن تكون هنا قطرة دم تسفك بغير وجه حق أو أن يذهب هذا الدم سدى دون محاسبة أو عقاب. مهما كان حتى لو كان أقرب الناس إلينا وأبعد الناس إلينا. لا فرق في هذا الأمر. الاعتداء على حرمة الناس، الاعتداء على دمائهم أو أموالهم، هذا خط أحمر في سوريا".
وفي مقابلة تناولت العديد من الملفات، قال الشرع أيضاً إن حكومته لم تجر أي اتصالات مع الولايات المتحدة منذ تولي الرئيس دونالد ترامب منصبه. وكرر مناشدة واشنطن رفع العقوبات التي فرضتها على دمشق في عهد الأسد.
وطرح أيضاً احتمال عودة العلاقات مع موسكو التي دعمت الأسد في الحرب وتحاول الاحتفاظ بقاعدتين عسكريتين مهمتين في سوريا.
ورفض الشرع انتقادات إسرائيل التي استولت على أراضٍ في جنوب سوريا منذ الإطاحة بالأسد. وقال إنه يسعى إلى حل الخلافات مع الأكراد، بما في ذلك بالاجتماع مع قائد قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد وتدعمها واشنطن. م
وحمل الشرع وحدة عسكرية سابقة موالية لشقيق الأسد، وقوى أجنبية المسؤولية عن اندلاع العنف في الأيام الماضية، لكنه أقر بأن "أطرافاً عديدة دخلت الساحل السوري وحدثت انتهاكات عديدة"، وقال إن ذلك "أصبح فرصة للانتقام" من مظالم مكبوتة منذ سنوات، لكنه أكد احتواء إلى حد كبير.
وذكر الشرع أن 200 من قوات الأمن قتلوا في الاضطرابات، في حين رفض الإفصاح عن إجمالي عدد القتلى في انتظار التحقيق الذي ستجريه لجنة مستقلة أعلنا أمس الأحد قبل المقابلة.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إنه رصد حتى مساء أمس الأحد مقتل 973 مدنياً علوياً في هجمات انتقامية، بعد اشتباكات قُتل فيها أكثر من 250 مقاتلاً علوياً، وما يزيد على 230 من قوات الأمن.
وقال الشرع: "بصراحة، يضيق قلبي في هذا القصر. في كل زاوية منه، استغرب كيف خرج كل هذا الشر منه تجاه هذا المجتمع".
وتعد اضطرابات الأيام القليلة الماضية، التي تعتبر أشد موجات العنف دموية منذ الإطاحة بالأسد، أكبر انتكاسة له في سعيه للحصول على الشرعية الدولية، لرفع العقوبات الأمريكية والغربية بالكامل، وتأكيد حكمه لبلد مزقته حرب استمر 14 عاماً.
ولا يزال الاقتصادمتعثراً، ولا تزال أجزاء كبيرة من البلاد بما فيها المناطق الشمالية الشرقية الغنية بالنفط خارجة عن سيطرة الحكومة، كما تبنت إسرائيل نبرة تهديد متزايدة مدعومة بضربات جوية، وتوغلات وسيطرة على أراض.
وأقر الشرع بأن عنف الأيام الماضية يهدد بعرقلة مساعيه للم شمل سوريا، وقال: "الذي حصل من يومين سيؤثر على هذه المسيرة... وسنعيد ترميم الأوضاع إن شاء الله بقدر ما نستطيع".
ولتحقيق هذه الغاية شكل الشرع "لجنة مستقلة"، وهي أول هيئة يشكلها تضم علويين، للتحقيق في القتل، في غضون ثلاثين يوماً وتقديم الجناة للمساءلة.
وأعلن تشكيل لجنة ثانية للمحافظة على السلم الأهلي، والمصالحة "لأن الدم يأتي بدم إضافي".
ورفض الشرع الرد على سؤال حول تورط المقاتلين الأجانب أو الفصائل الإسلامية المتحالفة الأخرى، أو قوات الأمن الحكومية في القتل الجماعي، وقال إن الأمر متروك للتحقيق.
وتداول سوريون على منصات التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو مروعة لإعدامات نفذها مقاتلون، وتحققت رويترز من بعضها بما في ذلك مقطع يظهر ما لا يقل عن 20 قتيلاً في إحدى البلدات.
وقال الشرع إن لجنة تقصي الحقائق ستفحص اللقطات.
وهز القتل اللاذقية، وبانياس، وجبلة المدن الساحلية السورية الرئيسية، ما أجبر آلاف العلويين على الفرار إلى القرى الجبلية أو عبور الحدود إلى لبنان.
وقال الشرع إن موالين للأسد من الفرقة الرابعة للجيش السوري التي يقودها ماهر شقيق بشار الأسد، وقوة أجنبية متحالفة وراء الاشتباكات يوم الخميس لإثارة الاضطرابات وخلق الفتنة الطائفية "ليصلوا إلى زعزعة الاستقرار والأمان في داخل سوريا".
ولم يحدد القوة الأجنبية، لكنه أشار إلى الأطراف التي خسرت من الواقع الجديد في سوريا، في إشارة واضحة إلى إيران حليفة الأسد منذ فترة طويلة، التي لا تزال سفارتها في دمشق مغلقة.
وقال الشرع إن الأمن والازدهار الاقتصادي مرتبطان بشكل مباشر برفع العقوبات الأمريكية التي فرضت على نظام الأسد. وأوضح بالقول "لا نستطيع ضبط الأمن في البلد والعقوبات قائمة علينا".
ولم يحدث أي اتصال مباشر مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال ما يقرب من شهرين منذ بداية ولايته، وسط شكوك في انتماء الشرع في السابق لتنظيم القاعدة.
ورداً على سؤال عن سبب ذلك قال: "الملف السوري ليس على قائمة أولويات الولايات المتحدة الأمريكية، وأعتقد هذا السؤال يجب أن يوجه لهم. سوريا بابها مفتوح للتواصل".
في الوقت نفسه، تتحادث سوريا مع موسكو حول وجودها العسكري في القاعدتين العسكريتين الاستراتيجيتين في البحر المتوسط، قاعدة طرطوس البحرية وقاعدة حميميم الجوية.
وقال الشرع إن موسكو ودمشق اتفقتا على مراجعة كل الاتفاقات السابقة بين الدولتين، لكن لم يتوفر الوقت الكافي حتى الآن للخوض في التفاصيل، وأضاف "لا نريد قطيعة بين سوريا وروسيا ولا نريد أن يكون الوجود الروسي في سوريا يسبب خطر أو تهديد لأي دولة في العالم، ونريد أن نحافظ على هذه العلاقات الاستراتيجية العميقة".
وأشار الشرع إلى أن العلاقات مع موسكو بالغة الأهمية، وقال:" كنا نتحمل القصف ولا نستهدفهم بشكل مباشر حتى نفسح المجال بعد التحرير لتكون هناك جلسات وحوار بيننا وبينهم"، ورفض من جهة أخرى تأكيد الطلب من موسكو تسليم الأسد.
وكانت روسيا حليفة لسوريا لعقود ومورداً رئيسياً للوقود والحبوب. وذكرت رويترز الأسبوع الماضي أن موسكو أرسلت ناقلة محملة بالديزل إلى سوريا رغم العقوبات الأمريكية.
وساندت دول غربية وعربية وتركيا في البداية جماعات من المعارضة المسلحة في عهد الأسد بينما دعمت روسيا وإيران وجماعات مسلحة موالية لطهران الأسد في الحرب الأهلية. وتحولت سوريا بذلك إلى مسرح لصراعات بالوكالة. وأسفرت الحرب عن مقتل مئات الآلاف وتشريد نحو نصف السكان.
ومنذ الإطاحة بالأسد، اشتبكت جماعات تدعمها تركيا مع قوات كردية تسيطر على أغلب شمال شرق سوريا الغني بالنفط.
ولم تبسط دمشق بعد سيطرتها وسلطتها على المنطقة في ظل محادثات مع مظلوم عبدي، قائد قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة، والذي قال إن العنف في البلاد أخيراً يبرر مخاوفهم من فكرة اندماجهم مع القوات الحكومية.
وقال الشرع إنه يريد حلاً عبر التفاوض وأنه سيلتقي بعبدي.
كما أن سيطرة الحكومة ضعيفة على جنوب سوريا حيث دخلت إسرائيل إلى الجنوب، وأعلنت منطقة عازلة من السلاح، وهددت باستهداف القوات السورية إذا وجدت هناك.
ووجه وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس انتقادات حادة للشرع ووصفه بـ "جهادي إرهابي من مدرسة القاعدة مصمم على ارتكاب أعمال مروعة ضد مدنيين".
ورفض الشرع التهديدات الإسرائيلية العدائية المتزايدة ووصف تعليقات كاتس بـ"كلام فارغ"، وقال: "هم آخر من يتحدث"، في إشارة إلى قتل إسرائيل عشرات الآلاف في قطاع غزة ولبنان على مدى الأشهر الثمانية عشر الماضية.