من وسط الخراب طلاب مدارس جنين يبدؤون عامهم الدراسي
تاريخ النشر: 9th, September 2024 GMT
جنين- إنه اليوم الأول للعام الدراسي في جنين، شمال الضفة الغربية، حيث يجاهد عدد من الطلاب في المرور من الشارع الواصل إلى مدارسهم، في مجمع المدارس المحاذي للحي الشرقي، الذي تعرض للتدمير خلال حصاره من الاحتلال الإسرائيلي الأسبوع الماضي.
على الشارع الرئيسي الواصل بين مدارس عز الدين للبنين وحيفا الأساسية للبنات، وعدد آخر من المدارس، تفيض المياه العادمة، بعد تدمير جرافات الاحتلال شبكات الصرف الصحي في الحي، حيث تنتشر رائحة كريهة قوية، تفقد من يشمها التركيز.
ويبدأ اليوم الاثنين قرابة 45 ألف طالب في مديرية جنين عامهم الدراسي الجديد، وسط تخوفات بإمكانية إعادة جيش الاحتلال اقتحام المدينة والمخيم، مما يشكل حالة من التوتر لدى الأهالي وأولياء الأمور، خشية من دخول الجيش خلال أوقات الدوام الرسمية، مما قد يؤدي لاحتجاز الطلاب في مدارسهم كما حصل العام الماضي في مدرسة الزهراء المحاذية لمخيم جنين.
فقد احتجزت طالبات مدرسة الزهراء قرابة 6 ساعات بعد اقتحام جيش الاحتلال للمخيم العام الماضي، وخاض اشتباكات مسلحة مع المقاومين بالقرب منها.
على جدار مدرسة حيفا الأساسية، في الحي الشرقي، تقف طالبات الصف الأول على ثغرة كبيرة في الجدار أحدثتها جرافة الاحتلال في السور الخارجي للمدرسة. وتراقب الطالبات -ممن لا تتجاوز أعمارهن السادسة- في أول يوم في حياتهن العلمية، محاولة زميلاتهن في تجاوز وعورة الطريق، والابتعاد عن برك المياه العادمة فيه للوصول إلى بوابات المدرسة.
وفي مدرسة عز الدين للبنين بالقرب من الحي الشرقي، والتي تعرض سورها للهدم بفعل جرافات الاحتلال، إضافة لتخريب للشارع الرئيسي الواصل إليها، وهدم أجزاء من ملعب البلدية الملاصق لها، تحدث طارق علاونة مدير تربية جنين أمام الطلاب خلال الطابور الصباحي، وقال "هذه سنة الحق في التعليم في جنين، ورغم الحصار وآلة التدمير الإسرائيلية، والاقتحامات، نحن مصرون على إنجاح العام الدراسي في جنين وفي كل محافظات الوطن".
ويرى عليان أن خيار التعليم لدى الأجيال الجديدة من الشعب الفلسطيني هو الخيار الأفضل لترسيخ صموده وتمسكه في أرضه وإيصال قضيته إلى كل العالم. ويضيف "من هذه المنطقة التي شهدت تدميرا من الاحتلال يتحدى طلبتنا بعلمهم وإرادتهم القوية جرافات الاحتلال وسلكوا طريقهم المدمر ليمهدوه بالعلم، هذا الصباح عادت الحياة لمدارسنا".
وعلى الرغم من الوضع العام للمنطقة التي يتجمع فيها قرابة 4 مدارس، لأعمار مختلفة من الطلبة، فإن عشرات الطلبة وصلوا مدارسهم في الموعد المحدد. وقال مديرو المدارس إن العملية الدراسية في اليوم الأول من العام الدراسي انتظمت، وتم توزيع الطلاب على صفوفهم بسلاسة، ووضعت الهيئات التدريسية خططها لاستكمال العملية التعليمية، حتى وإن تكررت الاقتحامات الإسرائيلية.
ويبدأ العام الدراسي في جنين باستشهاد طالبين خلال الاجتياح الإسرائيلي الأخير للمدينة، حيث قتلت الطالبة لجين عبد الرؤوف برصاص قناص إسرائيلي وهي بداخل منزلها في قرية كفردان غرب جنين، قبل أيام من انتقالها للصف الـ11 الثانوي.
كما قتل جنود الاحتلال أيضا الطالب في الصف الخامس محمد محمود حمو من بلدة اليامون، بعد ملاحقته على دراجته الهوائية في الشارع أثناء محاولته إيصال الخبز إلى أهالي مخيم المحاصرين في منازلهم.
وافتتحت مدرسة بنات كفردان الثانوية الإذاعة المدرسية بفقرة خاصة بالشهيدة لجين، وظروف استشهادها، وقالت مديرة المدرسة، بلسم أبو بكر، إن شعور الفقد صعب جدا، خاصة لدى صديقاتها، إذ تعيش زميلات لجين، صدمة كبيرة، وتعمل المدرسة، على إعطاء الطالبات حصص في الإرشاد النفسي لمساعدتهم على التعبير عن مشاعرهن وتجاوز الحادثة.
"خبر استشهاد لجين أحرق قلبي، لأنها طفلة صغيرة، قتلت في غرفتها، بالقرب من أهلها، من قناص إسرائيلي لا يفهم إلا لغة القتل، ولا يفرق بين طفل وطالب مدرسة أو غيره" تقول أبو بكر. وداخل الصف، كان الحزن واضحا على وجوه الطالبات، في حين وضعت صور لجين واسمها على المقعد الذي اعتادت أن تجلس فيه يوميا في السنوات الماضية.
وفي مخيم جنين، لم يتمكن طلاب المدارس الذين يلتحقون في مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، من بدء العام الدراسي، إذ لم تتمكن المدارس من استقبال الطلاب، لسوء الطرق، وكميات الركام في الشوارع وأمام المنازل، وصعوبة الوصول إلى ساحات المدارس داخل المخيم.
وكان العام الدراسي السابق قد مر بصعوبات كبيرة، أدت لإيقاف الدوام الوجاهي في عدد من المدارس خاصة في المناطق التي تقع فيها الاقتحامات الإسرائيلية، وتحويله للدوام الإلكتروني. في حين تعطلت الدراسة لأسابيع بسبب احتجاج المعلمين على انقطاع الرواتب من الحكومة الفلسطينية التي تقول إن السبب هو اقتطاع المقاصة من إسرائيل.
ويخشى الأهالي تكرار ما حصل في السنة السابقة مع أبنائهم، وهو ما سيؤثر على تحصيلهم العلمي على المدى البعيد. يقول جواد عبد الغني (45 عاما) وهو أب لـ3 أولاد أكبرهم في الصف السادس الأساسي "كل ذلك أثر على دراسة الأولاد، فأولادي تراجعوا في كل المواد، واليوم نخشى أن يعاد هذا السيناريو وهو ما يعني ضياع الطالب من الناحية التعليمية".
وفي الضفة الغربية، بدأ قرابة 800 ألف طالب وطالبة عامهم الدراسي في المدارس الحكومية والخاصة ومدارس وكالة الغوث البالغ عددها 2459 مدرسة، بوجود نحو 50 ألف معلم ومعلمة.
وللسنة الثانية على التوالي حرم قرابة 600 ألف طالب وطالبة في قطاع غزة من العام الدراسي، بسبب الحرب الإسرائيلية على القطاع، في حين دمر الاحتلال قرابة 90% من المدارس وتحول الباقي إلى مراكز للإيواء.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات عامهم الدراسی العام الدراسی الدراسی فی ألف طالب فی جنین
إقرأ أيضاً:
احتجاجات في مدارس تونس تنديدا بوفاة طلاب إثر انهيار سور معهد ثانوي
شهدت المدارس والمعاهد الثانوية والإعدادية التونسية، اليوم الثلاثاء، احتجاجات وإضرابا واسعا، تنديدا بوفاة ثلاثة طلاب، إثر انهيار سور معهد ثانوي بمدينة "المزونة" في ولاية سيدي بوزيد.
وجاء الإضراب تلبية لدعوة أطلقتها نقابات التعليم الإعدادي والثانوي في تونس، لإيقاف الدروس بشكل كامل الثلاثاء، في كافة المعاهد الثانوية والإعدادية في البلاد، احتجاجا على وفاة 3 طلاب في انهيار سور معهد ثانوي.
وقالت الجامعة العامة للتعليم الثانوي التابع للاتحاد العام التونسي، إنّ "فاجعة جدت في معهد المزونة بولاية سيدي بوزيد تمثلت في وفاة عديد التلاميذ وإصابة آخرين بجروح نتيجة انهيار السور الخارجي للمعهد".
وحمّلت الجامعة في بيان نشرته على صفحتها الرسمية بموقع "فيسبوك" "وزارة التربية والسلطة الحاكمة مسؤولية هذه الفاجعة، نتيجة التخلي عن ترميم البنية التحتية للمدرسة العمومية، وعدم ضبط خطة وطنية ترصد فيها الإمكانيات المادية اللازمة لإنقاذ المرافق العمومية التربوية".
ودعت المدرسين في الإعداديات والمعاهد في كافة الجهات في تونس إلى إيقاف الدروس اليوم الثلاثاء "ترحما وحدادا على أرواح أبنائها التلاميذ المتوفين في معهد المزونة، واحتجاجا على تنصل السلطة وعجزها عن إيجاد حلول حقيقية وجدية لإنقاذ المؤسسة التعليمية العمومية".
تعليق الرئيس التونسي
بدوره، أعرب الرئيس التونسي قيس سعيّد عن ألمه لحادثة وفاة عدد من التلاميذ بمدينة المزونة، نتيجة انهيار سور كان متداعيا للسقوط منذ وقت طويل.
وقالت بيان صادر عن الرئاسة التونسية: "شاءت الأقدار ألا يسقط بزلزال قوة رجّته 4 درجات يوم 14 فبراير من السنة الجارية، ولم يكن هذا الجدار على غرار غيره من الجدران في حاجة لا إلى خبراء ولا إلى لجان، بل فقط إلى إعادة بناء من جديد".
وأضاف أن "الأمر لا يتعلق بالتشريع فقط بل يتّصل بمن هو مدعوّ إلى السهر على تنفيذه.. فالثورة التشريعية لن تنجح إلا إذا كانت مصحوبة بثورة في الفكر"، وفق نص البيان.
ولفت البيان إلى أن سعيّد أصدر تعليماته بتحميل المسؤولية لكل من قصر في أداء واجبه، داعيا إلى التحسب مستقبلا من تكرار مثل هذه الحوادث الأليمة، والإسراع بالقيام بأعمال الصيانة اللازمة لكل المؤسسات التربوية التي تستوجب وضعيتها ذلك.
وفي وقت سابق، قال مراسل راديو موزاييك (خاص) في ولاية سيدي بوزيد إن "3 تلاميذ توفوا إثر انهيار جزء من سور المعهد الثانوي بالمزونة".
وأضاف أن "السور انهار بعد هبوب رياح قوية"، مؤكّدا أنّه "بُني منذ الثمانينات وآيل للسقوط".